بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله و سلّم على نبيّه الأمين ، أمّا بعد :
فهذا بحث مختصر عن حجّيّة قول الصّحابيّ ،أنشره هنا راجيا من الله تعالى أن ينفع به من شاء من عباده ، إنّه وليّ ذلك و القادر عليه .
تعريف الصّحابيّ :لغة : منسوب إلى الصّحابة كأنصاريّ منسوب إلى الأنصار ، و هي مصدر صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَة ، بمعنى لاَزَمَ مُلاَزَمَة ، و َرَافَقَ مُرَافَقَة ، وَ عَاشَرَ مُعَاشَرَة .(لسان العرب / المعجم الوسيط)
اصطلاحا : قال البخاريّ رحمه الله في صحيحه : ( هو من صحب النبي – صلى الله عليه و سلم – أو رءاه من المسلمين )
- المراد بقول الصحابيّ : هو ما ثبت عن أحد من الصّحابة – و لم تكن فيه مخالفة صريحة لدليل شرعيّ – من رأي أو فتوى أو فعل أو عمل اجتهادي .
و تسمّى هذه المسألة عند الأصوليين بأسماء منها : قول الصّحابيّ ، أو فتواه ، أو تقليد الصّحابيّ ، أو مذهب الصّحابيّ .
- ثمّ إنّ الصّحابيّ إذا قال قولا لا يخلو من أحد ثلاثة أمور:
أ- أن يشتهر قوله و يوافقه سائر الصحابة عليه ، وبذلك يصير إجماعا
ب- أو يخالفوه ، و عليه فالحجة مع من سعد بالدليل ، و حينئذ فالحجة فيه –الدليل- لا في كونه قول الصّحابيّ .
ج- أن لا يشتهر ، و لم يُعْلمْ اشتهر أم لا ؟ هذا هو موطن النزاع :
و الذي عليه العلماء السّابقون و الأئمّة المتبوعون : أبو حنيفة و مالك و الشّافعيّ و أحمد و جمهور أصحابهم – رضي الله عن الجميع - : أنه حجّة .
- قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : ما بلغني عن صحابيّ أنه أفتى به فأقلّده و لا أستجيز خلافه .
- و عن أبي يوسف قال : سمعت أبا حنيفة يقول : إذا جاء الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه و سلّم عن الثقات أخذنا به ، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم ، فإذا جاء عن التابعين زاحمتهم .
- و أما الإمام مالك رحمه الله فتصرّفه في الموطّأ يدل على أنه يرى أن قول الصحابي حجة . قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات : و لما بالغ مالك في هذا المعنى – أي اتخاذ الصحابة قدوة و سيرتهم قبلة – بالنسبة إلى الصحابة أو من اهتدى بهديهم و استن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك ، فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون ءاثاره و يقتدون بأفعاله ، ببركة اتباعه لمن أثنى الله و رسوله عليهم و جعلهم قدوة .
- و أما الإمام الشافعي رحمه الله- فمنصوص قوله قديما و حديثا : و هو أن قول الصحابي حجة . فقد قال في كتابه ( الأم ) : ما كان الكتاب و السنة موجودين فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا بتباعهما . فإن لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أو واحد منهم ... .
- و أما كون الإمام أحمد رحمه الله من القائلين بحجية قول الصحابي ، فهذا القول أشهر من نار على علم ، ذلك أنه رحمه الله قد جعل الاعتماد على قول الصحابي هو الأصل الثاني من أصول مذهبه .
- مختصرا من كتاب ( حجية قول الصحابي عند السلف /تأليف ترحيب بن ربيعان الدوسري) -
تعليق