يقول العلامة الألباني في سلسلة الصحيحة حديث رقم 704
يقول صلى الله عليه وسلم " لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام و إذا لقيتم أحدهم في طريق , فاضطروهم
إلى أضيقه " .
و الغرض من إيراده هنا أنه
جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث فورد سؤال عن جواز بدء غير المسلم
بالسلام , فأجبت بالنفي محتجا بهذا الحديث , فأبدى أحدهم فهما للحديث مؤداه أن
النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق و أما إذا أتاه في حانوته أو منزله
فلا مانع من بدئه بالسلام ! ثم جرى النقاش حوله طويلا . و كل يدلي بما عنده من
رأي , و كان من قولي يومئذ : أن قوله : لا تبدؤوا مطلق , ليس مقيدا بالطريق
و أن قوله : " و إذا لقيتم أحدهم في طريق ... " لا يقيده , فإنه من عطف الجملة
على الجملة , و دعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة , و هو أن اضطرارهم
إلى أضيق الطرق إنما هو إشارة إلى ترك إكرامهم لكفرهم , فناسب أن لا يبادؤوا من
أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى , و ذلك يقتضي تعميم الحكم .
هذا ما ذكرته يومئذ , ثم وجدت ما يقويه و يشهد له في عدة روايات :
الأولى : قول راوي الحديث سهيل بن أبي صالح : " خرجت مع أبي إلى الشام , فكان
أهل الشام يمرون بأهل الصوامع فيسلمون عليهم , فسمعت أبي يقول : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره . أخرجه أحمد ( 2 / 346 ) و أبو داود بسند
صحيح على شرط مسلم . فهذا نص من راوي الحديث - و هو أبو صالح و اسمه ذكوان
تابعي ثقة , أن النهي يشمل الكتابي و لو كان في منزله و لم يكن في الطريق .
و راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره , فلا أقل من أن يصلح للاستعانة به على
الترجيح . و لا يشكل على هذا لفظ الحديث عند البخاري في " أدبه " ( 1111 )
و أحمد في " مسنده " ( 2 / 444 ) : " إذا لقيتم المشركين في الطريق , فلا
تبدؤوهم بالسلام و اضطروهم إلى أضيقها " . فإنه شاذ بهذا اللفظ , فقد أخرجه
البخاري أيضا ( 1103 ) و مسلم و أحمد ( 2 / 266 , 459 ) و غيرهما من طرق عن
سهيل بن أبي صالح باللفظ المذكور أعلاه .
الثانية : عن أبي عثمان النهدي قال : " كتب أبو موسى إلى رهبان يسلم عليه في
كتابه , فقيل له : أتسلم عليه و هو كافر ? ! قال : إنه كتب إلي , فسلم علي
و رددت عليه " . أخرجه البخاري في " أدبه " ( 1101 ) بسند جيد .
و وجه الاستدلال به , أن قول القائل " أتسلم عليه و هو كافر " يشعر بأن بدأ
الكافر بالسلام كان معروفا عندهم أنه لا يجوز على وجه العموم و ليس خاص بلقائه
في الطريق , و لذلك استنكر ذلك السائل على أبي موسى و أقره هذا عليه و لم ينكره
بل اعتذر بأنه فعل ذلك ردا عليه لا مبتدئا به , فثبت المراد .
الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إلى هرقل ملك الروم و هو في
الشام لم يبدأه بالسلام , و إنما قال فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد
بن عبد الله و رسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ...
أخرجه البخاري و مسلم و هو في " الأدب المفرد " ( 1109 ) . فلو كان النهي
المذكور خاصا بالطريق لبادأه عليه السلام بالسلام الإسلامي , و لم يقل له :
" سلام على من اتبع الهدى " .
الرابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قال له : أسلم
... الحديث , فلم يبدأه بالسلام . و هو حديث صحيح رواه البخاري و غيره و هو
مخرج في " الإرواء " ( 1272 ) . فلو كان البدء الممنوع إنما هو إذا لقيه في
الطريق لبدأه عليه السلام بالسلام لأنه ليس في الطريق كما هو ظاهر . و مثله .
الخامسة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء عمه أبا طالب في مرض موته لم
يبدأه أيضا بالسلام , و إنما قال له : " يا عم قل لا إله إلا الله " ...
الحديث أخرجه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1273 ) .
فثبت من هذه الروايات أن بدأ الكتابي بالسلام لا يجوز مطلقا سواء كان في الطريق
أو في المنزل أو غيره .
فإن قيل : فهل يجوز أن يبدأه بغير السلام من مثل قوله : كيف أصبحت أو أمسيت أو
كيف حالك و نحو ذلك ؟ فأقول : الذي يبدو لي و الله أعلم الجواز , لأن النهي
المذكور في الحديث إنما هو عن السلام و هو عند الإطلاق إنما يراد به السلام
الإسلامي المتضمن لاسم الله عز وجل , كما في قوله صلى الله عليه وسلم :
" السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينهم " . أخرجه البخاري في
" الأدب المفرد " ( 989 ) و سيأتي ( 1894 ) .
و مما يؤيد ما ذكرته قول علقمة : " إنما سلم عبد الله ( يعني ابن مسعود ) على
الدهاقين إشارة " . أخرجه البخاري ( 1104 ) مترجما له بقوله : " من سلم على
الذمي إشارة " . و سنده صحيح . فأجاز ابن مسعود ابتداءهم في السلام بالإشارة
لأنه ليس السلام الخاص بالمسلمين , فكذلك يقال في السلام عليهم بنحو ما ذكرنا
من الألفاظ .
و أما ما جاء في بعض كتب الحنابلة مثل " الدليل " أنه يحرم بداءتهم أيضا بـ
" كيف أصبحت أو أمسيت ؟ " أو " كيف أنت أو حالك ؟ " فلا أعلم له دليلا من السنة
بل قد صرح في شرحه " منار السبيل " أنه قيس على السلام ! أقول : و لا يخفى أنه
قياس مع الفارق , لما في السلام من الفضائل التي لم ترد في غيره من الألفاظ
المذكورة . و الله أعلم .
مسألة أخرى جرى البحث فيها في المجلس المشار إليه , و هي : هل يجوز أن يقال في
رد السلام على غير المسلم : و عليكم السلام ؟ فأجبت بالجواز بشرط أن يكون سلامه
فصيحا بينا لا يلوي فيه لسانه , كما كان اليهود يفعلونه مع النبي صلى الله عليه
وسلم و أصحابه بقولهم : السام عليكم . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بإجابابتهم بـ " و عليكم " فقط , كما ثبت في " الصحيحين " و غيرهما من حديث
عائشة . قلت : فالنظر في سبب هذا التشريع , يقتضي جواز الرد بالمثل عند تحقق
الشرط المذكور , و أيدت ذلك بأمرين اثنين :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول
: السام عليك , فقولوا : و عليك " أخرجه الشيخان , و البخاري أيضا في " الأدب
المفرد " ( 1106 ) . فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " فقولوا :
و عليك " بأنهم يقولون : السام عليك , فهذا التعليل يعطي أنهم إذا قالوا :
" السلام عليك " أن يرد عليهم بالمثل : " و عليك السلام " , و يؤيده الأمر
الآتي و هو : الثاني : عموم قوله تعالى *( و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها
أو ردوها )* فإنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضا .
هذا ما قلته في ذلك المجلس . و أزيد الآن فأقول : و يؤيد أن الآية على عمومها
أمران : الأول : ما أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1107 ) و السياق له
و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 10039 ) من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن
عباس قال : " ردوا السلام على من كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله
يقول : *( و إذا حييتم بتحية ... )* الآية " .
قلت : و سنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة و روايته عنه خاصة مضطربة
و لعل ذلك إذا كانت مرفوعة و هذه موقوفة كما ترى , و يقويها ما روى سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال : لو قال لي فرعون : " بارك الله فيك " قلت : و فيك .
و فرعون قد مات . أخرجه البخاري في " أدبه " ( 113 ) , و سنده صحيح على شرط
مسلم .
و الآخر : قول الله تبارك و تعالى : *( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في
الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
)* . فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون
المؤمنين و لا يؤذونهم و العدل معهم و مما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلا
بصراحة : " السلام عليكم " , فرددناه عليه باقتضاب : " و عليك " أنه ليس من
العدل في شيء بله البر لأننا في هذه الحالة نسوي بينه و بين من قد يقول منهم
" السام عليكم " , و هذا ظلم ظاهر . و الله أعلم .
منقول
يقول صلى الله عليه وسلم " لا تبدءوا اليهود و النصارى بالسلام و إذا لقيتم أحدهم في طريق , فاضطروهم
إلى أضيقه " .
و الغرض من إيراده هنا أنه
جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث فورد سؤال عن جواز بدء غير المسلم
بالسلام , فأجبت بالنفي محتجا بهذا الحديث , فأبدى أحدهم فهما للحديث مؤداه أن
النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق و أما إذا أتاه في حانوته أو منزله
فلا مانع من بدئه بالسلام ! ثم جرى النقاش حوله طويلا . و كل يدلي بما عنده من
رأي , و كان من قولي يومئذ : أن قوله : لا تبدؤوا مطلق , ليس مقيدا بالطريق
و أن قوله : " و إذا لقيتم أحدهم في طريق ... " لا يقيده , فإنه من عطف الجملة
على الجملة , و دعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة , و هو أن اضطرارهم
إلى أضيق الطرق إنما هو إشارة إلى ترك إكرامهم لكفرهم , فناسب أن لا يبادؤوا من
أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى , و ذلك يقتضي تعميم الحكم .
هذا ما ذكرته يومئذ , ثم وجدت ما يقويه و يشهد له في عدة روايات :
الأولى : قول راوي الحديث سهيل بن أبي صالح : " خرجت مع أبي إلى الشام , فكان
أهل الشام يمرون بأهل الصوامع فيسلمون عليهم , فسمعت أبي يقول : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره . أخرجه أحمد ( 2 / 346 ) و أبو داود بسند
صحيح على شرط مسلم . فهذا نص من راوي الحديث - و هو أبو صالح و اسمه ذكوان
تابعي ثقة , أن النهي يشمل الكتابي و لو كان في منزله و لم يكن في الطريق .
و راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره , فلا أقل من أن يصلح للاستعانة به على
الترجيح . و لا يشكل على هذا لفظ الحديث عند البخاري في " أدبه " ( 1111 )
و أحمد في " مسنده " ( 2 / 444 ) : " إذا لقيتم المشركين في الطريق , فلا
تبدؤوهم بالسلام و اضطروهم إلى أضيقها " . فإنه شاذ بهذا اللفظ , فقد أخرجه
البخاري أيضا ( 1103 ) و مسلم و أحمد ( 2 / 266 , 459 ) و غيرهما من طرق عن
سهيل بن أبي صالح باللفظ المذكور أعلاه .
الثانية : عن أبي عثمان النهدي قال : " كتب أبو موسى إلى رهبان يسلم عليه في
كتابه , فقيل له : أتسلم عليه و هو كافر ? ! قال : إنه كتب إلي , فسلم علي
و رددت عليه " . أخرجه البخاري في " أدبه " ( 1101 ) بسند جيد .
و وجه الاستدلال به , أن قول القائل " أتسلم عليه و هو كافر " يشعر بأن بدأ
الكافر بالسلام كان معروفا عندهم أنه لا يجوز على وجه العموم و ليس خاص بلقائه
في الطريق , و لذلك استنكر ذلك السائل على أبي موسى و أقره هذا عليه و لم ينكره
بل اعتذر بأنه فعل ذلك ردا عليه لا مبتدئا به , فثبت المراد .
الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إلى هرقل ملك الروم و هو في
الشام لم يبدأه بالسلام , و إنما قال فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد
بن عبد الله و رسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ...
أخرجه البخاري و مسلم و هو في " الأدب المفرد " ( 1109 ) . فلو كان النهي
المذكور خاصا بالطريق لبادأه عليه السلام بالسلام الإسلامي , و لم يقل له :
" سلام على من اتبع الهدى " .
الرابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قال له : أسلم
... الحديث , فلم يبدأه بالسلام . و هو حديث صحيح رواه البخاري و غيره و هو
مخرج في " الإرواء " ( 1272 ) . فلو كان البدء الممنوع إنما هو إذا لقيه في
الطريق لبدأه عليه السلام بالسلام لأنه ليس في الطريق كما هو ظاهر . و مثله .
الخامسة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء عمه أبا طالب في مرض موته لم
يبدأه أيضا بالسلام , و إنما قال له : " يا عم قل لا إله إلا الله " ...
الحديث أخرجه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1273 ) .
فثبت من هذه الروايات أن بدأ الكتابي بالسلام لا يجوز مطلقا سواء كان في الطريق
أو في المنزل أو غيره .
فإن قيل : فهل يجوز أن يبدأه بغير السلام من مثل قوله : كيف أصبحت أو أمسيت أو
كيف حالك و نحو ذلك ؟ فأقول : الذي يبدو لي و الله أعلم الجواز , لأن النهي
المذكور في الحديث إنما هو عن السلام و هو عند الإطلاق إنما يراد به السلام
الإسلامي المتضمن لاسم الله عز وجل , كما في قوله صلى الله عليه وسلم :
" السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينهم " . أخرجه البخاري في
" الأدب المفرد " ( 989 ) و سيأتي ( 1894 ) .
و مما يؤيد ما ذكرته قول علقمة : " إنما سلم عبد الله ( يعني ابن مسعود ) على
الدهاقين إشارة " . أخرجه البخاري ( 1104 ) مترجما له بقوله : " من سلم على
الذمي إشارة " . و سنده صحيح . فأجاز ابن مسعود ابتداءهم في السلام بالإشارة
لأنه ليس السلام الخاص بالمسلمين , فكذلك يقال في السلام عليهم بنحو ما ذكرنا
من الألفاظ .
و أما ما جاء في بعض كتب الحنابلة مثل " الدليل " أنه يحرم بداءتهم أيضا بـ
" كيف أصبحت أو أمسيت ؟ " أو " كيف أنت أو حالك ؟ " فلا أعلم له دليلا من السنة
بل قد صرح في شرحه " منار السبيل " أنه قيس على السلام ! أقول : و لا يخفى أنه
قياس مع الفارق , لما في السلام من الفضائل التي لم ترد في غيره من الألفاظ
المذكورة . و الله أعلم .
مسألة أخرى جرى البحث فيها في المجلس المشار إليه , و هي : هل يجوز أن يقال في
رد السلام على غير المسلم : و عليكم السلام ؟ فأجبت بالجواز بشرط أن يكون سلامه
فصيحا بينا لا يلوي فيه لسانه , كما كان اليهود يفعلونه مع النبي صلى الله عليه
وسلم و أصحابه بقولهم : السام عليكم . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بإجابابتهم بـ " و عليكم " فقط , كما ثبت في " الصحيحين " و غيرهما من حديث
عائشة . قلت : فالنظر في سبب هذا التشريع , يقتضي جواز الرد بالمثل عند تحقق
الشرط المذكور , و أيدت ذلك بأمرين اثنين :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول
: السام عليك , فقولوا : و عليك " أخرجه الشيخان , و البخاري أيضا في " الأدب
المفرد " ( 1106 ) . فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " فقولوا :
و عليك " بأنهم يقولون : السام عليك , فهذا التعليل يعطي أنهم إذا قالوا :
" السلام عليك " أن يرد عليهم بالمثل : " و عليك السلام " , و يؤيده الأمر
الآتي و هو : الثاني : عموم قوله تعالى *( و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها
أو ردوها )* فإنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضا .
هذا ما قلته في ذلك المجلس . و أزيد الآن فأقول : و يؤيد أن الآية على عمومها
أمران : الأول : ما أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1107 ) و السياق له
و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 10039 ) من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن
عباس قال : " ردوا السلام على من كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله
يقول : *( و إذا حييتم بتحية ... )* الآية " .
قلت : و سنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة و روايته عنه خاصة مضطربة
و لعل ذلك إذا كانت مرفوعة و هذه موقوفة كما ترى , و يقويها ما روى سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال : لو قال لي فرعون : " بارك الله فيك " قلت : و فيك .
و فرعون قد مات . أخرجه البخاري في " أدبه " ( 113 ) , و سنده صحيح على شرط
مسلم .
و الآخر : قول الله تبارك و تعالى : *( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في
الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
)* . فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون
المؤمنين و لا يؤذونهم و العدل معهم و مما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلا
بصراحة : " السلام عليكم " , فرددناه عليه باقتضاب : " و عليك " أنه ليس من
العدل في شيء بله البر لأننا في هذه الحالة نسوي بينه و بين من قد يقول منهم
" السام عليكم " , و هذا ظلم ظاهر . و الله أعلم .
منقول
تعليق