مناقشة قول القائلين بحصر النظر على الوجه والكفين مطلقًا وتقييدًا
ولكنَّ في حديث المغيرة ما يدل على خلاف هذا التقييد، وأنَّ عدم العلم والعلم سواء في النظر حين قال: ((فأتيتها وعندها أبواها، و هي في خدرها، قال: فقلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني أن أنظر إليها))([1]) .
فجميع أحاديث النظر مطلقة في حد النظر إلى أن يحصل المقصود، وما أطلق في الشريعة نرجع فيه إلى الحد اللغوي؛ فإن لم نجد فالحد الشرعي.
وكل ذلك محكوم بجريان عمل الصحابة، وقد جرى عملهم على رؤية ما اعتاد الناس على إظهاره في تلكم الحالات التي تخبأ فيها الصحابة أو التي تكون فيها المتخبأة وراء خدرها فيها بين أهلها ومحارمها، فيرى ما يرونه هم منها لا زيادة على ذلك .
وهذا ما عليه من المعاصرين الإمامان ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- والإمام الألباني في القديم؛ فهم يرون عدم اختصاص رؤية ما جرت العادة بإظهاره بالتخبأ .
قال الإمام ابن باز: " الرسول -صلى الله عليه وسلَّم- أمر بالنظر إلى المخطوبة، فلا بأس أن ينظر إليها؛ إلى وجهها وشعرها ويديها وقدميها -لكن من غير خلوة بها- أو من بعيد من فرجة أو جدار"([2])،
وهو قول جماعة من أهل العلم، بل في الحديث إطلاق النظر ثم زاد -صلى الله عليه وسلَّم- ولو كان من غير علمها، ثم إن حديث المغيرة ليس فيه أنَّه رأى منها الوجه والكفين فقط، فقد كانت في خدرها، بل ظاهره أنَّه نظر منها ما جرت به العادة، بل إن الإمام الألباني بنفسه قد استنبط ذلك من الأحاديث قديمًا، فتبين أن ما قيده كتابة في آخر طبعة من السلسلة الصحيحة متفق مع ما قد ذكرنا.
قال الإمام الألباني: " ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين لإطلاق الأحاديث المتقدمة"([3])،
وقد بيَّن أنَّ الأحاديث ظاهرة الدلالة على ما ترجم لها به، وأن عمل رواتها مؤيد لها، محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ وقال: " وكفى بهما حجة، و لا يضرُّنا بعد ذلك، مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة"([4]).
وقال عن حديث: ((ما يدعوه إلى نكاحها)): " فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه و الكفان فقط، ومثله في الدلالة قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: ((وإن كانت لا تعلم)).
و تأيد ذلك بعمل الصحابة -رضي الله عنهم-؛ عملهم مع سنته -صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد ابن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط!
. . . و لا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم . . . هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة، و قول جماهير العلماء بها -على الخلاف السابق- فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم -و لو في حدود القول الضيق-" اهـ وكلامه هذا صريح الدلالة على الاكتفاء بهذه الأحاديث على جواز النظر أكثر من الوجه والكفين، بل ضعف أثر عمر الذي أشار إليه العلاَّمة الألباني –رحمه الله- من أنَّ عمرًا رضي الله عنه رأى أكثر من الوجه والكفين، لا يضرنا فهو لم يُسَق إلا للاستئناس، والحمد لله .
([1]) تقدم تخريجه .
([2]) نور على الدرب ش127 .
([3]) في تعليقه على الحديث 98 من الصحيحة .
([4]) المرجع السابق .
ولكنَّ في حديث المغيرة ما يدل على خلاف هذا التقييد، وأنَّ عدم العلم والعلم سواء في النظر حين قال: ((فأتيتها وعندها أبواها، و هي في خدرها، قال: فقلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني أن أنظر إليها))([1]) .
فجميع أحاديث النظر مطلقة في حد النظر إلى أن يحصل المقصود، وما أطلق في الشريعة نرجع فيه إلى الحد اللغوي؛ فإن لم نجد فالحد الشرعي.
وكل ذلك محكوم بجريان عمل الصحابة، وقد جرى عملهم على رؤية ما اعتاد الناس على إظهاره في تلكم الحالات التي تخبأ فيها الصحابة أو التي تكون فيها المتخبأة وراء خدرها فيها بين أهلها ومحارمها، فيرى ما يرونه هم منها لا زيادة على ذلك .
وهذا ما عليه من المعاصرين الإمامان ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- والإمام الألباني في القديم؛ فهم يرون عدم اختصاص رؤية ما جرت العادة بإظهاره بالتخبأ .
قال الإمام ابن باز: " الرسول -صلى الله عليه وسلَّم- أمر بالنظر إلى المخطوبة، فلا بأس أن ينظر إليها؛ إلى وجهها وشعرها ويديها وقدميها -لكن من غير خلوة بها- أو من بعيد من فرجة أو جدار"([2])،
وهو قول جماعة من أهل العلم، بل في الحديث إطلاق النظر ثم زاد -صلى الله عليه وسلَّم- ولو كان من غير علمها، ثم إن حديث المغيرة ليس فيه أنَّه رأى منها الوجه والكفين فقط، فقد كانت في خدرها، بل ظاهره أنَّه نظر منها ما جرت به العادة، بل إن الإمام الألباني بنفسه قد استنبط ذلك من الأحاديث قديمًا، فتبين أن ما قيده كتابة في آخر طبعة من السلسلة الصحيحة متفق مع ما قد ذكرنا.
قال الإمام الألباني: " ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين لإطلاق الأحاديث المتقدمة"([3])،
وقد بيَّن أنَّ الأحاديث ظاهرة الدلالة على ما ترجم لها به، وأن عمل رواتها مؤيد لها، محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ وقال: " وكفى بهما حجة، و لا يضرُّنا بعد ذلك، مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة"([4]).
وقال عن حديث: ((ما يدعوه إلى نكاحها)): " فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه و الكفان فقط، ومثله في الدلالة قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: ((وإن كانت لا تعلم)).
و تأيد ذلك بعمل الصحابة -رضي الله عنهم-؛ عملهم مع سنته -صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد ابن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط!
. . . و لا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم . . . هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة، و قول جماهير العلماء بها -على الخلاف السابق- فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم -و لو في حدود القول الضيق-" اهـ وكلامه هذا صريح الدلالة على الاكتفاء بهذه الأحاديث على جواز النظر أكثر من الوجه والكفين، بل ضعف أثر عمر الذي أشار إليه العلاَّمة الألباني –رحمه الله- من أنَّ عمرًا رضي الله عنه رأى أكثر من الوجه والكفين، لا يضرنا فهو لم يُسَق إلا للاستئناس، والحمد لله .
([2]) نور على الدرب ش127 .
([3]) في تعليقه على الحديث 98 من الصحيحة .
([4]) المرجع السابق .
تعليق