السنة الغراء
في يوم عاشوراء
الصيام لا غير
إن الحمد لله ،نحمده ،ونستعينه ، ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له .
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد إن محمدا عبده ورسوله.
أمَّا بَعْدُ :
فهذه كلمات يسيرات بالخير مذكرات ــ لي ولاخوانى واخواتى ــ
بسنة نبوية تمر بنا كل سنة قمرية فيها من الأجر والثواب ما ذكر لنا نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، فقد ثبت في الحديث الصحيح انه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال عليه الصلاة والسلام : {{ احتسب عند الله أن يكفر سنة قبله }}
فيا من تريد زيادة الأجر والحسنات وتكفير الذنب والسيئات هَلُمَّ إلى هذه السنة النبوية وإياك والزيادة فقد كفيت ! .
باب صوم يوم عاشوراء
عن عائشة رضي الله عنها (1) – قالت : كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض شهر رمضان قال : {{ من شاء صامه ، ومن شاء تركه }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال : قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة . فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء . فسئلوا عن ذلك ؟ فقالوا : هذا اليوم الذي اظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، فنحن نصومه تعظيما له . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{{ نحن أولى بموسى منكم }} . فأمر بصومه .
عن ابن عباس -رضي الله عنهما –(2) : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟}} فقالوا : هذا يوم عظيم ، انجي الله فيه موسى وقومه ، وغَرَّقَ فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ فنحن أحق وأولى بموسى منكم }} فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه .
قال النووي –رحمه الله –(3) اتفق العلماء على صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب ، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان ، فقال أبو حنيفة : كان واجبا ، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين أشهرهما عندهم : انه لم يزل سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة ، ولكنه كان متأكد الاستحباب ، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب ،.
.................................................. .......
(2،1) مسلم بشرح النووي ، باب صوم يوم عاشوراء ،
المجلد رقم "4"، طبعة الرشد.
(3) النووي على شرح مسلم ،م "4" .
والثاني :كان واجبا كقول أبى حنيفة ، وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل ، فأبو حنيفة لا يشترطها ويقول : كان الناس مفطرين أول يوم عاشوراء ثم أمروا بصيامه بنية من النهار ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه ، وأصحاب الشافعي يقولون : كان مستحبا فصحَّ بنية من النهار ، ويتمسك أبو حنيفة بقوله أمر بصيامه والأمر للوجوب ،
وبقوله فلما فُرِضَ رمضان قال {{ من شاء صامه ومن شاء تركه }} . ويحتج الشافعية بقوله "هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه " ، والمشهور في اللغة إن عاشوراء وتاسوعاء ممدودان ، وحكى قصرهما .
انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى .
فضل صيام يوم عاشوراء
عن أبى قتادة –رضي الله عنه (1)- : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء ، فقال : {{ يكفر السنة الماضية }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما (2) – انه سئل عن صيام عاشوراء ؟ فقال: {{ ما علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام ، ولا شهرا ؛ إلا َّ هذا الشهر . يعنى رمضان }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما (3) -: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يومٍ فضله على غيره إلا َّ هذا اليوم ؛ يوم عاشوراء، وهذا الشهر ؛ يعنى شهر رمضان .
.........................................
(1) النووي على مسلم ،م رقم-4-ص
(2) صحيح الترغيب والترهيب للالبانى –رحمه الله تعالى – م1 ، باب الترغيب في صوم يوم عاشوراء ص[ [593 -594 ]] المعارف .
(3) البخاري مع الفتح م5 ، باب صيام عاشوراء ص [[ 435 ]] دار طيبة بعناية – أبو قتيبة الفاريابى.
وعن أبى سعيد الخدرى –رضي الله عنه (1) -قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ من صام يوم عرفة ؛ غفر له سنة أمامه ، وسنةٌ خلفه ، ومن صام عاشوراء غفر له سنة ٌ }} .
باب ما جاء عاشوراء اى يوم هو
عن الحكم بن الأعرج ، قال : انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت : اخبرني عن يوم عاشوراء ؟ اىُّ يوم هو أصومه ؟ قال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ، ثم أصبح من التاسع صائما . قال : فقلت : أهكذا كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . (2)
عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر. قال الترمذي حديث حسن صحيح . (3)
وعن عبدا لله بن عباس –رضي الله عنهما – قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن َّ التاسع }} .(4)
.................................................. .....
(1) صحيح الترغيب والترهيب م 5 ص [[ 594 ]] المعارف.
(2) مسلم نووي ، باب اى يوم يصام في عاشوراء .
(3) سنن الترمذي ، بعناية مشهور ، طبعة المعارف .
(4) مسلم نووي.
وعن إسماعيل من أمية ، انه سمع أبا غطفان بن طريف المُرِّى يقول : سمعت عبدا لله بن عباس –رضي الله عنهما – يقول : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه ، قالوا : يارسول الله ، انه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ فإذا كان العام المقبل ، إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع }} .(1)
إشكال ! هل يصام العاشر وحده ؟ أم يضم معه التاسع ؟ أم يصام التاسع فقط ؟.
ومنشأ الإشكال قوله صلى الله عليه وسلم {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} . وقول ابن عباس في رواية عنه انه أجاب من سئله عن يوم عاشوراء انه اليوم التاسع .
قال النووي –رحمه الله تعالى – ذهب جماهير من السلف والخلف ، إلى إن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم ، وممن قال ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري ومالك واحمد وإسحاق وخلائق ، وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ ، وأما تقدير أخذه من الإظماء فبعيد ، ثم إن حديث ابن عباس الثاني يردُّ عليه ، لأنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء ، فذكروا إن اليهود والنصارى تصومه فقال : انه في العام المقبل يصوم التاسع ، وهذا تصريح بان الذي كان يصومه ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر ، قال الشافعي وأصحابه واحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا لان النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع ، وقد سبق في "صحيح مسلم " في كتاب الصلاة من رواية أبى هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم }}.
.................................................. ..
(1) مسلم نووي.
قال بعض العلماء : ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ، أن لا يتشبه باليهود في إفراد العاشر ، وفى الحديث إشارة إلى هذا ، وقيل للاحتياط في تحصيل عاشوراء والأول أولى والله اعلم .(1)
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى – وقال بعض أهل العلم : في قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم :{{ لئن عشت إلى قابل لاصومن التاسع }} .
يحتمل أمرين : احدهما : انه أراد نقل العاشر إلى التاسع .
والثاني: أراد أن يضيفه إليه في الصوم ، فلما توفى صلى الله عليه وسلم قبل بيان ذلك كان الاحتياط صوم اليومين . وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه ، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر .والله اعلم .(2)
قال ابن عثيمين –رحمه الله تعالى – في قول النبي صلى الله عليه وسلم {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} يعنى : مع العاشر .(3)
قال ابن القيم –رحمه الله تعالى – فمراتب صومه ثلاثة (اى يوم عاشوراء
: أكملها: أن يصام قبله يومٌ وبعده يومٌ، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
.................................................. ......................
(1) شرح النووي على مسلم .
(2) فتح الباري على صحيح البخاري، ص 436 ، مجلد "5" .
(3) شرح رياض الصالحين م "5" ص "304" ، طبعة مدار الوطن .
وأما إفراد التاسع ، فمن نقص فهم الآثار ، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها ، وهو بعيد من اللغة والشرع ، والله الموفق للصواب .
وقد سلك بعض أهل العلم مسلكا آخر فقال: قد ظهر إن القصد مخالفة أهل الكتاب في هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصل بأحد أمرين: أما بنقل العاشر إلى التاسع ، أو بصيامهما معا . وقوله : {{ إذا كان العام المقبل صمنا التاسع }} : يحتمل الأمرين . فتوفىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لنا مراده ، فكان الاحتياط صيام اليومين معا . أ .هـ (1)
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا السؤال(2) : رقم الفتوى (13700) :
س/ هل يجوز صيام عاشوراء يوما واحدا فقط ؟
ج / يجوز صيام يوم عاشوراء يوما واحدا فقط ، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده ، وهى السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} قال ابن عباس –رضي الله عنهما -: (يعنى مع العاشر ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
عضو /عبدا لله بن غديان .نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي .الرئيس عبد العزيز بن باز.
.................................................. ..............
(1) زاد المعاد في هدى خير العباد ،م2 ،ص "72:73 طبعة الرسالة ، تحقيق شعيب وعبد القادرالارنؤوط .
(2) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، م" 10 " جمع وترتيب احمد الدرويش ، طبعة المؤيد .
تنبيـــــــــــــــــــــه
مرَّ بنا إن من مراتب صومه اى يوم عاشوراء أن يصام قبله يوم ، وبعده يوم .
وقد ورد في ذلك حديث عن ابن عباس –رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم: {{ صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده }} .
قال محقق زاد المعاد طبعة الرسالة : أخرجه احمد في المسند ( 1/241) ، وابن خزيمة ( 2095 ) ، وفى سنده ابن أبى ليلى وهو سيء الحفظ وأخرجه عبد الرزاق ( 7839 ) ومن طريقة البيهقى (4/287 ) موقوفا على ابن عباس بلفظ {{ صوموا اليوم التاسع والعاشر وخالفوا اليهود }} وسنده صحيح .
وقال مخرج أحاديث الشرح الممتع عمر بن سليمان الحفيان في حاشية المجلد السادس صفحة رقم ( 46 أخرجه احمد في " المسند " ( 1/241) ؛
وابن خزيمة ( 2095) ؛ والبزار ( 1052) عن ابن عباس رضي الله عنهما . قال الهيثمى في " المجمع " (3/18 " فيه محمد بن أبى ليلى وفيه كلام " وضعفه الالبانى في " التعليق على ابن خزيمة " .
وأخرجه عبد الرزاق ( 7839) ؛ والبيهقى (4/287 ) موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ :{{ صوموا اليوم التاسع والعاشر ، وخالفوا اليهود }} وسنده صحيح كما قال الالبانى في " التعليق على ابن خزيمة " .
ولكن هل يشرع غير الصيام ؟!
جاء في " مجموع الفتاوى " (25/299) – بحذف -: " وسئل شيخ الإسلام عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل ، والاغتسال ، والحناء ، والمصافحة ، وطبخ الحبوب ، وإظهار السرور، وغير ذلك إلى ذلك إلى الشارع ، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ .
وإذا ورد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ؟
ما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن ، والعطش ، وغير ذلك من الندب والنياحة ، وقراءة المصر وع ، وشق الجيوب ؛ هل في ذلك أصل ؟ أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين ، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، ولا استحب ذلك احد من أئمة المسلمين ، ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا ً ، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا الصحابة ، ولا التابعين ، لا صحيحا ولا ضعيفا ، لا في كتب الصحيح ، ولا في السنن ، ولا المسانيد ، ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة ورووا في حديث موضوع مكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم )) انه من وسع على أهله يوم عاشوراء ؛ وسع الله عليه سائر السنة ))؟ .(1)
.................................................. ........
(1) بواسطة الموسوعة الفقهية الميسرة للعواشية ، الجزء الثالث ، ص:261 ،طبعة المكتبة الإسلامية ، دار ابن حزم .
قال الإسناد الكبير فضيلة الشيخ على محفوظ في كتابه " الإبداع " في مضار الابتداع ما ملخصه : ( يقع في هذا اليوم كثير من البدع منها ما لا أصل له ومنها ما يبنى على أحاديث ضعيفة أو موضوعة كا تباع الأطعمة خاصة بهذا اليوم ولقد احدث الشيطان بسبب قتل الحسين –رضي الله عنه – بدعتين :
الأولى : الحزن والنوح واللطم والعطش وما يفضى إليه من سب السلف ولعنهم وتقرأ أخباراً مهيجة كثير منها كذب ، وكأن قصد سنُّ ذلك فتح باب الفتنة والتفريق بين الأمة فان هذا ليس مستحب ولا جائزا باتفاق المسلمين .
الثانية : بدعة السرور والفرح – وكان بالكوفة قوم من الشيعة ينتصرون للحسين رضي الله عنه وقوم من الناصبة يبغضون على وأولاده فاحدث هؤلاء السرور ، ورووا انه من وسَّع على أهله يوم عاشوراء وسَّع الله عليه سائر سنته ، وقد سئل الإمام احمد عن هذا الحديث فقال لا أصل له . وليس له أصل ثابت لا ما رواه عيينة عن ابن المنتشر وهو كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف ورووا انه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام فصار قوم يستحبون هذا اليوم الاكتمال والاغتسال والتوسعة على العيا ل وهذه بدعة أصلها من خصوم الحسين كما إن بدعة الحزن من أحبابه والكلُّ باطل وبدعة وضلالة ولم يستحب احد من الأئمة الأربعة وغيرهم لا هذا ولا هذا لعدم الدليل الشرعي بل المستحب يوم عاشوراء الصيام عند جمهور العلماء مع صوم يوم قبله ...
قال الالبانى –رحمه الله تعالى – في تمام المنة (1) معلقا ً على حديث (( من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء ، وسع الله عليه سائر سنته )).
فهذا إسناد موضوع من اجل محمد بن يونس – وهو الكديمى – فانه كذَّاب ، قال ابن عدى : " وقد اتهم الكديمى با لوضع ".
.................................................. ........
(1) تمام المنة في التعليق على فقه السنة .
وهكذا سائر طرق الحديث ، مدارها على متروكين أو مجهولين ، ومن الممكن أن يكونوا من أعداء الحسين رضي الله عنه ، الذين وضعوا في فضل الإطعام (1)، والاكتحال ، وغير ذلك يوم عاشوراء ؛ معارضة منهم للشيعة الذين جعلوا هذا اليوم يوم حزن على الحسين رضي الله عنه ؛ لان قتله كان فيه .
ولذلك جزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بان هذا الحديث كذب وذكر انه سئل الإمام احمد عنه ، فلم يره شيئا ، وأيَّد ذلك بان أحدا من السلف لم يستحب التوسعة يوم عاشوراء ، وانه لا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة ، وقد فصَّل القول في "الفتاوى " (2/248-256) فراجعه ،.
وقد نقل المناوى عن المجد اللغوي انه قال : " ما يروى في فضل صوم يوم عاشوراء ، والصلاة فيه ، والإنفاق ، والخضاب، والادهان ، والاكتحال، بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه " .
.................................................. ............
(1) وعليه فان ما يجرى في بعض البلدان من طواف الولدان على البيوت في هذا اليوم يطلبون المال والطعام وترديدهم لبعض الاغانى ، وطبخ الفول في هذا اليوم يعتبر من البدع التي جاءت من أعداء الحسين رضي الله عنه .
الخاتمـــــــــــــــــــــــة
ومما تقدم تعلم إن المشروع في يوم عاشوراء الصيام فقط
وما زاد على الصيام فانه محدث.
واختم بمقولة الإمام مالك رحمه الله تعالى التي قال فيها
" السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ".
اللهم أحيينا على السنة وتوفنا على السنة واحشرنا تحت لواء صاحب السنة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام .
ابو الاثر الاثرى حفظه الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم عاشوراء
الصيام لا غير
إن الحمد لله ،نحمده ،ونستعينه ، ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له .
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد إن محمدا عبده ورسوله.
أمَّا بَعْدُ :
فهذه كلمات يسيرات بالخير مذكرات ــ لي ولاخوانى واخواتى ــ
بسنة نبوية تمر بنا كل سنة قمرية فيها من الأجر والثواب ما ذكر لنا نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، فقد ثبت في الحديث الصحيح انه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال عليه الصلاة والسلام : {{ احتسب عند الله أن يكفر سنة قبله }}
فيا من تريد زيادة الأجر والحسنات وتكفير الذنب والسيئات هَلُمَّ إلى هذه السنة النبوية وإياك والزيادة فقد كفيت ! .
باب صوم يوم عاشوراء
عن عائشة رضي الله عنها (1) – قالت : كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض شهر رمضان قال : {{ من شاء صامه ، ومن شاء تركه }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال : قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة . فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء . فسئلوا عن ذلك ؟ فقالوا : هذا اليوم الذي اظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، فنحن نصومه تعظيما له . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{{ نحن أولى بموسى منكم }} . فأمر بصومه .
عن ابن عباس -رضي الله عنهما –(2) : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟}} فقالوا : هذا يوم عظيم ، انجي الله فيه موسى وقومه ، وغَرَّقَ فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ فنحن أحق وأولى بموسى منكم }} فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه .
قال النووي –رحمه الله –(3) اتفق العلماء على صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب ، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان ، فقال أبو حنيفة : كان واجبا ، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين أشهرهما عندهم : انه لم يزل سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة ، ولكنه كان متأكد الاستحباب ، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب ،.
.................................................. .......
(2،1) مسلم بشرح النووي ، باب صوم يوم عاشوراء ،
المجلد رقم "4"، طبعة الرشد.
(3) النووي على شرح مسلم ،م "4" .
والثاني :كان واجبا كقول أبى حنيفة ، وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل ، فأبو حنيفة لا يشترطها ويقول : كان الناس مفطرين أول يوم عاشوراء ثم أمروا بصيامه بنية من النهار ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه ، وأصحاب الشافعي يقولون : كان مستحبا فصحَّ بنية من النهار ، ويتمسك أبو حنيفة بقوله أمر بصيامه والأمر للوجوب ،
وبقوله فلما فُرِضَ رمضان قال {{ من شاء صامه ومن شاء تركه }} . ويحتج الشافعية بقوله "هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه " ، والمشهور في اللغة إن عاشوراء وتاسوعاء ممدودان ، وحكى قصرهما .
انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى .
فضل صيام يوم عاشوراء
عن أبى قتادة –رضي الله عنه (1)- : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء ، فقال : {{ يكفر السنة الماضية }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما (2) – انه سئل عن صيام عاشوراء ؟ فقال: {{ ما علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام ، ولا شهرا ؛ إلا َّ هذا الشهر . يعنى رمضان }} .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما (3) -: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يومٍ فضله على غيره إلا َّ هذا اليوم ؛ يوم عاشوراء، وهذا الشهر ؛ يعنى شهر رمضان .
.........................................
(1) النووي على مسلم ،م رقم-4-ص
(2) صحيح الترغيب والترهيب للالبانى –رحمه الله تعالى – م1 ، باب الترغيب في صوم يوم عاشوراء ص[ [593 -594 ]] المعارف .
(3) البخاري مع الفتح م5 ، باب صيام عاشوراء ص [[ 435 ]] دار طيبة بعناية – أبو قتيبة الفاريابى.
وعن أبى سعيد الخدرى –رضي الله عنه (1) -قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ من صام يوم عرفة ؛ غفر له سنة أمامه ، وسنةٌ خلفه ، ومن صام عاشوراء غفر له سنة ٌ }} .
باب ما جاء عاشوراء اى يوم هو
عن الحكم بن الأعرج ، قال : انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت : اخبرني عن يوم عاشوراء ؟ اىُّ يوم هو أصومه ؟ قال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ، ثم أصبح من التاسع صائما . قال : فقلت : أهكذا كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . (2)
عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر. قال الترمذي حديث حسن صحيح . (3)
وعن عبدا لله بن عباس –رضي الله عنهما – قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن َّ التاسع }} .(4)
.................................................. .....
(1) صحيح الترغيب والترهيب م 5 ص [[ 594 ]] المعارف.
(2) مسلم نووي ، باب اى يوم يصام في عاشوراء .
(3) سنن الترمذي ، بعناية مشهور ، طبعة المعارف .
(4) مسلم نووي.
وعن إسماعيل من أمية ، انه سمع أبا غطفان بن طريف المُرِّى يقول : سمعت عبدا لله بن عباس –رضي الله عنهما – يقول : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه ، قالوا : يارسول الله ، انه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ فإذا كان العام المقبل ، إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع }} .(1)
إشكال ! هل يصام العاشر وحده ؟ أم يضم معه التاسع ؟ أم يصام التاسع فقط ؟.
ومنشأ الإشكال قوله صلى الله عليه وسلم {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} . وقول ابن عباس في رواية عنه انه أجاب من سئله عن يوم عاشوراء انه اليوم التاسع .
قال النووي –رحمه الله تعالى – ذهب جماهير من السلف والخلف ، إلى إن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم ، وممن قال ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري ومالك واحمد وإسحاق وخلائق ، وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ ، وأما تقدير أخذه من الإظماء فبعيد ، ثم إن حديث ابن عباس الثاني يردُّ عليه ، لأنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء ، فذكروا إن اليهود والنصارى تصومه فقال : انه في العام المقبل يصوم التاسع ، وهذا تصريح بان الذي كان يصومه ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر ، قال الشافعي وأصحابه واحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا لان النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع ، وقد سبق في "صحيح مسلم " في كتاب الصلاة من رواية أبى هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم }}.
.................................................. ..
(1) مسلم نووي.
قال بعض العلماء : ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ، أن لا يتشبه باليهود في إفراد العاشر ، وفى الحديث إشارة إلى هذا ، وقيل للاحتياط في تحصيل عاشوراء والأول أولى والله اعلم .(1)
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى – وقال بعض أهل العلم : في قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم :{{ لئن عشت إلى قابل لاصومن التاسع }} .
يحتمل أمرين : احدهما : انه أراد نقل العاشر إلى التاسع .
والثاني: أراد أن يضيفه إليه في الصوم ، فلما توفى صلى الله عليه وسلم قبل بيان ذلك كان الاحتياط صوم اليومين . وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه ، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر .والله اعلم .(2)
قال ابن عثيمين –رحمه الله تعالى – في قول النبي صلى الله عليه وسلم {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} يعنى : مع العاشر .(3)
قال ابن القيم –رحمه الله تعالى – فمراتب صومه ثلاثة (اى يوم عاشوراء
: أكملها: أن يصام قبله يومٌ وبعده يومٌ، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
.................................................. ......................
(1) شرح النووي على مسلم .
(2) فتح الباري على صحيح البخاري، ص 436 ، مجلد "5" .
(3) شرح رياض الصالحين م "5" ص "304" ، طبعة مدار الوطن .
وأما إفراد التاسع ، فمن نقص فهم الآثار ، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها ، وهو بعيد من اللغة والشرع ، والله الموفق للصواب .
وقد سلك بعض أهل العلم مسلكا آخر فقال: قد ظهر إن القصد مخالفة أهل الكتاب في هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصل بأحد أمرين: أما بنقل العاشر إلى التاسع ، أو بصيامهما معا . وقوله : {{ إذا كان العام المقبل صمنا التاسع }} : يحتمل الأمرين . فتوفىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لنا مراده ، فكان الاحتياط صيام اليومين معا . أ .هـ (1)
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا السؤال(2) : رقم الفتوى (13700) :
س/ هل يجوز صيام عاشوراء يوما واحدا فقط ؟
ج / يجوز صيام يوم عاشوراء يوما واحدا فقط ، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده ، وهى السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {{ لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع }} قال ابن عباس –رضي الله عنهما -: (يعنى مع العاشر ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
عضو /عبدا لله بن غديان .نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي .الرئيس عبد العزيز بن باز.
.................................................. ..............
(1) زاد المعاد في هدى خير العباد ،م2 ،ص "72:73 طبعة الرسالة ، تحقيق شعيب وعبد القادرالارنؤوط .
(2) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، م" 10 " جمع وترتيب احمد الدرويش ، طبعة المؤيد .
تنبيـــــــــــــــــــــه
مرَّ بنا إن من مراتب صومه اى يوم عاشوراء أن يصام قبله يوم ، وبعده يوم .
وقد ورد في ذلك حديث عن ابن عباس –رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم: {{ صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده }} .
قال محقق زاد المعاد طبعة الرسالة : أخرجه احمد في المسند ( 1/241) ، وابن خزيمة ( 2095 ) ، وفى سنده ابن أبى ليلى وهو سيء الحفظ وأخرجه عبد الرزاق ( 7839 ) ومن طريقة البيهقى (4/287 ) موقوفا على ابن عباس بلفظ {{ صوموا اليوم التاسع والعاشر وخالفوا اليهود }} وسنده صحيح .
وقال مخرج أحاديث الشرح الممتع عمر بن سليمان الحفيان في حاشية المجلد السادس صفحة رقم ( 46 أخرجه احمد في " المسند " ( 1/241) ؛
وابن خزيمة ( 2095) ؛ والبزار ( 1052) عن ابن عباس رضي الله عنهما . قال الهيثمى في " المجمع " (3/18 " فيه محمد بن أبى ليلى وفيه كلام " وضعفه الالبانى في " التعليق على ابن خزيمة " .
وأخرجه عبد الرزاق ( 7839) ؛ والبيهقى (4/287 ) موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ :{{ صوموا اليوم التاسع والعاشر ، وخالفوا اليهود }} وسنده صحيح كما قال الالبانى في " التعليق على ابن خزيمة " .
ولكن هل يشرع غير الصيام ؟!
جاء في " مجموع الفتاوى " (25/299) – بحذف -: " وسئل شيخ الإسلام عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل ، والاغتسال ، والحناء ، والمصافحة ، وطبخ الحبوب ، وإظهار السرور، وغير ذلك إلى ذلك إلى الشارع ، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ .
وإذا ورد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ؟
ما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن ، والعطش ، وغير ذلك من الندب والنياحة ، وقراءة المصر وع ، وشق الجيوب ؛ هل في ذلك أصل ؟ أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين ، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، ولا استحب ذلك احد من أئمة المسلمين ، ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا ً ، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا الصحابة ، ولا التابعين ، لا صحيحا ولا ضعيفا ، لا في كتب الصحيح ، ولا في السنن ، ولا المسانيد ، ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة ورووا في حديث موضوع مكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم )) انه من وسع على أهله يوم عاشوراء ؛ وسع الله عليه سائر السنة ))؟ .(1)
.................................................. ........
(1) بواسطة الموسوعة الفقهية الميسرة للعواشية ، الجزء الثالث ، ص:261 ،طبعة المكتبة الإسلامية ، دار ابن حزم .
قال الإسناد الكبير فضيلة الشيخ على محفوظ في كتابه " الإبداع " في مضار الابتداع ما ملخصه : ( يقع في هذا اليوم كثير من البدع منها ما لا أصل له ومنها ما يبنى على أحاديث ضعيفة أو موضوعة كا تباع الأطعمة خاصة بهذا اليوم ولقد احدث الشيطان بسبب قتل الحسين –رضي الله عنه – بدعتين :
الأولى : الحزن والنوح واللطم والعطش وما يفضى إليه من سب السلف ولعنهم وتقرأ أخباراً مهيجة كثير منها كذب ، وكأن قصد سنُّ ذلك فتح باب الفتنة والتفريق بين الأمة فان هذا ليس مستحب ولا جائزا باتفاق المسلمين .
الثانية : بدعة السرور والفرح – وكان بالكوفة قوم من الشيعة ينتصرون للحسين رضي الله عنه وقوم من الناصبة يبغضون على وأولاده فاحدث هؤلاء السرور ، ورووا انه من وسَّع على أهله يوم عاشوراء وسَّع الله عليه سائر سنته ، وقد سئل الإمام احمد عن هذا الحديث فقال لا أصل له . وليس له أصل ثابت لا ما رواه عيينة عن ابن المنتشر وهو كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف ورووا انه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام فصار قوم يستحبون هذا اليوم الاكتمال والاغتسال والتوسعة على العيا ل وهذه بدعة أصلها من خصوم الحسين كما إن بدعة الحزن من أحبابه والكلُّ باطل وبدعة وضلالة ولم يستحب احد من الأئمة الأربعة وغيرهم لا هذا ولا هذا لعدم الدليل الشرعي بل المستحب يوم عاشوراء الصيام عند جمهور العلماء مع صوم يوم قبله ...
قال الالبانى –رحمه الله تعالى – في تمام المنة (1) معلقا ً على حديث (( من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء ، وسع الله عليه سائر سنته )).
فهذا إسناد موضوع من اجل محمد بن يونس – وهو الكديمى – فانه كذَّاب ، قال ابن عدى : " وقد اتهم الكديمى با لوضع ".
.................................................. ........
(1) تمام المنة في التعليق على فقه السنة .
وهكذا سائر طرق الحديث ، مدارها على متروكين أو مجهولين ، ومن الممكن أن يكونوا من أعداء الحسين رضي الله عنه ، الذين وضعوا في فضل الإطعام (1)، والاكتحال ، وغير ذلك يوم عاشوراء ؛ معارضة منهم للشيعة الذين جعلوا هذا اليوم يوم حزن على الحسين رضي الله عنه ؛ لان قتله كان فيه .
ولذلك جزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بان هذا الحديث كذب وذكر انه سئل الإمام احمد عنه ، فلم يره شيئا ، وأيَّد ذلك بان أحدا من السلف لم يستحب التوسعة يوم عاشوراء ، وانه لا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة ، وقد فصَّل القول في "الفتاوى " (2/248-256) فراجعه ،.
وقد نقل المناوى عن المجد اللغوي انه قال : " ما يروى في فضل صوم يوم عاشوراء ، والصلاة فيه ، والإنفاق ، والخضاب، والادهان ، والاكتحال، بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه " .
.................................................. ............
(1) وعليه فان ما يجرى في بعض البلدان من طواف الولدان على البيوت في هذا اليوم يطلبون المال والطعام وترديدهم لبعض الاغانى ، وطبخ الفول في هذا اليوم يعتبر من البدع التي جاءت من أعداء الحسين رضي الله عنه .
الخاتمـــــــــــــــــــــــة
ومما تقدم تعلم إن المشروع في يوم عاشوراء الصيام فقط
وما زاد على الصيام فانه محدث.
واختم بمقولة الإمام مالك رحمه الله تعالى التي قال فيها
" السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ".
اللهم أحيينا على السنة وتوفنا على السنة واحشرنا تحت لواء صاحب السنة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام .
ابو الاثر الاثرى حفظه الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق