أسئلة ألقيت على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بعد تعليقه على ندوة ( السحر وأنواعه )
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 112)
حكم من يرى : أن السحر لا يضر ما دام أنه لم يسبب شيئا من المشاكل .
س 1 : ما رأي سماحتكم في رجل استعمل الرقية , ولم ير أنها تنفعه فتحول إلى السحر , ويقول : إنه لا يضر ما دام أنه لا يسبب شيئا من المشاكل؟
ج 1 : السحر منكر وكفر , وإذا كان المريض لم يشف بالقراءة فالطب أيضا لا يلزم منه الشفاء; لأنه ليس كل علاج ينفع ويحصل به المقصود , فقد يؤجل الله الشفاء إلى مدة طويلة , وقد يموت الإنسان بهذا المرض , وليس من شرط العلاج أن يشفى الإنسان , وليس ذلك بعذر إذا عالج عند إنسان بالقراءة ولم يظهر له الشفاء أن يتوجه إلى السحرة; لأن المكلف مأمور بتعاطي الأسباب الشرعية والمباحة , وممنوع من تعاطي الأسباب المحرمة , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الطب (203,سنن أبو داود الطب (3855),سنن ابن ماجه الطب (3436). عباد الله ، تداووا ، ولا تداووا بحرام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم .
فالأمور كلها بيد الله سبحانه , فهو الذي يشفي من يشاء , ويقدر الموت والمرض على من يشاء , كما قال سبحانه : سورة الأنعام الآية 17 وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال تعالى : سورة يونس الآية 107 وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ الآية .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 113)
فعلى المسلم الصبر والاحتساب , والتقيد بما أباح الله له من الأسباب , والحذر مما حرم الله عليه , مع الإيمان بأن قدر الله نافذ وأمره سبحانه لا راد له , كما قال عز وجل : سورة يس الآية 82 إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وقال سبحانه : سورة التكوير الآية 29 وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ذكر السحر بعد الشرك وقبل القتل هل هو دليل على عظم خطره ؟
س 2 : ذكر السحر في المرتبة الثانية بعد الشرك بالله قبل القتل مع عظم القتل في قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الوصايا (2615),صحيح مسلم الإيمان (89),سنن النسائي الوصايا (3671),سنن أبو داود الوصايا (2874). اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : وما هن يا رسول الله؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات . فهل هذا دليل على عظم خطره مع أن القتل أشنع , وقد قيل : سنن النسائي تحريم الدم (3999),سنن ابن ماجه الديات (2621). إن القتيل يأتي يوم القيامة تقطر أوداجه دما يوم القيامة ممسكا بمن قتله ليحاجه أمام الله : يا رب , سل هذا : فيم قتلني؟ .
ج 2 : ليس القتل بأشنع من الكفر , فالكفر أعظم من القتل ؛ لأن صاحبه مخلد في النار إذا مات عليه .
أما القتل فهو كبيرة من الكبائر لكنه دون الشرك , فالقتل أسهل من الشرك; لأن المشرك مخلد في النار أبد الآباد إذا مات على شركه , أما القاتل فقد يعفو الله عنه لأسباب كثيرة , وإن دخل النار فإنه لا يخلد فيها , بل يخرج منها بعد بقائه فيها ما شاء الله , ويدخل الجنة إذا كان لم يستحل
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 114)
القتل , وقد مات على التوحيد والإيمان , كسائر أهل الكبائر دون الشرك , كما قال سبحانه : سورة النساء الآية 48 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
والخلاصة : أن القتل دون السحر; لأن السحر كفر , ولا يتعاطاه الساحر إلا بعد كفره , وبعد عبادته للشياطين; ولهذا قرن بالشرك , وقال الله في حق السحرة : سورة البقرة الآية 102 وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ .
الطريقة الشرعية للوقاية من السحر
س 3 : ما هي الطريقة الشرعية للوقاية من السحر؟ .
ج 3 : أن يسأل الله جل وعلا : العافية , ويتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق , وأن يقول : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ( ثلاث مرات ) في اليوم والليلة; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الدعوات (338,سنن ابن ماجه الدعاء (3869). من قال : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء ، وكذلك إذا نزل بيتا فقال : صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (270,سنن الترمذي الدعوات (3437),سنن ابن ماجه الطب (3547),مسند أحمد بن حنبل (6/409),سنن الدارمي الاستئذان (2680). أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ، ويكرر في الصباح والمساء : صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (270,سنن الترمذي الدعوات (3437),سنن ابن ماجه الطب (3547),مسند أحمد بن حنبل (6/409),سنن الدارمي الاستئذان (2680). أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات سنن الترمذي الدعوات (338,سنن ابن ماجه الدعاء (3869). باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات , كذلك يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 115)
ومن أسباب السلامة أيضا قراءة : سورة الإخلاص الآية 1 قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و ( المعوذتين ) بعد كل صلاة , فهي من أسباب السلامة , وبعد الفجر والمغرب ( ثلاث مرات ) : سورة الإخلاص الآية 1 قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و ( المعوذتين ) , هذه من أسباب السلامة أيضا مع الإكثار من ذكر الله جل وعلا , والإكثار من قراءة كتابه العظيم , وسؤاله سبحانه وتعالى : أن يكفيك شر كل ذي شر .
ومن أسباب السلامة أيضا أن يقول : صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3191),سنن الترمذي الطب (2060),سنن أبو داود السنة (4737),سنن ابن ماجه الطب (3525),مسند أحمد بن حنبل (1/270). أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر طوارق الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن .
هذه من التعوذات التي يقي الله بها العبد الشر .
هل هاروت وماروت ملكان أو بشران ؟
س 4 : هل هاروت وماروت ملكان أو بشران؟ نرجو بيان القول الراجح من أقوال العلماء في ذلك .
ج 4 : اختلف العلماء في هذا . والأظهر : أنهما ملكان نزلا ابتلاء وامتحانا , كما قال الله عز وجل : سورة البقرة الآية 102 وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ الآية .
وقال بعض أهل العلم : إنهما ملكان من بني آدم ابتلي الناس بهما . والقول الأول هو الأظهر . والقراءة على هذا في القول الأول بفتح اللام , وعلى القول الثاني بكسرها .
فك السحر عن الزوج ليلة الزواج
لما يسمى بـ : الربط عن زوجته .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 116)
س 5 : يحدث عندنا في مصر أن كل إنسان حينما يتزوج في أول ليلة زواجه لا يقوم بواجبه نحو زوجته , بحجة أن هناك سحرا ويسمونه : رباط , أو مربوط , أو ربط , يعني : أنه مربوط عن زوجته ولا بد من شيء ليفكه , هل هذا صحيح؟
ج 5 : ليس ذلك بلازم ولكنه قد يقع , فقد يبتلى بعض الناس بأن يسحره غيره بما يمنعه عن زوجته ؛ لقول الله عز وجل : سورة البقرة الآية 102 فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ الآية من سورة البقرة , ولكنه إذا استعمل التعوذات الشرعية كفاه الله شر السحرة وغيرهم , وأزال الله ذلك عنه متى وجد .
وعليه أن يقرأ على نفسه آية الكرسي , والفاتحة , وآيات السحر , وقل هو الله أحد , والمعوذتين , ويزول بإذن الله , وقد جرب هذا كثيرا , قد يقرأ له قارئ طيب من أهل الخير والصلاح الذين يرجى فيهم الخير , يقرأ هذا في ماء فيشرب منه ويغتسل منه فيذهب عنه الأذى , أو يقرأ عليه وينفث عليه بذلك فيشفيه الله من ذلك , وكل هذا من أسباب العافية .
هل للساحر توبة ؟
س 6 : أليس للساحر توبة؟
ج 6 : الصحيح : أنه لا توبة له في حكم الظاهر , بل يجب قتله متى ثبت أنه ساحر بالبينة الشرعية لدى المحكمة ؛ حماية للمجتمع الإسلامي من شره .
والأصل في ذلك : أن عمر رضي الله عنه أمر عماله بقتل السحرة من غير استتابة , وهكذا حفصة رضي الله عنها أم المؤمنين أمرت بقتل
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 117)
جارية لها سحرتها , ولم تستتبها.
وثبت عن جندب بن عبد الله الصحابي الجليل رضي الله عنه أنه قال : حد الساحر ضربه بالسيف . أما فيما بينه وبين الله فتوبته مقبولة إن صدق في ذلك; لعموم قوله تعالى : سورة النور الآية 31 وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : التوبة تهدم ما كان قبلها ، وقوله صلى الله عليه وسلم : سنن ابن ماجه الزهد (4250). التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ولأن الله سبحانه قبل توبة المشركين وعفا عنهم , والساحر من جملتهم إذا تاب وصدق .
أشكال الأذى التي يتعرض لها المبتلى بالسحر وهل يؤثر على عضو الرجل؟
س7 : ما هي أشكال الأذى التي يتعرض لها الإنسان الذي يبتلى بالسحر ؟ وهل يمكن بواسطة السحر التأثير على عضو الرجل؟
ج 7 : قد يترتب عليه آثار : منها الخبل , ومنها بغضه لإخوانه أو لزوجته , أو فلان أو فلانة , ومنها : حبسه عن زوجته , ومنها : أشياء غير ذلك , ومنها : أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله .... إلى غير ذلك من أنواع الضرر .
هل سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
س 8 : هل سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
ج 8 : سحر وعافاه الله , فالسحر لم يؤثر على رسالته وعلى تبليغه , وإنما شيء أثر فيما بينه وبين أهله ثم زال بحمد الله لما أنزل الله عليه المعوذتين , ورقى نفسه بهما , فأزال الله عنه الأذى .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 11
حكم تعلم حل وفك السحر عن المسحور
س 9 : هل يجوز تعلم حل أو فك السحر عن المسحور؟ .
ج 9 : إذا كان بالشيء المباح من الأدعية الشرعية , أو الأدوية المباحة , أو الرقية الشرعية , فلا بأس , أما أن يتعلم السحر ليحل به السحر , أو لمقاصد أخرى فذلك لا يجوز , بل هو من نواقض الإسلام ؛ لأنه لا يمكن تعلمه إلا بالوقوع في الشرك , وذلك بعبادة الشياطين من الذبح لهم , والنذر لهم , ونحو ذلك من أنواع العبادة , والذبح لهم والتقرب إليهم بما يحبون حتى يخدموه بما يحب , وهذا هو الاستمتاع الذي ذكره الله سبحانه بقوله تعالى : سورة الأنعام الآية 128 وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز.
الناشر:الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 112)
حكم من يرى : أن السحر لا يضر ما دام أنه لم يسبب شيئا من المشاكل .
س 1 : ما رأي سماحتكم في رجل استعمل الرقية , ولم ير أنها تنفعه فتحول إلى السحر , ويقول : إنه لا يضر ما دام أنه لا يسبب شيئا من المشاكل؟
ج 1 : السحر منكر وكفر , وإذا كان المريض لم يشف بالقراءة فالطب أيضا لا يلزم منه الشفاء; لأنه ليس كل علاج ينفع ويحصل به المقصود , فقد يؤجل الله الشفاء إلى مدة طويلة , وقد يموت الإنسان بهذا المرض , وليس من شرط العلاج أن يشفى الإنسان , وليس ذلك بعذر إذا عالج عند إنسان بالقراءة ولم يظهر له الشفاء أن يتوجه إلى السحرة; لأن المكلف مأمور بتعاطي الأسباب الشرعية والمباحة , وممنوع من تعاطي الأسباب المحرمة , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الطب (203,سنن أبو داود الطب (3855),سنن ابن ماجه الطب (3436). عباد الله ، تداووا ، ولا تداووا بحرام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم .
فالأمور كلها بيد الله سبحانه , فهو الذي يشفي من يشاء , ويقدر الموت والمرض على من يشاء , كما قال سبحانه : سورة الأنعام الآية 17 وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال تعالى : سورة يونس الآية 107 وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ الآية .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 113)
فعلى المسلم الصبر والاحتساب , والتقيد بما أباح الله له من الأسباب , والحذر مما حرم الله عليه , مع الإيمان بأن قدر الله نافذ وأمره سبحانه لا راد له , كما قال عز وجل : سورة يس الآية 82 إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وقال سبحانه : سورة التكوير الآية 29 وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ذكر السحر بعد الشرك وقبل القتل هل هو دليل على عظم خطره ؟
س 2 : ذكر السحر في المرتبة الثانية بعد الشرك بالله قبل القتل مع عظم القتل في قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الوصايا (2615),صحيح مسلم الإيمان (89),سنن النسائي الوصايا (3671),سنن أبو داود الوصايا (2874). اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : وما هن يا رسول الله؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات . فهل هذا دليل على عظم خطره مع أن القتل أشنع , وقد قيل : سنن النسائي تحريم الدم (3999),سنن ابن ماجه الديات (2621). إن القتيل يأتي يوم القيامة تقطر أوداجه دما يوم القيامة ممسكا بمن قتله ليحاجه أمام الله : يا رب , سل هذا : فيم قتلني؟ .
ج 2 : ليس القتل بأشنع من الكفر , فالكفر أعظم من القتل ؛ لأن صاحبه مخلد في النار إذا مات عليه .
أما القتل فهو كبيرة من الكبائر لكنه دون الشرك , فالقتل أسهل من الشرك; لأن المشرك مخلد في النار أبد الآباد إذا مات على شركه , أما القاتل فقد يعفو الله عنه لأسباب كثيرة , وإن دخل النار فإنه لا يخلد فيها , بل يخرج منها بعد بقائه فيها ما شاء الله , ويدخل الجنة إذا كان لم يستحل
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 114)
القتل , وقد مات على التوحيد والإيمان , كسائر أهل الكبائر دون الشرك , كما قال سبحانه : سورة النساء الآية 48 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
والخلاصة : أن القتل دون السحر; لأن السحر كفر , ولا يتعاطاه الساحر إلا بعد كفره , وبعد عبادته للشياطين; ولهذا قرن بالشرك , وقال الله في حق السحرة : سورة البقرة الآية 102 وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ .
الطريقة الشرعية للوقاية من السحر
س 3 : ما هي الطريقة الشرعية للوقاية من السحر؟ .
ج 3 : أن يسأل الله جل وعلا : العافية , ويتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق , وأن يقول : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ( ثلاث مرات ) في اليوم والليلة; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الدعوات (338,سنن ابن ماجه الدعاء (3869). من قال : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء ، وكذلك إذا نزل بيتا فقال : صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (270,سنن الترمذي الدعوات (3437),سنن ابن ماجه الطب (3547),مسند أحمد بن حنبل (6/409),سنن الدارمي الاستئذان (2680). أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ، ويكرر في الصباح والمساء : صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (270,سنن الترمذي الدعوات (3437),سنن ابن ماجه الطب (3547),مسند أحمد بن حنبل (6/409),سنن الدارمي الاستئذان (2680). أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات سنن الترمذي الدعوات (338,سنن ابن ماجه الدعاء (3869). باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات , كذلك يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 115)
ومن أسباب السلامة أيضا قراءة : سورة الإخلاص الآية 1 قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و ( المعوذتين ) بعد كل صلاة , فهي من أسباب السلامة , وبعد الفجر والمغرب ( ثلاث مرات ) : سورة الإخلاص الآية 1 قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و ( المعوذتين ) , هذه من أسباب السلامة أيضا مع الإكثار من ذكر الله جل وعلا , والإكثار من قراءة كتابه العظيم , وسؤاله سبحانه وتعالى : أن يكفيك شر كل ذي شر .
ومن أسباب السلامة أيضا أن يقول : صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3191),سنن الترمذي الطب (2060),سنن أبو داود السنة (4737),سنن ابن ماجه الطب (3525),مسند أحمد بن حنبل (1/270). أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر طوارق الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن .
هذه من التعوذات التي يقي الله بها العبد الشر .
هل هاروت وماروت ملكان أو بشران ؟
س 4 : هل هاروت وماروت ملكان أو بشران؟ نرجو بيان القول الراجح من أقوال العلماء في ذلك .
ج 4 : اختلف العلماء في هذا . والأظهر : أنهما ملكان نزلا ابتلاء وامتحانا , كما قال الله عز وجل : سورة البقرة الآية 102 وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ الآية .
وقال بعض أهل العلم : إنهما ملكان من بني آدم ابتلي الناس بهما . والقول الأول هو الأظهر . والقراءة على هذا في القول الأول بفتح اللام , وعلى القول الثاني بكسرها .
فك السحر عن الزوج ليلة الزواج
لما يسمى بـ : الربط عن زوجته .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 116)
س 5 : يحدث عندنا في مصر أن كل إنسان حينما يتزوج في أول ليلة زواجه لا يقوم بواجبه نحو زوجته , بحجة أن هناك سحرا ويسمونه : رباط , أو مربوط , أو ربط , يعني : أنه مربوط عن زوجته ولا بد من شيء ليفكه , هل هذا صحيح؟
ج 5 : ليس ذلك بلازم ولكنه قد يقع , فقد يبتلى بعض الناس بأن يسحره غيره بما يمنعه عن زوجته ؛ لقول الله عز وجل : سورة البقرة الآية 102 فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ الآية من سورة البقرة , ولكنه إذا استعمل التعوذات الشرعية كفاه الله شر السحرة وغيرهم , وأزال الله ذلك عنه متى وجد .
وعليه أن يقرأ على نفسه آية الكرسي , والفاتحة , وآيات السحر , وقل هو الله أحد , والمعوذتين , ويزول بإذن الله , وقد جرب هذا كثيرا , قد يقرأ له قارئ طيب من أهل الخير والصلاح الذين يرجى فيهم الخير , يقرأ هذا في ماء فيشرب منه ويغتسل منه فيذهب عنه الأذى , أو يقرأ عليه وينفث عليه بذلك فيشفيه الله من ذلك , وكل هذا من أسباب العافية .
هل للساحر توبة ؟
س 6 : أليس للساحر توبة؟
ج 6 : الصحيح : أنه لا توبة له في حكم الظاهر , بل يجب قتله متى ثبت أنه ساحر بالبينة الشرعية لدى المحكمة ؛ حماية للمجتمع الإسلامي من شره .
والأصل في ذلك : أن عمر رضي الله عنه أمر عماله بقتل السحرة من غير استتابة , وهكذا حفصة رضي الله عنها أم المؤمنين أمرت بقتل
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 117)
جارية لها سحرتها , ولم تستتبها.
وثبت عن جندب بن عبد الله الصحابي الجليل رضي الله عنه أنه قال : حد الساحر ضربه بالسيف . أما فيما بينه وبين الله فتوبته مقبولة إن صدق في ذلك; لعموم قوله تعالى : سورة النور الآية 31 وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : التوبة تهدم ما كان قبلها ، وقوله صلى الله عليه وسلم : سنن ابن ماجه الزهد (4250). التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ولأن الله سبحانه قبل توبة المشركين وعفا عنهم , والساحر من جملتهم إذا تاب وصدق .
أشكال الأذى التي يتعرض لها المبتلى بالسحر وهل يؤثر على عضو الرجل؟
س7 : ما هي أشكال الأذى التي يتعرض لها الإنسان الذي يبتلى بالسحر ؟ وهل يمكن بواسطة السحر التأثير على عضو الرجل؟
ج 7 : قد يترتب عليه آثار : منها الخبل , ومنها بغضه لإخوانه أو لزوجته , أو فلان أو فلانة , ومنها : حبسه عن زوجته , ومنها : أشياء غير ذلك , ومنها : أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله .... إلى غير ذلك من أنواع الضرر .
هل سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
س 8 : هل سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
ج 8 : سحر وعافاه الله , فالسحر لم يؤثر على رسالته وعلى تبليغه , وإنما شيء أثر فيما بينه وبين أهله ثم زال بحمد الله لما أنزل الله عليه المعوذتين , ورقى نفسه بهما , فأزال الله عنه الأذى .
(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 11
حكم تعلم حل وفك السحر عن المسحور
س 9 : هل يجوز تعلم حل أو فك السحر عن المسحور؟ .
ج 9 : إذا كان بالشيء المباح من الأدعية الشرعية , أو الأدوية المباحة , أو الرقية الشرعية , فلا بأس , أما أن يتعلم السحر ليحل به السحر , أو لمقاصد أخرى فذلك لا يجوز , بل هو من نواقض الإسلام ؛ لأنه لا يمكن تعلمه إلا بالوقوع في الشرك , وذلك بعبادة الشياطين من الذبح لهم , والنذر لهم , ونحو ذلك من أنواع العبادة , والذبح لهم والتقرب إليهم بما يحبون حتى يخدموه بما يحب , وهذا هو الاستمتاع الذي ذكره الله سبحانه بقوله تعالى : سورة الأنعام الآية 128 وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز.
الناشر:الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء