التثنية في قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين السَّجدتين: «ربِّ اغفِر لي، ربِّ اغفِر لي» ليس المراد منها الاقتصار على مرتين فقط
قال الإمام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (14/ 407-40:والحقائقُ:
إمَّا مُتَماثلة، وهي «المتشابه»، وإمَّا مُمَاثلة؛ وهي: الأصناف والأقسام والأنواع، وهي «المثاني»، و«التثنيةُ» يرادُ بها: جنس التَّعديد من غير اقتصارٍ على اثنين فقط، كما في قوله تعالى: { ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ } يرادُ به: مطلقُ العدد، كما تقول: قلتُ له مرةً بعد مرة. تريدُ: جنس العدد. وتقول: هو يقول كذا ويقول كذا. وإن كان قد قال مرَّات، كقول حذيفة بن اليمان-رضي الله عنهما-، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّه جعل يقول بين السَّجدتين: «ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي» لم يرد: أنَّ هذا قاله مرَّتين فقط كما يظنُّه بعضُ النَّاس الغَالِطين؛ بل يريد: أنَّه جعل يثنِّي هذا القَول ويُردِّده ويكرِّره كما كان يثنِّي لفظ التَّسبيح،وقد قال حذيفة-رضي الله عنه-في الحديث الصَّحيح الذي رواه مسلمٌ: إنَّه ركع نحوًا من قيامه يقول في ركوعه: «سبحان ربِّي العظيم، سبحان ربِّي العظيم»، وذكر أنَّه سجد نحوًا من قيامه يقول في سجوده: «ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي»، وقد صرَّح في الحديث الصَّحيح: أنَّه أطال الركوع والسُّجود بقدر البقرة والنساء وآل عمران، فإنَّه قام بهذه السُّور كلها، وذكر أنَّه كان يقول: «سبحان ربِّي العظيم، سبحان ربِّي العظيم، سبحان ربِّي الأعلى، سبحان ربِّي الأعلى» فعُلِم أنَّه أراد بتثنية اللَّفظ: جنس التَّعداد والتَّكرار لا الاقتصار على مرَّتين؛ فإنَّ «الاثنين» أوَّلُ العدد الكثير، فذكر أوَّل الأعداد، يعني أنَّه عدد هذا اللفظ لم يقتصر على مرَّةٍ واحدة، فالتثنيةُ: التَّعديد، والتَّعديدُ يكون للأقسام المختلفة.اهـ منقول من موقع الشيخ الجنيد