الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فقد تكاثرت وتظافرت النصوص الشرعية في فضل الذكر ،وبيان فضله على سائر الطاعات وباقي القربات التي يتقرّب بها المسلم لربه تعالى ،من ذلك ماجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟
قالوا : بلى يا رسول الله قال : " ذكر الله "[1]،ونحو ذلك من النصوص الشرعية في فضل الذكر، وبيان منزلته ،وعلوّ قدره ومكانته.
ويدخل في ذلك ضمنا ،ويدخل دخولا أوليا التّسبيح دبر الصلاة المكتوبة الذي خصّ بفضل عظيم ، وثواب جزيل ، وقد ثبت فضله عن النبي صلى الله عليه وسلم في غيرما دليل ، ومما ينبّه عليه في مثل هذا المقام أن كيفية وهيئة التّسبيح من ناحية العدد قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ما هيئة وكيفية ، وهذا من اختلاف التنوّع ،ونظائر ذلك في السنة كثير، منها: تنوّع دعاء الاستفتاح في الصلاة ،وتنوّع الدعاء على الميت في صلاة الجنازة ، وتنوّع الصلاة الإبراهيمية وصيغ التشهّد في الصلاة ونحو ذلك ، فيحسن للمسلم أن يفعل هذا تارة ،وهذا تارة.
وذلك لكي تحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،ولكي تُعلّم للغير،وللعمل بجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولأن العمل على هيئة وكيفية واحدة يؤدي ذلك عند البعض على عدم التدبّر فيها يقوله من التسبيح ،ومايحمله من المعاني في ثناياه وفي طيّاته من أنواع المحامد ، وتنزيهه سبحانه جلّ وعزّ من كل نقص وعيب ونحو ذلك من المعاني.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة صيغ في التّسبيح دبر الصّلاة، فأحببت أن أذكرها لعلّ الله أن ينفع بها ،ويكتب لنا الأجر والمثوبة من عنده إنه جواد كريم ،وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين:
الصيغة الأولى :
أن يسبّح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبّره ثلاثا وثلاثين ،ويقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، فيكون المجموع مائة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.[2]
الصيغة الثانية :
أن يسبّح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبّره أربعا وثلاثين ،فيكون المجموع مائة .
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : معقبات لا يخيب قائلهن - أو فاعلهن - دبر كل صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة .[3]
الصيغة الثالثة :
أن يسبح الله في دبر كل صلاة خمسا وعشرين ، ويحمده خمسا وعشرين ، ويكبره خمسا وعشرين ، ويهلّله خمسا وعشرين ، فيكون المجموع مائة .
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،ويحمدوا ثلاثا وثلاثين ،ويكبروا أربعا وثلاثين ،فأتي رجل من الأنصار في منامه فقيل له : أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،وتحمدوا ثلاثا وثلاثين ،وتكبروا أربعا وثلاثين ،قال: نعم ،قال: فاجعلوها خمسا وعشرين ،واجعلوا فيها التهليل ،فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ،فقال :اجعلوها كذلك.[4]
الصيغة الرابعة :
أن يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً ، ويحمده عشراً ، ويكبره عشراً .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم قال كيف ذاك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون في دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا.[5]
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة هما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح في دبر كل صلاة عشرا ويحمد عشرا ويكبر عشرا فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين فذلك مائة باللسان وألف في الميزان " فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يعقدها بيده قالوا يارسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل ؟ قال " يأتي أحدكم يعني الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها.[6]
الصيغة الخامسة :
أن يجمعها جميعا : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ثم يكررها مجموعة ثلاثا وثلاثين مرة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا ،والنعيم المقيم ، يصلون كما نصلي ،ويصومون كما نصوم ،ولهم فضل من أموال يحجون بها ،ويعتمرون ،ويجاهدون ،ويتصدقون ،قال: ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله ،تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،فاختلفنا بيننا ،فقال بعضنا : نسبح ثلاثا وثلاثين ،ونحمد ثلاثا وثلاثين ،ونكبر أربعا وثلاثين ،فرجعت إليه فقال :تقول سبحان الله ،والحمد لله ،والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين.[7]
الصفةالسادسة -المختلف فيها-:
أن يسبّح الله دبر كل صلاة إحدى عشر تسبيحة ،وإحدى عشر تحميدة وإحدى عشر تكبيرة ، فجميع ذلك كلّه ثلاثة وثلاثون.
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم بمثل حديث قتيبة عن الليث إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح
ثم رجع فقراء المهاجرين إلى آخر الحديث وزاد في الحديث يقول سهيل إحدى عشرة إحدى عشرة فجميع ذلك كلّه ثلاثة وثلاثون .[8]
والذي يظهر أن هذا العدد ليس من صفات التسبيح لأن سهيلا بن أبي صالح ذكوان السمان رحمه الله أراد بيان طريقة عدّ الثلاث والثلاثين، فظن رحمه الله أنها تشمل كل الأذكارالثلاثة ،والصواب أن ثلاثا وثلاثين لكل فرد من الأفراد الثلاثة ، أي : يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبره ثلاثا وثلاثين ، فيكون المجموع تسعة وتسعون تسبيحة لا ثلاثة وثلاثون.[9]
ويتبين ذلك أيضا بجمع الروايات في ذلك والله أعلم.
ولمن عنده فائدة أو إشادة أو تعقيب فلا يبخل به علينا .
فائدة :
وقد تكون هذه الصيغة : بسرد التسبيح ثلاثا وثلاثين ، ثم التحميد مثل ذلك ، ثم التكبير مثل ذلك .
وقد تكون ، بأن يجمعها جميعا : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ثم يكررها مجموعة ثلاثا وثلاثين مرة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجارت العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون . قال ( ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) .
فاختلفنا بيننا فقال بعضنا نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فرجعت إليه فقال ( تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين.[10]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
17/04/1438
مكة المكرمة
الحواشي :
[1] ـ أخرجه أحمد (45/515)( 27525)،ومالك (1/211)( 492)،وابن ماجه (2/1245)( 3790)،والترمذي (5/126)( 127)،والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/394)( 519)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2629).
[2] ـ أخرجه مسلم (1/41(597)
[3] ـ أخرجه مسلم (1/41 ( 596 )
[4] ـ أخرجه النسائي (3/85) (1349)،والدارمي (1/360)( 1354)،وابن خزيمة (1/370)( 752)،وأحمد (35/479)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(9/99)( 3461)، وصححه الألباني في "صحيح وضعيف سنن النسائي"( 1350).
[5] ـ أخرجه البخاري (8/72)( 6329).
[6] ـ أخرجه أبوداود (2/736)( 5065)، صححه الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار " (2 / 267) والألباني في " صحيح وضعيف سنن أبي داود "( 5065).
[7] ـ أخرجه البخاري (1/16( 843) واللفظ له ،ومسلم (595)
[8] ـ أخرجه مسلم (2/186) ( 595 )
[9] ـ وقد استفدت هذه الفائده من شيخنا محمد الأثيوبي. في شرحه لهذا الحديث "البحر المحيظ الثجاج"(12/239)
[10] ـ أخرجه البخاري (1/16 (843)
فقد تكاثرت وتظافرت النصوص الشرعية في فضل الذكر ،وبيان فضله على سائر الطاعات وباقي القربات التي يتقرّب بها المسلم لربه تعالى ،من ذلك ماجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟
قالوا : بلى يا رسول الله قال : " ذكر الله "[1]،ونحو ذلك من النصوص الشرعية في فضل الذكر، وبيان منزلته ،وعلوّ قدره ومكانته.
ويدخل في ذلك ضمنا ،ويدخل دخولا أوليا التّسبيح دبر الصلاة المكتوبة الذي خصّ بفضل عظيم ، وثواب جزيل ، وقد ثبت فضله عن النبي صلى الله عليه وسلم في غيرما دليل ، ومما ينبّه عليه في مثل هذا المقام أن كيفية وهيئة التّسبيح من ناحية العدد قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ما هيئة وكيفية ، وهذا من اختلاف التنوّع ،ونظائر ذلك في السنة كثير، منها: تنوّع دعاء الاستفتاح في الصلاة ،وتنوّع الدعاء على الميت في صلاة الجنازة ، وتنوّع الصلاة الإبراهيمية وصيغ التشهّد في الصلاة ونحو ذلك ، فيحسن للمسلم أن يفعل هذا تارة ،وهذا تارة.
وذلك لكي تحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،ولكي تُعلّم للغير،وللعمل بجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولأن العمل على هيئة وكيفية واحدة يؤدي ذلك عند البعض على عدم التدبّر فيها يقوله من التسبيح ،ومايحمله من المعاني في ثناياه وفي طيّاته من أنواع المحامد ، وتنزيهه سبحانه جلّ وعزّ من كل نقص وعيب ونحو ذلك من المعاني.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة صيغ في التّسبيح دبر الصّلاة، فأحببت أن أذكرها لعلّ الله أن ينفع بها ،ويكتب لنا الأجر والمثوبة من عنده إنه جواد كريم ،وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين:
الصيغة الأولى :
أن يسبّح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبّره ثلاثا وثلاثين ،ويقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، فيكون المجموع مائة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.[2]
الصيغة الثانية :
أن يسبّح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبّره أربعا وثلاثين ،فيكون المجموع مائة .
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : معقبات لا يخيب قائلهن - أو فاعلهن - دبر كل صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة .[3]
الصيغة الثالثة :
أن يسبح الله في دبر كل صلاة خمسا وعشرين ، ويحمده خمسا وعشرين ، ويكبره خمسا وعشرين ، ويهلّله خمسا وعشرين ، فيكون المجموع مائة .
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،ويحمدوا ثلاثا وثلاثين ،ويكبروا أربعا وثلاثين ،فأتي رجل من الأنصار في منامه فقيل له : أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،وتحمدوا ثلاثا وثلاثين ،وتكبروا أربعا وثلاثين ،قال: نعم ،قال: فاجعلوها خمسا وعشرين ،واجعلوا فيها التهليل ،فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ،فقال :اجعلوها كذلك.[4]
الصيغة الرابعة :
أن يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً ، ويحمده عشراً ، ويكبره عشراً .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم قال كيف ذاك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون في دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا.[5]
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة هما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح في دبر كل صلاة عشرا ويحمد عشرا ويكبر عشرا فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين فذلك مائة باللسان وألف في الميزان " فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يعقدها بيده قالوا يارسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل ؟ قال " يأتي أحدكم يعني الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها.[6]
الصيغة الخامسة :
أن يجمعها جميعا : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ثم يكررها مجموعة ثلاثا وثلاثين مرة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا ،والنعيم المقيم ، يصلون كما نصلي ،ويصومون كما نصوم ،ولهم فضل من أموال يحجون بها ،ويعتمرون ،ويجاهدون ،ويتصدقون ،قال: ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله ،تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ،فاختلفنا بيننا ،فقال بعضنا : نسبح ثلاثا وثلاثين ،ونحمد ثلاثا وثلاثين ،ونكبر أربعا وثلاثين ،فرجعت إليه فقال :تقول سبحان الله ،والحمد لله ،والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين.[7]
الصفةالسادسة -المختلف فيها-:
أن يسبّح الله دبر كل صلاة إحدى عشر تسبيحة ،وإحدى عشر تحميدة وإحدى عشر تكبيرة ، فجميع ذلك كلّه ثلاثة وثلاثون.
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم بمثل حديث قتيبة عن الليث إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح
ثم رجع فقراء المهاجرين إلى آخر الحديث وزاد في الحديث يقول سهيل إحدى عشرة إحدى عشرة فجميع ذلك كلّه ثلاثة وثلاثون .[8]
والذي يظهر أن هذا العدد ليس من صفات التسبيح لأن سهيلا بن أبي صالح ذكوان السمان رحمه الله أراد بيان طريقة عدّ الثلاث والثلاثين، فظن رحمه الله أنها تشمل كل الأذكارالثلاثة ،والصواب أن ثلاثا وثلاثين لكل فرد من الأفراد الثلاثة ، أي : يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمده ثلاثا وثلاثين ، ويكبره ثلاثا وثلاثين ، فيكون المجموع تسعة وتسعون تسبيحة لا ثلاثة وثلاثون.[9]
ويتبين ذلك أيضا بجمع الروايات في ذلك والله أعلم.
ولمن عنده فائدة أو إشادة أو تعقيب فلا يبخل به علينا .
فائدة :
وقد تكون هذه الصيغة : بسرد التسبيح ثلاثا وثلاثين ، ثم التحميد مثل ذلك ، ثم التكبير مثل ذلك .
وقد تكون ، بأن يجمعها جميعا : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ثم يكررها مجموعة ثلاثا وثلاثين مرة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجارت العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون . قال ( ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) .
فاختلفنا بيننا فقال بعضنا نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فرجعت إليه فقال ( تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين.[10]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
17/04/1438
مكة المكرمة
الحواشي :
[1] ـ أخرجه أحمد (45/515)( 27525)،ومالك (1/211)( 492)،وابن ماجه (2/1245)( 3790)،والترمذي (5/126)( 127)،والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/394)( 519)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2629).
[2] ـ أخرجه مسلم (1/41(597)
[3] ـ أخرجه مسلم (1/41 ( 596 )
[4] ـ أخرجه النسائي (3/85) (1349)،والدارمي (1/360)( 1354)،وابن خزيمة (1/370)( 752)،وأحمد (35/479)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(9/99)( 3461)، وصححه الألباني في "صحيح وضعيف سنن النسائي"( 1350).
[5] ـ أخرجه البخاري (8/72)( 6329).
[6] ـ أخرجه أبوداود (2/736)( 5065)، صححه الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار " (2 / 267) والألباني في " صحيح وضعيف سنن أبي داود "( 5065).
[7] ـ أخرجه البخاري (1/16( 843) واللفظ له ،ومسلم (595)
[8] ـ أخرجه مسلم (2/186) ( 595 )
[9] ـ وقد استفدت هذه الفائده من شيخنا محمد الأثيوبي. في شرحه لهذا الحديث "البحر المحيظ الثجاج"(12/239)
[10] ـ أخرجه البخاري (1/16 (843)