فائدة من كتاب" السدل في الصلاة"
الحمد لله الذي علَّم وفهَّم حمدا كثيرا لما والى وأنعم وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فقبل تسع سنوات اشتريت كتاب "التاريخ الكبير" لابن أبي خيثمة- رحمه الله تعالى- فقرأته ، وهو كتاب غزير الفوائد وبعض تلك الفوائد لم أجدها في غيره، ومنها ما ذكره في ترجمة عبد الله بن حسن بن حسن حيث قال:أخبرنا مصعب قال:ما رأيت أحدا من علمائنا يكرمون أحدا ما يكرمون عبد الله بن حسن بن حسن، وعنه روى مالك الحديث في السدل.فاعتقدت أنه يعني سدل اليدين في الصلاة، وأنا رجل من بلاد يزعم أهلها أنهم على مذهب الإمام مالك -رحمه الله- والسدل في الصلاة من المسائل التي كثر الكلام عليها في مذهبه -رحمه الله تعالى- واختلف فيها حتى قول خليل بين كتابيه "التوضيح" و"المختصر" .
أرجع إلى الفائدة ؛ فرحت كثيرا بالفائدة لأني لم أقرأها من قبل في كتاب ولا سمعتها في سؤال، أو جواب؛لكني لم أفهم قصد مصعب بالحديث هل هو حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما يتبادر؟ أم ماذا ؟ وكان أول من سألته عن ذلك الشيخ علي الحلبي - حفظه الله- وكان حينها على منهج الإمام الألباني – رحمه الله- وكان السؤال: هل روى أحد عن مالك حديثا في السّدل؟ فقال الشيخ: لا أعلم ثم سألت الشيخ مشهور –حفظه الله- وجلَّ أهل العلم في الأردن حيث كنت في ذلك الوقت فكلهم أجابوا كما أجاب الحلبي، فأخذت أبحث في كتب التراجم التي في مكتبة الشيخ مراد شكري سويدان حيث كنت أقيم فلم أجد في ترجمة عبد الله هذه الزيادة التي ذكرها ابن أبي خيثمة حتى يئست ثم قررت أن أقرأ كتب المالكية فقرأت ما شاء الله أن أقرأ فلم أضفر بشيء حتى قرأت كتاب "المدوّنة" فإذا بي أقرأ فيه: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَمِيصُ إلا إزَارٌ أو رِدَاءٌ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُسْدِلَ، قَالَ مَالِكٌ: وَرَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْفَضْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
والمقصود بالسّدل هنا هو إرخاء الشّعر وإرساله ،حينها فقط عرفت معنى ما روى ابن أبي خيثمة -رحمه الله تعالى-
وبمناسة الحديث عن السّدل أقول نبّه كثير من العلماء بمذهب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- كابن العربي وغيره إلى أن كثيرا من المسائل المنسوبة لمالك فيها نظر لأن أكثر هذه المسائل مصدرها المدوّنة، والمدوّنة كما هو معلوم ليس فيها فقط روايات عن مالك بل فيها كثير من الرّوايات عن أهل الكوفة، وسحنون -رحمه الله- قبل أن يأتي ابن القاسم ويسمع منه كان قد سمع من كثير من أهل العلم بالكوفة لذلك قال ابن العربي أصح الروايات عن مالك هي ماكتبه بيده وأودعه كتابه الموطأ، بل ينبغي اعتماد آخر روايات الموطإ لأن الروايات الأولى له كرواية الشيباني فيها أشياء قد تراجع عنها مالك رحمه الله بعد ذلك بعد ذلك.
والحمد لله ربالعالمين