الملخصات الفقهية (30)
مسائل فقهية تتعلق بالخنزير
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث فقهية مختصرة انتقيتها من الموسوعة الفقهية الكويتية (وهي تقريبا في 50 مجلد ) راجيا من الله أن ينفع بها.
أبو أسامة سمير الجزائري
التّعريف :
1 - الخنزير حيوان خبيث . قال الدّميريّ . الخنزير يشترك بين البهيميّة والسّبعيّة ، فالّذي فيه من السّبع النّاب وأكل الجيف ، والّذي فيه من البهيميّة الظّلف وأكل العشب والعلف .
أحكام الخنزير :
2 - تدور أحكام الخنزير على اعتبارات :
الأوّل : تحريم لحمه وسائر أجزائه . الثّاني : اعتبار نجاسة عينه . والثّالث : اعتبار ماليّته . وترتّب على كلّ من هذه الاعتبارات أو على جميعها جملة من الأحكام الشّرعيّة .
3 - أمّا الاعتبار الأوّل فقد أجمعت الأمّة على حرمة أكل لحم الخنزير إلاّ لضرورة . لقوله سبحانه وتعالى : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
ونصّ الحنابلة على تقديم أكل الكلب على الخنزير عند الضّرورة ، وذلك لقول بعض الفقهاء بعدم تحريم أكل الكلب . كما يقدّم شحم الخنزير وكليته وكبده على لحمه ، لأنّ اللّحم يحرم تناوله بنصّ القرآن ، فلا خلاف فيه .
ونصّ المالكيّة على وجوب تقديم ميتة غير الخنزير على الخنزير عند اجتماعهما ، لأنّ الخنزير حرام لذاته ، وحرمة الميتة عارضة .
وأمّا الاعتبار الثّاني : وهو اعتبار نجاسة عينه :
4 - فقد اتّفق الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على نجاسة عين الخنزير ، وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه ومنيّه
وممّا يترتّب على الحكم بنجاسة عين الخنزير :
أوّلاً : دباغ جلد الخنزير :
5 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يطهر جلد الخنزير بالدّباغ ولا يجوز الانتفاع به لأنّه نجس العين ، والدّباغ كالحياة ، فكما أنّ الحياة لا تدفع النّجاسة عنه ، فكذا الدّباغ .
ووجّه المالكيّة قولهم بعدم طهارة جلد الخنزير بالدّباغ بأنّه ليس محلّاً للتّذكية إجماعاً فلا تعمل فيه فكان ميتةً فلا يطهر بالدّباغ ولا يجوز الانتفاع به .
ويتّفق المذهب عند الحنابلة والمالكيّة في أنّ جلد الميتة من أيّ حيوان لا يطهر بالدّباغ ، ولكنّهم يجوّزون الانتفاع به بعد الدّباغ في غير المائعات عند الحنابلة ، وفي المائعات كذلك مع اليابسات عند المالكيّة إلاّ الخنزير فلا تتناوله الرّخصة .
ثانياً : سؤر الخنزير :
6 - ذهب الشّافعيّة والحنفيّة والحنابلة إلى نجاسة سؤر الخنزير لكونه نجس العين ، وكذا لعابه لأنّه متولّد عنه . ويكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه بأن يغسل سبعاً إحداهنّ بالتّراب - عند الشّافعيّة والحنابلة - لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : « إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرّات » وفي رواية : « فليرقه ثمّ ليغسله سبع مرّات » وفي أخرى :
« طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرّات أولاهنّ بالتّراب » .
قالوا : فإذا ثبت هذا في الكلب فالخنزير أولى لأنّه أسوأ حالاً من الكلب وتحريمه أشدّ ، لأنّ الخنزير لا يقتنى بحال ، ولأنّه مندوب إلى قتله من غير ضرر ، ولأنّه منصوص على تحريمه في قوله تعالى : { أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } فثبت وجوب غسل ما ولغ فيه بطريق التّنبيه. وعند الحنفيّة : يكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه خنزير بأن يغسل ثلاثاً .
وذهب المالكيّة إلى عدم نجاسة سؤر الخنزير وذلك لطهارة لعابه عندهم ، وقد ثبت غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب تعبّداً فلا يدخل فيه الخنزير ، وفي قول آخر للمالكيّة : يندب الغسل .
ثالثاً : حكم شعره :
7 - ذهب الجمهور إلى نجاسة شعر الخنزير فلا يجوز استعماله لأنّه استعمال للعين النّجسة. وعند الشّافعيّة لو خرز خفّ بشعر الخنزير لم يطهر محلّ الخرز بالغسل أو بالتّراب لكنّه معفوّ عنه ، فيصلّى فيه الفرائض والنّوافل لعموم البلوى .
8 - الخنزير البحريّ : سئل مالك عنه فقال أنتم تسمّونه خنزيراً يعني أنّ العرب لا تسمّيه بذلك لأنّها لا تعرف في البحر خنزيراً والمشهور أنّه الدّلفين .
قال الرّبيع سئل الشّافعيّ رضي الله عنه عن خنزير الماء فقال يؤكل وروى أنّه لمّا دخل العراق قال فيه حرّمه أبو حنيفة وأحلّه ابن أبي ليلى وروى هذا القول عن عمر وعثمان وابن عبّاس وأبي أيّوب الأنصاريّ وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم والحسن البصريّ والأوزاعيّ واللّيث ، وامتنع مالك أن يقول فيه شيئاً وأبقاه مرّةً أخرى على جهة الورع وحكى ابن أبي هريرة عن ابن خيران أنّ أكّاراً صاد له خنزير ماء وحمله إليه فأكله ، وقال كان طعمه موافقاً لطعم الحوت سواءً ، وقال ابن وهب سألت اللّيث بن سعد عنه فقال إن سمّاه النّاس خنزيراً لم يؤكل لأنّ اللّه حرّم الخنزير .
أبوأسامة سمير الجزائري
مسائل فقهية تتعلق بالخنزير
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث فقهية مختصرة انتقيتها من الموسوعة الفقهية الكويتية (وهي تقريبا في 50 مجلد ) راجيا من الله أن ينفع بها.
أبو أسامة سمير الجزائري
التّعريف :
1 - الخنزير حيوان خبيث . قال الدّميريّ . الخنزير يشترك بين البهيميّة والسّبعيّة ، فالّذي فيه من السّبع النّاب وأكل الجيف ، والّذي فيه من البهيميّة الظّلف وأكل العشب والعلف .
أحكام الخنزير :
2 - تدور أحكام الخنزير على اعتبارات :
الأوّل : تحريم لحمه وسائر أجزائه . الثّاني : اعتبار نجاسة عينه . والثّالث : اعتبار ماليّته . وترتّب على كلّ من هذه الاعتبارات أو على جميعها جملة من الأحكام الشّرعيّة .
3 - أمّا الاعتبار الأوّل فقد أجمعت الأمّة على حرمة أكل لحم الخنزير إلاّ لضرورة . لقوله سبحانه وتعالى : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
ونصّ الحنابلة على تقديم أكل الكلب على الخنزير عند الضّرورة ، وذلك لقول بعض الفقهاء بعدم تحريم أكل الكلب . كما يقدّم شحم الخنزير وكليته وكبده على لحمه ، لأنّ اللّحم يحرم تناوله بنصّ القرآن ، فلا خلاف فيه .
ونصّ المالكيّة على وجوب تقديم ميتة غير الخنزير على الخنزير عند اجتماعهما ، لأنّ الخنزير حرام لذاته ، وحرمة الميتة عارضة .
وأمّا الاعتبار الثّاني : وهو اعتبار نجاسة عينه :
4 - فقد اتّفق الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على نجاسة عين الخنزير ، وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه ومنيّه
وممّا يترتّب على الحكم بنجاسة عين الخنزير :
أوّلاً : دباغ جلد الخنزير :
5 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يطهر جلد الخنزير بالدّباغ ولا يجوز الانتفاع به لأنّه نجس العين ، والدّباغ كالحياة ، فكما أنّ الحياة لا تدفع النّجاسة عنه ، فكذا الدّباغ .
ووجّه المالكيّة قولهم بعدم طهارة جلد الخنزير بالدّباغ بأنّه ليس محلّاً للتّذكية إجماعاً فلا تعمل فيه فكان ميتةً فلا يطهر بالدّباغ ولا يجوز الانتفاع به .
ويتّفق المذهب عند الحنابلة والمالكيّة في أنّ جلد الميتة من أيّ حيوان لا يطهر بالدّباغ ، ولكنّهم يجوّزون الانتفاع به بعد الدّباغ في غير المائعات عند الحنابلة ، وفي المائعات كذلك مع اليابسات عند المالكيّة إلاّ الخنزير فلا تتناوله الرّخصة .
ثانياً : سؤر الخنزير :
6 - ذهب الشّافعيّة والحنفيّة والحنابلة إلى نجاسة سؤر الخنزير لكونه نجس العين ، وكذا لعابه لأنّه متولّد عنه . ويكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه بأن يغسل سبعاً إحداهنّ بالتّراب - عند الشّافعيّة والحنابلة - لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : « إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرّات » وفي رواية : « فليرقه ثمّ ليغسله سبع مرّات » وفي أخرى :
« طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرّات أولاهنّ بالتّراب » .
قالوا : فإذا ثبت هذا في الكلب فالخنزير أولى لأنّه أسوأ حالاً من الكلب وتحريمه أشدّ ، لأنّ الخنزير لا يقتنى بحال ، ولأنّه مندوب إلى قتله من غير ضرر ، ولأنّه منصوص على تحريمه في قوله تعالى : { أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } فثبت وجوب غسل ما ولغ فيه بطريق التّنبيه. وعند الحنفيّة : يكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه خنزير بأن يغسل ثلاثاً .
وذهب المالكيّة إلى عدم نجاسة سؤر الخنزير وذلك لطهارة لعابه عندهم ، وقد ثبت غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب تعبّداً فلا يدخل فيه الخنزير ، وفي قول آخر للمالكيّة : يندب الغسل .
ثالثاً : حكم شعره :
7 - ذهب الجمهور إلى نجاسة شعر الخنزير فلا يجوز استعماله لأنّه استعمال للعين النّجسة. وعند الشّافعيّة لو خرز خفّ بشعر الخنزير لم يطهر محلّ الخرز بالغسل أو بالتّراب لكنّه معفوّ عنه ، فيصلّى فيه الفرائض والنّوافل لعموم البلوى .
8 - الخنزير البحريّ : سئل مالك عنه فقال أنتم تسمّونه خنزيراً يعني أنّ العرب لا تسمّيه بذلك لأنّها لا تعرف في البحر خنزيراً والمشهور أنّه الدّلفين .
قال الرّبيع سئل الشّافعيّ رضي الله عنه عن خنزير الماء فقال يؤكل وروى أنّه لمّا دخل العراق قال فيه حرّمه أبو حنيفة وأحلّه ابن أبي ليلى وروى هذا القول عن عمر وعثمان وابن عبّاس وأبي أيّوب الأنصاريّ وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم والحسن البصريّ والأوزاعيّ واللّيث ، وامتنع مالك أن يقول فيه شيئاً وأبقاه مرّةً أخرى على جهة الورع وحكى ابن أبي هريرة عن ابن خيران أنّ أكّاراً صاد له خنزير ماء وحمله إليه فأكله ، وقال كان طعمه موافقاً لطعم الحوت سواءً ، وقال ابن وهب سألت اللّيث بن سعد عنه فقال إن سمّاه النّاس خنزيراً لم يؤكل لأنّ اللّه حرّم الخنزير .
أبوأسامة سمير الجزائري