الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فهذه الحلقة الثالثة تتضمن في ثناياها أركان الصيام ومفسداته ، وبعض المسائل المتعلقة بهما ، لعلّ الله أن ينفع بها ويكتب لنا الأجر والمثوبة من عنده إنه رحيم ودود سبحانه جلّ وعزّ.
أركان الصيام :
1 ـ تبييت النيَّة في الصيام :
صيام الفرض –رمضان أو نذر أو قضاء- لا بُدّ فيه من تبييت النية له من الليل ، ولو قبل الفجر بلحظة ، ولا يجزئ صومه من النهار بدون نية ، فعن عمر رضي الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.[1]
وعن حفصة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له.[2]
قال ابن حزم رحمه الله: عن ابن عمر قال: "لا يصوم الا من أجمع الصيام قبل الفجر" , وعن مالك عن الزهري: أن عائشة أم المؤمنين قالت: "لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر" , وعن ابن شهاب: أخبرني حمزة بن عبد الله ابن عمر عن أبيه قال: قالت حفصة أم المؤمنين: "لا صيام لمن لم يجمع قبل الفجر" , فهؤلاء ثلاثة من الصحابة رضى الله عنهم لايعرف لهم منهم مخالف أصلا، والحنفيون والمالكيون يعظمون مثل هذا إذا خالف أهواءهم ، وقد خالفهوهم ههنا، وما نعلم أحدا قبل أبى حنيفة، ومالك قال بقولهما في هذه المسألة.[3]
وقال : قالوا: رمضان كصلاة واحدة , قال أبو محمد: وهذه مكابرة بالباطل ، لأن الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها بعمد ما ليس منها أصلا ، وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم جملة ويحل فيه الأكل والشرب والجماع ، فكل يوم له حكم غير حكم اليوم , الذى قبله واليوم الذى بعده، وقد يمرض فيه أو يسافر أو تحيض ، فيبطل الصوم ، وكان بالأمس صائما ويكون غدا صائما ، وإنما شهر رمضان كصلوات اليوم والليلة ، يحول بين كل صلاتين ما ليس صلاة ، فلابد لكل صلاة من نية ، فكذلك لا بد لكل يوم في صومه من نية.[4]
قال ابن قدامة رحمه الله : ويجب تعيين النية في كل صوم واجب وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارته أو نذره نص عليه أحمد في رواية الأثرم...
ولنا أنه صوم واجب فوجب تعيين النية له كالقضاء وطواف الزيارة كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين ، فلو طاف ينوي به الوداع أو طاف بنية الطواف مطلقا لم يجزئه عن طواف الزيارة .
ثم الحج مخالف للصوم ولهذا ينعقد مطلقا وينصرف إلى الفرض ، ولو حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه وقع عن نفسه ، ولو نوى الإحرام بمثل ما أحرم به فلان صح وينعقد فاسدا بخلاف الصوم.[5]
وقال الشوكاني رحمه الله: وأما أنه يجب تجديد النية لكل يوم فلا يخفى أن النية هي مجرد القصد إلى الشئ أو الإرادة له من دون إعتبار أمر آخر ولا ريب أن من قام في وقت السحر وتناول طعامه وشرابه في ذلك الوقت من دون عادة له به في غير أيام الصوم فقد حصل له القصد المعتبر لأن أفعال العقلاء لا تخلو عن ذلك.[6]
المتطوع أمير نفسه ولا يجب عليه تبييت النية :
من صام صياما تطوعا جاز له أن يفطر من نهاره ، وكذلك له أن ينوي الصيام من النهار إذا كان صومه تطوعا ولو لم تكن له نية من قبل إذا لم يكن قد أتى بمحظور من محظورات الصيام ،وبه قال جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم[7].
عن عائشة رضي الله عنها :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها فقال : هل عندكم طعام ؟ فقلت : لا . قال : إني صائم ، ثم جاء يوما آخر فقالت عائشة : يا رسول الله إنا قد أهدى لنا حيس فدعا به فقال : أما إني قد أصبحت صائما فأكل.[8]
عن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذِّلة ، فقال لها : ما شأنكِ ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً ، فقال : كل ، قال : فإني صائم قال : ما أنا بآكل حتى تأكل قال : فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، قال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن ، فصلَّيا ، فقال له سلمان : إنَّ لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأَعطِ كلَّ ذي حق حقَّه فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان.[9]
وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت : لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم هانئ عن يمينه قالت : فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه فقالت : يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة . فقال لها أكنت تقضين شيئا ؟ قالت : لا . قال : فلا يضرك إن كان تطوعا.[10]
وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، فدعا بشراب فشرب ، ثم ناولها فشربت ، فقالت : يا رسول الله أما إني كنت صائمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الصائم المتطوع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء.[11]
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك.[12]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ،وإن كان صائما فليصل.[13]
ورواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهمامعناه وزاد :فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع.[14]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال هل عندكم شيء فقلت لا قال فإني صائم ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي لنا حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك له منه قال أدنيه أما إني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها.[15]
وعن عكرمة رحمه الله قال : كان ابن عباس يفطر من صوم التطوع ولا يبالي.[16]
جاء في "تحفة الأحوذي"(3/355):والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين.اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر ، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال : هل عندكم شيء ؟ فقالت : أهدي لنا حيس فقال : فأرينيه فلقد أصبحت صائما. فأكل منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا في النفل ، وليس في الفرض.[17]
الصائم المتطوع إذا دُعي :
إذا دُعي الصائم المتطوع إلى طعام شُرع له أن يجيب الدعوة ، ولا يمتنع عن الإجابة لكونه صائماً ، بل يذهب فإن شاء أفطر وأكل من الطعام ، وإن شاء بقي صائماً ودعا لصاحب الدعوة .
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فلْيُجِبْ ، فإن كان مفطراً فليأكل ، وإن كان صائماً دعا بالبركة.[18]
عن أنس رضي الله عنه قال :دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سُلَيم ، فأتته بتمرٍ وسمنٍ ، قال : أعيدوا سمنكم في سِقائه وتمرَكم في وِعائه فإني صائم ، ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غيرَ المكتوبة فدعا لأم سُلَيْم وأهلِ بيتها.[19]
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك.[20]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل.[21]
ورواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهمامعناه وزاد :فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع.[22]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : صنعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابُه ، فلما وُضع الطعام قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلَّف لكم ، ثم قال له : أَفطرْ ، وصُم مكانه يوماً إن شئت.[23]
استحباب قضاء صوم التطوُّع :
عن أم هانىء رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شراباً ، فناولها لتشرب ، فقالت : إني صائمة ، ولكن كرهت أن أرد سؤرك ، فقال : إن كان قضاء من رمضان فاقضي يوماً مكانه ، وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي ، وإن شئت فلا تقضي.[24]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : صنعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابُه ، فلما وُضع الطعام قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلَّف لكم ، ثم قال له : أَفطرْ ، وصُم مكانه يوماً إن شئت.[25]
2 ـ الإمساك عن المفطرات :
لقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله : ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات ، وهي الأكل والشرب والجماع .
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة.
معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود في آية الصيام:
المراد بالخيط الأسود في قوله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} (البقرة: 187) هو الليل .
والمراد من الخيط الأبيض : هو ظهور الفجر الصادق، وليس طلوع الشمس كما يظن البعض.
وسمي الفجر خيطا أبيضا لأن أول ما يبدو من الفجر في السماء ضوء كالخيط في الأفق ، يمتد يمينا وشمالا من الشمال إلى الجنوب ، ثم لا يزال يزداد حتى ينتشر في السماء كلها .
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : لما نزلت { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } . عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال ( إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار.[26]
وعن سهل بن سعد قال : أنزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل { من الفجر } فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد { من الفجر } فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار.[27]
قال النووي رحمه الله : قال أبو عبيد : الخيط الأبيض : الفجر الصادق , والخيط الأسود : الليل.[28]
مفسدات الصوم :
الجماع :
من جامع في نهار رمضان عامدا مختارا ، -أنزل أو لم يُنزل-بطل صومه -فرضا كان أو نفلا- وعليه التوبة ، والإمساك والقضاء والكفارة المغلظة.
حِلُّ الجماع في ليالي الصيام :
قال تعالى { أُحِلَّ لكم ليلةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نسائِكم هُنَّ لباسٌ لكم وأَنتم لباسٌ لهنَّ عَلِمَ اللهُ أنكم كنتم تَخْتَانون أَنْفُسَكم فتابَ عليكم وعفا عنكم فالآن باشِروهنَّ وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لكم ... }
عن البراء رضي الله عنه قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام ؟ . قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } . ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود }.[29]
عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم }.[30]
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حَرُم عليه الطعامُ والشرابُ والنساءُ حتى يُفطر من الغد ، فرجع عمر رضي الله عنهمان الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده ، فوجد امرأته قد نامت ، فأرادها ، فقالت : إني قد نمت قال : ما نمتِ ثم وقع بها ، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله تبارك وتعالى ( عَلِم اللهُ أنكم كنتم تختانون أنفُسَكم فتابَ عليكم وعفا عنكم).[31]
من جامع ناسيا :
اختلف أهل العلم في حكم من أتى أهله ناسيا وهو صائم، هل يفطر ويجب عليه القضاء والكفارة أو لا ،والصحيح من ذلك أنه ليس عليه شيء ، وبه قال أبوحنيفة والشافعي والنووي وابن تيمية وغيرهم.
وقال الحسن ومجاهد : إن جامع ناسياً فلا شيء عليه.[32]
قال النووي رحمه الله : وأما المجامع ناسيا فلا يفطر، ولا كفارة عليه، هذا هو الصحيح من مذهبنا ،وبه قال جمهور العلماء، ولأصحاب مالك خلاف في وجوبها عليه، وقال أحمد يفطر وتجب عليه الكفارة ،وقال عطاء وربيعة والأوزاعى والليث والثورى يجب القضاء ولا كفارة قال :دليلنا أن الحديث صح أن أكل الناسي لا يفطر والجماع في معناه، وأما الأحاديث الواردة في الكفارة في الجماع ،فإنما هي في جماع العامد ،ولهذا قال في بعضها "هلكت" وفي بعضها "احترقت احترقت"، وهذا لايكون إلا في عامد، فإن الناسى لا إثم عليه بالإجماع.[33]
وقال الشوكاني رحمه الله : الجماع لا خلاف في أنه يبطل الصيام إذا وقع من عامد ،أما إذا وقع على النسيان فبعض أهل العلم ألحقه بمن أكل أو شرب ناسياً.[34]
قال شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي ـ حفظه الله ـ:القول بعدم وجوب الكفارة على الناسي هو الأرجح عندي ،لأن الحديث ظاهر في كونه عامدا ، فإن دلالة قوله :" هلكت"،و"احترقت"على أنه كان عامدا عارفا بالتحريم ظاهرة،فتأمله.[35]
الأكل أو الشرب :
من أكل أو شرب في نهار رمضان فقد بطل صومه ،وليس في حقه إلا التوبة الاستغفار[36]، وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب .
فلو أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف لا يؤثر في الصوم لم ينه النبي صلى الله عليه وسلم الصائم عن المبالغة في الاستنشاق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.[37]
قال تعالى: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )
فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال لما نزلت :{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون} (187) سورة البقرة، عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض ، فجعلتهما تحت وسادتى ، فجعلت أنظر فى الليل ، فلا يستبين لى، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار.[38]
ما كان بمعنى الأكل والشرب:
"وذلك يشمل أمرين :
1- حقن الدم في الصائم ، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم ، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب"[39].
الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً :
الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً لم يفطر ولا شيء عليه -سواء قَلَّ الأكلُ والشربُ أو كثر- على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ،وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد والحسن البصري ومجاهد وإسحاق ابن راهُويه وأبو ثور وداود وعطاء والأوزاعي والليث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَن أكل ناسياً وهو صائم فليُتمَّ صومَه ، فإِنما أطعمه الله وسقاه.[40]
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة .[41]
وفي لفظ :من أكل في رمضان ناسياً فلا قضاءَ عليه ولا كفَّارة.[42]
وعنه رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أكلت وشربت ناسياً وأنا صائم ، فقال : أطعمك الله وسقاك.[43]
فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن من أكل أو شرب ناسياً ، فلا قضاء عليه ولا كفارة ، وصومه صحيح ، سواء كان فرضاً كصوم رمضان ، أو كان تطوُّعاً ، وسواء أكان الأكل والشرب وصلا إلى درجة الشبع أم كانا دونه.
وجاء في "الإرواء"(4/86): ولفظ أبي داود : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم ؟ فقال : أطعمك الله وسقاك ) . وهو رواية للبيهقي . وقال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) . وقال الدارقطني وزاد : ( ولا قضاء عليه ) :( إسناد صحيح وكلهم ثقات )
وفي (ص:87): عن أبي سلمة عنه بلفظ : ( من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة ) . أخرجه ابن حبان ( 906 ) والحاكم ( 1 / 430 ) وصححه على شرط مسلم ! ووافقه الذهبي وأخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا : ( كلهم ثقات ) . قلت : واسناده حسن.اهـ
خروج دم الحيض والنفاس :
متى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة، وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها.
قال ابن قدامة رحمه الله :ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أثمت ولم يجزئها.[44]
التقيؤ عمداً :
"فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه ، أو عصر بطنه ، أو تعمد شمّ رائحة كريهة ، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه ، فعليه القضاء ،وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره"[45] .
وإذا احتاج إلى التقيؤ بسبب مرضه وكان التقيؤ يساعد على العلاج، فإنه يجوز له ذلك ويلزمه قضاء ذلك اليوم.
و أما إن غلبه القيء ، فقاء بغير اختيار منه ، فصومه صحيح ، ولا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من ذَرَعَهُ قيءٌ وهو صائم فليس عليه قضاء ، وإن استقاء فليقضِ.[46]
فعن معدان بن طلحة أن أبا الدرداء رضي الله عنه حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فلقيتُ ثَوْبانَ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق فقلت : إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر ، قال : صدق ، وأنا صببت له وَضوء صلى الله عليه وسلم.[47]
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، وإذا استقاء عمدا فليقض ، وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق.[48]
قال ابن المنذر رحمه الله : أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدا.[49]
قال ابن قدامة رحمه الله :ومن استقاء فعليه القضاء , ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه .
معنى استقاء : تقيأ مستدعيا للقيء . وذرعه : خرج من غير اختيار منه , فمن استقاء فعليه القضاء ; لأن صومه يفسد به . ومن ذرعه فلا شيء عليه ; وهذا قول عامة أهل العلم . قال الخطابي : لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا.[50]
وقال الحافظ رحمه الله : أما القيء فذهب الجمهور إلى التفرقة بين من سبقه، فلا يفطر، وبين من تعمده فيفطر، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء.[51]
وقال ابن تيمية رحمه الله : أما القيء : فإذا استقاء أفطر ، وإن غلبه القيء لم يفطر.[52]
وقال رحمه الله : -في بيان الحكمة في كونه يفطر بالقيء-: قد نهي الصائم عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب، فينهي عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذّى، وإلا فإذا مكّن من هذا ضرّه وكان متعدياً في عبادته لا عادلاً.[53]
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم من ذرعه القيء وهو صائم هل يقضي ذلك اليوم أم لا ؟
فأجاب بقوله :
لا قضاء عليه ، أما إن استدعى القيء فعليه القضاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء " أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة ط.[54]
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن القيء في رمضان هل يفطر ؟
فأجاب بقوله :
إذا قاء الإنسان متعمدا فإنه يفطر ، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر ، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه وذكر الحديث المتقدم.
فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر ، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها ، فهل نقول : يجب عليك أن تمنعه ؟ لا . أو تجذبه ؟ لا . لكن نقول : قف موقفا حياديا ، لا تستقئ ولا تمنع ، لأنك إن استقيت أفطرت ، وإن منعت تضررت ، فدعه إذا خرج بغير فعل منك ، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك.[55]
وسئلت "اللجنة الدائمة للافتاء"(10/254): عن صائم تقيأ ثم ابتلع قيئه بغير عمد فما حكمه ؟
فأجابت بما يلي:
إذا تقيأ عمدا فسد صومه ، وإن غلبه القيء فلا يفسد صومه ، وكذلك لا يفسد ببلعه ما دام غير متعمد.
الصائم إذا نوى الفطر:
من عزم على نية الإفطار فى وقت الصيام فإن صومه يفسد على الصحيح من قولي العلماء ،وإن لم يأكل أويشرب أو يتلبّس بشيء من المفطرات، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وهوظاهر مذهب أحمد.
عن عمر رضي الله عنهمان الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.[56]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : صومه-أي:من نوى الإفطارمن نهار رمضان- غير صحيح ويجب عليه القضاء؛ لأنه عندما نوى الفطر أفطر، أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي ولم يجد الماء فهذا صومه صحيح؛ لأنه لم يقطع النية ولكنه علّق الفطر على وجود الشيء، ولم يوجد الشيء فبقي على نيته الأولى.
السائل: كيف نرد على من يقول: إنه لم يقل أحد من العلماء: إن النية من المفطرات؟ الجواب: نقول للذي قال هذا: إنه لا يعرف عن كتب أهل العلم شيئاً -كتب أهل العلم في الفقه والمختصرات- ففي زاد المستقنع يقول: ومن نوى الإفطار أفطر. وأنا يا إخواني أحذركم من غير العلماء الراسخين المعروفين بالتقدم في العلم، وأحذركم منهم إذا قالوا، فلم يعلم قائلاً بذلك، أو لم يقل أحد بذلك؛ لأنهم قد يكونون صادقين؛ لأنهم لا يعرفون كتب أهل العلم ولم يطالعوها، ولا يعرفون عنها شيئاً، فلذلك هذا الذي تقول: إنه لم يقل أحد بذلك مع إنه في مختصرات الفقه: (من نوى الإفطار أفطر)، ثم لو فرضنا إنه لم يوجد في كتب أهل العلم أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات)؟ بلى، قال ذلك، فإذا كان يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وهذا الرجل نوى الإفطار هل يفطر؟ نعم. يفطر.[57]
وسئل رحمه الله مانصه : رجل مسافر وصائم في رمضان نوى الفطر، ثم لم يجد ما يفطر به ثم عدل عن نيته، وأكمل الصوم إلى المغرب، فما صحة صومه؟
فأجاب بقوله:
صومه غير صحيح، يجب عليه القضاء، لأنه لما نوى الفطر أفطر. أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي ولم يجد الماء، فهذا صومه صحيح، لأنه لم يقطع النية، ولكنه علق الفطر على وجود الشيء، ولم يوجد الشيء فيبقى على نيته الأولى.[58]
وسئل رحمه الله مانصه : رجل نوى قطع صيامه في شهر رمضان بالفطر، ثم تراجع عن نيته فما الحكم؟
فأجاب بقوله:
يعتبر صومه الذي نوى قطعه قد انقطع، ولا يصح منه، وعليه أن يقضي بدل ذلك اليوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى» فهذا الرجل لما نوى قطعه انقطع، ولا يصح أن يعيد النية من أثناء النهار، لأن الصوم الواجب لا يكون صحيحاً إلا إذا نواه من أول اليوم من قبل طلوع الفجر، لقول الله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }. وهذا الرجل الذي لم ينو النية الجديدة إلا في أثناء النهار لا يقال: إنه صام يوماً، بل يقال: إنه نوى الصوم في أثناء النهار، والصوم الواجب لابد أن يكون من قبل طلوع الفجر.[59]
مسألة :
أما صيام التطوع فإنه وإن نوى وعزم على الإفطار فله أن يستأنفه مرة أخرى ما لم يأكل شيئا أو يفعل شيئا من المفطرات لأنه يجوز إنشاء النية فيه من النهار.
الردة:
من ارتد عن الإسلام كمن سب الله تعالى ، أوسب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أي نبي من الأنبياء،أو سب دين الإسلامي ، أو سب القرآن واستهزأ به ،أو بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أو باسم من أسماء الله تعالى، أو اعترض على الله عز وجل أو على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنكرشيئا معلوما من الدين بالضرورة ،كإنكار الصلاة ،أو الصيام ،أو الحج ،أو الحكم بما أنزل الله أو نحو ذلك ، فقد فسد صومه بالإجماع.
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
الحواشي :
[1] ـ أخرجه البخارى (1) ، ومسلم (1907)
[2] ـ أخرجه أحمد (26500) ، وأبو داود (2454) ، والترمذى (730) ، والنسائي ( 2331)،و فى "الكبرى" (2643) ، والبيهقي (7826) . والدارمي (169 ، وابن خزيمة (1933) ، والطبراني (367) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2331)
[3] ـ "المحلى"(6/161)
[4] ـ "المحلى"(6/163)
[5] ـ "المغني" (4/33
[6] ـ "الروضة الندية"(1 /21
[7] ـ انظر : "حاشية ابن عابدين"(2/85) .و"مغني المحتاج" (1/445).و"كشاف القناع" (2/317).
[8] ـ أخرجه مسلم ( 1154 )
[9] ـ أخرجه البخاري (1867)
[10] ـ أخرجه البيهقي (8610)،وأبو داود (2456) ، والطبراني في "الكبير"( 1035)،والدارمي (1736)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(2456).
[11] ـ أخرجه الطيالسى (161 ، وأحمد (26937) ، والترمذى (732) ، والحاكم (1599) ، والبيهقي (8131) . والدارقطنى (2/175) ، والديلمى(3829 ) . وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3854).
[12] ـ أخرجه عبد بن حميد (1066) ، ومسلم (1430) ، وأبو داود (3740) ، وابن حبان (5303) . وأحمد (15256) ، والنسائي فى الكبرى (6610) ، والبيهقي (14316) .
[13] ـ أخرجه أحمد (10593) ، ومسلم (1431) ، وأبو داود (2460) ، والترمذى (780) ، وابن حبان (5306) . وأخرجه أيضا : النسائي فى الكبرى (6611) وأبو يعلى (6036) وأبو عوانة (4187) والبيهقي (14309) .
[14] ـ أخرجه أبو داود(3736)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(3736)
[15] ـ أخرجه النسائي (2322)،وحسنه الألباني في "صحيح سنن النسائي (2322).
[16] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (9099) وسنده حسن.
[17] ـ "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/62) .
[18] ـ أخرجه الطبراني (10563) قال الهيثمي (4/52) : رجاله ثقات . وابن السنى (490) . وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 53.
[19] ـ أخرجه البخاري (1881).
[20] ـ أخرجه عبد بن حميد (1066) ، ومسلم (1430) ، وأبو داود (3740) ، وابن حبان (5303) . وأحمد (15256) ، والنسائي فى الكبرى (6610) ، والبيهقي (14316) .
[21] ـ أخرجه أحمد (10593) ، ومسلم (1431) ، وأبو داود (2460) ، والترمذى (780) ، وابن حبان (5306) . وأخرجه أيضا : النسائي فى الكبرى (6611) وأبو يعلى (6036) وأبو عوانة (4187) والبيهقي (14309) .
[22] ـ أخرجه أبو داود(3736)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 3736)
[23] ـ أخرجه البيهقي (8146) ، والطبراني فى "الأوسط" (3240)،وصححه الألباني في "آداب الزفاف"(ص :159)
[24] ـ أخرجه أحمد (26955) ، والبيهقي (8144) . وأخرجه أيضا : النسائي (3305) ، والدارمي (2/27 ، رقم 1735) . وصححه الألباني في "الصحيحة" (2802 )
[25] ـ أخرجه البيهقي (8146) ، والطبراني فى "الأوسط" (3240)،وصححه الألباني في "آداب الزفاف"(ص :159)
[26] ـ أخرجه البخارى (1817) ، ومسلم (1090).
[27] ـ أخرجه البخارى (181،ومسلم (1091).
[28] ـ "شرح النووي"(7/201)
[29] ـ أخرجه البخاري (1816)
[30] ـ أخرجه البخاري (423.
[31] ـ أخرجه أحمد (15833) بإسناد حسن.
[32] ـ "صحيح البخاري"(2/681)
[33] ـ "شرح النووي"(7/224/225)
[34] ـ الداري المضية (2/22).
[35] ـ "البحر المحيط الثجاج "(21/53)
[36] ـ إذا كان لغير عذر شرعي
[37] ـ أخرجه أحمد (17879) ، وأبو داود (142) ، والترمذى (78 وقال : حسن صحيح . والنسائي (114) ، وابن ماجه (44 ، وابن حبان (1087) ، والحاكم (525) ، والبيهقي (239) . وابن خزيمة (150) ، وابن الجارود (80) ، والطبراني فى "الكبير" (482) ، وفى الأوسط (7446) وعبد الرزاق (79) ، وابن أبى شيبة (84) وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (78.
[38] ـ أخرجه البخارى (1817) ، ومسلم (1090).
العقال : الحبل الذى يعقل به البعير
[39] ـ من كلام الشيخ ابن عثيمين من"مجالس شهر رمضان"(ص: 70 ).
[40] ـ أخرجه البخارى (6292) ، ومسلم (1155)
[41] ـ أخرجه الحاكم (1569) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقي(7863)،وحسنه الألباني في "الإرواء"(4/87).
[42] ـ أخرجه الحاكم (1569) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ،والدارقطني (2 ،والبيهقي (7863)،والطبراني في "الأوسط"( 5352)،وحسنه الألباني في "الإرواء"(4/87).
[43] ـ أخرجه أبو داود(239،وابن حبان (3522)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 239
[44] ـ "المغني" (4/397)
[45] ـ من كلام ابن عثيمين :"مجالس شهر رمضان"( ص 71) .
[46] ـ أخرجه أبو داود (2380) ، والترمذي (720) ، والنسائي في الكبرى (3116) ، وابن ماجه (1676) ..وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (720)
[47] ـ أخرجه أبوداود (2381)،والنسائي في "الكبرى"(3120) ، والدارمي (1735)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2381)
[48] ـ"سنن الترمذي"(3/9
[49] ـ "المغني" (4/36.
[50] ـ "المغني" (3/23)
[51] ـ "فتح الباري" (4/174). وانظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص53). وقد نقل الإجماع أيضاً على أنه لا شيء على الصائم إذا ذرعه القيء، إلا ما روى عن الحسن البصري في أحد قوليه.
[52] ـ "مجموع الفتاوى" (25/266)
[53] ـ "مجموع الفتاوى" (25/250).
[54] ـ "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز"(15/265)
[55] ـ "فتاوى الصيام" (ص231)
[56] ـ أخرجه البخارى (1) ، ومسلم (1907)
[57] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/183) .
[58] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/183) .
[59] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/187) .
فهذه الحلقة الثالثة تتضمن في ثناياها أركان الصيام ومفسداته ، وبعض المسائل المتعلقة بهما ، لعلّ الله أن ينفع بها ويكتب لنا الأجر والمثوبة من عنده إنه رحيم ودود سبحانه جلّ وعزّ.
أركان الصيام :
1 ـ تبييت النيَّة في الصيام :
صيام الفرض –رمضان أو نذر أو قضاء- لا بُدّ فيه من تبييت النية له من الليل ، ولو قبل الفجر بلحظة ، ولا يجزئ صومه من النهار بدون نية ، فعن عمر رضي الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.[1]
وعن حفصة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له.[2]
قال ابن حزم رحمه الله: عن ابن عمر قال: "لا يصوم الا من أجمع الصيام قبل الفجر" , وعن مالك عن الزهري: أن عائشة أم المؤمنين قالت: "لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر" , وعن ابن شهاب: أخبرني حمزة بن عبد الله ابن عمر عن أبيه قال: قالت حفصة أم المؤمنين: "لا صيام لمن لم يجمع قبل الفجر" , فهؤلاء ثلاثة من الصحابة رضى الله عنهم لايعرف لهم منهم مخالف أصلا، والحنفيون والمالكيون يعظمون مثل هذا إذا خالف أهواءهم ، وقد خالفهوهم ههنا، وما نعلم أحدا قبل أبى حنيفة، ومالك قال بقولهما في هذه المسألة.[3]
وقال : قالوا: رمضان كصلاة واحدة , قال أبو محمد: وهذه مكابرة بالباطل ، لأن الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها بعمد ما ليس منها أصلا ، وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم جملة ويحل فيه الأكل والشرب والجماع ، فكل يوم له حكم غير حكم اليوم , الذى قبله واليوم الذى بعده، وقد يمرض فيه أو يسافر أو تحيض ، فيبطل الصوم ، وكان بالأمس صائما ويكون غدا صائما ، وإنما شهر رمضان كصلوات اليوم والليلة ، يحول بين كل صلاتين ما ليس صلاة ، فلابد لكل صلاة من نية ، فكذلك لا بد لكل يوم في صومه من نية.[4]
قال ابن قدامة رحمه الله : ويجب تعيين النية في كل صوم واجب وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارته أو نذره نص عليه أحمد في رواية الأثرم...
ولنا أنه صوم واجب فوجب تعيين النية له كالقضاء وطواف الزيارة كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين ، فلو طاف ينوي به الوداع أو طاف بنية الطواف مطلقا لم يجزئه عن طواف الزيارة .
ثم الحج مخالف للصوم ولهذا ينعقد مطلقا وينصرف إلى الفرض ، ولو حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه وقع عن نفسه ، ولو نوى الإحرام بمثل ما أحرم به فلان صح وينعقد فاسدا بخلاف الصوم.[5]
وقال الشوكاني رحمه الله: وأما أنه يجب تجديد النية لكل يوم فلا يخفى أن النية هي مجرد القصد إلى الشئ أو الإرادة له من دون إعتبار أمر آخر ولا ريب أن من قام في وقت السحر وتناول طعامه وشرابه في ذلك الوقت من دون عادة له به في غير أيام الصوم فقد حصل له القصد المعتبر لأن أفعال العقلاء لا تخلو عن ذلك.[6]
المتطوع أمير نفسه ولا يجب عليه تبييت النية :
من صام صياما تطوعا جاز له أن يفطر من نهاره ، وكذلك له أن ينوي الصيام من النهار إذا كان صومه تطوعا ولو لم تكن له نية من قبل إذا لم يكن قد أتى بمحظور من محظورات الصيام ،وبه قال جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم[7].
عن عائشة رضي الله عنها :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها فقال : هل عندكم طعام ؟ فقلت : لا . قال : إني صائم ، ثم جاء يوما آخر فقالت عائشة : يا رسول الله إنا قد أهدى لنا حيس فدعا به فقال : أما إني قد أصبحت صائما فأكل.[8]
عن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذِّلة ، فقال لها : ما شأنكِ ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً ، فقال : كل ، قال : فإني صائم قال : ما أنا بآكل حتى تأكل قال : فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، قال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن ، فصلَّيا ، فقال له سلمان : إنَّ لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأَعطِ كلَّ ذي حق حقَّه فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان.[9]
وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت : لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم هانئ عن يمينه قالت : فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه فقالت : يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة . فقال لها أكنت تقضين شيئا ؟ قالت : لا . قال : فلا يضرك إن كان تطوعا.[10]
وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، فدعا بشراب فشرب ، ثم ناولها فشربت ، فقالت : يا رسول الله أما إني كنت صائمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الصائم المتطوع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء.[11]
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك.[12]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ،وإن كان صائما فليصل.[13]
ورواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهمامعناه وزاد :فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع.[14]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال هل عندكم شيء فقلت لا قال فإني صائم ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي لنا حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك له منه قال أدنيه أما إني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها.[15]
وعن عكرمة رحمه الله قال : كان ابن عباس يفطر من صوم التطوع ولا يبالي.[16]
جاء في "تحفة الأحوذي"(3/355):والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين.اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر ، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال : هل عندكم شيء ؟ فقالت : أهدي لنا حيس فقال : فأرينيه فلقد أصبحت صائما. فأكل منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا في النفل ، وليس في الفرض.[17]
الصائم المتطوع إذا دُعي :
إذا دُعي الصائم المتطوع إلى طعام شُرع له أن يجيب الدعوة ، ولا يمتنع عن الإجابة لكونه صائماً ، بل يذهب فإن شاء أفطر وأكل من الطعام ، وإن شاء بقي صائماً ودعا لصاحب الدعوة .
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فلْيُجِبْ ، فإن كان مفطراً فليأكل ، وإن كان صائماً دعا بالبركة.[18]
عن أنس رضي الله عنه قال :دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سُلَيم ، فأتته بتمرٍ وسمنٍ ، قال : أعيدوا سمنكم في سِقائه وتمرَكم في وِعائه فإني صائم ، ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غيرَ المكتوبة فدعا لأم سُلَيْم وأهلِ بيتها.[19]
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن شاء طعم وإن شاء ترك.[20]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل.[21]
ورواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهمامعناه وزاد :فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع.[22]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : صنعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابُه ، فلما وُضع الطعام قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلَّف لكم ، ثم قال له : أَفطرْ ، وصُم مكانه يوماً إن شئت.[23]
استحباب قضاء صوم التطوُّع :
عن أم هانىء رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شراباً ، فناولها لتشرب ، فقالت : إني صائمة ، ولكن كرهت أن أرد سؤرك ، فقال : إن كان قضاء من رمضان فاقضي يوماً مكانه ، وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي ، وإن شئت فلا تقضي.[24]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : صنعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابُه ، فلما وُضع الطعام قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاكم أخوكم وتكلَّف لكم ، ثم قال له : أَفطرْ ، وصُم مكانه يوماً إن شئت.[25]
2 ـ الإمساك عن المفطرات :
لقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله : ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات ، وهي الأكل والشرب والجماع .
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة.
معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود في آية الصيام:
المراد بالخيط الأسود في قوله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} (البقرة: 187) هو الليل .
والمراد من الخيط الأبيض : هو ظهور الفجر الصادق، وليس طلوع الشمس كما يظن البعض.
وسمي الفجر خيطا أبيضا لأن أول ما يبدو من الفجر في السماء ضوء كالخيط في الأفق ، يمتد يمينا وشمالا من الشمال إلى الجنوب ، ثم لا يزال يزداد حتى ينتشر في السماء كلها .
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : لما نزلت { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } . عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال ( إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار.[26]
وعن سهل بن سعد قال : أنزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل { من الفجر } فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد { من الفجر } فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار.[27]
قال النووي رحمه الله : قال أبو عبيد : الخيط الأبيض : الفجر الصادق , والخيط الأسود : الليل.[28]
مفسدات الصوم :
الجماع :
من جامع في نهار رمضان عامدا مختارا ، -أنزل أو لم يُنزل-بطل صومه -فرضا كان أو نفلا- وعليه التوبة ، والإمساك والقضاء والكفارة المغلظة.
حِلُّ الجماع في ليالي الصيام :
قال تعالى { أُحِلَّ لكم ليلةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نسائِكم هُنَّ لباسٌ لكم وأَنتم لباسٌ لهنَّ عَلِمَ اللهُ أنكم كنتم تَخْتَانون أَنْفُسَكم فتابَ عليكم وعفا عنكم فالآن باشِروهنَّ وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لكم ... }
عن البراء رضي الله عنه قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام ؟ . قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } . ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود }.[29]
عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم }.[30]
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حَرُم عليه الطعامُ والشرابُ والنساءُ حتى يُفطر من الغد ، فرجع عمر رضي الله عنهمان الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده ، فوجد امرأته قد نامت ، فأرادها ، فقالت : إني قد نمت قال : ما نمتِ ثم وقع بها ، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله تبارك وتعالى ( عَلِم اللهُ أنكم كنتم تختانون أنفُسَكم فتابَ عليكم وعفا عنكم).[31]
من جامع ناسيا :
اختلف أهل العلم في حكم من أتى أهله ناسيا وهو صائم، هل يفطر ويجب عليه القضاء والكفارة أو لا ،والصحيح من ذلك أنه ليس عليه شيء ، وبه قال أبوحنيفة والشافعي والنووي وابن تيمية وغيرهم.
وقال الحسن ومجاهد : إن جامع ناسياً فلا شيء عليه.[32]
قال النووي رحمه الله : وأما المجامع ناسيا فلا يفطر، ولا كفارة عليه، هذا هو الصحيح من مذهبنا ،وبه قال جمهور العلماء، ولأصحاب مالك خلاف في وجوبها عليه، وقال أحمد يفطر وتجب عليه الكفارة ،وقال عطاء وربيعة والأوزاعى والليث والثورى يجب القضاء ولا كفارة قال :دليلنا أن الحديث صح أن أكل الناسي لا يفطر والجماع في معناه، وأما الأحاديث الواردة في الكفارة في الجماع ،فإنما هي في جماع العامد ،ولهذا قال في بعضها "هلكت" وفي بعضها "احترقت احترقت"، وهذا لايكون إلا في عامد، فإن الناسى لا إثم عليه بالإجماع.[33]
وقال الشوكاني رحمه الله : الجماع لا خلاف في أنه يبطل الصيام إذا وقع من عامد ،أما إذا وقع على النسيان فبعض أهل العلم ألحقه بمن أكل أو شرب ناسياً.[34]
قال شيخنا محمد علي آدم الأثيوبي ـ حفظه الله ـ:القول بعدم وجوب الكفارة على الناسي هو الأرجح عندي ،لأن الحديث ظاهر في كونه عامدا ، فإن دلالة قوله :" هلكت"،و"احترقت"على أنه كان عامدا عارفا بالتحريم ظاهرة،فتأمله.[35]
الأكل أو الشرب :
من أكل أو شرب في نهار رمضان فقد بطل صومه ،وليس في حقه إلا التوبة الاستغفار[36]، وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب .
فلو أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف لا يؤثر في الصوم لم ينه النبي صلى الله عليه وسلم الصائم عن المبالغة في الاستنشاق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.[37]
قال تعالى: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )
فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال لما نزلت :{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون} (187) سورة البقرة، عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض ، فجعلتهما تحت وسادتى ، فجعلت أنظر فى الليل ، فلا يستبين لى، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار.[38]
ما كان بمعنى الأكل والشرب:
"وذلك يشمل أمرين :
1- حقن الدم في الصائم ، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم ، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب"[39].
الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً :
الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً لم يفطر ولا شيء عليه -سواء قَلَّ الأكلُ والشربُ أو كثر- على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ،وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد والحسن البصري ومجاهد وإسحاق ابن راهُويه وأبو ثور وداود وعطاء والأوزاعي والليث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَن أكل ناسياً وهو صائم فليُتمَّ صومَه ، فإِنما أطعمه الله وسقاه.[40]
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة .[41]
وفي لفظ :من أكل في رمضان ناسياً فلا قضاءَ عليه ولا كفَّارة.[42]
وعنه رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أكلت وشربت ناسياً وأنا صائم ، فقال : أطعمك الله وسقاك.[43]
فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن من أكل أو شرب ناسياً ، فلا قضاء عليه ولا كفارة ، وصومه صحيح ، سواء كان فرضاً كصوم رمضان ، أو كان تطوُّعاً ، وسواء أكان الأكل والشرب وصلا إلى درجة الشبع أم كانا دونه.
وجاء في "الإرواء"(4/86): ولفظ أبي داود : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم ؟ فقال : أطعمك الله وسقاك ) . وهو رواية للبيهقي . وقال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ) . وقال الدارقطني وزاد : ( ولا قضاء عليه ) :( إسناد صحيح وكلهم ثقات )
وفي (ص:87): عن أبي سلمة عنه بلفظ : ( من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة ) . أخرجه ابن حبان ( 906 ) والحاكم ( 1 / 430 ) وصححه على شرط مسلم ! ووافقه الذهبي وأخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا : ( كلهم ثقات ) . قلت : واسناده حسن.اهـ
خروج دم الحيض والنفاس :
متى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة، وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها.
قال ابن قدامة رحمه الله :ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أثمت ولم يجزئها.[44]
التقيؤ عمداً :
"فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه ، أو عصر بطنه ، أو تعمد شمّ رائحة كريهة ، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه ، فعليه القضاء ،وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره"[45] .
وإذا احتاج إلى التقيؤ بسبب مرضه وكان التقيؤ يساعد على العلاج، فإنه يجوز له ذلك ويلزمه قضاء ذلك اليوم.
و أما إن غلبه القيء ، فقاء بغير اختيار منه ، فصومه صحيح ، ولا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من ذَرَعَهُ قيءٌ وهو صائم فليس عليه قضاء ، وإن استقاء فليقضِ.[46]
فعن معدان بن طلحة أن أبا الدرداء رضي الله عنه حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فلقيتُ ثَوْبانَ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق فقلت : إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر ، قال : صدق ، وأنا صببت له وَضوء صلى الله عليه وسلم.[47]
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله : والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، وإذا استقاء عمدا فليقض ، وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق.[48]
قال ابن المنذر رحمه الله : أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدا.[49]
قال ابن قدامة رحمه الله :ومن استقاء فعليه القضاء , ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه .
معنى استقاء : تقيأ مستدعيا للقيء . وذرعه : خرج من غير اختيار منه , فمن استقاء فعليه القضاء ; لأن صومه يفسد به . ومن ذرعه فلا شيء عليه ; وهذا قول عامة أهل العلم . قال الخطابي : لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا.[50]
وقال الحافظ رحمه الله : أما القيء فذهب الجمهور إلى التفرقة بين من سبقه، فلا يفطر، وبين من تعمده فيفطر، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء.[51]
وقال ابن تيمية رحمه الله : أما القيء : فإذا استقاء أفطر ، وإن غلبه القيء لم يفطر.[52]
وقال رحمه الله : -في بيان الحكمة في كونه يفطر بالقيء-: قد نهي الصائم عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب، فينهي عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذّى، وإلا فإذا مكّن من هذا ضرّه وكان متعدياً في عبادته لا عادلاً.[53]
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم من ذرعه القيء وهو صائم هل يقضي ذلك اليوم أم لا ؟
فأجاب بقوله :
لا قضاء عليه ، أما إن استدعى القيء فعليه القضاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء " أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة ط.[54]
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن القيء في رمضان هل يفطر ؟
فأجاب بقوله :
إذا قاء الإنسان متعمدا فإنه يفطر ، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر ، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه وذكر الحديث المتقدم.
فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر ، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها ، فهل نقول : يجب عليك أن تمنعه ؟ لا . أو تجذبه ؟ لا . لكن نقول : قف موقفا حياديا ، لا تستقئ ولا تمنع ، لأنك إن استقيت أفطرت ، وإن منعت تضررت ، فدعه إذا خرج بغير فعل منك ، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك.[55]
وسئلت "اللجنة الدائمة للافتاء"(10/254): عن صائم تقيأ ثم ابتلع قيئه بغير عمد فما حكمه ؟
فأجابت بما يلي:
إذا تقيأ عمدا فسد صومه ، وإن غلبه القيء فلا يفسد صومه ، وكذلك لا يفسد ببلعه ما دام غير متعمد.
الصائم إذا نوى الفطر:
من عزم على نية الإفطار فى وقت الصيام فإن صومه يفسد على الصحيح من قولي العلماء ،وإن لم يأكل أويشرب أو يتلبّس بشيء من المفطرات، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وهوظاهر مذهب أحمد.
عن عمر رضي الله عنهمان الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.[56]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : صومه-أي:من نوى الإفطارمن نهار رمضان- غير صحيح ويجب عليه القضاء؛ لأنه عندما نوى الفطر أفطر، أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي ولم يجد الماء فهذا صومه صحيح؛ لأنه لم يقطع النية ولكنه علّق الفطر على وجود الشيء، ولم يوجد الشيء فبقي على نيته الأولى.
السائل: كيف نرد على من يقول: إنه لم يقل أحد من العلماء: إن النية من المفطرات؟ الجواب: نقول للذي قال هذا: إنه لا يعرف عن كتب أهل العلم شيئاً -كتب أهل العلم في الفقه والمختصرات- ففي زاد المستقنع يقول: ومن نوى الإفطار أفطر. وأنا يا إخواني أحذركم من غير العلماء الراسخين المعروفين بالتقدم في العلم، وأحذركم منهم إذا قالوا، فلم يعلم قائلاً بذلك، أو لم يقل أحد بذلك؛ لأنهم قد يكونون صادقين؛ لأنهم لا يعرفون كتب أهل العلم ولم يطالعوها، ولا يعرفون عنها شيئاً، فلذلك هذا الذي تقول: إنه لم يقل أحد بذلك مع إنه في مختصرات الفقه: (من نوى الإفطار أفطر)، ثم لو فرضنا إنه لم يوجد في كتب أهل العلم أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات)؟ بلى، قال ذلك، فإذا كان يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وهذا الرجل نوى الإفطار هل يفطر؟ نعم. يفطر.[57]
وسئل رحمه الله مانصه : رجل مسافر وصائم في رمضان نوى الفطر، ثم لم يجد ما يفطر به ثم عدل عن نيته، وأكمل الصوم إلى المغرب، فما صحة صومه؟
فأجاب بقوله:
صومه غير صحيح، يجب عليه القضاء، لأنه لما نوى الفطر أفطر. أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي ولم يجد الماء، فهذا صومه صحيح، لأنه لم يقطع النية، ولكنه علق الفطر على وجود الشيء، ولم يوجد الشيء فيبقى على نيته الأولى.[58]
وسئل رحمه الله مانصه : رجل نوى قطع صيامه في شهر رمضان بالفطر، ثم تراجع عن نيته فما الحكم؟
فأجاب بقوله:
يعتبر صومه الذي نوى قطعه قد انقطع، ولا يصح منه، وعليه أن يقضي بدل ذلك اليوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى» فهذا الرجل لما نوى قطعه انقطع، ولا يصح أن يعيد النية من أثناء النهار، لأن الصوم الواجب لا يكون صحيحاً إلا إذا نواه من أول اليوم من قبل طلوع الفجر، لقول الله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }. وهذا الرجل الذي لم ينو النية الجديدة إلا في أثناء النهار لا يقال: إنه صام يوماً، بل يقال: إنه نوى الصوم في أثناء النهار، والصوم الواجب لابد أن يكون من قبل طلوع الفجر.[59]
مسألة :
أما صيام التطوع فإنه وإن نوى وعزم على الإفطار فله أن يستأنفه مرة أخرى ما لم يأكل شيئا أو يفعل شيئا من المفطرات لأنه يجوز إنشاء النية فيه من النهار.
الردة:
من ارتد عن الإسلام كمن سب الله تعالى ، أوسب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أي نبي من الأنبياء،أو سب دين الإسلامي ، أو سب القرآن واستهزأ به ،أو بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أو باسم من أسماء الله تعالى، أو اعترض على الله عز وجل أو على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنكرشيئا معلوما من الدين بالضرورة ،كإنكار الصلاة ،أو الصيام ،أو الحج ،أو الحكم بما أنزل الله أو نحو ذلك ، فقد فسد صومه بالإجماع.
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
الحواشي :
[1] ـ أخرجه البخارى (1) ، ومسلم (1907)
[2] ـ أخرجه أحمد (26500) ، وأبو داود (2454) ، والترمذى (730) ، والنسائي ( 2331)،و فى "الكبرى" (2643) ، والبيهقي (7826) . والدارمي (169 ، وابن خزيمة (1933) ، والطبراني (367) . وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"( 2331)
[3] ـ "المحلى"(6/161)
[4] ـ "المحلى"(6/163)
[5] ـ "المغني" (4/33
[6] ـ "الروضة الندية"(1 /21
[7] ـ انظر : "حاشية ابن عابدين"(2/85) .و"مغني المحتاج" (1/445).و"كشاف القناع" (2/317).
[8] ـ أخرجه مسلم ( 1154 )
[9] ـ أخرجه البخاري (1867)
[10] ـ أخرجه البيهقي (8610)،وأبو داود (2456) ، والطبراني في "الكبير"( 1035)،والدارمي (1736)،وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(2456).
[11] ـ أخرجه الطيالسى (161 ، وأحمد (26937) ، والترمذى (732) ، والحاكم (1599) ، والبيهقي (8131) . والدارقطنى (2/175) ، والديلمى(3829 ) . وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3854).
[12] ـ أخرجه عبد بن حميد (1066) ، ومسلم (1430) ، وأبو داود (3740) ، وابن حبان (5303) . وأحمد (15256) ، والنسائي فى الكبرى (6610) ، والبيهقي (14316) .
[13] ـ أخرجه أحمد (10593) ، ومسلم (1431) ، وأبو داود (2460) ، والترمذى (780) ، وابن حبان (5306) . وأخرجه أيضا : النسائي فى الكبرى (6611) وأبو يعلى (6036) وأبو عوانة (4187) والبيهقي (14309) .
[14] ـ أخرجه أبو داود(3736)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(3736)
[15] ـ أخرجه النسائي (2322)،وحسنه الألباني في "صحيح سنن النسائي (2322).
[16] ـ أخرجه ابن أبي شيبة (9099) وسنده حسن.
[17] ـ "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/62) .
[18] ـ أخرجه الطبراني (10563) قال الهيثمي (4/52) : رجاله ثقات . وابن السنى (490) . وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 53.
[19] ـ أخرجه البخاري (1881).
[20] ـ أخرجه عبد بن حميد (1066) ، ومسلم (1430) ، وأبو داود (3740) ، وابن حبان (5303) . وأحمد (15256) ، والنسائي فى الكبرى (6610) ، والبيهقي (14316) .
[21] ـ أخرجه أحمد (10593) ، ومسلم (1431) ، وأبو داود (2460) ، والترمذى (780) ، وابن حبان (5306) . وأخرجه أيضا : النسائي فى الكبرى (6611) وأبو يعلى (6036) وأبو عوانة (4187) والبيهقي (14309) .
[22] ـ أخرجه أبو داود(3736)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 3736)
[23] ـ أخرجه البيهقي (8146) ، والطبراني فى "الأوسط" (3240)،وصححه الألباني في "آداب الزفاف"(ص :159)
[24] ـ أخرجه أحمد (26955) ، والبيهقي (8144) . وأخرجه أيضا : النسائي (3305) ، والدارمي (2/27 ، رقم 1735) . وصححه الألباني في "الصحيحة" (2802 )
[25] ـ أخرجه البيهقي (8146) ، والطبراني فى "الأوسط" (3240)،وصححه الألباني في "آداب الزفاف"(ص :159)
[26] ـ أخرجه البخارى (1817) ، ومسلم (1090).
[27] ـ أخرجه البخارى (181،ومسلم (1091).
[28] ـ "شرح النووي"(7/201)
[29] ـ أخرجه البخاري (1816)
[30] ـ أخرجه البخاري (423.
[31] ـ أخرجه أحمد (15833) بإسناد حسن.
[32] ـ "صحيح البخاري"(2/681)
[33] ـ "شرح النووي"(7/224/225)
[34] ـ الداري المضية (2/22).
[35] ـ "البحر المحيط الثجاج "(21/53)
[36] ـ إذا كان لغير عذر شرعي
[37] ـ أخرجه أحمد (17879) ، وأبو داود (142) ، والترمذى (78 وقال : حسن صحيح . والنسائي (114) ، وابن ماجه (44 ، وابن حبان (1087) ، والحاكم (525) ، والبيهقي (239) . وابن خزيمة (150) ، وابن الجارود (80) ، والطبراني فى "الكبير" (482) ، وفى الأوسط (7446) وعبد الرزاق (79) ، وابن أبى شيبة (84) وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (78.
[38] ـ أخرجه البخارى (1817) ، ومسلم (1090).
العقال : الحبل الذى يعقل به البعير
[39] ـ من كلام الشيخ ابن عثيمين من"مجالس شهر رمضان"(ص: 70 ).
[40] ـ أخرجه البخارى (6292) ، ومسلم (1155)
[41] ـ أخرجه الحاكم (1569) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقي(7863)،وحسنه الألباني في "الإرواء"(4/87).
[42] ـ أخرجه الحاكم (1569) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ،والدارقطني (2 ،والبيهقي (7863)،والطبراني في "الأوسط"( 5352)،وحسنه الألباني في "الإرواء"(4/87).
[43] ـ أخرجه أبو داود(239،وابن حبان (3522)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 239
[44] ـ "المغني" (4/397)
[45] ـ من كلام ابن عثيمين :"مجالس شهر رمضان"( ص 71) .
[46] ـ أخرجه أبو داود (2380) ، والترمذي (720) ، والنسائي في الكبرى (3116) ، وابن ماجه (1676) ..وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (720)
[47] ـ أخرجه أبوداود (2381)،والنسائي في "الكبرى"(3120) ، والدارمي (1735)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"( 2381)
[48] ـ"سنن الترمذي"(3/9
[49] ـ "المغني" (4/36.
[50] ـ "المغني" (3/23)
[51] ـ "فتح الباري" (4/174). وانظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص53). وقد نقل الإجماع أيضاً على أنه لا شيء على الصائم إذا ذرعه القيء، إلا ما روى عن الحسن البصري في أحد قوليه.
[52] ـ "مجموع الفتاوى" (25/266)
[53] ـ "مجموع الفتاوى" (25/250).
[54] ـ "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز"(15/265)
[55] ـ "فتاوى الصيام" (ص231)
[56] ـ أخرجه البخارى (1) ، ومسلم (1907)
[57] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/183) .
[58] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/183) .
[59] ـ "مجموع فتاوي ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (19/187) .