ذكر التفاوت في القيراطين من الأجر بين من يشهدون الجنائز، واعتبار ثبوت الأول منهما بالصلاة:
بسم الله الرحمن الرحيم
المطالعة في هذه المسألة كانت بسبب ما يفعله من يسمع قولا في مسألة يلزم به الناس على أنها السنة ، فيقرر في الأذهان أن من لا يعمل بما قاله فلان فهو يخالف السنة، وينكر غير ماا سمع، وعمدته في ذلك جلالة من قال بما ألزم به هو الناس، وأفهام العلماء قد تختلف في المسألة الواحدة، وقد تكون الأدلة متكافئة، ونحن كلنا عيال على أهل العلم بما تفضل الله به عليهم من العلم وهم منة من منن الله عليناالتي لا تحصى، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
وفي هذه المسألة كلما قضى الله بوفاة من نسأل الله له ولنا حسن الختام والوفود على الله يوم الدين في وفد كرامته إنه سميع مجيب، نجد من يحصر الأجر بالقيراط الأول لمتبع الجنازة لمن خرج معها من بيت أهلها، فيظن الناس أن هذا القول هو القول الوحيد في المسألة، فيصبح الناس في حيرة من أمرهم.
--ذكر بعض الأحاديث في المسأل وبيان اختلاف الألفاظ فيها:
ا—لفظة الشهود: روى البخاري (1325) ومسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ . قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ ) رواه البخاري (1325) ومسلم (945) .
وهذه الرواية مطلقة, ليس فيها إلا ذكر الشهود, أي الحضور.
ب—روايات متباينة في ذكر لفظة الاتباع فيها:
وعند البخاري أيضا:
- 47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَنْجُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ
تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ....نَحْوَهُ
قال ابن حجر رحمه اللهفي تعليقه على الحديث عن لفظة الاتباع::
قوله من اتبع هو بالتشديد وللأصيلي تبع بحذف الألف وكسر الموحدة وقد تمسك بهذا اللفظ من زعم أن المشي خلفها أفضل ولا حجة فيه لأنه يقال تبعه إذا مشى خلفه أو إذا مر به فمشى معه وكذلك اتبعه بالتشديد وهو افتعل منه فإذا هو مقول بالاشتراك وقد بين المراد الحديث الآخر المصحح عند بن حبان وغيره من حديث بن عمر في المشي أمامها وأما اتبعه بالإسكان فهو بمعنى لحقه إذا كان سبقه ولم تأت به الرواية هنا ا.ه رحمه الله
ففي هذا المنقول بين الحافظ رحمه الله الفارق بين ألفاظ ثلاثة, تبع ثلاثيا، وأتبع رباعيا بأسكان التاء ك(أخرج)، واتبع خماسيا من الافتعال، وبين أن لفظتي, تبع الثلاثي واتبع الخماسي، لهما معنيان، فتحتملان المشي خلفها وهذا خرج بحديث ابن عمر، وتحتمل معنى مر بها فماشاها،ولفظة أتبعه بإسكان التاء خرجت بعدم ورودها في الروايات، والحاصل أن لفظة الاتباع في هذه الرواية لم تقيد بمرحلة معينة من مراحل تشييع الجنازة، وإنما ذكر معها الإيمان والاحتساب، فلا يفهم منها سوى مطلق الاتباع، بدون بيان مبتدأ تشييعها، ولكنها في غير هذه الرواية جاءت بعد ذكر الصلاة كما في رواية مسلم الآتية على العطف بينهما بثم
ثم عطف على لفظة الاتباع في الرواية ذكر ترتب الأجر وهو على ضربين, من كان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها، ومن صلى ثم انصرف، قال الحافظ بعد النص السابق معلقا:
قوله وكان معه أي مع المسلم وللكشميهني معها أي مع الجنازة قوله حتى يصلي بكسر اللام ويروى بفتحها فعلى الأول لا يحصل الموعود به إلا لمن توجد منه الصلاة وعلى الثاني قد يقال يحصل له ذلك ولو لم يصل أما إذا قصد الصلاة وحال دونه مانع فالظاهر حصول الثواب له مطلقا والله أعلم ا.ه رحمه الله
فعبارة "وكان معه حتى يصلي عليه" قيدت حصول الثواب بالصلاة, لأنه الشيء الثابت في جميع الروايات وابتدئ بذكره في بعضها الآخر.
قال الحافظ :
قوله ويفرغ بضم أوله وفتح الراء ويروي بالعكس وقد اثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد وهذا هو المعتمد خلافا لمن تمسك بظاهر بعض الروايات فزعم أنه يحصل بالمجموع ثلاثة قراريط
ج—الخروج معها من البيت ويفهم منها تقيد الأجر بحصول هذا الوصف: روى مسلم (945) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ! أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ ) فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ ، فَقَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ ) .
تقدمت لفظة الاتباع في الرواية السابقة لهذه الرواية وفي رواية مسلم هذه, {فصلى عليها ثم تبعها}، ولكن في أول هذه الرواية ذكر الخروج معها من البيت، فهل المطلق من الروايات في الأجر يحمل على المقيد؟ فيكون حصول الأجر مرهونا بالخروج معها من مكانها، أم يبقى المطلق في معظم الروايات على ما هو عليه من حصول الثواب بالصلاة والدفن ويكون في زيادة الخروج معها من البيت زيادة فضل؟
والجواب في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المذكور في الفقرة 44 من أحكام الجنائز للشيخ الألباني وسيأتي.
د—النص على ثبوت القيراط من الأجر بمجرد الصلاة:
روى مسلم فقال وحدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا وهيب حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال * من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط فإن تبعها فله قيراطان قيل وما القيراطان قال أصغرهما مثل أحد. \ هكذا "أصغرهما مثل أحد" وعند أبي داود "أصغرهما مثل أحد، أو كل قيراط مثل أحد"
وهذه الرواية وحديث أبي سعيد الخدري الآتي تزيدان الأمر تأكيدا بأن المقصود ثبوت أجر القيراط الأول بالصلاة وما سبقها من ذكر الخروج معها من مكانها زيادة في الأجر من حيث تفاوت القراريط الذي أشارت إليه روايات منها رواية مسلم: "أصغرهما مثل أحد"، إلا أنه ينتبه لأنه في رواية مسلم جزم بعبارة "أصغرهما مثل أحد" بخلاف رواية أبي داود بالسند ذاته ففيها الشك "أصغرهما مثل أحد، أو كل قيراط مثل أحد".
ولرواية "أصغرهما مثل أحد" شاهد في البحر الزخار المعروف بمسند البزار الجزء 10
4159م - قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى على جنازة فله قيراط ومن انتظرها حتى تدفن فله قيراطان أصغرهما مثل أحد "
فتحصل من سرد المرويات المتقدمة أن هناك روايات فيها مطلق الاتباع وروايات يفهم منها التقييد بالخروج مع الجنازة من مكانها وروايات فيها زيادات ليست في غيرها والثابت في الجميع هو ذكر الصلاة مع الثواب،
--حكم اتباع الجنازة:
قال الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز:
44-ويجب حمل اجنازة واتباعها ،وذلك من حق الميت المسلم على المسلمين ،وفي ذلك أحاديث ، أذكر اثنين منها :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " حق المسلم ( وفي رواية :يجب للمسلم على أخيه ) خمس: رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ،وتشميت العاطس ".أخرجه البخاري (3/8 والسياق له ، ومسلم (7/3) بالرواية الثانية وابن ماجه (1/439) وابن الجارود (261) وأحمد (2/372،412،540)، وقال في رواية له: " ست ". وزاد :" وإذا استنصحك فانصح له " ،وهي رواية لمسلم أيضا ،أخرجوه كلهم من حديث أبي هريرة.
وفي الباب عن البراء بن عازب عند الشيخين وغيرهما .
الثاني : قوله أيضا : " عودوا المريض،واتبعوا الجنائز،تذكر كم الاخرة " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 73 ) والبخاري في " الادب المفرد " ( ص 75 ) وابن حبان في " صحيحه " ( 709 - موارد ) والطيالسي ( 1 / 224 ) وأحمد ( 3 / 27 ، 32 ، 48 ) والبغوي في " شرح السنة " ( 1 / 166/ ) من حديث أبي سعيد الخدري . قلت : وإسناده حسن . وله شاهد من حديث عوف بن مالك بدون الجملة الاخيرة . رواه الطبراني . راجع " المجمع " ( 2/ 299 ) .
--حصر الشيخ الألباني للاتباع في مرتبتين:
وقال أيضا في المصدر المذكور:
واتباعها على مرتبتين :
الأولى : اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها .
والأخرى : اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها . وكل منهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كنا مقدم النبي صلى الله عليه وسلم ( يعني المدينة) ، إذا حضر منا الميت آذنا النبي صلى الله عليه وسلم ،فحضره واستغفر له، حتى إذا قبض ، انصرف النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى يدفن ،وربما طال حبس ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما خشينا مشقة ذلك عليه ،قال بعض القوم لبعض : لو كنا لا نؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بأحد حتى يقبض ، فإذا قبض آذناه ، فلم يكن عليه في ذلك مشقة ولا حبس ، ففعلنا ذلك ، وكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت ، فيأتيه فيصلي عليه ، فربما انصرف ، وربما مكث حتى يدفن الميت ، فكنا على ذلك حينا ، ثم قلنا لو لم يشخص النبي صلى الله عليه وسلم ،وحملنا جنازتنا إليه حتى يصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به ، فكان ذلك الامر إلى اليوم ".أخرجه ابن حبان في صحيحه (753-مورد) والحاكم (1/353-364-365) وعنه البيهقي (3/74) وأحمد (3/66) بنحوه ،وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين "!وإنما هو صحيح فقط ،لان فيه سعيد بن عبيد بن السباق ،ولم يخرجا له شيئا.
45 - ولا شك في أن المرتبة الاخرى أفضل من الاولى لقوله صلى الله عليه وسلم : " من شهد الجنازة(من بيتها )،(وفي رواية من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهد ها حتى تدفن ، ( وفي الرواية الاخرى : يفرغ منها) فله قيراطان (من الاجر) ، قيل: ( يارسول الله ) وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين.( وفي الرواية الاخرى : كل قيراط مثل أحد ) " . أخرجه البخاري ( 1 / 89 - 90 ، 3 / 150 ، 154 ) ومسلم ( 3 / 51 - 52 ) وأبو داود ( 2 / 63 - 64 ) والنسائي ( 1 / 282 ) والترمذي ( 2 / 150 ) وصححه ، وابن ماجه ( 1 / 467 - 468 ) وابن الجارود ( 261 ) والبيهقي ( 3 / 412 - 413 ) والطيالسي ( 2581 ) وأحمد ( 2 / 233 ، 246 ، 320 ، 401 ، 458 ، 470 ، 474 493 ، 521 ، 531 ) من طرق كثيرة عن أبي هريد رضي الله عنه .
والرواية الثانية للبخاري والنسائي وأحمد . والزيادة الاولى لمسلم وأبي داود وغيرها ، والزيادتان الاخريان للنسائي .
وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم .
الأول :عن ثوبان عند مسلم والطيالسي (985) وأحمد (5/276- 277،282-283-284).
الثاني والثالث ::عن البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل ،عند النسائي وأحمد (4/86،294) .
الرابع :عن أبي سعيد الخدري . رواه أحمد (3/20،27،97) من طريقين عنه.وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ في " الفتح "( 3 / 153 ) . ا.ه رحمه الله
فجعل الشيخ الألباني رحمه الله الاتباع على مرتبتين
الأولى : اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها .
والأخرى : اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها . وكل منهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل الأخرى أفضل، وقيد الإثثنين بالاتباع من الأهل، وكأن الشيخ جعل رواية اتباع الجنازة من مكانها مقيدة لغيرها من الروايات التي فيها ترتب الأجر على مجرد الصلاة, فلا يحصل الأجر لمتبع الجنازة إلا لمن تبعها من أهلها أو مكانها الذي خرجت منه.
--الزيادات متى صحت يكون فيها زيادة فائدة:
قال الشيخ الألباني بعد ذلك:
وفي بعض الشواهد عن أبي هريرة زيادات مفيدة لعله من المستحسن ذكرها :
" وكان ابن عمر يصلي عليها ، ثم ينصرف ، فلما بلغه حديث أبي هريرة قال :( أكثر علينا أبو هريرة ، ( وفي رواية : فتعاظمه ) )،( فإرسل خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت ، وخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتي رجع إليه الرسول ، فقال :قالت عائشة:صدق أبو هريرة،فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض ثم قال: )لقد فرطنا في قراريط كثيرة،( فبلغ ذلك أبا هريرة فقال:إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفقة السوق،ولا غرس الودي، إنما كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لكلمة يعلمنيها،وللقمة يطعمنيها )،(فقال له ابن عمر:أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه ) ".هذه الزيادات كلها لمسلم ،إلا الاخيرة ، فهي لأحمد (2/2- 3 ، 387 ) وكذا سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ، والتي قبلها للطيالسي وسندها صحيح على شرط مسلم ، والزيادة الثانية للشيخين ، والرواية الثانية فيها للترمذي وأحمد .
والزيادة الاخيرة صريحة بأن ابن عمر رضي الله عنه استفصل عنه بنفسه بأبي هريرة،ويؤيده ما في رواية لمسلم وغيره بلفظ:فقال ابن عمر: أبا هر انظر ما تحدث عن رسول الله عليه وسلم،فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة،فقال لها ، يا أم المؤمنين أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكر الحديث ) ، فقالت : اللهم نعم ، فقال أبو هريرة : إنه لم يكن . . الخ . فظاهر هذا كله يخالف رواية أنه أرسل خبابا إلى ابن عمر . وجمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر يخبر عائشة بلغ ذلك أبا هريرة ، فمشى إلى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة . ا.ه رحمه الله
إمكانية الجمع بين الروايات:
مع اختلاف الروايةيرد السؤال هنا, ما الحالة التي يثبت بها الأجر إن شاء الله بالقيراط الأول؟
قال القسطلاني في إرشاد الساري في التعليق على الرواية التي نقلت آنفا عن صحيح مسلم:
وفي رواية مسلم أيضًا: من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، لكن يحتمل أن يكون المراد بالاتباع هنا ما بعد الصلاة ولو تبعها ولم يصل ولم يحضر الدفن فلا شيء له بل حكي عن أشهب كراهته. ا.ه رحمه الله
إذن فالاتباع في الروايات باختلاف ألفاظها يشمل في بعضها المشي مع الجنازة حتى يصلى عليها، واتباعها حتى تدفن واتباعها حتى يصلى عليها وهي أمور منها ما هو قبل الصلاة ومنه ما هو بعدها، والثابت في ما ذكر من مرويات ترتب الأجر على الصلاة في القيراط ، والصلاة والفراغ في القيراطين.
قال القسطلاني قبل النص المذكور:
فإنه يرجع من الأجْر بقيراطين) مثنى قيراط وهو اسم لمقدار من الثواب يقع على القليل والكثير بينه بقوله ( كل قيراط مثل) جبل ( أُحُد) بضمتين بالمدينة سمي به لتوحده وانقطاعه عن جبال أخرى هناك، فحصول القيراطين مقيد بالصلاة والاتّباع في جميع الطريق مع الدفن وهو تسوية القبر بالتمام أو نصب اللبن عليه والأوّل أصح عندنا، ويحتمل حصول القيراط بكل منهما، لكن بتفاوت القيراط ولا يقال يحصل القيراطان بالدفن من غير صلاة بظاهر رواية فتح لام يصلى لأن المراد فعلهما معًا جميعًا بين الروايتين وحملاً للمطلق على المقيد ( ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن) بنصب قبل على الظرفية وأن مصدرية أي قبل الدفن ( فإنه يرجع بقيراط) من الأجْر، فلو صلى وذهب إلى القبر وحده ثم حضر الدفن لم يحصل له القيراط الثاني كذا قاله النووي، وليس في الحديث ما يقتضي ذلك إلا بطريق المفهوم، فإن ورد منطوق بحصول القيراط بشهود الدفن وحده، كان مقدمًا ويجمع حينئذ بتفاوت القيراط، ولو صلى ولم يشيع رجع بالقيراط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى دون قيراط من شيع مثلاً وصلى، وفي مسلم أصغرهما مثل أُحُد وهو يدل على أن القراريط تتفاوت. ا.ه رحمه الله
ويؤكد هذا كلام الحافظ ابن حجر حيث قال في الفتحفي شرح كتاب الجنائز:
قوله : ( حتى يصلى ) زاد الكشميهني " عليه " واللام للأكثر مفتوحة ، وفي بعض الروايات بكسرها ، ورواية الفتح محمولة عليها ، فإن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له كما تقدم تقريره ، وللبيهقي من طريق محمد بن علي الصائغ ، عن أحمد بن شبيب شيخ البخاري فيه بلفظ : " حتى يصلى عليها " . وكذا هو عند مسلم من طريق ابن وهب ، عن يونس ، ولم يبين في هذه الرواية ابتداء الحضور ، وقد تقدم بيانه في رواية أبي سعيد المقبري حيث قال : " من أهلها " . وفي رواية خباب عند مسلم : " من خرج مع جنازة من بيتها " . ولأحمد في حديث أبي سعيد الخدري : " فمشى معها من أهلها " . ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة ، وبذلك صرح المحب الطبري وغيره . والذي يظهر لي أن القيراط يحصل أيضا لمن صلى فقط ، لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها ، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع مثلا وصلى . ورواية مسلم من طريق أبي صالح ، عن أبي هريرة بلفظ : " أصغرهما مثل أحد " . يدل على أن القراريط تتفاوت . ووقع أيضا في رواية أبي صالح المذكورة عند مسلم : من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط . وفي رواية نافع بن جبير ، عن أبي هريرة عند أحمد : " ومن صلى ولم يتبع فله قيراط " . فدل على أن الصلاة تحصل القيراط ، وإن لم يقع اتباع ، ويمكن أن يحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة ، وهل يأتي نظير هذا في قيراط الدفن ؟ فيه بحث . قال النووي في شرح البخاري عند الكلام على طريق محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة في كتاب الإيمان بلفظ : من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا ، وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها ، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين . الحديث . ومقتضى هذا أن القيراطين إنما [يحصلان لمن كان معها في جميع الطريق حتى تدفن ، فإن صلى مثلا وذهب إلى القبر وحده فحضر الدفن لم يحصل له إلا قيراط واحد . انتهى . وليس في الحديث ما يقتضي ذلك إلا من طريق المفهوم ، فإن ورد منطوق بحصول القيراط لشهود الدفن وحده كان مقدما . ويجمع حينئذ بتفاوت القيراط ، والذين أبوا ذلك جعلوه من باب المطلق والمقيد ، نعم مقتضى جميع الأحاديث أن من اقتصر على التشييع فلم يصل ، ولم يشهد الدفن فلا قيراط له إلا على الطريقة التي قدمناها عن ابن عقيل ، لكن الحديث الذي أوردناه عن البراء في ذلك ضعيف . وأما التقييد بالإيمان والاحتساب فلا بد منه ، لأن ترتب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة ، أو على سبيل المحاباة ، والله أعلم . ا.ه
وبهذا تكون مراتب الاتباع أربعة, اثنتان تقدم ذكرها عن الشيخ الألباني، والثالثة تكون لمن باشر التشييع من الصلاة ولم يخرج معها من مكانها وتبعها حتى يفرغ منها، والرابعة لمن شهد الصلاة عليها دون تشييعها حتى يفرغ منها، وبين الأحوال الأربعة تفاوت في القراريط على اختلاف الروايات المقدرة له.
وهناك احتمالات تستبعدها الروايات في تفاوت الأجر, فمثلا: العطف في ثبوت القيراطين لمن صلى وشيع الجنازة حتى الفراغ منها ينفي احتمال حصول قيراط لمن شيع الجنازة إلى القبر دون الصلاة عليها كما تقرر في كلام الحافظ.
وكذلك لا يفهم من الروايات أن القراريط ثلاثة, واحد للصلاة، واثنان لمن شيعها حتى يفرغ منها، بل المجموع قيراطان، والروايات يفسر بعضها بعضا،
قال ابن حجر رحمه الله في ذلك:
قوله : ( ومن شهد ) كذا في جميع الطرق بحذف المفعول ، وفي رواية البيهقي التي أشرت إليها " ومن شهدها " .
قوله : ( فله قيراطان ) ظاهره أنهما غير قيراط الصلاة ، وهو ظاهر سياق أكثر الروايات ، وبذلك جزم بعض المتقدمين ، وحكاه ابن التين ، عن القاضي أبي الوليد ، ولكن سياق رواية ابن سيرين يأبى ذلك ، وهي صريحة في أن الحاصل من الصلاة ومن الدفن قيراطان فقط ، وكذلك رواية خباب صاحب المقصورة عند مسلم بلفظ : من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى كان له قيراطان من أجر ، كل قيراط مثل أحد ، ومن صلى عليها ثم رجع كان له قيراط . وكذلك رواية الشعبي عن أبي هريرة عند النسائي بمعناه ، ونحوه رواية نافع بن جبير . قال النووي : رواية ابن سيرين صريحة في أن المجموع قيراطان ، ومعنى رواية الأعرج على هذا كان له قيراطان ؛ أي بالأول ، وهذا مثل حديث : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله . أي بانضمام صلاة العشاء . ا.ه رحمه الله
وكذلك تباين الروايات في حصول القيراط الثاني يجعل المرؤ يحتاط بالفراغ من الجنازة تماما، اللهم إلا إن قيل بتفاوت هذا القيراط بحسب المكث مع الجنازة كما قيل في القيراط الأول، قال الحافظ في الفتح أيضا:
قوله : ( حتى تدفن ) ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن ، وهو أصح الأوجه عند الشافعية وغيرهم ، وقيل : يحصل بمجرد الوضع في اللحد ، وقيل : عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب ، وقد وردت الأخبار بكل ذلك ، ويترجح الأول للزيادة ، فعند مسلم من طريق معمر في إحدى الروايتين عنه : " حتى يفرغ منها " . وفي الأخرى : " حتى توضع في اللحد " . وكذا عنده في رواية أبي حازم بلفظ : " حتى توضع في القبر " . وفي رواية ابن سيرين ، والشعبي : " حتى يفرغ منها " . وفي رواية أبي مزاحم عند أحمد : " حتى يقضى قضاؤها " . وفي رواية أبي سلمة عند الترمذي : " حتى يقضى دفنها " . وفي رواية ابن عياض في النسخة المخطوطة : " ابن عباس " . عند أبي عوانة : " حتى يسوى عليها " ؛ أي التراب . وهي أصرح الروايات في ذلك . ويحتمل حصول القيراط بكل من ذلك ، لكن يتفاوت القيراط كما تقدم .
--الجمع بانسجام الروايات بتفاوت القراريط بين المشيعين:
وللحافظ في الفتح كلام نفيس يذكر فيه أن القراريط تتفاوت بين المشيعين حيث قال:
قوله : ( قيل : وما القيراطان ) لم يعين في هذه الرواية القائل ولا المقول له ، وقد بين الثاني مسلم في رواية الأعرج هذه ، فقال : " قيل : وما القيراطان يا رسول الله ؟ " وعنده في حديث ثوبان : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيراط " . وبين القائل أبو عوانة من طريق أبي مزاحم ، عن أبي هريرة ولفظه : " قلت : وما القيراط يا رسول الله ؟ " . ووقع عند مسلم أن أبا حازم أيضا سأل أبا هريرة عن ذلك .
قوله : ( مثل الجبلين العظيمين ) سبق أن في رواية ابن سيرين وغيره : " مثل أحد " . وفي رواية الوليد بن عبد الرحمن عند ابن أبي شيبة : " القيراط مثل جبل أحد " . وكذا في حديث ثوبان عند مسلم ، والبراء عند النسائي ، وأبي سعيد عند أحمد . ووقع عند النسائي من طريق الشعبي : فله قيراطان من الأجر ، كل واحد منهما أعظم من أحد . . وتقدم أن في رواية أبي صالح عند مسلم : " أصغرهما مثل أحد " . وفي رواية أبي بن كعب عند ابن ماجه : " القيراط أعظم من أحد هذا " . كأنه أشار إلى الجبل عند ذكر الحديث . وفي حديث واثلة عند ابن عدي : كتب له قيراطان من أجر ، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد . فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد ، وأن المراد به زنة الثواب المرتب على ذلك العمل .
يستفاد من ذلك ما يلي:
أولا-- المجمع عليه في الروايات أمران, حصول القيراط الأول بالصلاة على الجنازة، وحصول القيراط الثاني بالصلاة وتشييع الجنازة حتى يفرغ منها، وذكرت بعض الروايات زيادة اتباعها والخروج معها من أهلها، ولا يسلك في ذلك مسلك حمل المطلق على المقيد. لصراحة بعض النصوص في ثبوت أجر القيراط على الصلاة وإن لم يكن قبلها اتباع، ولعمل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم, حيث تركوا إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن المحتضر، ثم تركوا إخباره عن الجنازة حتى تحمل إليه ويصلي عليها واستقرار الأمر على هذا، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم على هذا، فلو كان القيراط الأول يفوت بعدم الخروج مع الجنازة مع أهلها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة محظور شرعا، فيحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم في شهود بعض المحتظرين أو في خروجه مع بعض الجنائز مع أهلها وندبه إلى ذلك على الهدي الأفضل والأكمل كما في حديث أبي سلمة أخي النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة وغيره من الأحاديث التي ورد فيها مجيء النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار، وليس كل أحد يستطيع الدخول إلى سائر بيوت المسلمين كحال النبي صلى الله عليه وسلم، وعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الفاضل إلى المفضول لعل فيه بيان للجواز، وليس فيه انتفاء أجر القيراط الأول، إذن، فالحال الأخيرة كما صرح بها في الحديث الذي صححه الشيخ الألباني هو عدم خروج النبي صلى الله عليه وسلم مع الجنازة من بيتها، بل كان يؤتى بها إليه..
ثانيا—متى ما اختلفت النصوص فإن العلماء رحمهم الله يلجؤون إلى الجمع وبخاصة إذا صح المروي, بحيث تستقيم الروايات حتى لا يرد ما قد يكون قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وبعض الرواة قد ينشط فيخبر به تارة ويغيب عنه تارة، أو نسيه من أخذه عنهم، فإن تعذر الجمع لجئ إلى الترجيح، وهذا ما سلكه ابن حجر والقسطلاني رحمهما الله في جمعهما بين الروايات بالقول بأن المقصود مما ذكر من الخروج مع الجنازة من أهلها قبل الصلاة في بعض الأحاديث هو وسيلة لما بعده من الصلاة وزيادة فضيلة، وتفاوت القراريط يكون بحسب السبق إلى اتباع الجنازة.
ثالثا— تتوجه قوة القول بالتفاوت في القراريط بين المشيعين لتعدد الشواهد والمتابعات للعبارات المصرحة بالتفاوت، وقبول من ذكر من شراح البخاري لها وبنائهم لحكم شرعي عليها يؤكد ما ذكر في النقطة السابقة وذلك مثل رواية أبي صالح في صحيح مسلم التي ذكر فيها مقدار القيراطين بأن أصغرهما مثل أحد ذكرها الحافظ وسكت عنها وبنى عليها حكمه هذا، مع أن روايات غير أبي صالح فيها أنهما مثل جبلين عظيمين أو أنهما مثل أحد ولرواية أبي صالح شاهد من حديث ثوبان في مسند البزار سالفة الذكر وذكر الحافظ ابن حجر شاهدا آخر وهو في حديث واثلة عند ابن عدي : كتب له قيراطان من أجر ، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد .وشاهدا آخر من رواية أبي بن كعب عند ابن ماجه : " القيراط أعظم من أحد هذا " .و عند النسائي من طريق الشعبي : فله قيراطان من الأجر ، كل واحد منهما أعظم من أحد ، كما تقدم في كلام الحافظ في الفتح.
رابعا-- مراتب تفاوت الأجر في تشييع الجنازة في الجملة أربعة:
--الخروج معها من أهلها حتى يصلى عليها واتباعها حتى يفرغ منها، وهي أكمل مرتبة.
--حضور الصلاة عليها بدون ما يسبقها من خروج معها من مكانها واتباعها حتى تدفن، وهي مرتبة دونها في الكمال.
وتشترك هاتان المرتبتان في ثبوت القيراطين، مع أفضلية القيراطين في المرتبة الأولى في الميزان..
--الخروج معها من أهلها حتى يصلى عليها.
--شهود الصلاة
عليها دون ما يسبقها من خروج، وعدم اتباعها حتى يفرغ منها.
وهاتان مرتبتان يترتب عليهما من الأجر قيراط، مع أفضلية الحالة الثالثة على الرابعة في أفضلية القيراط في الميزان.
خامسا-- بكل ذلك وردت السنة، وتوجه جمع أهل العلم بين الروايات، فعندئذ لا نكير، ولا تنحصر السنة في قول عالم دون غيره، وأصحاب المراتب الأربعة مأجورون وإن تفاوتت قراريطهم متى كان تشييعهم هذا إيمانا واحتسابا.
والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
المطالعة في هذه المسألة كانت بسبب ما يفعله من يسمع قولا في مسألة يلزم به الناس على أنها السنة ، فيقرر في الأذهان أن من لا يعمل بما قاله فلان فهو يخالف السنة، وينكر غير ماا سمع، وعمدته في ذلك جلالة من قال بما ألزم به هو الناس، وأفهام العلماء قد تختلف في المسألة الواحدة، وقد تكون الأدلة متكافئة، ونحن كلنا عيال على أهل العلم بما تفضل الله به عليهم من العلم وهم منة من منن الله عليناالتي لا تحصى، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
وفي هذه المسألة كلما قضى الله بوفاة من نسأل الله له ولنا حسن الختام والوفود على الله يوم الدين في وفد كرامته إنه سميع مجيب، نجد من يحصر الأجر بالقيراط الأول لمتبع الجنازة لمن خرج معها من بيت أهلها، فيظن الناس أن هذا القول هو القول الوحيد في المسألة، فيصبح الناس في حيرة من أمرهم.
--ذكر بعض الأحاديث في المسأل وبيان اختلاف الألفاظ فيها:
ا—لفظة الشهود: روى البخاري (1325) ومسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ . قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ ) رواه البخاري (1325) ومسلم (945) .
وهذه الرواية مطلقة, ليس فيها إلا ذكر الشهود, أي الحضور.
ب—روايات متباينة في ذكر لفظة الاتباع فيها:
وعند البخاري أيضا:
- 47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَنْجُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ
تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ....نَحْوَهُ
قال ابن حجر رحمه اللهفي تعليقه على الحديث عن لفظة الاتباع::
قوله من اتبع هو بالتشديد وللأصيلي تبع بحذف الألف وكسر الموحدة وقد تمسك بهذا اللفظ من زعم أن المشي خلفها أفضل ولا حجة فيه لأنه يقال تبعه إذا مشى خلفه أو إذا مر به فمشى معه وكذلك اتبعه بالتشديد وهو افتعل منه فإذا هو مقول بالاشتراك وقد بين المراد الحديث الآخر المصحح عند بن حبان وغيره من حديث بن عمر في المشي أمامها وأما اتبعه بالإسكان فهو بمعنى لحقه إذا كان سبقه ولم تأت به الرواية هنا ا.ه رحمه الله
ففي هذا المنقول بين الحافظ رحمه الله الفارق بين ألفاظ ثلاثة, تبع ثلاثيا، وأتبع رباعيا بأسكان التاء ك(أخرج)، واتبع خماسيا من الافتعال، وبين أن لفظتي, تبع الثلاثي واتبع الخماسي، لهما معنيان، فتحتملان المشي خلفها وهذا خرج بحديث ابن عمر، وتحتمل معنى مر بها فماشاها،ولفظة أتبعه بإسكان التاء خرجت بعدم ورودها في الروايات، والحاصل أن لفظة الاتباع في هذه الرواية لم تقيد بمرحلة معينة من مراحل تشييع الجنازة، وإنما ذكر معها الإيمان والاحتساب، فلا يفهم منها سوى مطلق الاتباع، بدون بيان مبتدأ تشييعها، ولكنها في غير هذه الرواية جاءت بعد ذكر الصلاة كما في رواية مسلم الآتية على العطف بينهما بثم
ثم عطف على لفظة الاتباع في الرواية ذكر ترتب الأجر وهو على ضربين, من كان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها، ومن صلى ثم انصرف، قال الحافظ بعد النص السابق معلقا:
قوله وكان معه أي مع المسلم وللكشميهني معها أي مع الجنازة قوله حتى يصلي بكسر اللام ويروى بفتحها فعلى الأول لا يحصل الموعود به إلا لمن توجد منه الصلاة وعلى الثاني قد يقال يحصل له ذلك ولو لم يصل أما إذا قصد الصلاة وحال دونه مانع فالظاهر حصول الثواب له مطلقا والله أعلم ا.ه رحمه الله
فعبارة "وكان معه حتى يصلي عليه" قيدت حصول الثواب بالصلاة, لأنه الشيء الثابت في جميع الروايات وابتدئ بذكره في بعضها الآخر.
قال الحافظ :
قوله ويفرغ بضم أوله وفتح الراء ويروي بالعكس وقد اثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد وهذا هو المعتمد خلافا لمن تمسك بظاهر بعض الروايات فزعم أنه يحصل بالمجموع ثلاثة قراريط
ج—الخروج معها من البيت ويفهم منها تقيد الأجر بحصول هذا الوصف: روى مسلم (945) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ! أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ ) فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ ، فَقَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ ) .
تقدمت لفظة الاتباع في الرواية السابقة لهذه الرواية وفي رواية مسلم هذه, {فصلى عليها ثم تبعها}، ولكن في أول هذه الرواية ذكر الخروج معها من البيت، فهل المطلق من الروايات في الأجر يحمل على المقيد؟ فيكون حصول الأجر مرهونا بالخروج معها من مكانها، أم يبقى المطلق في معظم الروايات على ما هو عليه من حصول الثواب بالصلاة والدفن ويكون في زيادة الخروج معها من البيت زيادة فضل؟
والجواب في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المذكور في الفقرة 44 من أحكام الجنائز للشيخ الألباني وسيأتي.
د—النص على ثبوت القيراط من الأجر بمجرد الصلاة:
روى مسلم فقال وحدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا وهيب حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال * من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط فإن تبعها فله قيراطان قيل وما القيراطان قال أصغرهما مثل أحد. \ هكذا "أصغرهما مثل أحد" وعند أبي داود "أصغرهما مثل أحد، أو كل قيراط مثل أحد"
وهذه الرواية وحديث أبي سعيد الخدري الآتي تزيدان الأمر تأكيدا بأن المقصود ثبوت أجر القيراط الأول بالصلاة وما سبقها من ذكر الخروج معها من مكانها زيادة في الأجر من حيث تفاوت القراريط الذي أشارت إليه روايات منها رواية مسلم: "أصغرهما مثل أحد"، إلا أنه ينتبه لأنه في رواية مسلم جزم بعبارة "أصغرهما مثل أحد" بخلاف رواية أبي داود بالسند ذاته ففيها الشك "أصغرهما مثل أحد، أو كل قيراط مثل أحد".
ولرواية "أصغرهما مثل أحد" شاهد في البحر الزخار المعروف بمسند البزار الجزء 10
4159م - قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى على جنازة فله قيراط ومن انتظرها حتى تدفن فله قيراطان أصغرهما مثل أحد "
فتحصل من سرد المرويات المتقدمة أن هناك روايات فيها مطلق الاتباع وروايات يفهم منها التقييد بالخروج مع الجنازة من مكانها وروايات فيها زيادات ليست في غيرها والثابت في الجميع هو ذكر الصلاة مع الثواب،
--حكم اتباع الجنازة:
قال الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز:
44-ويجب حمل اجنازة واتباعها ،وذلك من حق الميت المسلم على المسلمين ،وفي ذلك أحاديث ، أذكر اثنين منها :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " حق المسلم ( وفي رواية :يجب للمسلم على أخيه ) خمس: رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ،وتشميت العاطس ".أخرجه البخاري (3/8 والسياق له ، ومسلم (7/3) بالرواية الثانية وابن ماجه (1/439) وابن الجارود (261) وأحمد (2/372،412،540)، وقال في رواية له: " ست ". وزاد :" وإذا استنصحك فانصح له " ،وهي رواية لمسلم أيضا ،أخرجوه كلهم من حديث أبي هريرة.
وفي الباب عن البراء بن عازب عند الشيخين وغيرهما .
الثاني : قوله أيضا : " عودوا المريض،واتبعوا الجنائز،تذكر كم الاخرة " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 73 ) والبخاري في " الادب المفرد " ( ص 75 ) وابن حبان في " صحيحه " ( 709 - موارد ) والطيالسي ( 1 / 224 ) وأحمد ( 3 / 27 ، 32 ، 48 ) والبغوي في " شرح السنة " ( 1 / 166/ ) من حديث أبي سعيد الخدري . قلت : وإسناده حسن . وله شاهد من حديث عوف بن مالك بدون الجملة الاخيرة . رواه الطبراني . راجع " المجمع " ( 2/ 299 ) .
--حصر الشيخ الألباني للاتباع في مرتبتين:
وقال أيضا في المصدر المذكور:
واتباعها على مرتبتين :
الأولى : اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها .
والأخرى : اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها . وكل منهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كنا مقدم النبي صلى الله عليه وسلم ( يعني المدينة) ، إذا حضر منا الميت آذنا النبي صلى الله عليه وسلم ،فحضره واستغفر له، حتى إذا قبض ، انصرف النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى يدفن ،وربما طال حبس ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما خشينا مشقة ذلك عليه ،قال بعض القوم لبعض : لو كنا لا نؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بأحد حتى يقبض ، فإذا قبض آذناه ، فلم يكن عليه في ذلك مشقة ولا حبس ، ففعلنا ذلك ، وكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت ، فيأتيه فيصلي عليه ، فربما انصرف ، وربما مكث حتى يدفن الميت ، فكنا على ذلك حينا ، ثم قلنا لو لم يشخص النبي صلى الله عليه وسلم ،وحملنا جنازتنا إليه حتى يصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به ، فكان ذلك الامر إلى اليوم ".أخرجه ابن حبان في صحيحه (753-مورد) والحاكم (1/353-364-365) وعنه البيهقي (3/74) وأحمد (3/66) بنحوه ،وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين "!وإنما هو صحيح فقط ،لان فيه سعيد بن عبيد بن السباق ،ولم يخرجا له شيئا.
45 - ولا شك في أن المرتبة الاخرى أفضل من الاولى لقوله صلى الله عليه وسلم : " من شهد الجنازة(من بيتها )،(وفي رواية من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهد ها حتى تدفن ، ( وفي الرواية الاخرى : يفرغ منها) فله قيراطان (من الاجر) ، قيل: ( يارسول الله ) وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين.( وفي الرواية الاخرى : كل قيراط مثل أحد ) " . أخرجه البخاري ( 1 / 89 - 90 ، 3 / 150 ، 154 ) ومسلم ( 3 / 51 - 52 ) وأبو داود ( 2 / 63 - 64 ) والنسائي ( 1 / 282 ) والترمذي ( 2 / 150 ) وصححه ، وابن ماجه ( 1 / 467 - 468 ) وابن الجارود ( 261 ) والبيهقي ( 3 / 412 - 413 ) والطيالسي ( 2581 ) وأحمد ( 2 / 233 ، 246 ، 320 ، 401 ، 458 ، 470 ، 474 493 ، 521 ، 531 ) من طرق كثيرة عن أبي هريد رضي الله عنه .
والرواية الثانية للبخاري والنسائي وأحمد . والزيادة الاولى لمسلم وأبي داود وغيرها ، والزيادتان الاخريان للنسائي .
وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم .
الأول :عن ثوبان عند مسلم والطيالسي (985) وأحمد (5/276- 277،282-283-284).
الثاني والثالث ::عن البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل ،عند النسائي وأحمد (4/86،294) .
الرابع :عن أبي سعيد الخدري . رواه أحمد (3/20،27،97) من طريقين عنه.وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ في " الفتح "( 3 / 153 ) . ا.ه رحمه الله
فجعل الشيخ الألباني رحمه الله الاتباع على مرتبتين
الأولى : اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها .
والأخرى : اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها . وكل منهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل الأخرى أفضل، وقيد الإثثنين بالاتباع من الأهل، وكأن الشيخ جعل رواية اتباع الجنازة من مكانها مقيدة لغيرها من الروايات التي فيها ترتب الأجر على مجرد الصلاة, فلا يحصل الأجر لمتبع الجنازة إلا لمن تبعها من أهلها أو مكانها الذي خرجت منه.
--الزيادات متى صحت يكون فيها زيادة فائدة:
قال الشيخ الألباني بعد ذلك:
وفي بعض الشواهد عن أبي هريرة زيادات مفيدة لعله من المستحسن ذكرها :
" وكان ابن عمر يصلي عليها ، ثم ينصرف ، فلما بلغه حديث أبي هريرة قال :( أكثر علينا أبو هريرة ، ( وفي رواية : فتعاظمه ) )،( فإرسل خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت ، وخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتي رجع إليه الرسول ، فقال :قالت عائشة:صدق أبو هريرة،فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض ثم قال: )لقد فرطنا في قراريط كثيرة،( فبلغ ذلك أبا هريرة فقال:إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفقة السوق،ولا غرس الودي، إنما كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لكلمة يعلمنيها،وللقمة يطعمنيها )،(فقال له ابن عمر:أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه ) ".هذه الزيادات كلها لمسلم ،إلا الاخيرة ، فهي لأحمد (2/2- 3 ، 387 ) وكذا سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ، والتي قبلها للطيالسي وسندها صحيح على شرط مسلم ، والزيادة الثانية للشيخين ، والرواية الثانية فيها للترمذي وأحمد .
والزيادة الاخيرة صريحة بأن ابن عمر رضي الله عنه استفصل عنه بنفسه بأبي هريرة،ويؤيده ما في رواية لمسلم وغيره بلفظ:فقال ابن عمر: أبا هر انظر ما تحدث عن رسول الله عليه وسلم،فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة،فقال لها ، يا أم المؤمنين أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكر الحديث ) ، فقالت : اللهم نعم ، فقال أبو هريرة : إنه لم يكن . . الخ . فظاهر هذا كله يخالف رواية أنه أرسل خبابا إلى ابن عمر . وجمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر يخبر عائشة بلغ ذلك أبا هريرة ، فمشى إلى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة . ا.ه رحمه الله
إمكانية الجمع بين الروايات:
مع اختلاف الروايةيرد السؤال هنا, ما الحالة التي يثبت بها الأجر إن شاء الله بالقيراط الأول؟
قال القسطلاني في إرشاد الساري في التعليق على الرواية التي نقلت آنفا عن صحيح مسلم:
وفي رواية مسلم أيضًا: من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، لكن يحتمل أن يكون المراد بالاتباع هنا ما بعد الصلاة ولو تبعها ولم يصل ولم يحضر الدفن فلا شيء له بل حكي عن أشهب كراهته. ا.ه رحمه الله
إذن فالاتباع في الروايات باختلاف ألفاظها يشمل في بعضها المشي مع الجنازة حتى يصلى عليها، واتباعها حتى تدفن واتباعها حتى يصلى عليها وهي أمور منها ما هو قبل الصلاة ومنه ما هو بعدها، والثابت في ما ذكر من مرويات ترتب الأجر على الصلاة في القيراط ، والصلاة والفراغ في القيراطين.
قال القسطلاني قبل النص المذكور:
فإنه يرجع من الأجْر بقيراطين) مثنى قيراط وهو اسم لمقدار من الثواب يقع على القليل والكثير بينه بقوله ( كل قيراط مثل) جبل ( أُحُد) بضمتين بالمدينة سمي به لتوحده وانقطاعه عن جبال أخرى هناك، فحصول القيراطين مقيد بالصلاة والاتّباع في جميع الطريق مع الدفن وهو تسوية القبر بالتمام أو نصب اللبن عليه والأوّل أصح عندنا، ويحتمل حصول القيراط بكل منهما، لكن بتفاوت القيراط ولا يقال يحصل القيراطان بالدفن من غير صلاة بظاهر رواية فتح لام يصلى لأن المراد فعلهما معًا جميعًا بين الروايتين وحملاً للمطلق على المقيد ( ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن) بنصب قبل على الظرفية وأن مصدرية أي قبل الدفن ( فإنه يرجع بقيراط) من الأجْر، فلو صلى وذهب إلى القبر وحده ثم حضر الدفن لم يحصل له القيراط الثاني كذا قاله النووي، وليس في الحديث ما يقتضي ذلك إلا بطريق المفهوم، فإن ورد منطوق بحصول القيراط بشهود الدفن وحده، كان مقدمًا ويجمع حينئذ بتفاوت القيراط، ولو صلى ولم يشيع رجع بالقيراط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى دون قيراط من شيع مثلاً وصلى، وفي مسلم أصغرهما مثل أُحُد وهو يدل على أن القراريط تتفاوت. ا.ه رحمه الله
ويؤكد هذا كلام الحافظ ابن حجر حيث قال في الفتحفي شرح كتاب الجنائز:
قوله : ( حتى يصلى ) زاد الكشميهني " عليه " واللام للأكثر مفتوحة ، وفي بعض الروايات بكسرها ، ورواية الفتح محمولة عليها ، فإن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له كما تقدم تقريره ، وللبيهقي من طريق محمد بن علي الصائغ ، عن أحمد بن شبيب شيخ البخاري فيه بلفظ : " حتى يصلى عليها " . وكذا هو عند مسلم من طريق ابن وهب ، عن يونس ، ولم يبين في هذه الرواية ابتداء الحضور ، وقد تقدم بيانه في رواية أبي سعيد المقبري حيث قال : " من أهلها " . وفي رواية خباب عند مسلم : " من خرج مع جنازة من بيتها " . ولأحمد في حديث أبي سعيد الخدري : " فمشى معها من أهلها " . ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة ، وبذلك صرح المحب الطبري وغيره . والذي يظهر لي أن القيراط يحصل أيضا لمن صلى فقط ، لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها ، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع مثلا وصلى . ورواية مسلم من طريق أبي صالح ، عن أبي هريرة بلفظ : " أصغرهما مثل أحد " . يدل على أن القراريط تتفاوت . ووقع أيضا في رواية أبي صالح المذكورة عند مسلم : من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط . وفي رواية نافع بن جبير ، عن أبي هريرة عند أحمد : " ومن صلى ولم يتبع فله قيراط " . فدل على أن الصلاة تحصل القيراط ، وإن لم يقع اتباع ، ويمكن أن يحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة ، وهل يأتي نظير هذا في قيراط الدفن ؟ فيه بحث . قال النووي في شرح البخاري عند الكلام على طريق محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة في كتاب الإيمان بلفظ : من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا ، وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها ، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين . الحديث . ومقتضى هذا أن القيراطين إنما [يحصلان لمن كان معها في جميع الطريق حتى تدفن ، فإن صلى مثلا وذهب إلى القبر وحده فحضر الدفن لم يحصل له إلا قيراط واحد . انتهى . وليس في الحديث ما يقتضي ذلك إلا من طريق المفهوم ، فإن ورد منطوق بحصول القيراط لشهود الدفن وحده كان مقدما . ويجمع حينئذ بتفاوت القيراط ، والذين أبوا ذلك جعلوه من باب المطلق والمقيد ، نعم مقتضى جميع الأحاديث أن من اقتصر على التشييع فلم يصل ، ولم يشهد الدفن فلا قيراط له إلا على الطريقة التي قدمناها عن ابن عقيل ، لكن الحديث الذي أوردناه عن البراء في ذلك ضعيف . وأما التقييد بالإيمان والاحتساب فلا بد منه ، لأن ترتب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة ، أو على سبيل المحاباة ، والله أعلم . ا.ه
وبهذا تكون مراتب الاتباع أربعة, اثنتان تقدم ذكرها عن الشيخ الألباني، والثالثة تكون لمن باشر التشييع من الصلاة ولم يخرج معها من مكانها وتبعها حتى يفرغ منها، والرابعة لمن شهد الصلاة عليها دون تشييعها حتى يفرغ منها، وبين الأحوال الأربعة تفاوت في القراريط على اختلاف الروايات المقدرة له.
وهناك احتمالات تستبعدها الروايات في تفاوت الأجر, فمثلا: العطف في ثبوت القيراطين لمن صلى وشيع الجنازة حتى الفراغ منها ينفي احتمال حصول قيراط لمن شيع الجنازة إلى القبر دون الصلاة عليها كما تقرر في كلام الحافظ.
وكذلك لا يفهم من الروايات أن القراريط ثلاثة, واحد للصلاة، واثنان لمن شيعها حتى يفرغ منها، بل المجموع قيراطان، والروايات يفسر بعضها بعضا،
قال ابن حجر رحمه الله في ذلك:
قوله : ( ومن شهد ) كذا في جميع الطرق بحذف المفعول ، وفي رواية البيهقي التي أشرت إليها " ومن شهدها " .
قوله : ( فله قيراطان ) ظاهره أنهما غير قيراط الصلاة ، وهو ظاهر سياق أكثر الروايات ، وبذلك جزم بعض المتقدمين ، وحكاه ابن التين ، عن القاضي أبي الوليد ، ولكن سياق رواية ابن سيرين يأبى ذلك ، وهي صريحة في أن الحاصل من الصلاة ومن الدفن قيراطان فقط ، وكذلك رواية خباب صاحب المقصورة عند مسلم بلفظ : من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى كان له قيراطان من أجر ، كل قيراط مثل أحد ، ومن صلى عليها ثم رجع كان له قيراط . وكذلك رواية الشعبي عن أبي هريرة عند النسائي بمعناه ، ونحوه رواية نافع بن جبير . قال النووي : رواية ابن سيرين صريحة في أن المجموع قيراطان ، ومعنى رواية الأعرج على هذا كان له قيراطان ؛ أي بالأول ، وهذا مثل حديث : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله . أي بانضمام صلاة العشاء . ا.ه رحمه الله
وكذلك تباين الروايات في حصول القيراط الثاني يجعل المرؤ يحتاط بالفراغ من الجنازة تماما، اللهم إلا إن قيل بتفاوت هذا القيراط بحسب المكث مع الجنازة كما قيل في القيراط الأول، قال الحافظ في الفتح أيضا:
قوله : ( حتى تدفن ) ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن ، وهو أصح الأوجه عند الشافعية وغيرهم ، وقيل : يحصل بمجرد الوضع في اللحد ، وقيل : عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب ، وقد وردت الأخبار بكل ذلك ، ويترجح الأول للزيادة ، فعند مسلم من طريق معمر في إحدى الروايتين عنه : " حتى يفرغ منها " . وفي الأخرى : " حتى توضع في اللحد " . وكذا عنده في رواية أبي حازم بلفظ : " حتى توضع في القبر " . وفي رواية ابن سيرين ، والشعبي : " حتى يفرغ منها " . وفي رواية أبي مزاحم عند أحمد : " حتى يقضى قضاؤها " . وفي رواية أبي سلمة عند الترمذي : " حتى يقضى دفنها " . وفي رواية ابن عياض في النسخة المخطوطة : " ابن عباس " . عند أبي عوانة : " حتى يسوى عليها " ؛ أي التراب . وهي أصرح الروايات في ذلك . ويحتمل حصول القيراط بكل من ذلك ، لكن يتفاوت القيراط كما تقدم .
--الجمع بانسجام الروايات بتفاوت القراريط بين المشيعين:
وللحافظ في الفتح كلام نفيس يذكر فيه أن القراريط تتفاوت بين المشيعين حيث قال:
قوله : ( قيل : وما القيراطان ) لم يعين في هذه الرواية القائل ولا المقول له ، وقد بين الثاني مسلم في رواية الأعرج هذه ، فقال : " قيل : وما القيراطان يا رسول الله ؟ " وعنده في حديث ثوبان : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيراط " . وبين القائل أبو عوانة من طريق أبي مزاحم ، عن أبي هريرة ولفظه : " قلت : وما القيراط يا رسول الله ؟ " . ووقع عند مسلم أن أبا حازم أيضا سأل أبا هريرة عن ذلك .
قوله : ( مثل الجبلين العظيمين ) سبق أن في رواية ابن سيرين وغيره : " مثل أحد " . وفي رواية الوليد بن عبد الرحمن عند ابن أبي شيبة : " القيراط مثل جبل أحد " . وكذا في حديث ثوبان عند مسلم ، والبراء عند النسائي ، وأبي سعيد عند أحمد . ووقع عند النسائي من طريق الشعبي : فله قيراطان من الأجر ، كل واحد منهما أعظم من أحد . . وتقدم أن في رواية أبي صالح عند مسلم : " أصغرهما مثل أحد " . وفي رواية أبي بن كعب عند ابن ماجه : " القيراط أعظم من أحد هذا " . كأنه أشار إلى الجبل عند ذكر الحديث . وفي حديث واثلة عند ابن عدي : كتب له قيراطان من أجر ، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد . فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد ، وأن المراد به زنة الثواب المرتب على ذلك العمل .
يستفاد من ذلك ما يلي:
أولا-- المجمع عليه في الروايات أمران, حصول القيراط الأول بالصلاة على الجنازة، وحصول القيراط الثاني بالصلاة وتشييع الجنازة حتى يفرغ منها، وذكرت بعض الروايات زيادة اتباعها والخروج معها من أهلها، ولا يسلك في ذلك مسلك حمل المطلق على المقيد. لصراحة بعض النصوص في ثبوت أجر القيراط على الصلاة وإن لم يكن قبلها اتباع، ولعمل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم, حيث تركوا إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن المحتضر، ثم تركوا إخباره عن الجنازة حتى تحمل إليه ويصلي عليها واستقرار الأمر على هذا، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم على هذا، فلو كان القيراط الأول يفوت بعدم الخروج مع الجنازة مع أهلها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة محظور شرعا، فيحمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم في شهود بعض المحتظرين أو في خروجه مع بعض الجنائز مع أهلها وندبه إلى ذلك على الهدي الأفضل والأكمل كما في حديث أبي سلمة أخي النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة وغيره من الأحاديث التي ورد فيها مجيء النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار، وليس كل أحد يستطيع الدخول إلى سائر بيوت المسلمين كحال النبي صلى الله عليه وسلم، وعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الفاضل إلى المفضول لعل فيه بيان للجواز، وليس فيه انتفاء أجر القيراط الأول، إذن، فالحال الأخيرة كما صرح بها في الحديث الذي صححه الشيخ الألباني هو عدم خروج النبي صلى الله عليه وسلم مع الجنازة من بيتها، بل كان يؤتى بها إليه..
ثانيا—متى ما اختلفت النصوص فإن العلماء رحمهم الله يلجؤون إلى الجمع وبخاصة إذا صح المروي, بحيث تستقيم الروايات حتى لا يرد ما قد يكون قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وبعض الرواة قد ينشط فيخبر به تارة ويغيب عنه تارة، أو نسيه من أخذه عنهم، فإن تعذر الجمع لجئ إلى الترجيح، وهذا ما سلكه ابن حجر والقسطلاني رحمهما الله في جمعهما بين الروايات بالقول بأن المقصود مما ذكر من الخروج مع الجنازة من أهلها قبل الصلاة في بعض الأحاديث هو وسيلة لما بعده من الصلاة وزيادة فضيلة، وتفاوت القراريط يكون بحسب السبق إلى اتباع الجنازة.
ثالثا— تتوجه قوة القول بالتفاوت في القراريط بين المشيعين لتعدد الشواهد والمتابعات للعبارات المصرحة بالتفاوت، وقبول من ذكر من شراح البخاري لها وبنائهم لحكم شرعي عليها يؤكد ما ذكر في النقطة السابقة وذلك مثل رواية أبي صالح في صحيح مسلم التي ذكر فيها مقدار القيراطين بأن أصغرهما مثل أحد ذكرها الحافظ وسكت عنها وبنى عليها حكمه هذا، مع أن روايات غير أبي صالح فيها أنهما مثل جبلين عظيمين أو أنهما مثل أحد ولرواية أبي صالح شاهد من حديث ثوبان في مسند البزار سالفة الذكر وذكر الحافظ ابن حجر شاهدا آخر وهو في حديث واثلة عند ابن عدي : كتب له قيراطان من أجر ، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد .وشاهدا آخر من رواية أبي بن كعب عند ابن ماجه : " القيراط أعظم من أحد هذا " .و عند النسائي من طريق الشعبي : فله قيراطان من الأجر ، كل واحد منهما أعظم من أحد ، كما تقدم في كلام الحافظ في الفتح.
رابعا-- مراتب تفاوت الأجر في تشييع الجنازة في الجملة أربعة:
--الخروج معها من أهلها حتى يصلى عليها واتباعها حتى يفرغ منها، وهي أكمل مرتبة.
--حضور الصلاة عليها بدون ما يسبقها من خروج معها من مكانها واتباعها حتى تدفن، وهي مرتبة دونها في الكمال.
وتشترك هاتان المرتبتان في ثبوت القيراطين، مع أفضلية القيراطين في المرتبة الأولى في الميزان..
--الخروج معها من أهلها حتى يصلى عليها.
--شهود الصلاة
عليها دون ما يسبقها من خروج، وعدم اتباعها حتى يفرغ منها.
وهاتان مرتبتان يترتب عليهما من الأجر قيراط، مع أفضلية الحالة الثالثة على الرابعة في أفضلية القيراط في الميزان.
خامسا-- بكل ذلك وردت السنة، وتوجه جمع أهل العلم بين الروايات، فعندئذ لا نكير، ولا تنحصر السنة في قول عالم دون غيره، وأصحاب المراتب الأربعة مأجورون وإن تفاوتت قراريطهم متى كان تشييعهم هذا إيمانا واحتسابا.
والله أعلم.