صلاة التراويح
[1]:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد :
فهذه الحلقة الثامنة فيها بعض الفوائد المتعلقة بصلاة التراويح ،وما يتعلق بها من أحكام ، لعلّ الله أن ينفع بها ويكتب لنا الأجر من عنده سبحانه وتعالى.
فضل قيام الليل والوتر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل.[2]
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله ! لا تكن مثل فلان ، كان يقوم من الليل ، فترك قيام الليل.[3]
وعن علي رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ، فقال : ألا تصليان ؟" فقلت : يا رسول الله ! أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا ؛ بعثنا ، فانصرف حين قلت ذلك ، ولم يرجع إلي شيئاً ، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول : وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً.[4]
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة محضورة وذلك أفضل.[5]
وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.[6]
حكم صلاة الليل والوتر:
اختلف العلماء في حكم صلاة الوتر، والراجح من ذلك أنها سنة مؤكدة ،وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها :
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول ، حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة . فقال : هل علي غيرها ؟ قال :لا إلا أن تطوع . قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : وصيام رمضان . قال: هل علي غيره ؟ قال : لا إلا أن تطوع . قال : وذكر له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الزكاة . قال: هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع . قال : فأدبر الرجل ، وهو يقول: واللَّه لا أزيد على هذا ولا أنقص . قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق.[7]
وعن عبد اللّه بن محيريز رحمه الله :أنّ رجلًا من بني كنانة يدعى المخدجيّ سمع رجلاً بالشّام يكنّى أبا محمّد ، يقول : الوتر واجب . قال المخدجيّ : فرحت إلى عبادة بن الصّامت رضي الله عنه فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد ، فأخبرته بالّذي قال أبو محمّد ، فقال عبادة : كذب أبو محمّد ، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : خمس صلوات كتبهنّ اللّه على العباد ، من جاء بهنّ ، لم يضيّع منهنّ شيئاً ، استخفافاً بحقّهنّ ، كان له عند اللّه عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهنّ فليس له عند اللّه عهد ، إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنّة.[8]
وقال عليّ رضي الله عنه : الوتر ليس بحتم كهيئة الصّلاة المكتوبة ، ولكن سنّة ، سنّها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .[9]
ولأنّ الوتر يجوز فعله على الرّاحلة لغير الضّرورة، وثبت ذلك بفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسبّح على الرّاحلة قبل أيّ وجه توجّه ، ويوتر عليها، غير أنّه لا يصلّي عليها المكتوبة.[10] لو كانت واجبةً لما صلّاها على الرّاحلة ، كالفرائض وذلك لغير ضرورة .
وقال النووي رحمه الله: فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء.[11]
وقال ابن قدامة رحمه الله: وهي سنةٌ مؤكدةٌ.[12]
وقال ابن رشد رحمه الله: وأجمعوا على أن قيام شهر رمضان مرغَّب فيه أكثر من سائر الأشهر.[13]
أول وقت صلاة الليل والوتر وآخره :
يبتدأ وقت صلاة الليل بعد صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر ،فيصح أداؤها في أي جزء من هذا الوقت . ويدل على ذلك ما يلي :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء (وهي التي يدعو الناس: العتمة) إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين ، ويوتر بواحدة ، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر ، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن ؛ قام، فركع ركعتين خفيفتين ، ثم اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
وعنها رضي الله عنها قالت : من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر.[14]
وعن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله زادكم صلاة ، وهي الوتر ؛ فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.[15]
قال ابن المنذر رحمه الله : وأجمعوا على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر.[16]
وقال النووي رحمه الله في "المجموع"(4/3 : يدخل وقت التراويح بالفراغ من صلاة العشاء , ذكره البغوي وغيره , ويبقى إلى طلوع الفجر.اهـ
والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك ؛ لما ثبت عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من خاف أن لا يقوم من آخر الليل ؛ فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره؛ فليوتر آخر الليل ؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل.[17]
ولكن إذا كان الرجل سيصلي في المسجد إماما بالناس فالأولى أن يصليها بعد صلاة العشاء ، ولا يؤخرها إلى نصف الليل أو آخره حتى لا يشق ذلك على المصلين ، وربما ينام بعضهم فتفوته الصلاة . وعلى هذا جرى عمل المسلمين ، أنهم يصلون التراويح بعد صلاة العشاء ولا يؤخرونها .
وقال ابن قدامة رحمه الله : قيل للإمام أحمد : تؤخر القيام يعني في التراويح إلى آخر الليل ؟ قال : لا , سنة المسلمين أحب إليّ.
أما من كان سيصليها في بيته فهو بالخيار إن شاء صلاها في أول الليل وإن شاء صلاها آخره.[18]
وجاء في "الإنصاف" (4/166) :وأول وقتها - يعني التراويح - بعد صلاة العشاء وسنتها على الصحيح من المذهب ، وعليه الجمهور ، وعليه العمل.اهـ
وقال ابن رشد رحمه الله : اتفقوا على أن وقته بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.[19]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :وقتها - يعني التراويح - من بعد صلاة العشاء ، إلى طلوع الفجر.[20]
عدد ركعات صلاة الليل والوتر وصفتها:
صلاة الليل والوتر أقلّه ركعة واحدة وأكثره إحدى عشرة ركعة ، وما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في قيامه الليل عدّة كيفيات متنوعة وهذا من الاختلاف التنوع ،فالسنة أن يصلي بهذه تارة وبهذه تارة لكي تحصل له موافقة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الكيفيات هي كالتالي:
1 ـ الوتر بركعة واحدة :
عن أبي أيوب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء ؛ أوتر بسبع ، ومن شاء ؛ أوتر بخمس ، ومن شاء بثلاث ، ومن شاء ؛ أوتر بواحدة ، فمن غلب ؛ فليومئ إيماء.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:الوتر ركعة من آخر الليل.[21]
وعنه ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال :صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح؛ فأوتر بركعة.
2 ـ الوتر بثلاث ركعات :
ويشرع الوتر بثلاث ركعات فقط ، ولك أن تصليها على صفتين ، ما تيسر لك منها يجزئ عنك، وهي كالتالي :
الأولى : أن تصلي هذه الركعات الثلاث : ركعتين ثم تسلم ، ثم تصلي ركعة واحدة.
الثانية : أن تصليها ثلاث ركعات متصلة ، لا تقعد إلا في آخرهن :
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء ؛ أوتر بسبع ، ومن شاء ؛ أوتر بخمس ، ومن شاء بثلاث ، ومن شاء ؛ أوتر بواحدة ، فمن غلب ؛ فليومئ إيماء.
وقد ثبت أداء الثلاث موصولات دون قعود إلا في آخرهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقد جاء عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال :كان رسول الله يقرأ من الوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الركعة الثانية بـ{قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد}، ولا يسلم إلا في آخرهن.[22]
تنبيه :
وهناك صفة ثالثة وهي منهية عنها يفعلها بعض الناس وهي خطأ وصفتها أن يصلي ركعتين ثم يجلس بعد الثانية ثم يأتي بالثالثة كهيئة صلاة المغرب ويدل على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب ، ولكن أوتروا بخمس ، أو بسبع ، أو بتسع ، أو بإحدى عشرة.[23]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:فيجوزُ الوِترُ بثلاثٍ ، ويجوزُ بخمسٍ ، ويجوزُ بسبعٍ ، ويجوزُ بتسعٍ ، فإنْ أوترَ بثلاثٍ فله صِفتان كِلتاهُما مشروعة :
الصفة الأولى : أنْ يَسْرُدَ الثَّلاثَ بِتَشهدٍ واحدٍ .
الصفة الثانية : أنْ يُسلِّمَ مِن رَكعتين، ثم يُوتِرَ بواحدة .
كلُّ هذا جَاءت به السُّنةُ ، فإذا فَعَلَ هذا مرَّةً ، وهذا مرَّةً : فَحَسَنٌ .
ويجوز أن يجعلها بسلام واحدٍ ، لكن بتشهُّدٍ واحدٍ لا بتشهُّدين ؛ لأنه لو جعلها بتشهُّدين لأشبهت صلاةَ المغربِ ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُشَبَّهَ بصلاةِ المغربِ.[24]
3 ـ الوتر بخمس ركعات :
يشرع الوتر بخمس ركعات ، ولك أن تصليها على صفتين :
الأولى : أن تصلي ركعتين ، ثم تصلي ركعتين ، ثم تصلي ركعة.
الثانية : أن تصليها خمس ركعات موصولات ، لا تجلس إلا في آخرهن.
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء ؛ أوتر بسبع ، ومن شاء ؛ أوتر بخمس ، ومن شاء بثلاث ، ومن شاء ؛ أوتر بواحدة ، فمن غلب ؛ فليومئ إيماء.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ؛ يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس إلا في آخرها.[25]
4 ـ الوتر بسبع ركعات :
يشرع الوتر بسبع ركعات ، ويؤدى على صفتين :
الأولى : أن يصلي ست ركعات مثنى مثنى ، ثم يوتر بواحدة .
الثانية : أن يصلي سبع ركعات موصولات ، لا يقعد إلا في السادسة ، فيتشهد ، ثم يقوم ولا يسلم ، ويأتي بالسابعة ثم يسلم .
ومما يدل على ذلك ما يلي :
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء ؛ أوتر بسبع ، ومن شاء ؛ أوتر بخمس ، ومن شاء بثلاث ، ومن شاء ؛ أوتر بواحدة ، فمن غلب ؛ فليومئ إيماء.
وعن أم سلمة لكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة ، فلما كبر وضعف أوتر بسبع.[26]
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر بتسع ركعات ؛ لم يقعد إلا في الثامنة ، فيحمد الله ، ويذكره ، ويدعو ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يصلي التاسعة ، فيجلس ، فيذكر الله عز وجل، ويدعو ، ثم يسلم تسليمة يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ، فلما كبر وضعف ؛ أوتر بسبع ركعات ، لا يقعد إلا في السادسة ثم ينهض ولا يسلم ، فيصلي السابعة ، ثم يسلم تسليمة ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس.[27]
5 ـ الوتر بتسع ركعات :
ويشرع للمسلم أن يوتر بتسع ركعات ، وله فيها صفتان ، وهي التالية :
الأولى : أن يصلي مثنى مثنى ثمان ركعات ثم يوتر بواحدة .
الثانية : أن يصلي تسع ركعات موصولات ، لا يقعد إلا في الثامنة للتشهد ، ثم يصلي التاسعة ، ويقعد فيها للتشهد الثاني ، ثم يسلم .
ومما يدل على ذلك ما يلي :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
عن سعد بن هشام ؛ قال :قلت : يا أم المؤمنين -أي: عائشة رضي الله عنها - أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قلت: بلى . قالت : فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن . قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحداً عن شيء حتى أموت ، ثم بدا لي ، فقلت : أنبئيني عن قيام رسول الله ؟ فقالت: ألست تقرأ :{ يا أيها المزمل} ؟ قلت : بلى. قالت : فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً ، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله من آخر هذه السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة ، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : كنا نعد له سواكه وطهوره ، فيبعثه الله ما شاء الله أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ، ويتوضأ ، ويصلي تسع ركعات؛ لا يجلس إلا في الثامنة ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم، فيصلي التاسعة، ثم يقعد ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد ؛ فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني ، فلما سن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذه اللحم ؛ أوتر بسبع ؛ وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول ؛ فتلك تسع يا بني ....[28]
6 ـ الوتر بإحدى عشرة ركعة :
يشرع للمسلم أن يوتر بإحدى عشرة ركعة ، ويصليها على صفتين :
الأولى : أن يصلي مثنى مثنى عشر ركعات ثم يوتر بواحدة .
الثاني : أن يصلي أربعاً أربعاً ثم يصلي ثلاثاً.
ويدل على ذلك ما يلي :
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاته صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة : يصلي أربعاً ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعاً ،؛ فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثاً. قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ! أتنام قبل أن توتر ؟ فقال:" يا عائشة ! إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.[29]
وفي رواية : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة : يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ؛ فإذا أراد أن يركع ؛ قام فركع ، ثم يصلي ركعتين بين النداء و الإقامة من الصبح.[30]
وعنها رضي الله عنها أيضا ؛ قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة ؛ يوتر منها بواحدة ، فإذا فرغ منها ؛ اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن ، فيصلي ركعتين خفيفتين.[31]
وفي رواية : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء (وهي التي يدعو الناس العتمة) إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ؛ يسلم بين كل ركعتين ، ويوتر بواحدة ، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر ، وتبين له الفجر ، وجاءه المؤذن ؛ قام ، فركع ركعتين خفيفتين ، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.[32]
هل له أن يصلي أكثر من إحدى عشرة ركعة:
صلاة الليل والوتر إحدى عشرة ركعة ، فلا يزاد عليها اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا فالزيادة على إحدى عشرة ركعة مخالف للسنة، قالت عائشة رضي الله عنها :ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
كذلك لم يثبت عن أحد من أصحابه ي الزيادة على ما شرعه وبينه صلى الله عليه وسلم، والأثر المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يصلي أكثر من إحدى عشرة ركعة فضعيف جدا لم يثبت، بل ثبت عنه بالسند الصحيح الصريح موافقا لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فعن السائب بن يزيد أنه قال : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس إحدى عشرة ركعة قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.[33]
وأما من استدل على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشى أحدكم الصبح ؛ صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى. وفي رواية : قام رجل فقال : يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟.
فهذا الحديث يدل على بيان كيفية صلاة الليل من جهة العدد لا من ناحية الكم ، وحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم –وغيرها من الأحاديث- يجمع مع هذا الحديث فيتضح المعنى والأحاديث يفسر بعضها بعضا.
قال شيخنا محمد عمر بازمول ـ حفظه الله ـ: استدل بعضهم بالحديث على أن صلاة الليل لا حدّ لأكثرها، وفيه نظر من وجوه؛ منها:
الوجه الأول : أن الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل والوتر أنه لم يزد فيها عن إحدى عشرة ركعة .
الوجه الثاني : وردت رواية لهذا الحديث تفسره ، وهي الرواية المشار إليها سابقاً ، وقد أخرجها البخاري بلفظ : أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ، فقال : كيف صلاة الليل ؟ فقال: مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح ؛ فأوتر بواحدة ؛ توتر لك ما قد صليت، وهذه الرواية فيها بيان أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : مثنى مثنى، بيان كيفية الصلاة لا كمية الصلاة ، فلا يريد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ذاك بيان العدد ، وإنما الفصل والوصل ؛ فصلاة الليل تصلى ركعتين ركعتين ، وأولى ما فسر به الحديث من الحديث.
الوجه الثالث : أن قوله صلى الله عليه وسلم : مثنى ، مثنى: يفيد إرادة الصفة ، لا إرادة العدد ، إذ العدد المعدول (مثنى مثنى) إنما يعني : صلي صلاة الليل ركعتين ركعتين ؛ دون أن يراد بيان العدد ؛ فافهم. وهذا كما في قوله تعالى : {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} النساء :3.[34]
قلت : قيام الليل من النوافل المقيدة التي جاءت كيفيتها مبينة في السنة -وقد ذكرنا صفتها وتنوّعها- بدليل خبر عائشة رضي الله عنها المتقدم أنه صلى الله عليه وسلم لم يزد على إحدى عشرة ركعة ،فهل يجوز لأحد أن يزيد في سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر ؟
الجواب: من فعل ذلك فقد خالف السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على ماورد لا قولا ولا فعلا ولا تقريرا فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر.[35]
تنبيه :
ورد في بعض الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة ،وقد اختلف أهل العلم في ذلك ،أهي سنة العشاء البعدية ، أو ركعتا الفجر،والصحيح من ذلك أنها ركعتا الفجر.
فعن عامر الشعبي قال :سألت عبد الله ابن عباس وعبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ؟،فقالا :ثلاث عشرة ركعة . منها ثمان . ويوتر بثلاث . وركعتين بعد الفجر.[36]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر.[37]
وعن أبي سلمة قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.[38]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة ؛ يوتر منها بواحدة ، فإذا فرغ منها ؛ اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن ، فيصلي ركعتين خفيفتين.[39]
صلاة ركعتين بعد الوتر جالسا أحيانا من السنن المهجورة :
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يصلي ركعتين خفيفتين بعد الوتر أحياناً وهو جالس والسنة أن يقرأ فيهما : سورة الزلزلة وسورة الكافرون ،ويدل على ذلك ما ثبت عن ثوبان رضي الله عنه قال : كنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال: إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ و إلا كانتا له.[40]
وقد بوب ابن خزيمة رحمه الله على حديث ثوبان هذا بقوله :"باب ذكر الدليل على أن الصلاة بعد الوتر مباحة لجميع من يريد الصلاة بعده ، وأن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة لا أمر إيجاب وفريضة".[41]
ما يقرأ في الوتر:
يشرع للمسلم أن يقرأ في الأولى من الوتر : {سبح اسم ربك الأعلى}
وفي الثانية : {قل يا أيها الكافرون } ، وفي الثالثة : { قل هو الله أحد} .
وأحياناً يقرأ في الثالثة مع {قل هو الله أحد} : المعوذتين .
والدليل على ذلك ما يلي :
عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ، كان يقرأ في الأولى بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية بـ{ قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد} ، ويقنت قبل الركوع ، فإذا فرغ ؛ قال عند فراغه :" سبحان الملك القدوس" ؛ ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.[42]
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث ؛ يقرأ في الأولى بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية بـ { قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد}.
عن عبد العزيز بن جريج قال: سألت عائشة رضي الله عنها : بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان يقرأ في الأولى بـ { سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية بـ { قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد} والمعوذتين.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الركعة الثانية بـ {قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد} ، ولا يسلم إلا في آخرهن ، ويقول (يعني : بعد التسليم): سبحان الملك القدوس ؛ ثلاثاً .
لا وتران في ليلة :
لايجوز للمصلي أن يوتر مرتين في ليلة ،فعن قيس بن طلق قال : زارنا أبي في يوم رمضان فأمسى عندنا وأفطر وقام بنا تلك الليلة وأوتر بنا ، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه حتى بقي الوتر ، ثم قدّم رجلا من أصحابه فقال : أوتر بأصحابك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا وتران في ليلة .[43]
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله -معلقاً على حديث :لا وتران في ليلة- : اختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره :
فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر ، وقالوا : يضيف إليها ركعة ، ويصلي ما بدا له ، ثم يوتر في آخر صلاته ؛ لأنه : لا وتران في ليلة. وهو الذي ذهب إليه إسحاق
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : إذا أوتر من أول الليل ، ثم نام ، ثم قام من آخر الليل ، فإنه يصلي ما بدا له ، ولا ينقض وتره ، ويدع وتره على ما كان. وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي و أهل الكوفة و أحمد .
وهذا أصح ؛ لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر.[44]
إذا أوتر هل له أن يصلي بعد وتره :
إذا أوتر ثم بدا له أن يصلي بعد وتره فله ذلك لحديث ثوبان رضي الله عنه الذي سبق ذكره ،وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقالت : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة تسع ركعات قائما يوتر فيها وركعتين جالسا فإذا أراد أن يركع قام فركع وسجد ويفعل ذلك بعد الوتر فإذا سمع نداء الصبح قام فركع ركعتين خفيفتين.
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : إذا أوتر من أول الليل ، ثم نام ، ثم قام من آخر الليل ، فإنه يصلي ما بدا له ، ولا ينقض وتره ، ويدع وتره على ما كان. وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي و أهل الكوفة و أحمد وهذا أصح ؛ لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر .[45]
هل الوتر يقضى :
من نام عن وتره أو غلبه عليه وجع ونحوه فله أن يصليه بعد الفجر والأفضل أن يصليه بعد ما تطلع الشمس من النهار على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وهو مخير في عدد الركعات التي يصليها بين أمرين :
الأول : أن يصلي وتره كما كان يصليه .
و ذلك لما ثبت من حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه : أنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل فأقيمت الصلاة فجعلوا ينتظرونه فقال إني كنت أوتر قال وسئل عبد الله هل بعد الأذان وتر؟، قال: نعم وبعد الإقامة وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى.[46]
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكره.[47]
الثاني : أن يصلي من النهار اثنتي عشرة ركعة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل من الليل منعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.[48]
قال الإمام مالك : وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر ، ولا ينبغى لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر.[49]
قال شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي ـ حفظه الله ـ: قول الراجح عندي قول من قال:إن الوتر إذا فات يقضى مطلقا أبدا ليلا أو نهارا لحديث أبي داود وغيره من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: من نام عن وتر أو نسيه فليصله إذا ذكره ,صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه أيضا الحافظ العراقي وفي لفظ للترمذي :من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر استيقظ :ولحديث الباب ولأنه صلى الله عليه وسلم قضى سنة الصبح بعد طلوع الشمس حينما فاتته مع الفرض ولعموم :من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها :فإنه يدخل فيه الفرض والنفل وهوفي الفرض أمر فرض وفي النفل أمر ندب.[50]
دعاء القنوت في الوتر في النصف من رمضان :
دعاء القنوت في الوتر مستحب ، وليس بواجب على الراجح من أقوال أهل العلم ،قال عبد الرحمن بن عبد القارئ -وكان في عهد عمر بن الخطاب- وذكر جمع عمر الناس على إمام ، ثم قال- : فكان الناس يقومون أوله وكانوا يلعنون الكفرة في النصف : اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين قال وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد إن عذابك لمن عاديت ملحق ثم يكبر ويهوى ساجدا.[51]
وعن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول : ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان.[52]
أين يكون محل القنوت في الوتر هل هو قبل الركوع أم بعد الركوع:
محل القنوت قبل الركوع وبعده ، والأفضل بعده لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك ، فعن عاصم قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنهما عن القنوت فقال : قد كان القنوت, قلت قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله, قال فإن فلاناً أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع, فقال كذب, إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهراً, أراه كان بعث قوماً يقال لهم القراء زهاء سبعين رجلاً إلى قوم مشركين دون أولئك, وكان بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو عليهم[53].
وإذا قنت قبله بعد القراءة فلا حرج في ذلك ، وذلك لما ثبت عن أبي بن كعب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ، كان يقرأ في الأولى بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية بـ{ قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة بـ {قل هو الله أحد} ، ويقنت قبل الركوع ، فإذا فرغ ؛ قال عند فراغه :" سبحان الملك القدوس" ؛ ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
وعن علقمة قال :إن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع .[54]
قال ابن تيمية رحمه الله: وأما القنوت فالناس فيه طرفان ووسط, فمنهم من لا يرى القنوت إلا قبل الركوع, ومنهم من لا يراه إلا بعد, وأما فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره فيجوزون كلا الأمرين لمجيء السنة الصحيحة بهما, وإن اختاروا القنوت بعده لأنه أكثر وأقيس, فإن سماع الدعاء مناسب لقول العبد: سمع الله لمن حمده, فإنه يشرع الثناء على الله قبل دعائه كما بنيت فاتحة الكتاب على ذلك أولها ثناء وآخرها دعاء.[55]
مشروعية الجماعة في القيام :
وتشرع الجماعة في قيام رمضان ، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه ، وبيانه لفضلها وحثه عليها وترغيبه فيها ، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلت : يا رسول الله ! لو نفلتنا قيام هذه الليلة ، فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة " فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ، قال : قلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر.[56]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل ، فصلى في المسجد ، فصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس فتحدثوا ، فاجتمع أكثر منهم ، فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله، فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة ؛ عجز المسجد عن أهله ، حتى خرج لصلاة الصبح ، فلما قضي الفجر ؛ أقبل على الناس ، فتشهد ، ثم قال: أما بعد؛ فإنه لم يخف علي مكانكم ، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها.[57]
قال الحافظ رحمه الله -عند ذكره لفوائد هذا الحديث- : فيه ندب قيام الليل -ولا سيما في رمضان- جماعة ؛ لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب.[58]
السبب في عدم استمرار النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة :
لم يقم بهم صلى الله عليه وسلم صلاة الليل في رمضان بقية الشهر خشية أن تفرض عليهم ، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين وغيرهما ، وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة ،وانقطع الوحي من السماء بوفاته صلى الله عليه وسلم ، وبذلك زالت العلة ، وهي خشية أن تفرض على هذه الأمة، وبقي الحكم بمشروعية الجماعة ، ولذلك أمر الفاروق أبيّا وتميما رضي الله عنهم أن يصلوا بالناس صلاة التراويح.
قال الشيخ الألباني رحمه الله : وهذه الأحاديث ظاهرة الدلالة على مشروعية صلاة التراويح جماعة؛ لاستمراره صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي، ولا ينافيه تركه صلى الله عليه وسلم لها في الليلة الرابعة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم علَّله بقوله: "خشيت أن تفرض عليكم" ولاشك أن هذه الخشية قد زالت بوفاته صلى الله عليه وسلم أن أكمل الله الشريعة، وبذلك يزول المعلول وهو ترك الجماعة ويعود الحكم السابق، وهو مشروعية الجماعة، ولهذا أحياها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعليه جمهور العلماء.[59]
لماذا سميت بصلاة التراويح :
قال ابن منظور: والترويحة في شهر رمضان: سميت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات.
وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين
والتراويح: جمع ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها مثل تسليمة من السلام.[60]
مشروعية الجماعة للنساء :
ويشرع للنساء أن يصلين صلاة التراويح جماعة ،فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلت : يا رسول الله ! لو نفلتنا قيام هذه الليلة ، فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة ، فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ، قال : قلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور ، ثم لم يقم بنا بقية الشهر.
و يجوز أن يجعل لهن إمام خاص بهن ، غير إمام الرجال ، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على صلاة التراويح ، جعل على الرجال أبي بن كعب ، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة ، فعن عرفجة الثقفي قال :كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماما وللنساء إماما ، قال : فكنت أنا إمام النساء.[61]
هل يصلي القيام في رمضان وحده أم أن الجماعة أفضل :
صلاة التراويح مع الجماعة أفضل من صلاة الرجل وحده في بيته ،لأنه تتابع عليه-أي:صلاة التراويح جماعة- الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم ، ولأنه يحسب له قيام ليلة تامة ، لكن لو صلاها في بيته منفرداً ، أو جماعةً بأهله فلا حرج في ذلك.
وعلى ذلك-أي: صلاة جماعة- جرى عمل الصحابة ففي عهد عمر رضي الله عنه ، قال عبد الرحمن بن عبيد القاري :خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال : والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم ، فجمعهم على أبي بن كعب ، قال : ثم خرجت معه ليلة أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم ، فقال : عمر ، نعمت البدعة هذه ، والتي ينامون عنها[62] أفضل من التي يقومون وكان الناس يقومون أوله.[63]
وقال زيد بن وهب رحمه الله : كان عبد الله يصلي بنا في شهر رمضان فينصرف بليل
وعن السائب بن يزيد : أن عمر رضي الله عنه جمع الناس في رمضان على أُبي بن كعب وعلى تميم الداري على إحدى وعشرين ركعة يقرؤون بالمئين وينصرفون عند فروع الفجر.
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : واختار بن المبارك وأحمد وإسحاق الصلاة مع الإمام في شهر رمضان ، واختار الشافعي أن يصلي الرجل وحده إذا كان قارئا وفي الباب عن عائشة والنعمان بن بشير وابن عباس.[64]
قلت : والقول الذي نقله عن الشافعي ليس على إطلاقه بل هو مقيد بثلاثة شروط نقلها ابن حجر في "الفتح" (4/252) حيث قال : وعند الشافعية في أصل المسألة ثلاثة أوجه ثالثها : من كان يحفظ القرآن ، ولا يخاف من الكسل ، ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلّفه ؛ فصلاته في الجماعة والبيت سواء ، فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل.اهـ
قلت : وعلى هذا تحُمل الآثار الواردة في مشروعية صلاة التراويح في البيوت.
فعن مجاهد قال : جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال : أصلي خلف الإمام في رمضان ؟ قال : أتقرأ القرآن ؟ قال : نعم . قال : أفتنصت كأنك حمار ؟!! صل في بيتك.[65]
قال البهوتي رحمه الله : وَالتراويح بمسجد أفضل منها ببيت , لأنه صلى الله عليه وسلم جمع الناس عليها ثلاث ليال متوالية , كما روته عائشة . . وقال صلى الله عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة.[66]
وقال النووي رحمه الله : صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء . . . وتجوز منفردا وجماعة , وأيهما أفضل ؟
فيه وجهان مشهوران . . .الصحيح باتفاق الأصحاب أن الجماعة أفضل.[67]
وقال الشوكاني رحمه الله: قال النووي : اتفق العلماء على استحبابها قال : واختلفوا في أن الأفضل صلاتها في بيته منفردا أم في جماعة في المسجد فقال الشافعي وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية وغيرهم : الأفضل صلاتها جماعة كما فعله عمر بن الخطاب والصحابة ي واستمر عمل المسلمين عليه لأنه من الشعائر الظاهرة.[68]
القراءة من المصحف في صلاة التراويح :
لا ينبغي للإمام إذا كان في الصلاة أن يحمل المصحف ؛ لأن ذلك يؤدي به إلى حركة لا حاجة إليها والحركة في الصلاة لغير حاجة مكروهة لأن ذلك ينافي الخشوع وهو لبّ الصلاة ،وأما إذا كان الإمام ضعيف الحفظ فلا بأس لحمله المصحف .
قال الإمام أحمد رحمه الله : لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف . قيل له : في الفريضة ؟ قال : لا , لم أسمع فيه شيئا . وقال القاضي : يكره في الفرض , ولا بأس به في التطوع إذا لم يحفظ , فإن كان حافظا كره أيضا . قال : وقد سئل رحمه الله :عن الإمامة في المصحف في رمضان ؟ فقال : إذا اضطر إلى ذلك...
وسئل الزهري رحمه الله عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف فقال : كان خيارنا يقرءون في المصاحف...وأبيحت القراءة في المصحف لموضع الحاجة إلى سماع القرآن والقيام به .
واختصت الكراهة بمن يحفظ لأنه يشتغل بذلك عن الخشوع في الصلاة ، والنظر إلى موضع السجود لغير حاجة . وكره في الفرض على الإطلاق ; لأن العادة أنه لا يحتاج إلى ذلك فيها.[69]
وقال النووي رحمه الله في :لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا ، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة . . .
وهذا الذي ذكرناه من أن القراءة في المصحف لا تبطل الصلاة مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد وأحمد.[70]
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله مانصه: هل يجوز للإمام في أثناء الصلوات الخمس أن يقرأ من المصحف ، وخاصة صلاة الفجر لأن تطويل القراءة فيها مطلوب وذلك مخافة الغلط أو النسيان ؟
فأجاب بقوله : يجوز ذلك إذا دعت إليه الحاجة ، كما تجوز القراءة من المصحف في التراويح لمن لا يحفظ القرآن ، وقد كان ذكوان مولى عائشة طا يصلي بها في رمضان من مصحف ، ذكره البخاري في صحيحه تعليقا مجزوما به ، وتطويل القراءة في صلاة الفجر سنة ، فإذا كان الإمام لا يحفظ المفصل ولا غيره من بقية القرآن الكريم جاز له أن يقرأ من المصحف ، ويشرع له أن يشتغل بحفظ القرآن ، وأن يجتهد في ذلك ، أو يحفظ المفصل على الأقل حتى لا يحتاج إلى القراءة من المصحف ، وأول المفصل سورة ق إلى آخر القرآن ، ومن اجتهد في الحفظ يسر الله أمره ، لقوله سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) وقوله عز وجل : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ).[71]
وقال الشيخ بن عثيمين رحمه الله : يجوز للإنسان أن يقرأ من المصحف وهو يصلي، سواء صلاة فريضة أو نافلة؛ لكن عند الحاجة، أما إذا لم يكن حاجة فلا؛ لأنه إذا قرأ في المصحف سوف يفوت بعض السنن، سوف يفوت وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام وسوف يحدث منه حركة في تقليب الأوراق وفي حمل المصحف ووضعه، وسوف يشتغل بصره بتتبع الكلمات والحروف عن النظر إلى موضع السجود، أو عن النظر الثابت سواء عند موضع السجود أو غيره، فتجد بصرَه يتردد وهذه حركة للبصر، إي نعم. المهم خلاصة الجواب: أنه لا بأس أن يقرأ في المصحف عند الحاجة، سواء في الفريضة أو في النافلة، نعم.
المأموم هل له أن يحمل المصحف وراء إمامه في صلاة التراويح:
لا ينبغي للمأموم إذا كان في الصلاة أن يحمل المصحف ؛ لأن ذلك يؤدي إلى حركة لا حاجة إليها والحركة في الصلاة لغير حاجة مكروهة كما نص على ذلك أهل العلم، وأما إذا كان إمامه ضعيف الحفظ ولا يوجد من هو أولى منه ممن كان حفظه عن ظهر قلب فلا بأس أن يحمله.
وللإمام أن يوكل أحدهم بحمل المصحف ليفتح عليه، لكن أن يحمل المصحف أكثر من أحد من لم يوكله فهذا خلاف السنة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مانصه: ما حكم حمل المصاحف من قبل المأمومين في صلاة التراويح في رمضان بحجة متابعة الإمام؟
فأجاب بقوله: حمل المصحف لهذا الغرض فيه مخالفة للسنة وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أنه يفوت الإنسان وضع اليد اليمنى على اليسرى في حال القيام.
الوجه الثاني: أنه يؤدي إلى حركة كثيرة لا حاجة إليها، وهي فتح المصحف، وإغلاقه، ووضعه في الإبط وفي الجيب ونحوهما.
الوجه الثالث: أنه يشغل المصلي في الحقيقة بحركاته هذه.
الوجه الرابع: أنه يفوت المصلي النظر إلى موضع السجود وأكثر العلماء يرون أن النظر إلى موضع السجود هو السنة والأفضل.[72]
وقال شيخنا صالح الفوزان حفظه الله : وأما في الصلاة فالأفضل أن يقرأ عن ظهر قلب وذلك لأنه إذا قرأ من المصحف فإنه يحصل له عمل متكرر في حمل المصحف وإلقائه وفي تقليب الورق وفي النظر إلى حروفه، وكذلك يفوته وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر في حال القيام، وربما يفوته التجافي في الركوع والسجود إذا جعل المصحف في إبطه، ومن ثَمَّ رجحنا قراءة المصلي عن ظهر قلب على قراءته من المصحف .
هذا وبعض المأمومين نشاهدهم خلف الإمام يحملون المصحف يتابعون قراءة الإمام وهذا أمر لا ينبغي لما فيه من الأمور التي ذكرناها، ولأنه لا حاجة بهم إلا أن يتابعوا الإمام . نعم لو فرض أن الإمام ليس بجيد الحفظ وقال لأحد المأمومين : صلِّ ورائي وتابعني في المصحف إذا أخطأت، فرد عليه فإن هذا لا بأس به .[73]
حال السلف في قيام الليل :
عن السائب بن يزيد أنه قال : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ، وكان القارىء يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر.[74]
وعن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هرمز قال : سمعته يقول : ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرةَ في شهر رمضان . قال : فكان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها القراء في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم.[75]
وعن الحسن البصري قال : كان الناس يقومون في رمضان فيصلون العشاء حين يذهب ربع الليل وينصرفون وعليهم ربع آخر.[76]
عن محمد بن عباد قال حدثني أبي قال : ربما زارني عاصم الأحول وهو صائم فيفطر ، فإذا صلى العشاء تنحى فصلى فلا يزال يصلي حتى يطلع الفجر لا يضع جنبه.[77]
وعن مسبح بن سعيد قال : كان محمد بن إسماعيل البخاري إذا كان في أول ليلة من رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشرين آية ، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال ، ويقول عند كل ختمة : دعوة مستجابة.[78]
وعن الحسن البصري قال : تفقدوا الحلاوة في ثلاث في الصلاة وفي القرآن وفي الذكر فإن وجدتموها فامضوا وأبشروا ، فإن لم تجدوها فاعلم أن بابك مغلق.[79]
هل دعاء ختم القرآن في الصلاة مشروع:
ليس في السنة دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم في الصلاة ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا قولا ولا فعلا ولا تقريرا ولم يفعله أحد من أصحابه رضي الله عنهم.
عن ابن القاسم قال سئل مالك عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ثم يدعو قال ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس.[80]
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟
فأجاب بقوله:
لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنهما كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة .[81]
حكم صلاة المأموم خلف الإمام في صلاة التراويح وبينهما حائل :
إذا امتلأ المسجد بالمصلين في صلاة التراويح -أو في غيرها من الصلوات- ، فلا بأس أن يصلوا في الساحات والطرقات والحوانيت ونحو ذلك ، بشرط أن تكون الصفوف متصلة ، ويكون ائتمامهم بالصفوف المتقدمة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم :"ائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم".[82]
أما الصلاة خارج المسجد وفي المسجد مكان يمكن الصلاة فيه، ويمكنهم متابعة الإمام عن طريق مكبرات الصوت أو ممن قبلهم من المصلين ، ولم يفصل بينهم وبين المصلين طريق أو نهر أو نحو ذلك ،فصلاتهم صحيحة ناقصة الثواب مع الإثم وذلك لمخالفتهم الأحاديث الآمرة بوصل الصفوف وسدّ الفرج.
وأما إذا حال بينهم وبين المصلين طريق يمشي فيه الناس ولم تتّصل الصفوف ، كالذين يصلون في المحلات أو في البيوت والفنادق والأسواق المجاورة للمسجد ،أومن لم يمكنهم رؤية الصفوف المتقدمة عنهم ولاسماع الإمام ولو عن طريق المكبر الصوتي، فصلاتهم باطلة.
سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن الحوانيت المجاورة للجامع من أرباب الأسواق إذا اتصلت بهم الصفوف فهل تجوز صلاة الجمعة في حوانيتهم ؟
فأجاب بقوله :
أما صلاة الجمعة وغيرها : فعلى الناس أن يسدوا الأول، فالأول، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا تصفون كما تَصُفُّ الملائكة عند ربها ؟ " قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : " يسدون الأول، فالأول، ويتراصون في الصف " . فليس لأحد أن يسد الصفوف المؤخرة مع خلو المقدمة، ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد، ومن فعل ذلك استحق التأديب، ولمن جاء بعده تخطيه، ويدخل لتكميل الصفوف المقدمة، فإن هذا لا حرمة له .
كما أنه ليس لأحد أن يقدم ما يفرش له في المسجد، ويتأخر هو، وما فرش له لم يكن له حرمة، بل يزال ويصلى مكانه على الصحيح، بل إذا امتلأ المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد، فإذا اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق، صحت صلاتهم .
وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء
وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف، ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة، فإنه لا تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء .
وكذلك من صلى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته، وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به، بل عليه أن يذهب إلى المسجد فيسد الأول فالأول . والله أعلم .[83]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فالصواب في هذه المسألة: أنه لا بد في اقتداء من كان خارج المسجد من اتصال الصفوف، فإن لم تكن متصلة فإن الصلاة لا تصح.
مثال ذلك: يوجد حول الحرم عمارات، فيها شقق يصلي فيها الناس، وهم يرون الإمام أو المأمومين، إما في الصلاة كلها؛ أو في بعضها، فعلى كلام المؤلف تكون الصلاة صحيحة ونقول لهم: إذا سمعتم الإقامة فلكم أن تبقوا في مكانكم وتصلوا مع الإمام ولا تأتوا إلى المسجد الحرام.
وعلى القول الثاني: لا تصح الصلاة؛ لأن الصفوف غير متصلة. وهذا القول هو الصحيح...
فالراجح: أنه لا يصح اقتداء المأموم خارج المسجد إلا إذا اتصلت الصفوف، فلا بد له من شرطين:
1 ـ أن يسمع التكبير.
2 ـ اتصال الصفوف.
أما اشتراط الرؤية ففيه نظر، فما دام يسمع التكبير والصفوف متصلة فالاقتداء صحيح، وعلى هذا؛ إذا امتلأ المسجد واتصلت الصفوف وصلى الناس بالأسواق وعلى عتبة الدكاكين فلا بأس به.[84]
وقال شيخنا صالح الفوزان حفظه الله: إذا كان بين المسجد وبين المصلي طريق يمشي فيه الناس، وتسير في السيارات حال الصلاة، فإن الصلاة لا تصح في هذه الحالة، أما لو كان الطريق قد اتصلت فيه الصفوف إلى مكانكم، وصار كل المكان يصلى فيه فالصلاة صحيحة في هذه الحالة.
لكن إذا كان الطريق يمشي فيه الناس ولم يكن فيه صفوف متصلة، فالصلاة في مثل هذه الحالة لا تصح؛ لانقطاعكم عن الإمام وللفصل بينكم وبينه بالمارة والله أعلم، ومثل هذا كما قال الفقهاء إذا كان بين المصلي وبين المسجد نهر أو نهر تمشي فيه السفن وما أشبه ذلك.[85]
وقد سئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" عمن صلى جماعة في منزله مكتفيا بسماع مكبرات الصوت من المسجد ، ولم يتصل بين الإمام والمأموم ولو بواسطة وذلك واقع مكة والمدينة في الموسم ؟
فأجابت :
لا تصح الصلاة ، وهذا مذهب الشافعية وبه قال الإمام أحمد ، إلا إذا اتصلت الصفوف ببيته، وأمكنه الاقتداء بالإمام بالرؤية وسماع الصوت فإنها تصح ، كما تصح صلاة الصفوف التي اتصلت بمنزله ، أما بدون الشرط المذكور فلا تصح ؛ لأن الواجب على المسلم أن يؤدي الصلاة في الجماعة في بيوت الله عز وجل مع إخوانه المسلمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر"، أخرجه ابن ماجه والحاكم ، وقال الحافظ إسناده على شرط مسلم ، ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعمى الذي سأله أن يصلي في بيته : " هل تسمع النداء بالصلاة ؟ " قال نعم ، قال : " فأجب " أخرجه مسلم في صحيحه . وبالله التوفيق .[86]
تنبيه :
والآثار الواردة عن السلف في صلاتهم بينهم وبين الإمام حائل كنهر أو طريق محمولة على الضرورة والحاجة.
قال الألباني رحمه الله : يقابل هذه الآثار آثار أخرى عن عمر والشعبي وإبراهيم عند ابن أبي شيبة 2 / 223 وعبد الرزاق 3 / 81 - 82: أنه ليس له ذلك إذا كان بينه وبين الإمام طريق ونحوه. ولعل ما في الآثار الأولى محمول على العذر كامتلاء المسجد كما قال هشام بن عروة:
"جئت أنا وأبي مرة فوجدنا المسجد قد امتلأ فصلينا بصلاة الإمام في دار عند المسجد بينهما طريق".
رواه عبد الرزاق 3 / 82 بسند صحيح عنه
وليس بخاف على الفقيه أن إطلاق القول بالجواز ينافي الأحاديث الآمرة بوصل الصفوف وسد الفرج فلا بد من التزامها والعمل بها إلا لعذر-ثم ذكر كلام شيخ الإسلام الذي ذكرته آنفا-.[87]
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
الحواشي :
[1] ـ سميت بالتراويح : لأنهم كانوا يستريحون عقب كل أربع ركعات وذلك لطول القراءة .
[2] ـ أخرجه مسلم (1163)
[3] ـ أخرجه البخارى (1101) ، ومسلم (1159)
[4] ـ أخرجه البخارى (7027) ، ومسلم (775)
[5] ـ أخرجه مسلم ( 755 )
[6] ـ أحمد ( 1 110 ) وأبو داود ( 1416 ) والترمذي ( 453 ) وقال حسن والنسائي ( 3 228 - 229 ) وابن ماجه ( 1169 ) وابن خزيمة ( 1067 ) والبيهقي ( 2 268 ) وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 1416)
[7] ـ أخرجه البخاري (46)،ومسلم (11).
[8] ـ أخرجه مالك (26 ، وعبد الرزاق (4575) ، وابن أبى شيبة (6852) ، وأحمد (22745) ، والدارمي (1577) ، وأبو داود (1420) ، والنسائي (461) ، وابن ماجه (1401) ، ومحمد بن نصر فى "تعظيم قدر الصلاة" (1030) ، وابن حبان (2417) ، والبيهقي (205 ، والضياء (449) . وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 3243).
[9] ـ أخرجه الطيالسى (8 ، وعبد الرزاق (4569) ، وابن أبى شيبة (6856) ، وأحمد (1219) ، والدارمي (1579) ، وأبو داود (1416) ، والترمذى (453) ، والنسائي (1676) ، وابن خزيمة (1067) ، وأبو نعيم فى الحلية (8/265) ، والبيهقي (2059) ، والضياء (505) ، وعبد بن حميد (70). وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"( 453)
[10] ـ أخرجه البخاري(109،ومسلم ( 700 ).
[11] ـ "المجموع" (2/526)،و"التهذيب في فقه الإمام الشافعي"(2/233).
[12] ـ" المغني" (2/601) و"الإنصاف" (2/180) .
[13] ـ "بداية المجتهد" (1/487)، و"التفريع" (1/269)،و"المعونة"(1/28.
[14] ـ أخرجه مسلم ( 745 )
[15] ـ أخرجه البخاري ( 99 )، ومسلم ( 749 )
[16] ـ "الإجماع"(ص : 45)
[17] ـ أخرجه مسلم (755).
[18] ـ "المغني"(1/833).
[19] ـ "بداية المجتهد"(1/202).
[20] ـ "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (14/210).
[21] ـ أخرجه مسلم ( 752 )
[22] ـ أخرجه أحمد(2116،والنسائي (1701)،وفي "الكبرى"( 446)،وأبو داود(1424)،وابن ماجه (1161)، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 1701)
[23] ـ أخرجه الحاكم (1137) ، والبيهقي (4594) .وابن حبان (2429) والحاكم ( 1 / 304 ) والبيهقي ( 3 / 31 ) ،وقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "( 4 / 301 ):إسناده على شرط الشيخين ،وصحح إسناده الألباني في"صلاة التراويح" ( 99 و110 )
[24] ـ " الشرح الممتع " ( 4 / 14 - 16 ) .
[25] ـ أخرجه مسلم ( 737 )
[26] ـ أخرجه أحمد(26781)،والترمذي (457)،والطبراني في "الكبير"( 741)، وصحح إسناده الألباني في "صحيح سنن الترمذي"( 457)
[27] ـ أخرجه النسائي (1719)،وفي "الكبرى"(1409)،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 1719)
[28] ـ أخرجه مسلم ( 746 )
[29] ـ أخرجه البخاري (1096)،ومسلم (73.
[30] ـ أخرجه مسلم ( 738 )
[31] ـ أخرجه مسلم ( 736 )
[32] ـ أخرجه مسلم ( 736 )
[33] ـ أخرجه البيهقي (4392)، ومالك (232) وصححه الألباني في "المشكاة" ( 1302)
[34] ـ"بغية المتطوع في صلاة التطوع"(ص :21 ـ 22 )
[35] ـ أخرجه ابن أبى شيبة (5975) ، والترمذى (414) وقال : غريب . والنسائي (1795) ، وابن ماجه (1140) . وأبو يعلى (4525) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 1795)
[36] ـ أخرجه ابن ماجه (1361)،وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه(1361).
[37] ـ أخرجه البخاري (1089).
[38] ـ أخرجه مسلم ( 738 )
[39] ـ أخرجه مسلم ( 736 )
[40] ـ أخرجه الدارمي (1594) ، وابن خزيمة (1106) ، والطحاوى (1/341) ، وابن حبان (2577) ، والدارقطنى (2/36) ، والطبراني (1410) ،. والبيهقي (4604) . وأخرجه أيضا : الرويانى (644) . وصححه الألباني في "الصحيحة" (1993 )
[41] ـ "صحيح ابن خزيمة"(2/159)
[42] ـ أخرجه أحمد (2116 ،والنسائي(1699) ،وأبو داود(1424)،وابن ماجه (1161) وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 1699)
[43] ـ أخرجه الطيالسى (1095) ، وأحمد (16339) ، وأبو داود (1439) ، والترمذى (470). والنسائي (1679) ، وابن خزيمة (1101) ، والطبراني (8247) ، والبيهقي (4622) ، والضياء (166) وقال : إسناده صحيح . وأخرجه أيضا : ابن حبان (2449) ، والطحاوى (1/342) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 1679)
[44] ـ "سنن الترمذي"(2/333)
[45] ـ "سنن الترمذي" (2/334).
[46] ـ أخرجه النسائي (612)،وصحح إسناده الألباني في "صحيح سنن النسائي"(612)،وقال : إن كان محمد بن المنتشر سمع ابن مسعود ، و قصة النوم صحيحة،وصححه محمد على آدم الأثيوبي في "ذخيرة العقبى"(18/49)
[47] ـ أخرجه أحمد (11284) ،وابن ماجه (118واللفظ له،والترمذي (465)،وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"(118.
[48] ـ أخرجه مسلم ( 746 )
[49] ـ "الموطأ" (1/127)
[50] ـ "ذخيرة العقبى"(18 / 50)
[51] ـ أخرجه البخاري ، في "الأدب المفرد" (699) ،وابن خزيمة (1100)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (609)،وصححه الألباني في "قيام رمضان" ( ص: 26 27 )
[52] ـ أخرجه البيهقي (4401)،ومالك (253) بإسناد صحيح.
[53] ـ أخرجه البخاري (957).
[54] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (6911)،وحسّن إسناده الحافظ في " الدراية " (ص 115)، وحسّن إسناده الألباني في"أصل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "(3/191)
[55] ـ "مجموع الفتاوى"(23/100)
[56] ـ أخرجه أحمد (21485)،وأبو داود (1375)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(1375).
[57] ـ أخرجه البخاري (882)،ومسلم (761).
[58] ـ "فتح الباري"(3/14)
[59] ـ صلاة التراويح (ص14) بتصرف.
[60] ـ "لسان العرب" مادة "روح"، وانظر: "فتح الباري" (4/294)، و"سبل السلام" (2/23)، و"النهاية" لابن الأثير (2/274).
[61] ـ أخرجه البيهقي (4381)،وصححه الألباني في"قيام رمضان"(ص :15)
[62] ـ أي: إذا ناموا ولم يصلوا التراويح ثم قاموا آخر الليل فصلوا فهو أفضل
[63] ـ أخرجه البخاري (1906)
[64] ـ "سنن الترمذي"(3/169)
[65] ـ أخرجه البيهقي (4791)،وابن أبي شيبة (7742)وإسناده صحيح.
[66] ـ "دقائق أولي النهى" (1/2245)
[67] ـ "المجموع" (3/526)
[68] ـ "نيل الأوطار" (3/62)
[69] ـ "المغني" (1/335) بتصرف يسير.
[70] ـ "المجموع" (4/27)
[71] ـ "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (11/117) .
[72] ـ "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (14/231 ـ232)
[73] ـ"المنتقى من فتاوى الفوزان"(س 16)
[74] ـ أخرجه البيهقي (4392)، ومالك (232) وصححه الألباني في "المشكاة" ( 1302)
[75] ـ أخرجه مالك (381)،البيهقي (4401) وصححه الألباني في "المشكاة"(1/290)
[76] ـ أخرجه عبد الرزاق (7739) وسنده حسن.
[77] ـ "الحلية"(3/120)
[78] ـ أخرجه البيهقي (2254)
[79] ـ أخرجه البيهقي (7226)،وأبو نعيم في "الحلية"(6/171)
[80] ـ"المدخل" لابن الحاج (2/299)
[81] ـ "فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .
[82]ـ أخرجه مسلم ( 438 )
[83] ـ "مجموع الفتاوى"(23/409)
[84] ـ "الشرح الممتع"(4/ 29
[85] ـ " مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان "(1/289)
[86] ـ "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/32)
[87] ـ "تمام المنة"(1/ 282)