الأدلة على استحباب تقديم الرِّجل اليسرى عند دخول الخلاء.
والرَّد على من قال أن ذلك بدعة.
والرَّد على من قال أن ذلك بدعة.
قال شيخنا مُصطفى مبرم حفظه الله تعالى:
يدخل إلى الخلاء برجله اليُسرى؛ وهذا يُستدلُّ له من جهات:
الجهة الأولى: أنَّ القاعدة الشَّرعية في المذهب عند الحنابلة وهي أيضًا قاعدة عند الشَّافعية أنَّ ما كان في حال المسلم ممَّا هو من تعظيم شأنه -تعظيم البدن أو تعظيم أجزاءٍ منه- فإنَّ المشروع منه أن يكون باليمين -أن يُباشره باليمين-، وما كان فيه إزالة لأذى أو ليس فيه ما هو من شأن تعظيم المسلم فإنَّه يستعمل فيه يساره أو الشِّمال.
والجهة الثَّانية الَّتي احتجوا بها -وهي تُؤكِّد الجهة الأولى-: من جهة الأثر وهو عموم قول عائشة رضيَ الله عنها كما في الصَّحيحين (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) لاحظ إلى هذه العبارة: (وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) شأنه هنا -والله أعلم- أنَّه ليس المراد حاله، وإنَّما ما يقع به التَّعظيم، لأنَّ الشَّأن يُطلق على التَّعظيم، يُقال: "هذا شأنه عظيم" أو "له محل"ٌّ أو "له شأنٌ في النَّاس"، ففهِم العلماء وأكَّدوا هذه القاعدة بهذا المعنى: أنَّ ما كان فيه شأن للإنسان فإنَّ اليمين هي المقدَّمة فيه وما كان عكس ذلك فإنَّ الشِّمال هي المقدَّمة فيه؛ وهذا كلُّه من جهة التَّعليل.
أقوى من هذا: هو الاتِّفاق؛ فإنَّ العلماء اتَّفقوا كما حكاه النَّووي وغيره على استحباب دخول الخلاء بالشِّمال[1]، وإذا اتَّفقوا على شيء لم يَجُزْ لنا أن نُخالفهم فيه.
وقول الإمام أحمد في رواية الميموني: (إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام)[2] ليس في باب الإثبات فقط وإنَّما أيضًا في باب النَّفي؛ فكما أنَّك لا تُثبتُ شيئًا من أُمور الدِّين والشَّريعة ليس لك فيه إمام فلا تنفي شيئًا استقرَّ عليه العلم وتتابع عليه العلماء من جهة نفسك.
وإنَّما نقول هذا لأنَّنا رأينا بعض طُلَّاب العلم -أصلحهم الله- يكتبون بمثل هذه المواقع بأنَّ هذا من البدع أو أنَّه لا دليل عليه، هذه جُرأة عجيبة جدًّا؛ الأئمَّة كلُّهم يثبتون هذا الحكم ثمَّ أنت تنفيه! من معك على هذا النَّفي؟ لا أحد.
فالشَّاهد من هذا: أنَّ الدُّخول بالشِّمال للخلاء أو المكان الَّذي يُراد فيه قضاء الحاجة هو السُّنَّة.
شرح أخصر المختصرات.
____[1] قال النَّووي رحمه الله: (وهذا الأدب مُتَّفق على استحبابه) ["المجموع" ج2، ص91]
[2] "مجموع الفتاوى" لابن قاسم رحمه الله، ج10، ص186