*****
*****
مطـــوية / من فضـــائل ليلة القـدر
- لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله تعالى -
----------------------------
موضوع المطوية:
*****
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
*****
*****
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة ؛ فإن تقوى الله عز وجل أساس الفلاح والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة . عباد الله : إن الله تبارك وتعالى تفرّد وحده جل وعلا بالخلق والإيجاد ، وهو عزّ وجل المتفرد وحده بالاجتباء والاصطفاء والاختيار ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )[القصص:68] ؛ اختصَّ جل وعلا واختار من الأزمنة والأمكنة والأشخاص فخصهم عز وجل بوافر فضله وجزيل منِّه وعظيم إنعامه وإكرامه عن علمٍ كامل وحكمةٍ بالغة , وإن مما خص عز وجل من الأوقات شهر رمضان حيث فضله تبارك وتعالى على سائر الشهور ، والليالي العشر الأخيرة منه حيث فضلها تبارك وتعالى على سائر الليالي , وليلة القدر حيث جعلها تبارك وتعالى خيراً من ألف شهر ، فاختصها بهذا الفضل العظيم والإنعام الوافر ؛ ليلة واحدة - عباد الله - خيرٌ من ألف شهر فهذا يدل على عظيم مكانتها وعظيم اجتباء الله تبارك وتعالى لها واختصاصها بهذا الإنعام الوافر والإكرام العظيم .
وفخَّم عز وجل أمرها وأعلا شأنها ورفع قدرها فأنزل فيها وحيه الكريم وذكره الحكيم وكلامه العظيم سبحانه وتعالى، قال جل وعلا: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )[الدخان:3–4] وقال جل وعلا : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[سورة القدر] ؛ ليلة ٌمباركة عظيمة البركة كثيرة الخير وافرة الخيرات والبركات ، وهي ليلة واحدة خير من ألف شهر : أي فيما يعادل بحساب السنوات ما يزيد على ثلاثة وثمانين سنة . ليلة واحدة - عباد الله - هذا شأنها وهذه مكانتها بما خصها الله جل وعلا به ، وفي هذه الليلة تتنزل الملائكة ويكثر تنزلهم , وتنزل الملائكة يكون مع تنزل البركة , وهذه الليلة - عباد الله - ليلةٌ سلام حتى طلوع فجرها ؛ أي سالمة من الشرور والآفات والأضرار والبليات لعظم خيراتها وكثرة بركاتها .
عباد الله : قد جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام الترغيب في قيامها والحث على تحريها كما قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
عباد الله : ولا تُعلم ليلة القدر في أي ليلة من العشر الأواخر ، وهي في العشر الأواخر من رمضان حيث أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى تحريها في العشر الأواخر ، قال : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )) وجاء عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على العناية بتحريها في الأوتار من العشر ، لكن الله عز وجل أخفى على العباد ليلتها أو تعيين ليلتها ليجتهدوا في العشر كاملة ، وليظهر النشيط من الكسلان والجاد من المتخامل الفاتر .
عباد الله : إن هذه الليلة العظيمة ينبغي علينا أن نجتهد في تحريها وأن نحسن من إقبالنا على الله فيها ذكراً وشكرا ، وتلاوةً لكلامه وقياماً بين يديه ومناجاةً له وبُعداً عن إضاعة هذه الليالي فيما لا فائدة فيه ، وإن أعظم ما تُتحرى به ليلة القدر الدعاء - عباد الله - ؛ فهو مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة ، ولهذا جاء في الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي )) ؛ قولها رضي الله عنها (( إذا علمت ليلة القدر أي ليلة هي فماذا أقول؟ )) يدل دلالة ظاهرة على أن الصحابة رضي الله عنهم قد تقرر عندهم أن ليلة القدر أرجى أيام الدعاء وأفضل أوقات الإجابة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ماذا تقول ؟ ولم تسأله هل هي ليلة دعاء ؟ لأن هذا متقرر عندهم ، فقالت: ( ماذا أقول؟ ) فأرشدها عليه الصلاة والسلام إلى هذا الدعاء العظيم المناسب مع ليلة القدر غاية المناسبة ، لأن ليلة القدر - عباد الله - كما مر معنا في كلام الله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) أي يُكتب في تلك الليلة ما هو كائن إلى ليلة القدر من السنة القابلة , ولهذا - عباد الله - ناسب غاية المناسبة أن يعظم توجه العبد إلى الله بأن يعفو عنه ، وإذا عفا الله عنك في هذه الليلة كتبتَ من السعداء , إذا عفا الله عنك في هذه الليلة وكنت من أهل العفو فيها فإنك من السعداء الفائزين . اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا , اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا , اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان , وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى . عباد الله : إذا لم تتحرك القلوب في هذه الليالي الفاضلة والأيام العظيمة بالإنابة إلى الله والتوبة والاستغفار فمتى عساها أن تتحرك ؟! وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ )) .
عباد الله : إنها أيامٌ فاضلة وأزمنةٌ عظيمة وأوقاتٌ شريفة ينبغي علينا أن لا نضيعها وأن نُري الله جل وعلا فيها من صالح الأعمال وسديد الأقوال ما ترتفع به درجاتنا عند الله عز وجل ذي الجلال والكمال . عباد الله : إذا لم تتحرك القلوب في الإقبال على الله في مثل هذه الليالي الشريفة والمواسم الفاضلة فمتى تتحرك ؟! ولهذا - عباد الله - من كان مفرطاً منا فيما مضى من هذه الأيام والليالي الفاضلة فليُري الله جل وعلا فيما بقي من الشهر خيرًا والأعمال بالخواتيم ، ليري الله جل وعلا من نفسه خيرا , والكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب:56] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين , وأذل الشرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) .
*****
مطـــوية / من فضـــائل ليلة القـدر
- لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله تعالى -
----------------------------
موضوع المطوية:
*****
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
*****
*****
من فضائل ليلة القدر
خطبة جمعة بتاريخ / 23-9-1428 هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة ؛ فإن تقوى الله عز وجل أساس الفلاح والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة . عباد الله : إن الله تبارك وتعالى تفرّد وحده جل وعلا بالخلق والإيجاد ، وهو عزّ وجل المتفرد وحده بالاجتباء والاصطفاء والاختيار ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )[القصص:68] ؛ اختصَّ جل وعلا واختار من الأزمنة والأمكنة والأشخاص فخصهم عز وجل بوافر فضله وجزيل منِّه وعظيم إنعامه وإكرامه عن علمٍ كامل وحكمةٍ بالغة , وإن مما خص عز وجل من الأوقات شهر رمضان حيث فضله تبارك وتعالى على سائر الشهور ، والليالي العشر الأخيرة منه حيث فضلها تبارك وتعالى على سائر الليالي , وليلة القدر حيث جعلها تبارك وتعالى خيراً من ألف شهر ، فاختصها بهذا الفضل العظيم والإنعام الوافر ؛ ليلة واحدة - عباد الله - خيرٌ من ألف شهر فهذا يدل على عظيم مكانتها وعظيم اجتباء الله تبارك وتعالى لها واختصاصها بهذا الإنعام الوافر والإكرام العظيم .
وفخَّم عز وجل أمرها وأعلا شأنها ورفع قدرها فأنزل فيها وحيه الكريم وذكره الحكيم وكلامه العظيم سبحانه وتعالى، قال جل وعلا: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )[الدخان:3–4] وقال جل وعلا : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[سورة القدر] ؛ ليلة ٌمباركة عظيمة البركة كثيرة الخير وافرة الخيرات والبركات ، وهي ليلة واحدة خير من ألف شهر : أي فيما يعادل بحساب السنوات ما يزيد على ثلاثة وثمانين سنة . ليلة واحدة - عباد الله - هذا شأنها وهذه مكانتها بما خصها الله جل وعلا به ، وفي هذه الليلة تتنزل الملائكة ويكثر تنزلهم , وتنزل الملائكة يكون مع تنزل البركة , وهذه الليلة - عباد الله - ليلةٌ سلام حتى طلوع فجرها ؛ أي سالمة من الشرور والآفات والأضرار والبليات لعظم خيراتها وكثرة بركاتها .
عباد الله : قد جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام الترغيب في قيامها والحث على تحريها كما قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
عباد الله : ولا تُعلم ليلة القدر في أي ليلة من العشر الأواخر ، وهي في العشر الأواخر من رمضان حيث أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى تحريها في العشر الأواخر ، قال : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )) وجاء عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على العناية بتحريها في الأوتار من العشر ، لكن الله عز وجل أخفى على العباد ليلتها أو تعيين ليلتها ليجتهدوا في العشر كاملة ، وليظهر النشيط من الكسلان والجاد من المتخامل الفاتر .
عباد الله : إن هذه الليلة العظيمة ينبغي علينا أن نجتهد في تحريها وأن نحسن من إقبالنا على الله فيها ذكراً وشكرا ، وتلاوةً لكلامه وقياماً بين يديه ومناجاةً له وبُعداً عن إضاعة هذه الليالي فيما لا فائدة فيه ، وإن أعظم ما تُتحرى به ليلة القدر الدعاء - عباد الله - ؛ فهو مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة ، ولهذا جاء في الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي )) ؛ قولها رضي الله عنها (( إذا علمت ليلة القدر أي ليلة هي فماذا أقول؟ )) يدل دلالة ظاهرة على أن الصحابة رضي الله عنهم قد تقرر عندهم أن ليلة القدر أرجى أيام الدعاء وأفضل أوقات الإجابة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ماذا تقول ؟ ولم تسأله هل هي ليلة دعاء ؟ لأن هذا متقرر عندهم ، فقالت: ( ماذا أقول؟ ) فأرشدها عليه الصلاة والسلام إلى هذا الدعاء العظيم المناسب مع ليلة القدر غاية المناسبة ، لأن ليلة القدر - عباد الله - كما مر معنا في كلام الله ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) أي يُكتب في تلك الليلة ما هو كائن إلى ليلة القدر من السنة القابلة , ولهذا - عباد الله - ناسب غاية المناسبة أن يعظم توجه العبد إلى الله بأن يعفو عنه ، وإذا عفا الله عنك في هذه الليلة كتبتَ من السعداء , إذا عفا الله عنك في هذه الليلة وكنت من أهل العفو فيها فإنك من السعداء الفائزين . اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا , اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا , اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان , وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى . عباد الله : إذا لم تتحرك القلوب في هذه الليالي الفاضلة والأيام العظيمة بالإنابة إلى الله والتوبة والاستغفار فمتى عساها أن تتحرك ؟! وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ )) .
عباد الله : إنها أيامٌ فاضلة وأزمنةٌ عظيمة وأوقاتٌ شريفة ينبغي علينا أن لا نضيعها وأن نُري الله جل وعلا فيها من صالح الأعمال وسديد الأقوال ما ترتفع به درجاتنا عند الله عز وجل ذي الجلال والكمال . عباد الله : إذا لم تتحرك القلوب في الإقبال على الله في مثل هذه الليالي الشريفة والمواسم الفاضلة فمتى تتحرك ؟! ولهذا - عباد الله - من كان مفرطاً منا فيما مضى من هذه الأيام والليالي الفاضلة فليُري الله جل وعلا فيما بقي من الشهر خيرًا والأعمال بالخواتيم ، ليري الله جل وعلا من نفسه خيرا , والكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب:56] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين , وأذل الشرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) .