بسم الله الرحمن الرحيم
وجوب تسوية الصفوف للإمام ومأموم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمما جاء الأمر به تسوية الصفوف والترغيب فيه والحث عليه، وقد سبق أن بينت فوائد تسوية الصف في مقال بعنوان: فوائد وثمرات تسوية الصفوف (18 فائدة).
وتسوية الصفوف تكون بإلزاق القدم بالقدم والكعب بالكعب والكتف بالكتف، وإتمام الصف الأول فالأول، وبالتقارب والتراصّ في الصفوف، وسد الفُرَج والخلل، وأن يتحاذوا بلا تقدم ولا تأخر ولا قطع للصف، والوقوف على يمين الصف، والقرب جهة الإمام.
أما دليل وجوب تسوية الصفوف فيأخذ من عدة نصوص:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: ((أقيموا صفوفكم وتراصوا)).
أخرجه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع، فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا، فصلوا جلوسا أجمعون، وأقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة)).
أخرجه البخاري.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد أن يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: ((عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)).
أخرجه مسلم.
قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله في ((التنوير شرح الجامع الصغير)) : ((وهذا الوعيد دليل وجوب تسوية الصفوف وقد عضدته عدة أحاديث)) اهـ.
وقال العلامة فيصل بن عبد العزيز آل مبارك رحمه الله في ((تطريز رياض الصالحين)) : ((وفي الحديث: دليل على وجوب تسوية الصفوف، وعلى جواز كلام الإمام فيما بين الإقامة والصلاة لما يعرض من الحاجة)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) : ((يدل على وجوب تسوية الصفوف وأنه يجب على الإمام أن يعنى بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً متراصاً والناس متساوون في أماكنهم، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا، لأنه أمر بما قد حصل إلا أن يريد اثبتوا على ذلك.
لأن هذه الكلمات لها معناها، ليست كلمات تقال هكذا بلا فائدة، فالإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا، يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف. ومما يدل على أهمية تسوية الصفوف في الصلاة أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وكذلك عثمان رضي الله عنه لما كثر الناس جعل وكيلاً يمر بالصوف يسويها، حتى إذا جاء وقال إنها استوت كبر.
وهذا يدل على عناية الشرع بتسوية الصف)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)) : ((ففي هذا دليل على وجوب تسوية الصفوف، وأنه يجب على المأمومين أن تسوى صفوفهم، وأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فقد عرضوا أنفسهم لعقوبة الله والعياذ بالله)) اهـ.
وقال العلامة محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي حفظه الله في ((ذخيرة العقبى في شرح المجتبى)) : ((وجوب تسوية الصفوف؛ لأنه جاء به الأمر، وترتب عليه الوعيد)) اهـ.
وقال حفظه الله في ((البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج)) : ((بيان وجوب تسوية الصفوف، وعدم الاختلاف فيها؛ لأنه جاء به الأمر، وترتّب عليه الوعيد)) اهـ.
وقالت اللجنة الدائمة في ((فتاوها)) : ((النبي صلى الله عليه وسلم بين في الأحاديث السالفة وجوب تسوية الصفوف، وأنه ينبغي للإمام أن يقبل على المأمومين ويأمرهم بتسوية الصف، وأن يتراصوا فيه، وأن يتلاصقوا حتى لا يكون بينهم فرج، ولا يتركوا بينهم فجوات للشيطان، وأن يتموا الصفوف الأول فالأول؛ لأن في ذلك تكميلا لصلاتهم، وإتماما لها، ولما في ذلك من مشابهة الملائكة المطهرين في صفها عند ربها عز وجل)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 3 رجب سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 27 فبراير سنة 2020 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 3 رجب سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 27 فبراير سنة 2020 ف