*****
مطوية / تحريم اتخاذ المساجد على القبور في المذاهب الأربعة
- من كتاب / تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد -
للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
--------------------------
https://www.ajurry.com/vb/attachment...1&d=1554202535
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
https://www.ajurry.com/vb/attachment...2&d=1554202720
****
لتحميل من رابط اخر MEDIAFIRE
http://www.mediafire.com/file/y6dvxf...9%88%D8%B1.pdf
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
http://www.mediafire.com/file/i6fpn9...%B1.%D9%85.pdf
نص المطوية :
تحريم اتخاذ القبور مساجد في المذاهب الاربعة
من كتاب/ تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
المؤلف: الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله (المتوفى: 1420هـ)
أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه:لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قالت: فلولا ذاك أبرز (*) قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا (رواه البخاري (3 / 156 و 198 و 8 / 114) ومسلم (2 / 76))
(*) - أي كشف قبره صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ عليه الحائل والمراد دفن خارج بيته كذا في " فتح الباري "
فائدة: قول عائشة هذا يدل دلالة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجد فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره صلى الله عليه وسلم في البيت يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل لأن السنة الدفن في المقابر..
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. رواه البخاري (2 / 422) ومسلم وأبوعوانة أبو داود (2 / 71)
3 و4 - و عن عائشة وابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصة (*) له فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول: " لعنة الله على اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. تقول عائشة يحذر مثل الذي صنعوا " (رواه البخاري (1 / 422 و 6 / 386 و 8 / 116) ومسلم (2 / 67))
(*) - ثوب خز أو صوف معلم. كذا في " النهاية "
5 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها: مارية وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة فذكرن من حسنها وتصاويرها قالت: [فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه] فقال: " أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله [يوم القيامة] " (رواه البخاري (1 / 416 و 422) ومسلم (2 / 66 /))
6 - عن جندب بن عبد الله البجلي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول:قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء وإني أبرأ إلى الله أن يكون لي فيكم خليل وإن الله عز وجل قد اتخذني خليلا كما تخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا [وإن] من كان قبلكم [كانوا] يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
رواه مسلم (2 / 67 68 ) وأبو عوانة (1 / 401) والسياق له والطبراني في " الكبير " (1 / 84 / 2))
اتخاذ المساجد على القبور من الكبائر
بعد أن تبين لنا معنى الاتخاذ الوارد في الأحاديث المتقدمة يحسن بنا أن نقف قليلا عند هذه الأحاديث لنتعرف منها حكم الاتخاذ المذكور مسترشدين في ذلك بما ذكره العلماء حوله فأقول:
إن كل من يتأمل في تلك الأحاديث الكريمة يظهر له بصورة لا شك فيها أن الاتخاذ المذكور يحرم بل كبيرة من الكبائر لأن اللعن الوارد فيها ووصف المخالفين بأنهم من شرار الخلق عند الله تبارك وتعالى لا يمكن أن يكون في حق من يرتكب ما ليس كبيرة كما لا يخفى مذاهب العلماء في ذلك
وقد اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم ذلك ومنهم من صرح بأنه كبيرة وإليك تفاصيل المذاهب في ذلك:
1 - مذهب الشافعية انه كبيرة :
قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن اقتراف الكبائر(1 / 120) :
الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون:
اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثانا والطواف بها واستلامها والصلاة إليها ثم ساق بعض الأحاديث المتقدمة وغيرها ثم قال (ص 111) :
[تنبيه] : عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية وكأنه أخذ ذلك مما ذكرته من الأحاديث ووجه اتخاذ القبر مسجدا منها واضح لأنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله تعالى يوم القيامة ففيه تحذير لنا كما في رواية:
يحذر ما صنعوا " أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك فيلعنوا كما لعنوا ومن ثم قال أصحابنا: تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركا وإعظاما ومثلها الصلاة عليه للتبرك والإعظام وكون هذا الفعل كبيرة ظاهرة من الأحاديث المذكورة لما علمت فقال بعض الحنابلة: " قصد الرجل الصلاة عند القبر متبركا به عين المحادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وابتداع دين لم يأذن به الله للنهي عنها ثم إجماعا فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها واتخاذها مساجد أو بناؤها عليها والقول بالكراهة محمول على غير ذلك إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه نهى عن ذلك وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر ولا يصح وقفه ونذره. انتهى "
هذا كله كلام الفقيه ابن حجر الهيتمي وأقره عليه المحقق الآلوسي في " روح المعاني " (5 / 31) وهو كلام يدل على فهم وفقه في الدين وقوله فيما نقله عن بعض الحنابلة:
والقول بالكراهة محمول على غير ذلك كأنه يشير إلى قول الشافعي " وأكره أن يبنى على القبر مسجد. . " الخ كلامه الذي نقلته بتمامه فيما سبق (ص 27) وعلى هذا أتباعه من الشافعية كما في " التهذيب " وشرحه " المجموع " ومن الغريب أنهم يحتجون على ذلك ببعض الأحاديث المتقدمة مع أنها صريحة في تحريم ذلك ولعن فاعله ولو أن الكراهة كانت عندهم للتحريم لقرب الأمر ولكنها لديهم للتنزيه فكيف يتفق القول ب (الكراهة) مع تلك الأحاديث التي يستدلون بها عليها؟
أقول هذا وإن كنت لا أستبعد حمل الكراهة في عبارة الشافعي المتقدمة خاصة على الكراهة التحريمية لأنه هو المعنى الشرعي المقصود في الاستعمال القرآني ولا شك أن الشافعي متأثر بأسلوب القرآن غاية التأثر فإذا وقفنا في كلامه على لفظ له معنى خاص في القرآن الكريم وجب حمله عليه لا على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين فقد قال تعالى {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} (40) وهذه كلها محرمات فهذا المعنى والله اعلم هو الذي أراده الشافعي رحمه الله بقوله المتقدم " وأكره " ويؤيده انه قال عقب ذلك: " وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء " فإن قوله " أساء " معناه ارتكب سيئة أي حراما فإنه هو المراد بالسيئة في أسلوب القرآن أيضا فقد قال تعالى في سورة (الإسراء) بعد أن نهى عن قتل الأولاد وقربان الزنى وقتل النفس وغير ذلك: (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) (41) أي محرما ويؤكد أن هذا المعنى هو المراد من الكراهة في كلام الشافعي في هذه المسألة أن مذهبه أن الأصل في النهي التحريم إلا ما دل الدليل على أنه لمعنى آخر كما صرح بذلك في رسالته " جماع العلم " (ص 125) ونحوه في كتابه " الرسالة " (ص 343)
_________
(40) - سورة الحجرات الآية 7
(41) - سورة الإسراء الآية 38
ومن المعلوم لدى كل من درس هذه المسألة بأدلتها أنه لا يوجد أي دليل يصرف النهي الوارد في بعض الأحاديث المتقدمة إلى غير التحريم كيف والأحاديث تؤكد أنه للتحريم كما سبق؟ ولذلك فإني أقطع بأن التحريم هو مذهب الشافعي لا سيما وقد صرح بالكراهة بعد أن ذكر حديث " قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " كما تقدم فلا غرابة إذن إن صرح الحافظ العراقي وهو شافعي المذهب بتحريم بناء المسجد على القبر كما تقدم والله أعلم
ولهذا نقول: لقد اخطأ من نسب إلى الإمام الشافعي القول بإباحة تزوج الرجل بنته من الزنى بحجة أن صرح بكراهة ذلك والكراهة لا تنافي الجواز إذا كانت للتنزيه قال ابن القيم في " إعلام الموقعين " (1 / 4748 :
نص الشافعي على كراهة تزوج الرجل بنته من ماء الزنى ولم يقل قط أنه مباح ولا جائز والذي يليق بجلالته وإمامته ومنصبه الذي أحله الله به من الدين أن هذه الكراهة منه على وجه التحريم وأطلق لفظ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى عقب ذكر ما حرمه من المحرمات من عند قوله} وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه. . .) (42) إلى قوله} ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. . .) (43) إلى قوله} ولا تقف ما ليس لك به علم { (44) إلى آخر الآيات ثم قال:} كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها { (سورة الإسراء الآية 38 ، وفي الصحيح أن الله عزوجل كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ". فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكن المتأخرين اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحاديث فغلط في ذلك وأقبح غلطا منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على المعنى الاصطلاحي الحاديث "
وبهذه المناسبة نقول : إن من الواجب على أهل العلم أن ينتبهوا للمعاني الحديثة التي طرأت على الألفاظ العربية التي تحمل معاني خاصة معروفة عند العرب هي غير هذه المعاني الحديثة لأن القرآن نزل بلغة العرب فيجب أن تفهم مفرادته وجمله في حدود ما كان يفهم العرب الذين أنزل عليهم القرآن ولا يجوز أن تفسر بهذه المعاني الاصطلاحية الطارئة التي اصطلح عليها المتأخرون وإلا وقع المفسر بهذه المعاني في الخطأ والتقول على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من حيث يشعر وقدقدمت مثلا على ذلك لفظ (الكراهة) وإليك مثالا آخر:
لفظ (السنة) :. فإنه في اللغة الطريقة وهذا يشمل كل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور فرضا كان أو نفلا وأما اصطلاحا فهو خاص بما ليس فرضا من هديه صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يفسر بهذا المعنى الاصطلاحي لفظ (السنة) الذي ورد في بعض الأحاديث الكريمة كقوله صلى الله عليه وسلم: ". . . وعليكم بسنتي. . . " وقوله صلى الله عليه وسلم ". . . فمن رغب عن سنتي فليس مني " ومثله الحديث الذي يورده بعض المشايخ المتأخرين في الحض على التمسك بالسنة بمعناها الاصطلاحي وهو: " من ترك سنتي لم تنله شفاعتي " فأخطأوا مرتين:
الأولى: نسبتهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصل له فيما نعلم.
الثانية: تفسيرهم للسنة بالمعنى الاصطلاحي غفلة منهم عن معناها الشرعي وما أكثر ما يخطئ الناس فيما نحن فيه بسبب مثل هذه الغفلة.
ولهذا أكثر ما نبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله على ذلك وأمروا في تفسير الألفاظ الشرعية بالرجوع إلى اللغة لا العرف وهذا في الحقيقة أصل لما يسمونه اليوم ب " الدراسة التاريخية للإلفاظ "
ويحسن بنا ان نشير إلى أن من أهم أغراض مجمع اللغة العربية في الجمهورية العربية المتحدة في مصر " وضع معجم تاريخي للغة العربية ونشر بحوث دقيقة في تاريخ بعض الكلمات وما طرأ على مدلولاتها من تغيير " كما جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون ذي الرقم (434) (1955) الخاص بشأن تنظيم مجمع اللغة العربية (انظر " مجلة المجتمع " ج 8 ص 5) . فعسى أن يقوم المجمع بهذا العمل العظيم ويعهد به إلى أيد عربية مسلمة فإن أهل مكة أدرى بشعابها وصاحب الدار أدرى بما فيها وبذلك يسلم هذا المشروع من كيد المستشرقين ومكر المستعمرين.اه
_________
(42) - سورة الإسراء الآية 23
(43) - سورة الإنعام الآية 151
(44) - سورة الإسراء الآية 36
2- مذهب الحنفية الكراهة التحريمية
والكراهة بهذا المعنى الشرعي قد قال به هنا الحنفية فقال الإمام محمد تلميذ أبي حنيفة في كتابه " الآثار " (ص 45) : لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر ونكره أن يجصص أو يطين أو يجعل عنده مسجدا.
والكراهة عند الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم وقد صرح بالتحريم في هذه المسألة ابن الملك منهم كما يأتي..
3 - مذهب المالكية التحريم
وقال القرطبي في تفسيره ( 10 / 38 ) بعد أن ذكر الحديث الخامس: " قال علماؤنا: وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد "
4 - مذهب الحنابلة التحريم
ومذهب الحنابلة التحريم أيضا كما في " شرح المنتهى " (1 / 353) وغيره بل نص بعضهم على بطلان الصلاة في المساجد المبنية على القبور ووجوب هدمها فقال ابن القيم في " زاد المعاد " (3 / 22) في صدد بيان ما تضمنته غزوة تبوك من الفقه والفوائد وبعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يصلي فيه وكيف أنه صلى الله عليه وسلم هدمه وحرقه قال:
ومنها تحريق أمكنة المعصية التي يعصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيها مسجد يصلى فيه ويذكر اسم الله فيه لما كان بناؤه ضررا وتفريقا بين المؤمنين ومأوى للمنافقين وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام (46) تعطيله إما بهدم أو تحريق وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له وإذا كان هذا شأن مسجد الضرار فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها أندادا من دون الله أحق بذلك وأوجب وكذلك محال المعاصي والفسوق كالحانات وبيوت الخمارين وأرباب المنكرات وقد حرق عمر بن الخطاب قرية بكاملها يباع فيها الخمر وحرق حانوت رويشد الثقفي (47) وسماه فويسقا وحرق قصر (48 سعد لما احتجب عن الرعية،
_________
(46) - قلت: مفهوم هذا أن ذلك لا يجب على غير الإمام ومثله من ينوب عنه وهذا هو الذي يقتضيه النظر الصحيح لأنه لو قام به غيره لترتب على ذلك مفاسد وفتن بين المسلمين قد تكون أكبر من المصلحة التي يراد جلبها
(47) - روى الدولابي في
الكنى " (1 / 189) عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: رأيت عمر أحرق بيت رويشد الثقفي حتى كأنه جمرة أو حمة وكان جارنا يبيع الخمر. وسنده صحيح. ورواه عبد الرزاق عن صفية بنت ابي عبيد كما في " الجامع الكبيرة " (3 / 204 / 1) وأبو عبيد في " الأموال " (ص 103) عن ابن عمر وسنده صحيح أيضا.
وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت تاركي حضور الجماعة والجمعة (49) وإنما منعه من فيها من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم كما أخبر هو عن ذلك (50) . ومنها أن الوقف لا يصح على غير بر ولا قربة ،كما لم يصح وقف هذا المسجد وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نص على ذلك الإمام أحمد وغيره فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق فلو وضعا معا لم يجز ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبر مسجدا أو أوقد عليه سراجا (51) فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه وغربته بين الناس كما ترى "
_________
(48 - يعني باب القصر والقصة رواها عبد الله بن المبارك في " الزهد " (179 / 1) من " الكواكب الدراري " تفسير (575 ورقم 513 528 ط) وأحمد (رقم 390) بسند رجاله ثقات
(49) - متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو مخرج في " صحيج أبي داود " (557 و 558(تنبيه) : إن حديث الجمعة حديث آخر من رواية ابن مسعود مرفوعا أخرجه مسلم دون البخاري
(50) - قلت: هذا وإن كان هو المعقول لكن السند بذلك لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم فإن فيه أبا معشر نجيح المدني وهو ضعيف لسوء حفظه بل حديثه هذا منكر كما بينته في " تخريج المشكاة " (1073) التحقيق الثاني.
51 - يشيير إلى حديث ابن عباس " لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج " رواه أبو داود وغيره ولكنه ضعيف السند وإن لهج بذكره كثير من السلفيين فالحق أحق أن يقال وأن يتبع وممن ضعفه من المتقدمين الإمام مسلم فقال في " كتاب التفصيل ":" هذا الحديث ليس بثابت وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ولا يثبت له سماع من ابن عباس " نفله ابن رجب في " الفتح " كما في " الكواكب " (65 / 82 / 1).
وقد بينت ضعف هذا الحديث في " الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة " رقم (225) وقد ذكرت هناك أن الحديث صحيح لغيره إلا اتخاذ السرج فإنه منكر لم يأت إلا من هذا الطريق الضعيف وقد وقفت الآن على خطأ فاحش حول هذا الحديث فجاء في كتاب " القول المبين " لأحد أفاضل العلماء المعاصرين السلفيين ما نصه (ص 79) :
وهذا الحديث وإن كان في إسناده عند أصحاب السنن مقال فإن إسناده عند الحاكم خال من هذا المقال لأن طريق الحاكم غير طريقهم
قلت: والحديث مدراه عند الحاكم وغيره على أبي صالح عن ابن عباس وقد قال الحاكم عقبه (1 / 374) :
أبو صالح هو باذام ولم يحتجا به
قلت: وهو ضعيف عند جمهور الأئمة ولم يوثقه إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في التهذيب " والعجلي معروف بتساهله في التوثيق كابن حبان ولم نجد للحديث طريقا آخرى لنشد عضده به بعد مزيد البحث عنه
ولعل المشار إليه عني بكلامه بعض الشواهد التي ذكرتها هناك لكن هذه ليس فيها ذكر السراج أصلا فهو وهم على وهم.
فتبين مما نقلناه عن العلماء أن المذاهب الأربعة متفقة على ما أفادته الأحاديث المتقدمة من تحريم بناء المساجد على القبور. وقد اتفاق العلماء على ذلك اعلم الناس بأقوالهم ومواضع اتفاقهم واختلافهم ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد سئل رحمه الله بما نصه:
هل تصح الصلاة على المسجد إذا كان فيه قبر والناس تجتمع فيه لصلاتي الجماعة والجمعة أم لا؟ وهل يمهد القبر أو يعمل عليه حاجز أو حائط؟ فأجاب:
الحمد لله اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ". وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا وإن كان المسجد بني على بعد القبر فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة القبر فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه " كذا في الفتاوى له (1 / 107 / 2 / 192)
وقد تبنت دار الإفتاء في الديار المصرية فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية هذه فنقلتها عنه في فتوى لها أصدرتها تنص على عدم جواز الدفن في المسجد فليراجعها من شاء في " مجلة الأزهر " (ج 112 ص 501 و 503) (52).
وقال ابن تيمية في " الاختيارات العلمية " (ص 52) :
ويحرم الإسراج على القبور ،واتخاذ المساجد عليها،وبينها ويتعين إزالتها ولا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين . اه
ونقله ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " (2 / 244 / 1) وأقره وهكذا نرى أن العلماء كلهم اتفقوا على ما دلت عليه الأحاديث من تحريم اتخاذ المساجد على القبور فنحذر المؤمنين من مخالفتهم والخروج عن طريقتهم خشية أن يشملهم وعيد قوله عز وجل} ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا { (53) و} إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد { (54)
_________
(52) - وفي المجلة نفسها مقال آخر في تحريم البناء على القبورمطلقا فانظر (مجلد سنة 1930 ص 359 و364)
(53) - سورة النساء الآية 115
(54) - سورة ق الآية 37
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ)
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت
الطبعة: الرابعة
من الفصل الأول والثاني.
*****
قال الامام الشوكاني رحمه الله (المتوفى: 1250هـ)
في كتابه /شرح الصدور بتحريم رفع القبور(ص13 الى ص16)
وأخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد"، وأخرج أحمد وأهل السنن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: "قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا أدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته". وفي صحيح مسلم أيضا عن ثمامة بن شفي نحو ذلك.
وفي هذا أعظم دلالة على أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة على القدر المشروع واجبة متحتمة فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد. فإن ذلك من النهي عنه بلا شك ولا شبهة. ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لهدمها أمير المؤمنين عليا. ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدي في أيام خلافته.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يوطأ "
وزاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم "وأن يكتب عليه". قال الحاكم: النهى عن الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة.
وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وهو يصدق على ما بني على جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتى ذراعا فما فوقه. لأنه لا يمكن أن يجعل نفس القبر مسجدا، فذلك مما يدل على أن المراد بعض ما يقربه مما يتصل
به، ويصدق على من بنى قريبا من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، على وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها. فإن هذا بناء على القبر، لا يخفى ذلك على من له أدنى فهم، كما يقال: بنى السلطان على مدينة كذا، أو على قرية كذا سورا. وكما يقال: بنى فلان في المكان الفلاني مسجدا، مع أن سمك البناء لم يباشر إلا جوانب المدينة أو القرية أو المكان. ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة في الوسط كما في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواسع، ومن زعم أن في لغة العرب ما يمنع من هذا الإطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة العرب، ولا يفهم لسانها ولا يدري بما استعملته في كلامها.
وإذا تقرر لك هذا علمت أن رفع القبور ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله تارة كما تقدم. وتارة قال: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، فدعا عليهم بأن يشتد غضب الله عليهم بما فعلوه من هذه المعصية. وذلك ثابت في الصحيح، وتارة نهى عن ذلك. وتارة بعث من يهدمه وتارة جعله من فعل اليهود والنصارى.
وتارة قال: "لا تتخذوا قبري وثنا". وتارة قال: "لا تتخذوا قبري عيدا" أي: موسما يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور يجعلون لمن يعتقدون من الأموات أوقاتا معلومة يجتمعون فيها عند قبورهم، ينسكون لها المناسك، ويعكفون عليها، كما يعرف ذلك كل أحد من الناس من أفعال هؤلاء المخذولين، الذين تركوا عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم وعبدوا عبدا من عباد الله، صار تحت أطباق الثرى، لا يقدر على أن يجلب لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، كم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمره الله أن يقول: {لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً} (الأعراف: 188 . فانظر كيف قال سيد البشر وصفوة الله من خلقه بأمر ربه أنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا وكذلك قال فيما صح عنه: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" (رواه البخاري (2753) ومسلم (206))..
*****
تعليق