بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
يقول الشيخ ابن عثيمين(1) رحمه الله تعالى :
وقوله " يحب الوتر " ليس معنى ذلك أن الإنسان يوتر في كل شيء ولكن المعنى أنه
عزوجل يحب الوتر فيشرع ما شاء على وتر ويخلق ما شاء على وتر فالسموات سبع
والأرضون سبع والصلوات خمس وتختم بالوتر وصلاة الليل وصلاة النهار ولكن هل
المعنى أن الإنسان يتقصد الإيتار في كل شيء حتى نقول إن أردت أن تأكل فكل وتراوإذا
أردت ان تمشي فامش وترا إذا أردت لبس الثياب البس الثياب وترا وما أشبه ذلك ؟
لا , لان هذه الأمور من العبادات تتوقف على ورود الشرع بها
ولهذا قال أنس رضي الله
عنه لما حكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يخرج لصلاة عيد الفطر حتى
يأكل تمرات قال " ويأكلهن وترا" فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتاد الإيتار في
كل ما يأكل لم يكن هناك حاجة إلى ان يذكر أنس أنه يأكلهن في ذلك اليوم وترالأنه لو
كان هذا من عادته لكان ذلك ثابتا في تمرات يوم العيد وغيرها
وقال رحمه الله تعالى (2):
...ويبقى الكلام على ما كان معروفا بين العامة عندنا من انه إذا صب لك فنجان شاي
وقلت : بس قال: أوتر فهل يكون هذا الكلام صحيحا وله أصل في الشرع أو نقول
الرسول عليه الصلاة والسلام يتغذى ويتعشى دائما ولم ينقل عنه أنه كان يلاحظ ذلك
وكذلك الصحابة بين يديه يأكلون لم يذكر عنه انه يلاحظ اللقيمات التي يأخذها من
الصحفة بحيث تكون سبعة او سبعة عشرة أوما أشبه ذلك ؟
الثاني هو الصحيح لأنه لم ينقل فلما لم ينقل ذلك مع كثرته وتكرره ونص على بعض
الأشياء صار الحكم مختصا بتلك الأشياء وهو الأقرب عندي
ولكن يبقى أن يقول قائل : أم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال :" إن الله
وتر يحب الوتر "؟
بلى إذن كيف لا يقول قائل : إنه ينبغي لنا أن توتر في كل شيء ؟
نقول : معنى الحديث أن الله عزوجل شرع لعباده عبادات كثيرة كلها تقطع على وتر لانه
يحب الوتر ولا يلزم من ذلك أن يكون سبحانه وتعالى شرع لعباده أن يجعلوا حتى
عاداتهم مقطوعة على الوتر والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يراعي هذا
ولوكان ذلك من الامور المحببة إلى الله لكان اول الناس إثباتا لها رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيكون معنى " إن الله وتر يحب الوتر " أي فيما شرعه ولذلك تجد
المشروعات كلها مقطوعة على وتر في اليل والنهار والصيام وتر شهر واحد الطواف
وتر والسعي وتر والوقوف وتر والمبيت فيالمزدلفة وتر وبمنى وتر والرمي وتر فهذا
هو الأقرب والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) ـ شرح بلوغ المرام ج/ 2ـ 241
(2) ـ شرح بلوغ المرام ج/2 ـ 396