السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فقد سألني بعض الزملاء الأطباء عن خطأ طبي وقع له في بداية عمله طبيبا، فلم أستطع إجابته بشيء لأنني لست مفتيا فلا أتحمل تبعة الفتوى، فرأيت أن أضع سؤاله هنا في منبر الفتاوى رجاء أن ينقله بعض طلبة العلم –وهم كُثْرٌ هنا ولله الحمد- إلى أحد من أهل العلم المعتبرين ليجيب عليها، لكن لم أجد في منبر الفتاوى أيقونة إضافة موضوع جديد فرأيت أن أضعه في منبر الفقه ليطلع عليه الإخوة هنا والمرجو ممن له علاقة بأحد الشيوخ المعتبرين أن يستفتيه وينقل لنا فتواه مشكورا مأجورا إن شاء الله.
وسأحاول كتابة السؤال كما حكاه صاحبه بقدر ما أستطيع ولا أحرص على التجمل في العبارة بل يكون كل حرصي على تصوير السؤال كما هو، والله الموفق.
وبعد، فهذه صورة المسألة التي يسأل عنها أحد الأطباء:
كان هناك مريض سكر حالته متأخرة جدا وقد تسببت له بغرغرينا في القدم أو في الساق وكان المريض في غيبوبة تامة فقام أخصائي الجراحة بعملية بتر للقدم أو للساق التي بها الغرغرينا رجاء أن تتحسن حالته، ولكنها لم تتحسن، وقام بالإشراف على علاجه كل من أخصائي الجراحة وأخصائي الباطنة، ثم اتفقا على أن حالة المريض ميؤوس منها وأنه لا أمل في الشفاء وأنه يحتضر.
وأخبروا أولاده أن يأخذوه إلى البيت ليموت هناك أفضل من المشفى
ولما ذهب أولاده ليأخذوه قابلوا الطبيب النوبتجي -صاحب السؤال- وكان طبيبا جديدا في التخصص(الباطنة) نائبا للباطنة فأخبروه بما قال الأخصائييْن من كونه ميؤوس من شفائه
فقال لهم: بل اتركوه لعله أن يأخذ علاجا أو يتلقى دواء أو أكسجينا فيرتاح قليلا وهذا غير متوفر في البيت
فتركوه
وكان المريض في غيبوبة تامة وله صوت كصوت شخير النائم من صلاة العصر فلما كان بعد صلاة العشاء ازداد شخيره جدا فذهب أولاده للطبيب نائب الباطنة الجديد فأخبروه بزيادة صوت شخيره جدا
فذهب معهم للمريض وقال في نفسه لو كان هنا مختبر يخبرنا هل هناك زيادة بحموضة الدم أو قلويته لأمكنني أن أعطيه علاجا مناسبا يعادل الحموضة أو القلوية الزائدة ولكن لا يوجد
ثم تذكر الطبيب أن بعض أصحابه حدث له تشنج في اختبار الفرقة السادسة فجاء المختبرون -وهم أطباء- بكيس بلاستيكي فوضعوه على فمه ليتنفس فيه فلما سأل هذا الطبيب عن سبب ذلك قال له بعض أصحابه إن المريض يُخْرِجُ ثاني أكسيد الكربون مع النَّفَس فيبقى في الكيس فإذا استنشقه المريض ازدادت قلوية الدم فيتحسن.
فلما تذكر هذا الطبيب هذا الأمر قال في نفسه: هذا مريض سكر في غيبوبة فلعله بسبب زيادة الأجسام الكيتونية [كيتوأسيدوسيس= ketoacidosis] وفيها تكون حموضة الدم زائدة فلو جعلتُه يتنفس في كيس بلاستيك وأرى ما يحدث
فطلب من الممرضة أن تأتي له بجوانتي (قفاز) بلاستيك
وطلب من أبناء المريض أن يضعوا هذا القفاز على فمه وأنفه حتى يتنفس فيه
ففعلوا ذلك وبدأ نفس المريض يهدأ وقد كان سريعا جدا وبدأ صوته يقل وقد كان عاليا جدا ولكن المريض توفي بعد نحو دقيقتين أو ثلاث أو خمس
وهذه بعض الأمور التي يمكن النظر إليها في هذه المسألة:
١- الطبيب عمل قبل هذه المسألة نحو أربع سنين؛ منها سنة في مستشفيين جامعيتين من المستشفيات الكبرى بالقاهرة، ثم عمل بمراكز صحية في الصعيد ووجه بحري وفي الخدمة العسكرية ثم بدأ التخصص ( الباطنة) وعمل فيه في هذه المشفى عدة أشهر فهو وإن تطبب فقد عرف منه طب ومعه ترخيص بمزاولة المهنة من نقابة الأطباء.
٢- المشفى التي يعمل بها ليس فيها إمكانيات لعمل تحاليل متقدمة بل ولا متوسطة كمعرفة حموضة الدم
٣- هذا الطبيب كان في أول التخصص فينبغي وجود طبيب أخصائي معه في النوبتجية لتعليمه ولكن في هذه المشفى لم يكن الأخصائي المسؤول عن النوبتجية يأتي بل يترك النائب وحده فكان يتعلم بطريقة (المحاولة والخطأ) و(علم نفسك بنفسك)
٤- هذه الحالة كان قد اتفق الأخصائيان ( أخصائي الباطنة وأخصائي الجراحة) على أنها ميؤوس منها وأن المريض يحتضر ولهذا طلبوا من أبنائه أن يأخذوه للبيت لعدم وجود فائدة من وجوده بالمشفى
5- وضع الكيس على فم المريض كان بأمر الطبيب وأبناء المريض هم من قاموا بوضعه، ولا يدري هذا الطبيب هل عجَّلَ ذلك بوفاة المريض أو لا؟
6- الطبيب لا يعرف أهل المريض
7- لم يقم أهل المريض بأي عمل عدائي ولم يتخذوا أي إجراء ضد الطبيب لعلمهم أن حالة مريضهم ميؤوس منها، وأن هذه مجرد محاولة للإنقاذ
إذا كان هناك أي استفسار يمكن كتابته هنا وأقوم أنا بدوري بتوجيهه إلى صاحب السؤال لتوضيح ما يلزم
أفتونا مأجورين أثابكم الله ووفقكم لكل ما فيه خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فقد سألني بعض الزملاء الأطباء عن خطأ طبي وقع له في بداية عمله طبيبا، فلم أستطع إجابته بشيء لأنني لست مفتيا فلا أتحمل تبعة الفتوى، فرأيت أن أضع سؤاله هنا في منبر الفتاوى رجاء أن ينقله بعض طلبة العلم –وهم كُثْرٌ هنا ولله الحمد- إلى أحد من أهل العلم المعتبرين ليجيب عليها، لكن لم أجد في منبر الفتاوى أيقونة إضافة موضوع جديد فرأيت أن أضعه في منبر الفقه ليطلع عليه الإخوة هنا والمرجو ممن له علاقة بأحد الشيوخ المعتبرين أن يستفتيه وينقل لنا فتواه مشكورا مأجورا إن شاء الله.
وسأحاول كتابة السؤال كما حكاه صاحبه بقدر ما أستطيع ولا أحرص على التجمل في العبارة بل يكون كل حرصي على تصوير السؤال كما هو، والله الموفق.
وبعد، فهذه صورة المسألة التي يسأل عنها أحد الأطباء:
كان هناك مريض سكر حالته متأخرة جدا وقد تسببت له بغرغرينا في القدم أو في الساق وكان المريض في غيبوبة تامة فقام أخصائي الجراحة بعملية بتر للقدم أو للساق التي بها الغرغرينا رجاء أن تتحسن حالته، ولكنها لم تتحسن، وقام بالإشراف على علاجه كل من أخصائي الجراحة وأخصائي الباطنة، ثم اتفقا على أن حالة المريض ميؤوس منها وأنه لا أمل في الشفاء وأنه يحتضر.
وأخبروا أولاده أن يأخذوه إلى البيت ليموت هناك أفضل من المشفى
ولما ذهب أولاده ليأخذوه قابلوا الطبيب النوبتجي -صاحب السؤال- وكان طبيبا جديدا في التخصص(الباطنة) نائبا للباطنة فأخبروه بما قال الأخصائييْن من كونه ميؤوس من شفائه
فقال لهم: بل اتركوه لعله أن يأخذ علاجا أو يتلقى دواء أو أكسجينا فيرتاح قليلا وهذا غير متوفر في البيت
فتركوه
وكان المريض في غيبوبة تامة وله صوت كصوت شخير النائم من صلاة العصر فلما كان بعد صلاة العشاء ازداد شخيره جدا فذهب أولاده للطبيب نائب الباطنة الجديد فأخبروه بزيادة صوت شخيره جدا
فذهب معهم للمريض وقال في نفسه لو كان هنا مختبر يخبرنا هل هناك زيادة بحموضة الدم أو قلويته لأمكنني أن أعطيه علاجا مناسبا يعادل الحموضة أو القلوية الزائدة ولكن لا يوجد
ثم تذكر الطبيب أن بعض أصحابه حدث له تشنج في اختبار الفرقة السادسة فجاء المختبرون -وهم أطباء- بكيس بلاستيكي فوضعوه على فمه ليتنفس فيه فلما سأل هذا الطبيب عن سبب ذلك قال له بعض أصحابه إن المريض يُخْرِجُ ثاني أكسيد الكربون مع النَّفَس فيبقى في الكيس فإذا استنشقه المريض ازدادت قلوية الدم فيتحسن.
فلما تذكر هذا الطبيب هذا الأمر قال في نفسه: هذا مريض سكر في غيبوبة فلعله بسبب زيادة الأجسام الكيتونية [كيتوأسيدوسيس= ketoacidosis] وفيها تكون حموضة الدم زائدة فلو جعلتُه يتنفس في كيس بلاستيك وأرى ما يحدث
فطلب من الممرضة أن تأتي له بجوانتي (قفاز) بلاستيك
وطلب من أبناء المريض أن يضعوا هذا القفاز على فمه وأنفه حتى يتنفس فيه
ففعلوا ذلك وبدأ نفس المريض يهدأ وقد كان سريعا جدا وبدأ صوته يقل وقد كان عاليا جدا ولكن المريض توفي بعد نحو دقيقتين أو ثلاث أو خمس
وهذه بعض الأمور التي يمكن النظر إليها في هذه المسألة:
١- الطبيب عمل قبل هذه المسألة نحو أربع سنين؛ منها سنة في مستشفيين جامعيتين من المستشفيات الكبرى بالقاهرة، ثم عمل بمراكز صحية في الصعيد ووجه بحري وفي الخدمة العسكرية ثم بدأ التخصص ( الباطنة) وعمل فيه في هذه المشفى عدة أشهر فهو وإن تطبب فقد عرف منه طب ومعه ترخيص بمزاولة المهنة من نقابة الأطباء.
٢- المشفى التي يعمل بها ليس فيها إمكانيات لعمل تحاليل متقدمة بل ولا متوسطة كمعرفة حموضة الدم
٣- هذا الطبيب كان في أول التخصص فينبغي وجود طبيب أخصائي معه في النوبتجية لتعليمه ولكن في هذه المشفى لم يكن الأخصائي المسؤول عن النوبتجية يأتي بل يترك النائب وحده فكان يتعلم بطريقة (المحاولة والخطأ) و(علم نفسك بنفسك)
٤- هذه الحالة كان قد اتفق الأخصائيان ( أخصائي الباطنة وأخصائي الجراحة) على أنها ميؤوس منها وأن المريض يحتضر ولهذا طلبوا من أبنائه أن يأخذوه للبيت لعدم وجود فائدة من وجوده بالمشفى
5- وضع الكيس على فم المريض كان بأمر الطبيب وأبناء المريض هم من قاموا بوضعه، ولا يدري هذا الطبيب هل عجَّلَ ذلك بوفاة المريض أو لا؟
6- الطبيب لا يعرف أهل المريض
7- لم يقم أهل المريض بأي عمل عدائي ولم يتخذوا أي إجراء ضد الطبيب لعلمهم أن حالة مريضهم ميؤوس منها، وأن هذه مجرد محاولة للإنقاذ
إذا كان هناك أي استفسار يمكن كتابته هنا وأقوم أنا بدوري بتوجيهه إلى صاحب السؤال لتوضيح ما يلزم
أفتونا مأجورين أثابكم الله ووفقكم لكل ما فيه خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق