فضل الصيام عموما ورمضان خصوصا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:
فهذه الحلقة الرابعة من الحلقات المتعلقة بذكر بعض الفوائد والأحكام فيما يخص بالصيام لعلّ الله أن ينفع بها.
فالصوم له فضلٌ عظيم وأجرٌ كبير، له منافع عظيمة وفوائد عميمة في الدارين، والكتاب والسنة طافحين بما يدل على فضل الصيام،وإليك غيضٌ من فيض وقليلٌ من كثير مما ورد في الوحيين في فضل الصيام :
الصيام وقاية يقي من المعاصي في الدنيا ويقي من النار يوم القيامة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم :كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به والصيام جنة إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه عزوجل فرح بصومه .[1]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شباب لا نقدر على شيء قال : يا معشر الشباب عليكم بالباءة فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .[2]
الصيام مما يتقى به من النار :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا .[3]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله عز وجل زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفا.[4]
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله عز وجل باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام .[5]
وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:الصوم جُنَّةٌ من النار كجنّة أحدكم من القتال.[6]
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال ربّنا عزَّ وجلَّ : الصيام جنَّة يستجِنّ بها العبد من النار وهو لي وأنا أَجزي به.[7]
للصائم فرحتان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به والذي نفس محمد بيده لخلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[8]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :إن الله تبارك وتعالى يقول الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان إذا أفطر فرح وإذا لقي الله فجزاه فرح والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[9]
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[10]
في الجنة باب خاصٌ للصائمين :
عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِن في الجنة باباً يقال له الرَّيَّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد .[11]
وفي رواية: فى الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون.[12]
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من أنفق زوجين في سبيل الله عز وجل نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة يدعى من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد يدعى من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة يدعى من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان قال أبو بكر الصديق يا رسول الله ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأرجو أن تكون منهم.[13]
تكفّر به السيئات :
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال عمررضي الله عنه: من يحفظ حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة ، قال حذيفة : أنا سمعته يقول :فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ، قال ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر ، قال: وإن دون ذلك بابا مغلقا ، قال : فيفتح أو يكسر ؟ قال : يكسر ، قال : ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة ، فقلنا لمسروق : سله أكان عمر يعلم من الباب ؟ فسأله ، فقال : نعم ، كما يعلم أن دون غد الليلة.[14]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربكم قال : لكل عمل كفارة ، والصوم لي وأنا أجزي به ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[15]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة،ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر .[16]
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : آمين آمين آمين ، فقيل : يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت : آمين آمين آمين ؟، قال : إن جبريل أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرّهما فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، ومن ذكرتَ عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين.[17]
الصوم سبب لدخول الجنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال :تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم :من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.[18]
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من آمن بالله وبرسوله ، وأقام الصلاة ، وصام رمضان ، كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نبشر الناس ، قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، أراه فوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة . قال محمد بن فليح عن أبيه وفوقه عرش الرحمن .[19]
و عن جابر رضي الله عنه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات ، وصمت رمضان ، وأحللت الحلال ، وحرمت الحرام ، ولم أزد على ذلك شيئا أأدخل الجنة ؟ قال : نعم . قال : والله لا أزيد على ذلك شيئا.[20]
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن ، وصام رمضان ، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا ، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه ، وأدى الأمانة ،قالوا : يا أبا الدرداء وما أداء الأمانة ؟ قال: الغسل من الجنابة.[21]
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال : اتقوا الله ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ذا أمركم ، تدخلوا جنة ربكم ، قال : فقلت لأبي أمامة : منذ كم سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ، قال سمعته وأنا ابن ثلاثين.[22]
وعن علي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة غرفا تُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، فقام أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام.[23]
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه : أن رجلين من بلى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعا ، فكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر ، فغزا المجتهد منهما فاستشهد ، ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي ، قال طلحة : فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة إذا أنا بهما ، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما ، ثم خرج فأذن للذي استشهد ، ثم رجع إلي فقال : ارجع فإنك لم يأن لك بعد ، فأصبح طلحةُ يحدث به الناس فعجبوا لذلك ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه الحديث فقال : من أي ذلك تعجبون ؟ فقالوا : يا رسول الله ، هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم استشهد ، ودخل هذا الآخر الجنة قبله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس قد مكث هذا بعده سنة ؟ قالوا : بلى ، قال : وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة ؟ قالوا : بلى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض.[24]
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير ، فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : لقد سألت عظيما وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النارَ الماءُ ، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ: { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ { جزاء بما كانوا يعملون } ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا ، فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ، فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.[25]
اشتراط سلامة الصيام للنجاة من النار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.[26]
وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع الخنا والكذب فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر.[28]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم.[29]
عن أبي المتوكل عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه وأصحابه كانوا إذا صاموا قعدوا في المسجد وقالوا : نطهر صيامنا
عن الشعبي قال : قال عمر رضي الله عنه : ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ، ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف
عن جعفربن برقان قال : سمعت ميمونا يقول : إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب.[30]
عن يونس بن عبيد قال : لا تجد شيئا من البر يتبعه البر كله غير اللسان ، فإنك تجد الرجل يكثر الصيام ويفطر على الحرام ، ويقوم الليل ويشهد الزور بالنهار ، وذكر أشياء نحو هذا ، ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق فيخالف ذلك عمله أبدا .
قال ابن رجب رحمه الله : واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب و الظلم و العدوان على الناس في دمائهم و أموالهم و أعراضهم .... قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب و الطعام و قال جابر : إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الكذب و المحارم و دع أذى الجار و ليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء
إذا لم يكن في السمع مني تصاون ... و في بصري غض و في منطقي صمت
فحظي إذا من صومي الجوع و الظمأ ... فإن قلت إني صمت يومي صمت[31]
وقال رحمه الله : وسرّ هذا : أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات ، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض و يتقرب بالنوافل ، و إن كان صومه مجزئاً عند الجمهور بحيث لا يؤمر بإعادته ، لأن العمل إنما يبطل بارتكاب ما نهي عنه فيه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به ، هذا هو قول جمهور العلماء .....و لهذا المعنى -و الله أعلم- ورد في القرآن بعد ذكر تحريم الطعام و الشراب على الصائم بالنهار ذكر تحريم أكل أموال الناس بالباطل ، فإن تحريم هذا عام في كل زمان و مكان بخلاف الطعام و الشراب ، فكان إشارة إلى أن من امتثل أمر الله في اجتناب الطعام و الشراب في نهار صومه،فليمتثل أمره في اجتناب أكل الأموال بالباطل فإنه محرم بكل حال لا يباح في وقت من الأوقات.[32]
الشتاء غنيمة الصائمين القائمين:
عن عامر بن مسعود الجمحي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء.[33]
الصومُ درجة عالية:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته[34].[35]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار.[36]
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر .
فضلُ خدمةِ الصائمين :
وعن أنس رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال : فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء ، ومنا من يتقي الشمس بيده ، قال : فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب المفطرون اليوم بالأجر.[37]
مَثَلُ الصائم:
عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن وكاد أن يبطئ ، فقال له عيسى : إنك قد أُمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن ، فقال : يا أخي إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي ، قال : فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرف ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله عز وجل أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن : أولهن أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، فإن مثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورِق أو ذهب ، فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده ، فأيكم سره أن يكون عبده كذلك ؟ وإن الله عز وجل خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا .
وآمركم بالصلاة فإن الله ـ عز وجل ـ ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا .
وآمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك وإن خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.
وآمركم بالصدقة فان مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه إلى عنقه ، وقدموه ليضربوا عنقه فقال : هل لكم أن أفتدي نفسي منكم ؟ فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه . وآمركم بذكر الله ـ عز وجل ـ كثيرا وأن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه ، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله ـ عز وجل ـ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن : بالجماعة ، والسمع والطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع ، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثاء جهنم ، قالوا : يا رسول الله وإن صام وإن صلى ؟ قال : وإن صام وإن صلى وزعم أنه مسلم ، فادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله ـ عز وجل ـ المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل.[38]
الصوم من وسائل التعفف لمن لا يستطيع الزواج :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شبابا لا نجدُ شيئاً فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغضُ للبصر وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
وفي لفظ :أن ابن مسعود لقي عثمان بعرفات فخلا به فحدثه وأن عثمان قال لابن مسعود هل لك في فتاة أزوجكها فدعا عبد الله علقمة فحدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء.[40]
الصوم شفاعةٌ مقبولة :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أَيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهار فشفِّعني فيه ، ويقول القرآن : منعتُه النوم بالليل ، فشفِّعني فيه ، فيُشفَّعان .[41]
رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :إن الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان إذا أفطر فرح وإذا لقي الله فجزاه فرح والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.[42]
وعن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
دعوة الصائم مستجابة :
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر.[43]
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله عتقاء فى كل يوم وليلة-أي في رمضان- لكل عبد منهم دعوة مستجابة.[44]
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان يقال إن لكل مؤمن دعوة مستجابة عند إفطاره ، إما أن يعجل له في دنياه ، أو يدخر له في آخرته . فكان ابن عمر رضي الله عنهمايقول عند إفطاره : يا واسع المغفرة اغفر لي.
الصوم يدخل الجنة :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، دلني على عمل أدخل به الجنة ، قال : عليك بالصوم لا مثل له.[45]
الصيام كفارة :
ومما ينفرد به الصيام من فضائل ، أن الله جعله كفارات من عدم القدرة على الهدي ،و حلق الرأس في الإحرام لعذر من مرض أو أذى في الرأس وقتل المعاهد ، وحنث اليمين ، وقتل الصيد في الإحرام والظهار،وسنذكرها بشيء من البسط في حينها-بمشيئة الله-.
منزلة الصائم الصابر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الطاعم الشاكر ، بمنزلة الصائم الصابر.[46]
ما المراد بالصائم الذي ينال هذه الفضائل :
قال ابن القيم رحمه الله : والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه فيخرج كلامه كله نافعا صالحا وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ففي الحديث الصحيح :" من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" .وفي الحديث :"رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش".
فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الشراب والطعام فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فتصيره بمنزلة من لم يصم.[47]
الحكمة من مشروعية الصوم :
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالله تعالى شرع الصيام ليكون وسيلة عظمى لتقواه سبحانه، وتقوى الله جماع خيري الدنيا والآخرة، وهي وصية الله للأولين والآخرين، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) فالصيام شُرع تعبُّدًا لله وخضوعا لأمره، وتعظيما له سبحانه ليتحلى المسلم بالتقوى، التي هي فعل الأوامر، وترك المحارم، فالصوم الحقيقي ليس هو مجرد الإمساك عن الطعام والشراب والتمتع الجنسي فحسب،وإنما المقصود منه تقوى الله تعالى.
ولقد أودع الله في الصوم من الحكم والأسرار والمصالح الدينية والدنيوية ما هو فوق تصور البشر،فمنها تذكير العبد بعظيم نعم الله عليه وجزيل إحسانه إليه فإنه إذا جاع وعطش وهجر شهوته ذكر بعض تلك النعم التي كان يتنعم فيها ،وكونه تدريبًا للمؤمنين على أعمال التقوى في هذا الشهر ،وموجبا لسكون النفس ، وكسر لشهوتها فهو سببٌ لتنزيه هذه النفس وصفائها لأنه يضيق مجاري الشيطان؛ فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ يعني يوسوس له ويحمله على الغفلة، وعلى البعد وعلى التكاسل عن الطاعة، ويزين له الوقوع في المعصية ، والصيام يسد عليه تلك المنافذ التي يدخل منها الشيطان،وكونه يتعود به على الصبر وكونه موجبا للرحمة والشفقة والتذكر للفقراء والمساكين ،فإن الإنسان إذا أثر عليه الصيام جوعا وعطشا تذكر حال الفقراء والمساكين وما يلاقونه من الشدة في ذلك ، فيسارع إلى مواساتهم في آلامهم والإحسان إليهم والعطف عليهم ويمد يده بالعون إليهم ، ولما في الصيام من فرصة للعصاة ليقلعوا عن معاصيهم ،ويراجعوا أنفسهم ويتوبوا وينيبوا إلى ربهم ، ولما في الصيام من إراحة للمعدة من الأكل والشرب طيلة فترة الصيام وذلك مفيد لكثير من الأمراض فكثير من الأطباء ينصحون مرضاهم بذلك
قال ابن القيم رحمه الله : وأما مرض الأبدان فقال تعالى:{ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}[ النور : 61 ] وذكر مرض البدن في الحج والصوم والوضوء لسر بديع يبين لك عظمة القرآن والإستغناء به لمن فهمه وعقله عن سواه وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة : حفظ الصحة والحمية عن المؤذي واستفراغ المواد الفاسدة فذكر سبحانه هذه الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة
فقال في آية الصوم : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر }[ البقرة : 184 ] فأباح الفطر للمريض لعذر المرض وللمسافر طلبا لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة وما يوجبه من التحليل وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل فتخور القوة وتضعف فأباح للمسافر الفطر حفظا لصحته وقوته عما يضعفها
وقال في آية الحج : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}[ البقرة : 196 ) فأباح للمريض ومن به أذى من رأسه من قمل أو حكة أو غيرهما أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغا لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر فإذا حلق رأسه تفتحت المسام فخرجت تلك الأبخرة منها فهذا الإستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه
والأشياء التي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرة : الدم إذا هاج والمني إذا تبيغ والبول والغائط والريح والقئ والعطاس والنوم والجوع والعطش وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحسبه
وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب منه كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى
وأما الحمية : فقال تعالى في آية الوضوء:{ وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا }[ النساء : 43 ) فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه وهذا تنبيه على الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطب ومجامع قواعده.[48]
فضل رمضان :
قد وردت في فضل شهر رمضان عدّة فضائل -وقد تقدم ذكر فضائل الصيام عموما- فمن ذلك:رمضان شهر الغفران :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
وعنه رضي الله عنه قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ثم يقول : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال آمين فلما ارتقى الدرجة الثانية قال آمين فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال آمين فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه قال إن جبريل عليه السلام عرض لي فقال بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين فلما رقيت الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت آمين.[49]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.[50]
وعنه أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه.[51]
سبب لمغفرة الذنوب :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
فتح أبواب الجنان :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
تصفيد الشياطين :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.
وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.[52]
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا دخل رمضان فتحت له أبواب السماء،وغلِقت أبواب جهنم،وسُلسلت الشياطينُ .[53]
وعنه رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
ما المراد من التصفيد :
القول بأن الشيطان غير موجود في رمضان غير صحيح ، والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشياطين تسلسل وتقيد وتصفّد في شهر رمضان
قال القرطبي رحمه الله :فإن قيل : كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا ، فلو صفدت الشياطين -أي : سلسلت- لم يقع ذلك ؟
فالجواب:أنها إنما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه , أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم كما جاء في بعض الروايات , أو المقصود تقليل الشرور فيه ، وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره , إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية.
وسئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله : ما نصه :كيف يمكن التوفيق بين تصفيد الشياطين في رمضان ووقوع المعاصي من الناس ؟
فأجاب :
المعاصي التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن الشياطين تصفد في رمضان ، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها ، ولذلك جاء في الحديث : ويصفد فيه مردة الشياطين ، فلا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره . رواه أحمد (7857) والحديث ذكره الألباني في "ضعيف الترغيب" (586) وقال : ضعيف جدا .
وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك ، وتضل من تضل ، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره.[54]
استجابة الدعاء:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله عتقاء فى كل يوم وليلة-أي في رمضان- لكل عبد منهم دعوة مستجابة.
وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر.
الصائم من الصديقين والشهداء:
عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس،وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فممن أنا؟ قال : من الصديقين والشهداء.[55]
فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.
وعنه رضي الله عنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.
العتق من النيران وذلك كل ليلة:
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لله عز وجل عند كل فطر عتقاء.[56]
عن جابر رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة .[57]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد يا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة -يعني في رمضان- وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة.[58]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
الحواشي :
[1] ـ أخرجه البخارى (1795) ، ومسلم (1151)
[2] ـ أخرجه البخارى (477 ، ومسلم (1400)
[3] ـ أخرجه البخارى (2685) ، ومسلم (1153)
[4] ـ أخرجه أحمد (7977) ، والترمذى (1622). والنسائي (2244)،وفى الكبرى (2552) ، وابن ماجه (171 . وأبو عوانة (7540) ،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"(2244)
[5] ـ أخرجه النسائي (2254) ، وأبو يعلى (1767) ، والطبراني (927) ، وابن عساكر (49/102) .وصححه الألباني في "الصحيحة"( 2565).
[6] ـ أخرجه النسائي ( 2231 ) وابن ماجه (1639) والطبراني (8360) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (3573) ، وابن حبان (3649) . وأخرجه أيضا : ابن أبى عاصم فى الآحاد والمثانى (1542) ، والرويانى (1522) ، والبزار(2321) ، وأبو نعيم فى الحلية (6/265) .وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(430
[7] ـ أخرجه أحمد (15299) ، والبيهقي فى "شعب الإيمان" (3570) ،وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"( 430.
[8] ـ أخرجه البخارى (1795) ، ومسلم (1151).
[9] ـ أخرجه مسلم (1151) ،
[10] ـ أخرجه النسائي (2211) ،وفي "الكبرى"( 2532)،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2211).
[11] ـ أخرجه البخارى (1797) ، ومسلم (1152)
[12] ـ أخرجه البخارى (3084)
[13] ـ أخرجه البخارى (179 ، ومسلم (1027)
[14] ـ أخرجه البخارى (136 ، ومسلم (144)
[15] ـ أخرجه البخاري (7100).
[16] ـ أخرجه مسلم ( 233 )
[17] ـ أخرجه ابن حبان (907) . وأبو يعلى (5922)،وحسنه االألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"( 1679).
[18] ـ أخرجه البخارى (1333) ، ومسلم (14) .
[19] ـ أخرجه البخاري (2637).
[20] ـ أخرجه مسلم (15).
[21] ـ أخرجه الطبراني كما فى مجمع الزوائد قال الهيثمي (1/47) : إسناده جيد . وأبو داود (429) ، وأبو نعيم فى الحلية (2/234) ،وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(429).
[22] ـ أخرجه الترمذى (616) وقال : حسن صحيح . وابن حبان (4563) والحاكم (1741) ، وقال : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبى . والبيهقي فى شعب الإيمان (734 .وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(616)
[23] ـ أخرجه الترمذي (1984) ،وعبد الله بن أحمد (133 وابن خزيمة (2136) وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(1984)
[24] ـ أخرجه أحمد (1403) وابن ماجه (3925)،وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"(3925)
[25] ـ أخرجه الطيالسى (560) ، وأحمد (22069) ، والترمذى (2616) ، وقال : حسن صحيح . وابن ماجه (3973) ، والحاكم (354 ، وقال : صحيح على شرط الشيخين . والبيهقي فى شعب الإيمان (4225) ، والطبراني (292) . .وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(2616)
[26] ـ أخرجه أحمد (9717) ، والبخارى (5710) ، وأبو داود (2362) ، والترمذى (707) وقال : حسن صحيح . وابن ماجه (1689) ، وابن حبان (3480) . والبغوى فى "الجعديات" (2831) ، والنسائي فى "الكبرى" (3246) ، والبيهقي ( 8095) .
[28] ـ أخرجه أحمد ( 8843) ، والحاكم ( 1571) وقال : صحيح على شرط البخارى . والبيهقي (8097)،وفى "شعب الإيمان" (3642) ، . وأبو يعلى (6551) ، وابن حبان (3481) والطبراني في"الكبير" (13413).وصححه الألباني في "صحيخ الترغيب والترهيب"(1084).
[29] ـ أخرجه الحاكم (1570) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقي (8096) ، والديلمى (5224) ، وصححه الألباني في "صحيخ الترغيب والترهيب"( 1082).
[30] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (8883)،والبيهقي في "السنن"( 3652)،وسنده حسن.
[31] ـ "لطائف المعارف"(1/176)
[32] ـ "لطائف المعارف"لابن رجب (1/16
[33] ـ أحمد (18979) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (3941) ، وفى السنن "الكبرى" (8237). والضياء (244) والترمذى (797) ، والديلمى (3822)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(797)، وفي "الصحيحة" (1922 )
[34] ـ أي : طبيعته وسجيته .
[35] ـ أخرجه أحمد (664 والطبراني (142) ، والخرائطى فى "مكارم الأخلاق" (51 ، 53) ، والطبراني فى الأوسط (3126) وصححه الألباني في "الصحيحة"( 522)،
[36] ـ أخرجه البخارى (503 ، ومسلم (2982)
[37] ـ أخرجه البخارى (2733) ، ومسلم (1119)
[38] ـ أخرجه أحمد (17170)،والحاكم (1534)،والطبراني في "الكبير"( 3350)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 1724)
[40] ـ أخرجه النسائي (2240)،وفي "الكبرى"( 254،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"(2240).
[41] ـ أخرجه أحمد (6626) ، والطبراني كما فى "مجمع الزوائد" (3/181) وأبو نعيم فى الحلية (8/161) ، والحاكم (2036) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقي فى "شعب الإيمان" (1994) ،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(3882)
[42] ـ أخرجه النسائي (2213)،وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (2213).
[43] ـ أخرجه البيهقي (6185) ، والضياء (2057) ،وصححه الألباني في "الصحيحة"( 1797).
[44] ـ أخرجه أحمد (7443) قال الهيثمي (10/216) : رجاله رجال الصحيح ،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 2169).
[45] ـ أخرجه أحمد (22194) قال الهيثمي (3/182) : رجاله رجال الصحيح ، والنسائي (2220)،و فى "الكبرى" (2530) ، ، وابن خزيمة (1893) ، وابن حبان (3425) ، والطبراني (810) ، والحاكم (1533) وقال : صحيح الإسناد . والبيهقي فى شعب الإيمان (3893) ، وفى "الكبرى (8263) . وعبد الرزاق (7899) ، وابن أبى شيبة (8895) ، والحارث كما فى "بغية الباحث" (346) ، والرويانى (1176) ،وصحح إسناده الحافظ فى "الفتح" (4/104) ،وصححه الألباني في "صحيخ الترغيب والترهيب"( 986).
[46] ـ أخرجه أحمد (19036) ، والدارمي (2024) ، وابن ماجه (1765) قال البوصيرى (2/83) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات . والطبراني (6492) . والقضاعى (264)، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"(1765)،وفي "الصحيحة"(655).
[47] ـ "الوابل الصيب"(1/43).
[48] ـ "زاد المعاد"(4/6)
[49] ـ أخرجه الحاكم في "المستدرك"( 7256)،وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"( 1677).
[50] ـ أخرجه الترمذى (682) ، وابن ماجه (1642) ، وابن حبان (3435) ، والحاكم (1532) وقال : صحيح على شرط الشيخين . وأبو نعيم فى "الحلية "(8/306) ، والبيهقي فى "شعب الإيمان" (359 ، والنسائي فى " الكبرى" (8284) . وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"( 682)
[51] ـ أخرجه البخارى (3 ، ومسلم (760)
[52] ـ أخرجه أحمد (714 والنسائي (2106) والبيهقي فى شعب الإيمان (3600) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2106)
[53] ـ أخرجه النسائي (2100) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2100)
[54] ـ "فتاوى الصيام" (ص466)
[55] ـ أخرجه أحمد (24299). وابن خزيمة في "صحيحه"(2212), , وصححه الألباني في "صحيح ابن خزيمة" (2212) ,وفي "قيام رمضان" (ص:12 )وقال : صحيح الإسناد .
[56] ـ أخرجه أحمد (22256) قال المنذرى (2/63) : إسناده لا بأس به . والطبراني (808 ، والبيهقي فى شعب الإيمان (3605)،وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"( 2170).
[57] ـ أخرجه ابن ماجه (1643) قال البوصيرى (2/61) : هذا إسناد رجاله ثقات ،وصحح الألباني في "صحيح ابن ماجه"(1643).
[58] ـ أخرجه الطبراني (6401)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"( 1002).