صيغة التكبير في العيدين
صيغة التكبير في العيدين
اختلف الفقهاء في صفة التكبير من حيث عدده، فاختارت طائفة من أهل العلم أنه لم يثبت في العدد شيء(1)، وهو قول(2) الحكم(3)، وحماد، وهو قول لمالك(4).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(5).
القول الثاني:
التكبير ثلاثًا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وهو مذهب ابن مسعود(6)، جابر، وسلمان الفارسي(7)، وعطاء(، والحسن البصري(9)، ومالك(10)، والشافعي(11).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من يوم النحر، يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد(12).
الدليل الثاني:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه كان يكبر في الصلوات أيام التشريق الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثًا(13).
وهذا لا يقوله ابن مسعود وجابر رضي الله عنهما إلا توقيفًا.
ونوقش من وجوده(14):
الوجه الأول:
أنه قد روى خلاف قوله فكيف يترك ما صرح به لاحتمال وجود ضده.
الوجه الثاني:
أنه إن كان قوله توقيفًا، كان قول من خالفه توقيفًا، فكيف قدموا الضعيف على ما هو أقوى منه، مع إمامة من خالفه وفضلهم في العلم عليه، وكثرتهم.
الوجه الثالث:
أن هذا ليس بمذهب لهم فإن قول الصحابي لا يحمل على التوقيف عندهم.
الوجه الرابع:
أنه إنما يحمل على التوقيف ما خالف الأصول وذكر الله تعالى لا يخالف الأصل ولاسيما إذا كان وترًا.
القول الثالث:
التكبير شفعًا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله الحمد. وهو مذهب(15)عمر، وعلي، وابن مسعود، وبه قال إبراهيم النخعي(16)، والثوري(17)، وهو مذهب أبي حنيفة(1، وقول لمالك(19)، وأحمد(20)، وإسحاق(21).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: "على مكانكم" ويقول: "الله أكبر، الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد"(22).
وهو نصٌ في كيفية التكبير(23).
ونوقش:
بأنه حديث ضعيف جدًا، لا يصح ولا تقوم به حجة(24).
الدليل الثاني:
لأنه تكبير خارج الصلاة، فكان شفعًا، كتكبير الأذان(25).
القول الرابع:
وهو أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر تكبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد، وهو مذهب ابن عباس(26).
دليل هذا القول:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ولا يكبر في المغرب يقول: الله أكبر الله أكبر كبيرا، الله أكبر تكبيرا، الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد(27).
الترجيح:
الذي يظهر -والله أعلم- أنه لم يثبت في صفة التكبير صيغة خاصة عن النبي ﷺ، إنما هي عن الصحابة رضوان الله عليهم، والتكبير شفعًا -وإن كان لا يصح إسناده مرفوعًا- فالعمل عليه(2، وهو المنقول عند أكثر الصحابة(29)، وأما كونه ثلاثًا(30)، فإنما روى عن جابر وابن عباس -رضي الله عنهما- وكلاهما حسن، وقاعدتنا في هذا الباب أصح القواعد إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرًا يصح التمسك به لم يكره شيء من ذلك بل يشرع ذلك كله(31).
وقد صح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن كان يعلم أصحابه فيقول: كبروا الله، الله أكبر، الله أكبر -مرارًا- اللهم أنت أعلى وأجل من أن تكون لك صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون لك ولي من الذل، وكبره تكبيرا الله أكبر تكبيرا اللهم اغفر لنا اللهم ارحمنا(32).
_______________________________
(1) تنقيح التحقيق (1/291).
(2) انظر: الأوسط (4/351).
(3) الحكم بن عتيبة، أبو محمد الكندي مولاهم الكوفي، ولد في نحو سنة ست وأربعين، توفي رحمه الله في سنة خمس عشرة ومائة.
انظر: طبقات الفقهاء (83)، سير أعلام النبلاء (5/20، شذرات الذهب (1/151).
(4) انظر: المدونة (1/24.
(5) سورة البقرة: 185
(6) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/195-196) (5679).
(7) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/316).
( انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/315).
(9) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/200) (5700).
(10) انظر: الرسالة (145)، النوادر والزيادات (1/506)، الشامل (1/144).
(11) انظر: الأم (2/520)،حلية الأولياء (1/277)، منهاج الطالبين (142).
(12) انظر: مصنف ابن أبي شيبة في (كتاب الصلاة-التكبير من أي يوم هو وإلى أي ساعة؟) (4/195-196) (5679).
(13) أخرجه الدارقطني في (كتاب العيدين) (2/392) (1745).
قلت: فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك، ومنهم من كذبه. انظر: الميزان (3/662).
(14) المغني (3/290).
(15) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/199-200)، الأوسط (4/349-350).
(16) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/199) (5696)، الحجة على أهل المدينة (1/309-310).
(17) انظر: الأوسط (4/350).
(1 انظر: الحجة على أهل المدينة (1/308، مختصر القدوري (42)، تحفة الفقهاء (1/173).
(19) انظر: الكافي (1/265)، القوانين الفقهية (7.
(20) انظر: المحرر (1/16، الشرح الكبير (1/512)، مطالب أولي النهى (1/804).
(21) انظر: الأوسط (4/350).
(22) أخرجه الدراقطني في (كتاب العيدين) (2/390-391) (1737).
قلت: وهو حديث ضعيف جدا؛ لأن في إسناده عمرو بن شمر وجابر الجعفي وهما متروكان وقد مر الكلام حولهما، وعنهما نائل بن نجيح وأحاديثه مظلمة جدًا، قاله ابن الملقن في البدر (5/91)
(23) المغني (3/290).
(24) قال البيهقي في الكبرى (3/314): عمرو بن شمر وجابر الجعفي لا يحتج بهما.
(25) المغني (1/290).
(26) انظر: الأوسط (4/350).
(27) أخرجه ابن أبي شيبة (كتاب الصلاة-كيف يكبر يوم عرفة) (4/200) (5701)، وابن المنذر في (كيف التكبير في أيام التشريق) (4/350) (2201).
(2 انظر زاد المعاد (2/360).
(29) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (24/220).
(30) وإما قول ابن عبد البر في الاستذكار (4/33: وأما كيفية التكبير فالذي صح عن عمر وابن عمر وعلي وابن مسعود أنه ثلاث ثلاث! الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
قلت: بل الوارد عن هؤلاء هو شفع التكبير -بحسب اطلاعي- إلا ابن مسعود فقد ورد عنه هذا وهذا.
(31) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (24/242).
(32) أخرجه عبد الرزاق في (كتاب الجامع-باب ذكر الله) (11/295-296) (20581).
وذكر الحافظ في الفتح (2/462)، أن هذه الصيغة هي أصح ما ورد في التكبير.
بسم الله الرحمن الرحيم
صيغة التكبير في العيدين
اختلف الفقهاء في صفة التكبير من حيث عدده، فاختارت طائفة من أهل العلم أنه لم يثبت في العدد شيء(1)، وهو قول(2) الحكم(3)، وحماد، وهو قول لمالك(4).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(5).
القول الثاني:
التكبير ثلاثًا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وهو مذهب ابن مسعود(6)، جابر، وسلمان الفارسي(7)، وعطاء(، والحسن البصري(9)، ومالك(10)، والشافعي(11).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من يوم النحر، يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد(12).
الدليل الثاني:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه كان يكبر في الصلوات أيام التشريق الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثًا(13).
وهذا لا يقوله ابن مسعود وجابر رضي الله عنهما إلا توقيفًا.
ونوقش من وجوده(14):
الوجه الأول:
أنه قد روى خلاف قوله فكيف يترك ما صرح به لاحتمال وجود ضده.
الوجه الثاني:
أنه إن كان قوله توقيفًا، كان قول من خالفه توقيفًا، فكيف قدموا الضعيف على ما هو أقوى منه، مع إمامة من خالفه وفضلهم في العلم عليه، وكثرتهم.
الوجه الثالث:
أن هذا ليس بمذهب لهم فإن قول الصحابي لا يحمل على التوقيف عندهم.
الوجه الرابع:
أنه إنما يحمل على التوقيف ما خالف الأصول وذكر الله تعالى لا يخالف الأصل ولاسيما إذا كان وترًا.
القول الثالث:
التكبير شفعًا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله الحمد. وهو مذهب(15)عمر، وعلي، وابن مسعود، وبه قال إبراهيم النخعي(16)، والثوري(17)، وهو مذهب أبي حنيفة(1، وقول لمالك(19)، وأحمد(20)، وإسحاق(21).
أدلة هذا القول:
الدليل الأول:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: "على مكانكم" ويقول: "الله أكبر، الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد"(22).
وهو نصٌ في كيفية التكبير(23).
ونوقش:
بأنه حديث ضعيف جدًا، لا يصح ولا تقوم به حجة(24).
الدليل الثاني:
لأنه تكبير خارج الصلاة، فكان شفعًا، كتكبير الأذان(25).
القول الرابع:
وهو أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر تكبيرًا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد، وهو مذهب ابن عباس(26).
دليل هذا القول:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ولا يكبر في المغرب يقول: الله أكبر الله أكبر كبيرا، الله أكبر تكبيرا، الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد(27).
الترجيح:
الذي يظهر -والله أعلم- أنه لم يثبت في صفة التكبير صيغة خاصة عن النبي ﷺ، إنما هي عن الصحابة رضوان الله عليهم، والتكبير شفعًا -وإن كان لا يصح إسناده مرفوعًا- فالعمل عليه(2، وهو المنقول عند أكثر الصحابة(29)، وأما كونه ثلاثًا(30)، فإنما روى عن جابر وابن عباس -رضي الله عنهما- وكلاهما حسن، وقاعدتنا في هذا الباب أصح القواعد إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرًا يصح التمسك به لم يكره شيء من ذلك بل يشرع ذلك كله(31).
وقد صح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن كان يعلم أصحابه فيقول: كبروا الله، الله أكبر، الله أكبر -مرارًا- اللهم أنت أعلى وأجل من أن تكون لك صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون لك ولي من الذل، وكبره تكبيرا الله أكبر تكبيرا اللهم اغفر لنا اللهم ارحمنا(32).
_______________________________
(1) تنقيح التحقيق (1/291).
(2) انظر: الأوسط (4/351).
(3) الحكم بن عتيبة، أبو محمد الكندي مولاهم الكوفي، ولد في نحو سنة ست وأربعين، توفي رحمه الله في سنة خمس عشرة ومائة.
انظر: طبقات الفقهاء (83)، سير أعلام النبلاء (5/20، شذرات الذهب (1/151).
(4) انظر: المدونة (1/24.
(5) سورة البقرة: 185
(6) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/195-196) (5679).
(7) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/316).
( انظر: السنن الكبرى للبيهقي (3/315).
(9) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/200) (5700).
(10) انظر: الرسالة (145)، النوادر والزيادات (1/506)، الشامل (1/144).
(11) انظر: الأم (2/520)،حلية الأولياء (1/277)، منهاج الطالبين (142).
(12) انظر: مصنف ابن أبي شيبة في (كتاب الصلاة-التكبير من أي يوم هو وإلى أي ساعة؟) (4/195-196) (5679).
(13) أخرجه الدارقطني في (كتاب العيدين) (2/392) (1745).
قلت: فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك، ومنهم من كذبه. انظر: الميزان (3/662).
(14) المغني (3/290).
(15) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/199-200)، الأوسط (4/349-350).
(16) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/199) (5696)، الحجة على أهل المدينة (1/309-310).
(17) انظر: الأوسط (4/350).
(1 انظر: الحجة على أهل المدينة (1/308، مختصر القدوري (42)، تحفة الفقهاء (1/173).
(19) انظر: الكافي (1/265)، القوانين الفقهية (7.
(20) انظر: المحرر (1/16، الشرح الكبير (1/512)، مطالب أولي النهى (1/804).
(21) انظر: الأوسط (4/350).
(22) أخرجه الدراقطني في (كتاب العيدين) (2/390-391) (1737).
قلت: وهو حديث ضعيف جدا؛ لأن في إسناده عمرو بن شمر وجابر الجعفي وهما متروكان وقد مر الكلام حولهما، وعنهما نائل بن نجيح وأحاديثه مظلمة جدًا، قاله ابن الملقن في البدر (5/91)
(23) المغني (3/290).
(24) قال البيهقي في الكبرى (3/314): عمرو بن شمر وجابر الجعفي لا يحتج بهما.
(25) المغني (1/290).
(26) انظر: الأوسط (4/350).
(27) أخرجه ابن أبي شيبة (كتاب الصلاة-كيف يكبر يوم عرفة) (4/200) (5701)، وابن المنذر في (كيف التكبير في أيام التشريق) (4/350) (2201).
(2 انظر زاد المعاد (2/360).
(29) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (24/220).
(30) وإما قول ابن عبد البر في الاستذكار (4/33: وأما كيفية التكبير فالذي صح عن عمر وابن عمر وعلي وابن مسعود أنه ثلاث ثلاث! الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
قلت: بل الوارد عن هؤلاء هو شفع التكبير -بحسب اطلاعي- إلا ابن مسعود فقد ورد عنه هذا وهذا.
(31) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (24/242).
(32) أخرجه عبد الرزاق في (كتاب الجامع-باب ذكر الله) (11/295-296) (20581).
وذكر الحافظ في الفتح (2/462)، أن هذه الصيغة هي أصح ما ورد في التكبير.
تعليق