أشياء يظن أنها من المفطّرات وهي ليست كذلك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد :
فهذه الحلقة الخامسة في ذكر بعض الفوائد والأحكام المتعلقة بالصيام، وبيان أن بعض المسائل يظنها البعض من المفطّرات وهي ليست كذلك ، فأحببت التنويه عنها وبيانها وتسليط الضوء عليها لعل الله أن ينفع بها ،ويكتب لنا الأجر والمثوبة من عنده ،إنه جواد كريم.
أن يصبح يوم الصيام جنبا :
من أصبح وهو جنب فصومه صحيح ولا قضاء عليه على الصحيح من قولي أهل العلم ،من غير فرق بين أن تكون الجنابة من جماعٍ أو من احتلامٍ أو من فورة شهوة ، كذلك إذا طهرت الحائض قبل الفجر فإنها تنوي الصيام ويصح صومها ، ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر ،وبه قال جماهير الصحابة رضي الله عنهم ،واستقر الإجماع على ذلك.
فعن أبي بكر قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقص يقول في قصصه من أدركه الفجر جنبا فلا يصم فذكرت ذلك لعبدالرحمن بن الحارث ( لأبيه ) فأنكر ذلك فانطلق عبدالرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة طما فسألهما عبدالرحمن عن ذلك قال فكلتاهما قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم قال فانطلقنا حتى دخلنا على مروان فذكر له ذلك عبدالرحمن فقال مروان عزمت عليك إلا ماذهبت إلى أبي هريرة فرددت عليه ما يقول قال فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله قال فذكر له عبدالرحمن فقال أبو هريرة أهما قالتاه لك ؟ قال نعم قال هما أعلم ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم
قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك
قلت لعبدالملك أقالتا في رمضان ؟ قال كذلك كان يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم.[1]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كان ليصبح جنباً من جماعٍ غير احتلامٍ ثم يصومه.[2]
وفي رواية : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصبح جنباً من جماع لا من حُلُم ، ثم لا يفطر ولا يقضي.[3]
وعن أبي يونس مولى عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال : يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جُنُبٌ فأصومُ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا تدركني الصلاة وأنا جُنُبٌ فأصوم .[4]
وعن سليمان بن يسار رحمه الله أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرجل يصبح جنبا أيصوم ؟ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم .[5]
وعن مروان رحمه الله أنه أرسل إلى أم سلمة رضي الله عنها يسأل عن الرجل يصبح جنباً أيصوم ؟ فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماعٍ لا من حلم ثم لا يفطر ولا يقضي.[6]
وقدجزم النووي بأنه استقر الإجماع على ذلك ، فقال رحمه الله:أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام ، أو جماع ، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين.
ثم قال رحمه الله : وحكي عن الحسن بن صالح إبطاله ، وكان عليه أبو هريرة ، والصحيح أنه رجع عنه كما صرح به هنا في رواية مسلم ، وقيل : لم يرجع عنه وليس بشيء .
وحكي عن الحسن البصري والنخعي أنه يجزئه في صوم التطوع دون الفرض .
وحكي عن سالم بن عبد الله ، والحسن البصري والحسن بن صالح ، يصومه ويقضيه ، ثم ارتفع هذا الخلاف ، وأجمع العلماء بعد هؤلاء على صحته.
فقد أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع وبه قال جماهير الصحابة والتابعين .[7]
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : العمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.[8]
الاحتلام في نهار رمضان :
من احتلم في نهار رمضان ثم استيقظ فلا شيء عليه على الراجح من أقوال أهل العلم ،لأنه يحصل بدون اختيار الصائم
قال النووي رحمه الله : إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع ; لأنه مغلوب كمن طارت ذبابة فوقعت في جوفه بغير اختياره , فهذا هو المعتمد في دليل المسألة ، وأما الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم ) فحديث ضعيف لا يحتج به.[9]
وقال ابن قدامة رحمه الله :ولو احتلم لم يفسد صومه , لأنه عن غير اختيار منه , فأشبه ما لو دخل حلقه شيء وهو نائم .[10]
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: عن شخص نام في نهار رمضان واحتلم وخرج منه المني ، هل يقضي هذا اليوم ؟
فأجاب بقوله:
ليس عليه قضاء ؛ لأن الاحتلام ليس باختياره ، ولكن عليه الغسل إذا وجد المني. اهـ[11]
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :عمن احتلم في نهار رمضان ؟
فأجاب بقوله :
صيامه صحيح ، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم ؛ لأنه بغير اختياره ، وقد رفع القلم عنه في حال نومه.[12]
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/274) :من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج أو العمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ولا يؤثر على صيامه وحجه وعمرته وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيا. اهـ
القبلة والمباشرة لمن قدر على ضبط نفسه :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم . ثم تضحك.[13]
وعنها رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر[14] وهو صائم وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه.[15]
وعنها لأيضا قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل فى شهر الصوم.[16]
وعن حفصة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم.[17]
وعن عمر رضي الله عنهم أن أبي سلمه ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سَألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم : " َيُقَبلُ الصائمُ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل هذه-أم سلمة- فأَخْبَرْتهُ أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم لهُ .[18]
وعن عمر رضي الله عنهمان الخطاب رضي الله عنه قال: هششت[19] يوما فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت اليوم أمرا عظيما فقبلت وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أ رأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم". قلت: لا بأس بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ففيم[20].[21]
قال الشيخ الألباني رحمه الله : وفي الحديث –أي :حديث عائشة المتقدم- فائدة أخرى على الحديث الذي قبله ، و هي جواز المباشرة من الصائم ،وهي شيء زائد على القبلة ، و قد اختلفوا في المراد منها هنا ، فقال القاري :" قيل : هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج و قيل هي القبلة و اللمس باليد " .
قلت -أي:الألباني- : و لا شك أن القبلة ليست مرادة بالمباشرة هنا لأن الواو تفيد المغايرة ، فلم يبق إلا أن يكون المراد بها إما القول الأول أو اللمس باليد ، و الأول ، هو الأرجح لأمرين :
الأول : حديث عائشة الآخر قالت : " كانت إحدانا إذا كانت حائضا ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت : و أيكم يملك إربه " . رواه البخاري ( 1 / 320 ) و مسلم ( 1 / 166 ، 167 ) و غيرهما . فإن المباشرة هنا هي المباشرة في حديث الصيام فإن اللفظ واحد ، و الدلالة واحدة والرواية واحدة أيضا ، و كما أنه ليس هنا ما يدل على تخصيص المباشرة بمعنى دون المعنى الأول ، فكذلك الأمر في حديث الصيام ، بل إن هناك ما يؤيد المعنى المذكور ، و هو الأمر الآخر ، و هو أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد فسرت المباشرة بما يدل على هذا المعنى و هو قولها في رواية عنها :كان يباشر و هو صائم ، ثم يجعل بينه و بينها ثوبا يعني: الفرج...
وفي هذا الحديث فائدة هامة وهو تفسير المباشرة بأنه مس المرأة فيما دون الفرج ، فهو يؤيد التفسير الذي سبق نقله عن القاري ، وإن كان حكاه بصيغة التمريض ( قيل ) : فهذا الحديث يدل على أنه قول معتمد ، وليس في أدلة الشريعة
ما ينافيه ، بل قد وجدنا في أقوال السلف ما يزيده قوة ، فمنهم راوية الحديث عائشة نفسها رضي الله عنها ، فروى الطحاوي ( 1 / 347 ) بسند صحيح عن حكيم بن عقال أنه قال : سألت عائشة : ما يحرم علي من امرأتي و أنا صائم ؟ قالت : فرجها و حكيم هذا وثقه ابن حبان و قال العجلي : " بصري تابعي ثقة " . وقد علقه البخاري ( 4 / 120 بصيغة الجزم : " باب المباشرة للصائم ، و قالت عائشة رضي الله عنها: يحرم عليه فرجها.
وقال الحافظ : وصله الطحاوي من طريق أبي مرة مولى عقيل عن حكيم بن عقال .... و إسناده إلى حكيم صحيح .
ويؤدي معناه أيضا ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن مسروق : سألت عائشة : ما يحل للرجل من امرأته صائما ؟ قالت . كل شيء إلا الجماع.
قلت : و ذكره ابن حزم ( 6 / 211 ) محتجا به على من كره المباشرة للصائم ، ثم تيسر لي الرجوع إلى نسخة " الثقات " في المكتبة الظاهرية ، فرأيته يقول فيه( 1 / 25 ) :يروي عن ابن عمر ، روى عنه قتادة ، وقد سمع حكيم من عثمان بن عفان.
ووجدت بعض المحدثين قد كتب على هامشه :العجلي : هو بصري تابعي ثقة.
ثم ذكر ابن حزم عن سعيد بن جبير أن رجلا قال لابن عباس : إني تزوجت ابنة عم لي جميلة ، فبني بي في رمضان ، فهل لي - بأبي أنت و أمي - إلى قبلتها من سبيل ؟
فقال له ابن عباس : هل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : قبّل ، قال : فبأبي أنت وأمي هل إلى مباشرتها من سبيل ؟ ! قال : هل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : فباشرها ، قال : فهل لي أن أضرب بيدي على فرجها من سبيل ؟ قال : و هل تملك نفسك ؟ قال : نعم ، قال : اضرب .
قال ابن حزم : " و هذه أصح طريق عن ابن عباس " .
قال : " و من طريق صحاح عن سعد بن أبي وقاص أنه سئل أتقبل و أنت صائم ؟
قال : نعم ، و أقبض على متاعها ، و عن عمرو بن شرحبيل أن ابن مسعود كان يباشر امرأته نصف النهار و هو صائم . و هذه أصح طريق عن ابن مسعود " .
قلت : أثر ابن مسعود هذا أخرجه ابن أبي شيبة ( 2 / 167 / 2 ) بسند صحيح على شرطهما ، و أثر سعد هو عنده بلفظ " قال : نعم و آخذ بجهازها " و سنده صحيح على شرط مسلم ، و أثر ابن عباس عنده أيضا و لكنه مختصر بلفظ : فرخص له في القبلة و المباشرة و وضع اليد ما لم يعده إلى غيره. وسنده صحيح على شرط البخاري .
وروى ابن أبي شيبة ( 2 / 170 / 1 ) عن عمرو بن هرم قال : سئل جابر بن زيد عن رجل نظر إلى امرأته في رمضان فأمنى من شهوتها هل يفطر ؟
قال : لا ، و يتم صومه " .
وترجم ابن خزيمة للحديث بقوله :"باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم ، و الدليل على أن اسم الواحد قد يقع على فعلين أحدهما مباح ، و الآخر محظور.اهـ[22]
وعن أبى هريرة أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فسأله فنهاه. فإذا الذى رخص له شيخ والذى نهاه شاب.[23]
و عائشة رضي الله عنها قالت : أن النبي صلى الله عليه وسلم يقبل في رمضان وهو صائم.[24]
قال الشيخ الألباني رحمه الله : و الحديث دليل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان ، و قد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال أرجحها الجواز ، على أن يراعى حال المقبل ، بحيث أنه إذا كان شابا يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه ، امتنع من ذلك ، و إلى هذا أشارت عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها " .. و أيكم يملك إربه " بل قد روى ذلك عنها صريحا ، فقد أخرج الطحاوي ( 1 / 346 ) من طريق حريث بن عمرو عن الشعبي عن مسروق عنها قالت : ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم و باشرني و هو صائم ! أما أنتم فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف ، و حريث هذا أورده ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 263 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، بل جاء هذا مرفوعا من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم يقوي بعضها بعضا ، بعضها عن عائشة نفسها ، و يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم :" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " و لكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ ، ليس على سبيل التحديد بل التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة ، و إلا فالضابط في ذلك قوة الشهوة و ضعفها ، أو ضعف الإرادة و قوتها ، و على هذا التفصيل نحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها ، فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقا كحديثها هذا ، لاسيما و قد خرج جوابا على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات . و قال : ( و لكم في رسول الله أسوة حسنة )
وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب ، لقولها :" و أنا صائمة " فقد توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم و عمرها ( 18 ) سنة .
ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو صائم ، فقالت له عائشة ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها و تلاعبها ؟ فقال : أقبلها و أنا صائم ؟ ! قالت : نعم .
أخرجه مالك ( 1 / 274 ) و عنه الطحاوي ( 1 / 327 ) بسند صحيح .
قال ابن حزم ( 6 / 211 ) :" عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها ، و كانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة " .
وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما ، و لهذا قال الحافظ في" الفتح " ( 4 / 123 ) بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي : " .. فقال : وأنا صائم ، فقبلني " : " و هذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة و التقبيل لا للتفرقة بين الشاب و الشيخ ، لأن عائشة كانت شابة ،نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق.[25]اهـ
الاغتسال والصب على الرأس للتبرد :
عن عبد الرحمن أنه أخبر مروان أن عائشة وأم سلمة أخبرتاه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم.[26]
وعن أبى بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس فى سفره عام الفتح بالفطر وقال : تقووا لعدوكم . وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قال الذى حدثنى لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر.[27]
قال ابن قدامة رحمه الله : لا بأس أن يغتسل الصائم.[28]
وجاء في "عون المعبود"(6/352) : فيه دليل على أنه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ولم يفرقوا بين الاغتسال الواجبة والمسنونة والمباحة.اهـ
وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله بابا فقال:"باب اغتسال الصائم" وبل ابن عمر رضي الله عنهما ثوبا فألقاه عليه وهو صائم ودخل الشعبي الحمام وهو صائم..وقال الحسن لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم .[29]
قال الحافظ رحمه الله : قوله : ( باب اغتسال الصائم ) أي :بيان جوازه .
قال الزين بن المنير : أطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة ، وكأنه يشير إلى ضعف ما روي عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام أخرجه عبد الرزاق وفي إسناده ضعف.[30]
السباحة والغوص في الماء :
"لا بأس أن يغوص الصائم في الماء ، أو يعوم فيه -أي يسبح- لأن ذلك ليس من المفطرات ، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة ، أو على التحريم ، وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة ، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به".[31]
وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله بابا فقال: "باب اغتسال الصائم". وبل ابن عمر رضي الله عنهما ثوبا، فألقاه عليه وهو صائم
ودخل الشعبي الحمام وهو صائم ..وقال الحسن: " لا بأس بالمضمضة، والتبرد للصائم ..وقال أنس: إن لي أبزن أتقحم فيه وأنا صائم.[32]
قال ابن حجر رحمه الله :الأبزن : حجر منقور شبه الحوض ، وكأن الأبزن كان ملآن ماءً فكان أنس إذا وجد الحر دخل فيه يتبرد بذلك.[33]
وعن ابن عباس رضي الله عنهماأنه :دخل الحمام وهو صائم ، هو وأصحاب له ، في شهر رمضان.[34]
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"[35]: تجوز السباحة في نهار رمضان ، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه.اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :لا بأس للصائم أن يسبح ، وله أن يسبح كما يريد ، وينغمس في الماء ، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع ، وهذه السباحة تنشط الصائم وتعينه على الصوم ، وما كان منشطاً على طاعة الله فإنه لا يمنع منه ، فإنه مما يخفف العبادة على العباد ، وييسرها عليهم ، وقد قال الله تبارك وتعالى في معرض آيات الصوم : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
والنبي عليه الصلاة والسلام قال : إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. والله أعلم.[36]
مسألة :
لكن إذا غلب على ظنه دخول الماء إلى جوفه بسبب السباحة ، فلا يجوز له هذا الفعل ، ويحرم عليه أن يمارس السباحة في نهار رمضان ، فكل ما أدى ألى محرم فهو محرم ، والوسائل لها أحكام المقاصد، ودليل ذلك :
ما جاء عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله , أخبرني عن الوضوء ؟ قال : أسبغ الوضوء , وخلل بين الأصابع , وبالغ في الاستنشاق , إلا أن تكون صائما.
قال الإمام أحمد رحمه الله :في الصائم ينغمس في الماء إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه .
وكره الحسن والشعبي أن ينغمس في الماء خوفا أن يدخل في مسامعه .[37]
وقال الأذرعي رحمه الله (من فقهاء الشافعية) : لو عرف من عادته أنه يصل الماء إلى جوفه من ذلك لو انغمس ، ولا يمكنه التحرز عن ذلك ، حرم عليه الانغماس.[38]
المضمضة والإستنشاق من غير مبالغة:
لا حرج أن يتمضمض الصائم بالماء ، أو بالماء والملح ، لاسيما إذا كانت هناك حاجة لذلك كتخفيف الألم ونحوه ، بشرط أن يتحرز من وصول شيء إلى جوفه ، فإن وصل إلى جوفه شيء عن طريق الخطأ فلا إثم عليه ، وصيامه صحيح .
عن لقيط بن صبرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.
قال الحافظ رحمه الله :قال ابن المنذر :أجمعوا على أنه لاشيء على الصائم فيما يبتلعه مما يجري مع الريق مما بين أسنانه مما لايقدر على إخراجه.[39]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لو طار إلى جوف الصائم غبار أو دخل فيه شيء بغير اختياره أو تمضمض أو استنشق فنزل إلى جوفه شيء من الماء بغير اختياره فصيامه صحيح ولا قضاء عليه.[40]
وسئل رحمه الله : عن التمضمض من شدة الحر هل يفسد الصوم ؟
فأجاب بقوله :
لا يفسد الصوم بذلك ؛ لأن الفم في حكم الظاهر ، ولهذا يتمضمض الصائم في صيامه ولا يفطر به ، ومن ثم كانت المضمضمة واجبة في الوضوء ، ولو لم يكن الفم في حكم الظاهر من الجسد ما كان غسله واجبا في الوضوء ، ثم إن المضمضمة بالماء إذا يبس الفم من شدة الحر مما ييسر الصوم ويسهله ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه من العطش في شدة الحر وهو صائم .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبلّ ثوبه في صومه ويلبسه ليبرد على جسده ، وكان لأنس بن مالك رضي الله عنهما حوض يملؤه ماء فيسبح فيه وهو صائم ، كل هذا مما يدل على أن فعل ما يخفف الصوم على الإنسان جائز ولا بأس به ، ولكن ليحذر هذا المتمضمض من تسرب الماء إلى داخل جوفه ، فإن ذلك يكون خطرا ، ولكن مع هذا لو تسرب الماء إلى جوفه على هذه الحال بدون اختياره فإنه ليس عليه في ذلك بأس.[41]
مسألة :
إذا بالغ في الاستنشاق - ومثله إذا انغمس في الماء وسبح في نهار رمضان - فدخل الماء إلى جوفه عن غير قصد منه ، سواء كان يغلب على ظنه عدم دخول الماء أو لا ، هل يحكم بإفطاره ؟
اختلف في ذلك أهل العلم ،والصحيح عدم البطلان ، وهو قول لبعض التابعين ، ووجه عند الحنابلة ، اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغيره من أهل العلم.[42]
تذوق الطعام للحاجة مالم يصل الى الجوف :
تذوق الطعام للحاجة في حالة الصوم لا بأس بذلك مالم يصل إلى الجوف ، إذا لم يتعمد ابتلاع شيء من ذلك وهو الراجح من أقوال أهل العلم.
عن ابن عباس رضي الله عنهماقال :لابأس أن يذوق الخل أو الشيء مالم يدخل حلقه وهو صائم.[43]
وقال الإمام أحمد رحمه الله : أحب أن يجتنب ذوق الطعام فإن فعل لا بأس.[44]
قال ابن تيمية رحمه الله :وذوق الطعام يكره لغير حاجة لكن لايفطره وأما للحاجة فهو كالمضمضة.[45]
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/332): لا حرج في تذوق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة ، وصيامه صحيح إذا لم يتعمد ابتلاع شيء منه اهـ .
قال ابن سيرين رحمه الله : لا بأس بالسواك الرطب –يعني للصائم- قيل : له طعم . قال : والماء له طعم ، وأنت تمضمض به.اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يكره أن يذوق طعاما كالتمر والخبز والمرق ، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس .
ووجه هذا : أنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر به فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم ، وأيضا ربما يكون مشتهيا الطعام كثيرا ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به ، وربما يمتصه بقوة ، ثم ينزل إلى جوفه . والحاجة مثل : أن يكون طباخا يحتاج لينظر ملحه ، أو حلاوته ، أو ما أشبه ذلك.[46] اهـ
وسئل رحمه الله مانصه: في هل يبطل الصوم بتذوق الطعام ؟
فأجاب بقوله:
لا يبطل الصوم ذوق الطعام إذا لم يبتلعه ، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه ، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنك بغير قصد فصومك لا يبطل.[47]
الحجامة :
اختلف أهل العلم في الحجامة للصائم هل هي من المفطّرات أم لا ، والراجح من قولي العلماء أنها لا تفطّر ، وبه قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وأم سلمة وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير والثوري ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهماقال : احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم.[48]
وفي لفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم.[49]
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصيام والحجامة للصائم إبقاء على أصحابه ولم يحرمها .[50]
وعن ثابت البناني قال : سئل أنس بن مالك بأكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال : لا ، إلا من أجل الضعف.[51]
وفي لفظ : ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهية الجهد.[52]
وعن مالك عن ابن شهاب : أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان.[53]
وعن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان يحتجم وهو صائم ، ثم لا يفطر . قال : وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم.[54]
حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ والناسخ له حديثان :
وأما ما ثبت عن ثوبان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :أفطر الحاجم والمحجوم.[55]
فهو حديث منسوخ بحديثين وهما :
الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : رخص رسول الله في القبلة للصائم والحجامة. [56]
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال : أول ما كرهت الحجامة للصائم ، أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أفطر هذان ، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم ، وكان أنس يحتجم وهو صائم.[57]
والرخصة إنما تكون بعد العزيمة فيكون الحديثان نصا في النسخ فوجب العمل بهما.
والقاعدة أنه إذا وجد حديثان متعارضان، ولم يمكن الجمع بينهما، لم يجز إعمال قواعد الترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا إذا جهل التاريخ، وهنا قد علمنا المتقدم من المتأخر فيكون المتأخر ناسخا للمتقدم، كيف وحديث أنس وأبي سعيد صريحان في نسخ الفطر بالحجامة.
وكذلك أيضا؛ فالتبرع بالدم لا يفطر المتبرع الصائم ولا يفطر الطبيب الذي يأخذ الدم،والذي يرى أن الحجامة تفطر سيستلزم عليه أن يقول بفطر الممرض الذي يسحب الدم للمريض أو المتبرّع.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الصوم مما دخل وليس مما خرج .[58]
وعن عكرمة رحمه الله قال: الإفطار مما دخل وليس مما خرج.
وممن قال بنسخ حديث :"أفطر الحاجم والمحجوم"،الإمام الشافعي والخطابي والبيهقي وابن حزم والألباني وغيرهم.
وجاء فى "اختلاف الحديث"(1/197): قال الربيع بن سليمان : قال الشافعي : أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح ، فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان ، فقال وهو آخذ بيدي : أفطر الحاجم والمحجوم . أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم محرما صائما.اهـ
قال الشافعي رحمه الله : وسماع شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، ولم يكن يومئذ محرما ، ولم يصحبه محرم قبل حجة الإسلام ، فذكر ابن عباس حجامة النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الإسلام سنة عشر ، وحديث " أفطر الحاجم والمحجوم " في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين ،فإن كانا ثابتين ، فحديث ابن عباس ناسخ ، وحديث إفطار "الحاجم والمحجوم"منسوخ .[59]
وقال رحمه الله: ومع حديث ابن عباس القياس ؛ أن ليس الفطر من شيء يخرج من جسده إلا أن يخرج الصائم من جوفه متقيأ ، وأن الرجل قد يقبل وهو متلذذ فلا يبطل صومه ، ويعرق ويتوضأ ويخرج منه الخلاء والريح والبول ويغتسل ويتنور فلا يبطل صومه ، وإنما يفطر من إدخال شئٍ البدن ، أو التلذذ بالجماع أو التقيؤ ، فيكون على هذا إخراج شيء من جوفه كما عمد إدخاله فيه قال : والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وعامة المدنيين أنه : لا يفطر أحد بالحجامة.[60]
قال ابن عبد البر رحمه الله : والقول عندي في هذه الأحاديث أن حديث ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم صائماً محرماً، ناسخ لقوله صلى الله عليه وسلم : أفطر الحاجم والمحجوم ، لأن في حديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ عام الفتح على رجل يحتجم لثماني عشر ليلة خلت من رمضان فقال : أفطر الحاجم والمحجوم، فابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته يومئذ محرم صائم فإذا كانت حجامته × عام حجة الوداع فهي ناسخة لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان لأنه توفي في ربيع الأول صلى الله عليه وسلم وإنما وجه النظر والقياس في ذلك بأن الأحاديث متعارضة متدافعة في إفساد صوم من احتجم فأقل أحوالها أن يسقط الاحتجاج بها والأصل أن الصائم لا يقضى بأنه مفطر إذا سلم من الأكل والشرب والجماع إلا بسنة لا معارض له . ووجه آخر من القياس وهو ما قاله ابن عباس : الفطر مما دخل لا مما خرج.[61]
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله : صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، ولكن وجدنا من حديث أبي سعيد: "أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم" وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به؛ لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة، سواء كان حاجما أو محجوما" ولفظة "أرخص" لا تكون إلا بعد نهي؛ فصح بهذا الخبر نسخ الخبر الأول.[62]
قال الألباني رحمه الله : فائدة : حديث أنس هذا صريح في نسخ الأحاديث المتقدمة ( أفطر الحاجم والمحجوم ).[63] .
ثم قال رحمه الله بعد أن ذكر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم والحجامة.
قلت –أي الألباني- : فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه وهو نص في النسخ فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله.[64]
كراهية الحجامة إذا خشي منها الضعف :
عن ثابت البناني أنه قال لأنس بن مالك رضي الله عنهما :أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله؟ قال: لا إلا من أجل الضعف.
أي: لم يكونوا يكرهون الحجامة؛ لأنها تفطر، ولكن كانوا يكرهونها خشية أن يضعف الصائم فتؤدي به إلى الإفطار.
وجاء في"الموطأ"(1/27 : "باب ما جاء في حجامة الصائم" . عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : أنه كان يحتجم وهو صائم ، قال : ثم ترك ذلك بعد ، فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر . وعن مالك عن ابن شهاب : أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان . وعن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان يحتجم وهو صائم ، ثم لا يفطر . قال : وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم.
قال مالك: لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف ، ولولا ذلك لم تكره . ولو أن رجلا احتجم في رمضان ، ثم سلم من أن يفطر ؛ لم أر عليه شيئا ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه ، لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير بالصيام . فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي ؛ فلا أرى عليه شيئا ، وليس عليه قضاء ذلك اليوم.اهـ
وقال الشوكاني رحمه الله:فيجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة –أي التنزيهية-في حق من كان يضعف بها، وتزداد الكراهة إذا كان الضعف يبلغ على حد يكون سبباً للإفطار، ولا تكره في حق من كان لا يضعف بها، وعلى كل حال تجنب الحجامة للصائم أولى.[65]
خروج الدم :
خروج الدم من الإنسان، -غير دم الحيض والنفاس-؛ كالتبرع بالدم، أو إخراجه للتحليل، أو خروجه بسبب رعاف أو جرح، أو بالاستحاضة، وغير ذلك ، لا يفطّر على الصحيح من أقوال أهل العلم ،لأن الأصل البراءة الأصلية عدم الفطر إلا إذا دل الدليل على كونه من المفطرات، ولا دليل على ذلك.
أما قياس خروج الدم للتبرع والتحليل وما شابه ذلك على الحجامة فغير مسلّم ولذلك فإن من يرى التبرع بالدم مفطرا، فإنه يجعل الفطر خاصا بالمتبرع دون الطبيب أو الممرض الذي يقوم بسحب الدم وهذا تناقض فإنه يلزم القول بفطر الطبيب أو الممرض كذلك.
ثانيا: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم :"أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ وقد بيّنا أن الحجامة للصائم ليست من المفطرات وإنما تكره إذا خشي منها الضّعف.
النوم :
الصائم إذا استيقظ في النهار -ولو لحظة واحدة- فصيامه صحيح بإجماع أهل العلم، فإن لم يستيقظ في جميع النهار فصيامه صحيح على الراجح من قولي العلماء ،لأن النوم لا ينافي الصيام.[66]
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء"(10/212)مانصه: هل الإنسان في أيام رمضان إذا تسحر ثم صلى الصبح ونام حتى صلاة الظهر ثم صلاها ونام إلى صلاة العصر ثم صلاها ونام إلى وقت الفطر هل صيامه صحيح؟
فأجابت بما يلي:
إذا كان الأمر كما ذكر فالصيام صحيح ولكن استمرار الصائم غالب النهار نائما تفريط منه ، لا سيما وشهر رمضان زمن شريف ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من كثرة قراءة القرآن وطلب الرزق وتعلم العلم.
وهذه نصيحة من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله للصائم وغيره باستغلال وقته وعدم إضاعته بالنوم فقال:
لا حرج في النوم نهارا وليلا إذا لم يترتب عليه إضاعة شيء من الواجبات ولا ارتكاب شيء من المحرمات ، والمشروع للمسلم سواء كان صائما أو غيره عدم السهر بالليل ، والمبادرة إلى النوم بعدما يسر الله له من قيام الليل ، ثم القيام إلى السحور إن كان في رمضان ، لأن السحور سنة مؤكدة وهو أكلة السحر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : تسحروا فإن في السحور بركة . متفق على صحته . وقوله صلى الله عليه وسلم : فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر .رواه مسلم في صحيحه .
كما يجب على الصائم وغيره المحافظة على جميع الصلوات الخمس في الجماعة والحذر من التشاغل عنها بنوم أو غيره ، كما يجب على الصائم وغيره أداء جميع الأعمال التي يجب أداؤها في أوقاتها للحكومة أو غيرها وعدم التشاغل عنها بنوم أو غيره ، هكذا يجب عليه السعي في طلب الرزق الحلال الذي يحتاج إليه هو ومن يعول ، وعدم التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره .
والخلاصة أن وصيتي للجميع من الرجال والنساء والصوام وغيرهم هي تقوى الله جل وعلا في جميع الأحوال ، والمحافظة على أداء الواجبات في أوقاتها على الوجه الذي شرعه الله ، والحذر كل الحذر من التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره من المباحات أو غيرها ، وإذا كان التشاغل عن ذلك بشيء من المعاصي صار الإثم أكبر والجريمة أعظم .
أصلح الله أحوال المسلمين ، وفقههم في الدين وثبتهم على الحق ، وأصلح قادتهم إنه جواد كريم .[67]
استعمال السواك:
السواك مستحب في جميع الأوقات في الصيام وغير الصيام ، في أول النهار وآخره والأدلة على ذلك ما يلي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.[68]
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب.[69]
وعن ابن عباس رضي الله عنهماعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت بالسواك حتى خفت على أسناني.[70]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: يستاك أول النهار وآخره.[71]
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه :لم يكن يرى بأسا بالسواك للصائم.[72]
وعنه رضي الله عنه أنه: كان يستاك إذا أراد أن يروح إلى الظهر وهو صائم.[73]
عن زياد بن حُدَير :ما رأيت أحدا أدأب سواكا و هو صائم من عمر , أراه قال : بعود قد ذوي.[74]
وعن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم ؟ قال: نعم ، قلت : أي النهار ؟ قال غدوة أو عشية . قلت إن الناس يكرهونه عشية و يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
قال : سبحان الله !! لقد أمرهم بالسواك وما كان بالذي يأمرهم أن ييبسوا أفواهم عمدا ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر.[75]
وقال ابن سيرين رحمه الله : لا بأس بالسواك الرطب قيل له طعم قال والماء له طعم وأنت تمضمض به.[76]
ففي هذه الأحاديث والآثار دليل على استحباب السواك في جميع الأوقات ، ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم الصائم ، بل عموم الأحاديث تشمل الصائم وغير الصائم .
وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله بابا فقال : "باب السواك الرطب واليابس للصائم" ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم ذكره ثم قال: ولم يخص الصائم من غيره.[77]
قال الحافظ رحمه الله :أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من كره للصائم الاستياك بالسواك الرطب . . .وقد تقدم قياس ابن سيرين السواك الرطب على الماء الذي يتمضمض به ...
"ولم يخص صائما من غيره" أي: ولم يخص أيضا رطبا من يابس , وبهذا التقرير تظهر مناسبة جميع ما أورده في هذا الباب للترجمة , والجامع لذلك كله قوله في حديث أبي هريرة : "لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء", فإنه يقتضي إباحته في كل وقت وعلى كل حال.[78]
قال ابن تيمية رحمه الله : وأما السواك فجائز بلا نزاع لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد ولم يقم على كراهيته دليل شرعي يصلح أن يخص عمومات نصوص السواك.[79]
وقال ابن القيم رحمه الله : ويستحب -يعني السواك- للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث فيه ولحاجة الصائم إليه ، و لأنه مرضاة للرب ، ومرضاته في مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر ولأنه مطهرة للفم والطهور للصائم من أفضل أعمال..[80]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الصواب أن التسوك للصائم سنة في أول النهار وفي آخره.[81]
مسألة :
ويجوز بلع الريق بعد السواك ، إلا إذا كان تحلل من السواك شيء في الفم فإنه يخرجه ثم يبتلع ريقه ،كما أن الصائم يجوز له أن يتوضأ ثم يخرج الماء من فمه ثم يبتلع ريقه ولا يلزمه أن يجفف فمه من ماء المضمضة .
قال االنووي رحمه الله : قال المتولي وغيره : إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء , ولا يلزمه تنشيف فمه بخرقة ونحوها بلا خلاف.[82]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر ، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ، ويخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه.[83]
استعمال البخاخ للربو لا يفطر الصائم :
استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفسد الصيام على الصحيح من قولي العلماء ، لأنه ليس بطعام ولا في معناه ،ولأنه غاز وهو مما يحتاج إليه في رمضان وفي غيره.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة ، فحينئذ نقول : لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم ، ولا تفطر بذلك .[84]
وسئل رحمه الله ما نصه : في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟
فأجاب بقوله:
استعمال هذا البخاخ جائز للصائم، سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان، وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية، فتنفتح لما فيه من خاصية، ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو بمعنى الأكل ولا الشرب، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.
ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو قياس صحيح.[85]
وجاء عن "اللجنة الدائمة للإفتاء" (فتوى رقم 1240) مانصه:دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقا يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة ، فليس أكلا ولا شربا ولا شبيها بهما ...والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء.اهـ
استعمال الكحل,والطيب ،وقطرة العين والأذن والأنف ,والحقنة الشرجية ,والتقطير في الإحليل كإبرة الدواء ,ودواء الربو الذي يستنشقه المريض ,ودواء المأمومة[86] والجائفة[87] ,وبلع النخامة ولا يجب نزع تقويم الفك من الفم لأجل الصيام:
استعمال هذه الأشياء لاتفطر على الصحيح من قولي العلماء ، لأن الأصل استصحاب البراءة الأصلية ولأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معناهما، والأصل عدم كون الشيء مفطرا إلا إذا دل الدليل على اعتباره مفطرا، ولا دليل.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه :إذا كان صوم أحدكم ,فليصبح دهينا مترجلا .
قال ابن سيرين رحمه الله :لابأس بالسواك الرطب ,قيل له طعم ,قال والماء له طعم تمضمض به .
قال ابن تيمية رحمه الله : فإن الصيام من دين الاسلام، الذي يحتاج إلى معرفته الخاص، والعام.
فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة، وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه.
فلما لم ينقل أحد من أهل العلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، لا حديثا صحيحا، ولا ضعيفا، ولا مسندا، ولا مرسلا.[88]
وقال رحمه الله : وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًا، ولابد أن تنقل الأمة ذلك، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجسامًا، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوي به الإنسان، وكذلك يتقوي بالطيب قوة جيدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك دل على جواز تطييبه وتبخيره وادهانه، وكذلك اكتحاله . وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم يجْرَح أحدهم إما في الجهاد وإما في غيره مأمومة وجائفة، فلو كان هذا يفطر لبين لهم ذلك، فلما لم ينه الصائم عن ذلك علم أنه لم يجعله مفطرًا.[89]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لا بأس للصائم أن يكتحل ، وأن يقطر في عينه ، وأن يقطر في أذنيه ، حتى وإن وجد طعمه في حلقه ، فإنه لا يفطر بهذا ؛ لأنه ليس بأكل ولا شرب ، ولا بمعنى الأكل والشرب . والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب ، فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما . وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب.[90]
وقال رحمه الله: والراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيمية -يعني :أن الحقنة الشرجية لا تفطر-[91].
ومن الأمور غير المفطرة - أيضا -: كثير من الوسائل العلاجية، وقد صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورته العاشرة 1418هـ، وأنقل هنا أكثر هذا القرار:
" قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي ما يلي:
أولا: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ما نفذ إلى الحلق.
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية، وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل من تحاميل، أو غسول، أو منظار.
4- إدخال المنظار، أو اللولب، ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل؛ أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، أو منظار، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- غاز الأكسجين.
9- غازات التخدير، ما لم يعط المريض سوائل مغذية.
10- ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد كالدهونات، والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكميائية.
11- إدخال (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير، أو علاج أوعية القلب، أو غيره من الأعضاء.
12- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء، أو إجراء عملية جراحية عليها.
13- أخذ عينات من الكبد، أو غيره من الأعضاء، مالم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
14- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
ثانيا: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق".اهــ
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
الحواشي :
[1] ـ أخرجه مسلم ( 1109 )
[2] ـ أخرجه البخاري (1830)
[3] ـ أخرحه مسلم ( 1109 )
[4] ـ أخرجه مسلم ( 1110 )
[5] ـ أخرجه البخاري (1962) ومسلم (1109)
[6] ـ أخرجه مسلم ( 1109 )
[7] ـ "شرح النووي"(3/181)
[8] ـ عقب حديث (779).
[9] ـ "المجموع"(6/322)
[10] ـ "المغني" (4/363)
[11] ـ"مجموع الفتاوى" (15/276)
[12] ـ "فتاوى الصيام" (ص284)
[13] ـ أخرجه مسلم ( 1106 )
[14] ـ المباشرة:هي مس بشرة الرجل لبشرة المرأة فيما دون الجماع .
[15] ـ (لإربه) : تضبط على وجهين :
إِرْبه : بكسر الهمزة وسكون الراء , ويصح فتح الهمزة والراء ( أَرَبه)
وفيها معنيان:
المعنى الأول : أن المقصود الحاجة أي لأملككم لحاجته .
المعنى الثاني : أن المقصود به نفس العضو أي أملككم لعضوه ، والمعنى الأول أرجح.
[16] ـ أخرجه مسلم ( 1106 )
[17] ـ أخرجه مسلم ( 1107 )
[18] ـ أخرجه مسلم (110
[19] ـ أي : نشطت.
[20] ـ أي: ففيم السؤال.
[21] ـ أخرجه أحمد (13 ، وأبو داود (2385) ، والنسائي فى "الكبرى" (304 ، والدارمي (1724) ، وابن حبان (3544) ، والضياء (99) .و الحاكم (1572) وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والبزار (236) ، وعبد بن حميد (21)
[22] ـ "الصحيحة"(1/433 ـ 437)
[23] ـ أخرجه البيهقي (8339)،وأبو داود(2387)،وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2387)
[24] ـ أخرجه مسلم (1106).
[25] ـ "الصحيحة"(1/ 431 ـ 433)
[26] ـ أخرجه البخاري (1825)،ومسلم (1109).
[27] ـ أخرجه مالك في "الموطأ"(197)،وأحمد (15944)،والبيهقي (840،وأبوداود(2365)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2365)
[28] ـ "المغني" (3/1
[29] ـ "صحيح البخاري"(2/681)
[30] ـ "فتح الباري"(4/153)
[31] ـ من كلام الشيخ ابن عثيمين "فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/285) .
[32] ـ "صحيح البخاري"(3/30)
[33] ـ "فتح الباري" (4/197)
[34] ـ"المغني" (3/1
[35] ـ (10/282)
[36] ـ "فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/284 ـ 285)
[37] ـ "المغني" (3/1 .
[38] ـ"حاشية البجيرمي" (2/74)
[39] ـ "فتح الباري" (4/160)
[40] ـ "مجالس شهر رمضان"(ص : 71)
[41] ـ "فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/288 ـ 289)
[42] ـ انطر : "المجموع" (6/33 ، و"المغني" (3/1 ،و"الشرح الممتع" (6/407) .
[43] ـ انظر : المجموع ( 6 / 346 ) والمغني ( 4 / 344 )
[44] ـ"المغني"(4/359) .
[45] ـ "الفتاوى الكبرى"(2/473)
[46] ـ "الشرح الممتع" (3/261)
[47] ـ "فتاوى الصيام" (ص356)
[48] ـ أخرجه البخاري (1837)،وأحمد (2716) ، وأبو داود (2372)،وابن حبان (3531) ، والحاكم (1566) ، والترمذى (776) ، والنسائي فى "الكبرى" (3215) ، وابن ماجه (1682) .
[49] ـ أخرجه البخاري (1836).
[50] ـ أخرجه أحمد (23121)،وأبوداود(2374)،والبيهقي (8525)،وابن أبي شيبة(9590)،وصححه الألباني في "صحيح سنن ابي داود"( 2374).
[51] ـ أخرجه البخاري (183.
[52] ـ أخرجه أبو داود (2375)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2375).
[53] ـ أخرجه مالك (660)،بإسناد صحيح.
[54] ـ أخرجه مالك (664)،بإسناد صحيح.
[55] ـ أخرجه الطيالسى (989) ، وأحمد (22425) ، وأبو داود (2367) ، والنسائي فى الكبرى (3134) ، وابن ماجه (1680) ، والدارمي (1731) ، وابن خزيمة كما فى "إتحاف المهرة" (2489) ، وابن الجارود (386) ، وابن حبان (3532) ، والطبراني (1406) ، وابن قانع (1/119) ، والحاكم (155 وقال : صحيح على شرط الشيخين . والبيهقي (8067) . وأخرجه أيضا : عبد الرزاق (7522) ، وابن أبى شيبة (9301) ، والطحاوى (2/9 ، والطبراني فى الأوسط (4720) ،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2367).
[56] ـ أخرجه الدارقطنى (2/183) وقال كلهم ثقات وغير معتمر يرويه موقوفا ، والبيهقي (8057) .وصححه ابن حزم في"المحلى"(6/204) ، وصححه الألباني في "الإرواء"(4/80) .
[57] ـ أخرجه البيهقي (8561)،والدارقطني ( وقال : كلهم ثقات ولا أعلم له علة،وصححه الألباني في "الإرواء" (4/ 73) .
[58] ـ أخرجه البيهقي (579) ، وانظر "مجمع الزوائد" (1/252) ، و"نصب الراية" (2/ 253) وحسنه النووي في "المجموع" (6/327) ، وقال ابن حجر الهيثيمي : إسناده حسن أو صحيح " إتحاف أهل الإسلام"( ص :121 ). وذكره الإمام البخاري في " صحيحه " باب الحجامة والقيء " (ص 260) تعليقا فقال : وقال ابن عباس وعكرمة : الصوم مما دخل وليس مما خرج. اهــ
[59] ـ "الأم"(2/119)
[60] ـ "الأم"(2/119)
[61] ـ "الاستذكار" (10/125-126) .
[62] ـ "المحلى"(6/204)
[63] ـ "الإرواء " (4/73)
[64] ـ"الإرواء" (4/75) .
[65] ـ "نيل الأوطار" (4 / 203)
[66] ـ انظر : "المجموع" ( 6 / 346 ) و"المغني" ( 4 / 344 )
[67] ـ "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4 / 156) .
[68] ـ أخرجه البخارى (6813) ، ومسلم (252)
[69] ـ أخرجه الشافعى (1/14) ، وابن أبى شيبة (1792) ، وأحمد (24249) ، والنسائي (5) ، وابن خزيمة (135) ، وابن حبان (1067) ، والبيهقي (134) . والحميدى (162) ، وإسحاق ابن راهويه (1116) ، والدارمي (684) ، وأبو يعلى (459 ، والطبراني فى الأوسط (276) ، والديلمى (354 ،. وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 3695).
[70] ـ أخرجه الطبراني (12286) . وفى "الأوسط" (6960) ،. والضياء (311) .وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1377).
[71]ـ ذكره البخاري تعليقا (4/181) قال الحافظ :وصله ابن أبي شيبة عنه بمعناه ولفظه «كان ابن عمر يستاك إذا أراد أن يروح إلى الظهر وهو صائم».
[72] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (9149) ، بإسناد صحيح.
[73] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (9157) بإسناد صحيح.
[74] ـ أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (4/201)بإسناد صحيح.
[75] ـ رواه الطبراني وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/202) : إسناده جيد، وحسنه الألباني في "الإرواء"(1/106)
[76] ـ"صحيح البخاري"(2/681)
[77] ـ"صحيح البخاري"(2/682)
[78] ـ"فتح الباري"(4/15
[79] ـ"مجموع الفتاوى"(25/266)
[80] ـ " زاد المعاد " (4/293 ـ 294)
[81] ـ "فتاوى أركان الإسلام"( ص 46 .
[82] ـ " المجموع" (6/327)
[83] ـ "سبعون مسألة في الصيام "
[84] ـ "فتاوى أركان الإسلام"( ص: 475).
[85] ـ "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/210 ـ 211) .
[86] ـ وهي الجراحة التي تصل الى الدماغ .
[87] ـ وهي الجراحة التي تصل الى الجوف .
[88] ـ "مجموع الفتاوى"(25 / 243)
[89] ـ "مجموع الفتاوى"(25 /241 ـ 242)
[90] ـ "فقه العبادات" (ص 191) .
[91] ـ "الشرح الممتع" (6/381)