إذا لَم تَجد المرأةُ طبيبَةً مُتمكِّنةً، فهل لها أن تذهب إلى طبيبٍ رجلٍ كُفء؟
قال شيخنا مُصطفى مبرم حفظه الله تعالى:
هذا داخل في مسألةِ البحث عن المبالغات في هذه الأمور، لأنَّ بعض النَّاس ربَّما يربط نفسه بمهارةِ الطَّبيب إلى أقصى حدٍّ؛ وهذا فيه نوعٌ من الغلط، الأمور كلُّها بيد الله -سبحانه وتعالى-.
فإذا غلب على ظنِّها أنَّ هذه الطّبيبة تُحسن العِلاج، مع دُعاء الله سبحانه وتعالى؛ فينبغي لَها أن لا تتوسَّع في هذا الأمر.
أمَّا إذا كانت يغلب على ظنِّها أنَّ ذهابها إلى هذه الطَّبيبة سيضرُّها فإنَّها تذهب إلى الطبيبِ الكفء المُجيد لعمله، المُحسن له، -والله أعلم-.
وقال حفظه الله -عند كلامه عن قاعدة "الضَّرورة تُقدَّر بقدرها"-:
إذا كان الإنسان مُضطرًّا إلى كشفِ شيءٍ من عورته لأجل التَّطبُّب فإنَّه يكشفُ القدر المحتاج.
فمثلا: إذا كانت المرأة تُعاني من ألَمٍ في إصبعها أو جرح في إصبعها ليس لها أن تكشف جميع كفِّها فضلًا عن أن تكشف يدها أو ذراعها -أو ما شابه ذلك-.
ولهذا يقول الحافظ ابن القيِّم -عليه رحمة الله-: (كلُّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ فَتَعَدَّاهُ إلَى أكْثَر مِنْهُ فَهُوَ مِنَ الْعُدْوَانِ؛ فَمَنْ أُبِيحَ لَهُ إِسَاغَةُ الغُصَّةِ بِجُرْعَةٍ مِنْ خَمْرٍ فَتَنَاوَلَ الْكَأْسَ كُلَّهَا أَوْ أُبِيحَ لَهُ نَظْرَة الْخِطْبَةِ وَالسُّومِ وَالشَّهَادَةِ والْمُعَاوَلَةِ والْمُعَامَلَةِ وَالْمُدَاوَاةِ فَأَطْلَقَ عنَانَ طَرْفِهِ فِي مَيَادِينِ مَحَاسِنِ الْمَنْظُور، وَأَسَامَ طَرْفَ نَاظِرِه فِي تِلْكَ الرِّيَاض وَالزُّهُورِ فَتَعَدَّى الْمُبَاحَ إِلَى الْقَدْرِ الْمَحْظُور وَحَام حَوْلَ الْحِمَى الْمَحُوطِ الْمَحْجُور)[1]
شرح القواعد الفقهية
____[1] مدارج السَّالكين.