تنبيه البرية في بيان خطأ قيام المصليين للصلاة عند إشارة الساعة الإلكترونية
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فنلحظ بعض المصليين - وفقهم الله - يقومون للصلاة عند إشارة الساعة الإلكترونية عند انتهاء الوقت المخصص لإقامة الصلاة أو قريبا من انتهاء، وهذا خلاف السنة، وتقدم بين يدي الإمام - سلطان المسجد -.
وقد جاء في السنة متى يقوم المصلون لتسوية صفوفهم للصلاة، وبينت ذلك خير بيان.
وتكلم على هذه المسألة أهل العلم، ووضحوها في كتب الفقه، وصح فيها أحاديث.
عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوموا حتى تروني)).
أخرجه البخاري ومسلم.
قال الإمام ابن بطال ((شرح صحيح البخاري)): ((فائدة هذا الحديث أن تكون الإقامة متصلة بالصلاة ، وألا يقام لها إلا بحضرة الإمام ، وأمرهم ، عليه السلام ، ألا يطيعوا المؤذن في ذلك خشية التراخي والمهلة بين الإقامة والدخول في الصلاة ، فينتظرونه قيامًا ؛ لأن شأن الدخول في الصلاة ، اتصاله بإقامة من غير فصل ، فلذلك نهانا عن القيام قبل خروجه ، والله أعلم .
ثم قال:
واختلف في قيام المأمومين إلى الصلاة إذا كان الإمام في المسجد ، فروى عن سالم ، وأبى قلابة ، والزهرى ، وعطاء أنهم كانوا يقومون في أول الإقامة ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة ، ومحمد : يقومون في الصف إذا قال المؤذن : حي على الفلاح ، وإذا قال : قد قامت الصلاة كبر الإمام ، وهو فعل أصحاب عبد الله ، والنخعى ، وقال أبو يوسف ، ومالك ، والشافعى : لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ، وهو قول الحسن البصرى ، وأحمد ، وإسحاق . قال ابن المنذر : وعلى هذا جلّ الأئمة : مالك ، والشافعى ، والعمل في أمصار المسلمين ، يعنى في تكبير الإمام بعد تمام الإقامة)) اهـ.
وقال الإمام ابن رجب ((فتح الباري)): ((النهي عن القيام إلى الصلاة عند رؤية الإمام باستعجال في القيام ، والأمر بالقيام برفق وتؤدة ، وعليكم السكينة والوقار)) اهـ.
- (1 / 151)
وقال الإمام الألباني ((تمام المنة)): ((قوله : " . . وروى ابن المنذر عن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة ".
قلت : ينبغي تقييد ذلك بما إذا كان الإمام في المسجد وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة : إن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه و سلم مقامه رواه مسلم وغيره وهو مخرج في صحيح أبي داود.
وأما إذا لم يكن في المسجد فلا يقومون حتى يروه قد خرج لقوله صلى الله عليه و سلم : ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت)). متفق عليه واللفظ لمسلم وهو مخرج في صحيح أبى داود)) اهـ.
وسئل العلامة ابن عثيمين رحه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائل)): هل ورد في السنة وقت محدد للقيام للصلاة عند الإقامة؟
فأجاب بقوله: لم ترد السنة محددة لموضع القيام؛ إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوموا حتى تروني)) فمتى قام الإنسان في أول الإقامة، أو في أثنائها، أو عند انتهائها فكل ذلك جائز)) اهـ.
والمقصد رؤية الإمام راغبا في إقامة الصلاة لا داخلا للمسجد لصلاة ركعتين – تحية المسجد – والجلوس.
فالتقدم على الإمام للقيام خلاف ما جاء في الحديث.
فقد يعرض للإمام عارض مما يضطره للتأخر قليل، وكذلك قد يعرض له وهو في المسجد عارض يستوجب عليه الخروج ويشير بذلك للمؤذن والمصليين ليس عندهم علم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ((أقيمت الصلاة ، وعدلت الصفوف قياما ، فخرج إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب ، فقال لنا : مكانكم ، ثم رجع فاغتسل ، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر ، فكبر ، فصلينا معه)).
أخرجه الشيخان.
فإشارة الساعة الإلكترونية لانتهاء الوقت المخصص للإقامة لا يخول للمصليين القيام، وبفعلهم هذا كأنهم يأمرون المؤذن بإقامة الصلاة وكذلك فيه التقدم بين يدي إمام المسجد.
فإذا حصل تجوز من المؤذن أو الإمام بالأنظمة المعمول بها في وزارة الأوقاف فالإثم عليهما.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
يفرن ليبيا: يوم الخميس 19 ذي الحجة سنة 1439 هـ
الموافق 30 أغسطس 2018 ف