الحمد لله وبعد
فهذا باب في مصنف ابن أبي شيبة قرأته منذ مدّة يسيرة وقد يسّر الله لي أن وجدت فقهه خلال مطالعتي لشرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فأنقل أولا الباب من المصنف ثم أعقبه بكلام ابن تيمية ، والله أسأل الإخلاص والقبول.
قال ابن أبي شيبة رحمه الله (توفي سنة 235هـ) : باب مَنْ كَانَ يُسْرِعُ إِلَى الصَّلَاةِ :
7392 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ: «أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ».
7393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ مُسَارِعًا إِلَى الصَّلَاةِ»
7394 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ».
7395 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ»
7396 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ»
7397 - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ»
7398 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَحَقُّ مَا سَعَيْنَا إِلَيْهِ الصَّلَاةُ»
7399 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُهَرْوِلُ إِلَى الْمَسْجِدِ فِي كُسُوفٍ وَمَعَهُ نَعْلَاهُ».اهــ
لمّا وقعت على هذه الآثار فرحت وتعجبت في آن واحد ، فرحت لأني ظفرت بسنة كنت بها جاهل وتعجب لظاهر تعارض هذه الآثار مع الحديث المرفوع المعروف ((إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا))، وكنت متيقنا جازما أنّ هؤلاء الأخيار ما كانوا ليخالفوا حديث رسول الله ﷺ ولا سيّما بعض من رُويت عنه هذه الآثار روى آثار النهي عن الإسراع، فالمسألة فيها تفصيل.
وهذا هو التفصيل والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات :
قال شيخ الإسلام (المُتوفى سنة 728هـ) في شرحه على العمدة (596/1)
[في الإسراع لإدارك تكبيرة الإحرام]
ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئا ما لم يكن عجلة تقبح جاء الحديث عن أصحاب النبي ﷺ: "أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى وطمعوا في ادراكها ،
وذلك لما روى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال:
"إذا سمعتم الاقامة فامشوا وعليكم السكينة ولا تسرعوا فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا"
وعن أبي قتادة قال: "بينما نحن نصلي مع رسول الله ﷺ إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال ما شانكم قالوا استعجلنا إلى الصلاة قال فلا تفعلوا إذا اتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا" متفق عليهما.
فعلى هذا يكره الاسراع الشديد مطلقا وأن فاته بعض الصلاة لنهي النبي ﷺ عن ذلك.
ويكره الاسراع اليسير إلا إذا خاف فوت تكبيرة الافتتاح وطمع في ادراكها لما ذكره الامام أحمد عن أصحاب رسول الله ﷺ:
"أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوت التكبيرة وطمعوا في ادراكها"
وقد روى سعيد في سننه عن رجل من طيء قال كان عبد الله ينهانا عن السعي إلى الصلاة فخرجت ليلة فرأيته يشتد إلى الصلاة ،
فقلت يا ابا عبد الرحمن كيف تنهانا عن السعي إلى الصلاة فرأيتك الليلة اشتددت إليها ،
قال اني وابيك بادرت حد الصلاة يعني التكبيرة الأولى.
وهذا يدل على أن هذا الموضع غير داخل في نهي النبي ﷺ لأن أصحابه أعلم بمعنى ما سمعوه منه ،
فإن ابن مسعود من جملة رواة هذا الحديث عن النبي ﷺ ،
وسياق الحديث يدل على أن النهي إنما هو لمن فاتته تكبيرة الافتتاح لأنه في اناس سمع جلبتهم وهو في الصلاة وهذا بعد التحريم ،
وفي الحديث الاخر إذا سمعتم الاقامة فامشوا إلى الصلاة ،
فغالب من يكون بعيد الدار عن المسجد إذا اتى حين يسمع الاقامة تفوته التكبيرة ،
والفرق بين هذا الموضع وغيره أنه جاء فضل عظيم فيمن يدرك حد الصلاة وادراك الحد أن يدرك أولها وهو أن يدرك الصلاة قبل تكبيرة الامام ليكون خلف الامام إذا كبر للإفتتاح ،
وهذا القدر لا ينجبر إذا فات لأنه يكون مدركا للركعة ولو أدرك الامام في الركوع بخلاف ما إذا فاتته الركعة فإنه يمكن أن يقضي ما فاته وبخلاف ما إذا فاته حد الصلاة فإنه قد ايس من ادراك الحد فإذا كان هذا المقصود العظيم الذي لا ينجبر فواته يحصل باسراع يسير لم يكره ذلك. اهـ
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
فهذا باب في مصنف ابن أبي شيبة قرأته منذ مدّة يسيرة وقد يسّر الله لي أن وجدت فقهه خلال مطالعتي لشرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فأنقل أولا الباب من المصنف ثم أعقبه بكلام ابن تيمية ، والله أسأل الإخلاص والقبول.
قال ابن أبي شيبة رحمه الله (توفي سنة 235هـ) : باب مَنْ كَانَ يُسْرِعُ إِلَى الصَّلَاةِ :
7392 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ: «أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ».
7393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ مُسَارِعًا إِلَى الصَّلَاةِ»
7394 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ».
7395 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ»
7396 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ»
7397 - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ»
7398 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَحَقُّ مَا سَعَيْنَا إِلَيْهِ الصَّلَاةُ»
7399 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُهَرْوِلُ إِلَى الْمَسْجِدِ فِي كُسُوفٍ وَمَعَهُ نَعْلَاهُ».اهــ
لمّا وقعت على هذه الآثار فرحت وتعجبت في آن واحد ، فرحت لأني ظفرت بسنة كنت بها جاهل وتعجب لظاهر تعارض هذه الآثار مع الحديث المرفوع المعروف ((إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا))، وكنت متيقنا جازما أنّ هؤلاء الأخيار ما كانوا ليخالفوا حديث رسول الله ﷺ ولا سيّما بعض من رُويت عنه هذه الآثار روى آثار النهي عن الإسراع، فالمسألة فيها تفصيل.
وهذا هو التفصيل والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات :
قال شيخ الإسلام (المُتوفى سنة 728هـ) في شرحه على العمدة (596/1)
[في الإسراع لإدارك تكبيرة الإحرام]
ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئا ما لم يكن عجلة تقبح جاء الحديث عن أصحاب النبي ﷺ: "أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى وطمعوا في ادراكها ،
وذلك لما روى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال:
"إذا سمعتم الاقامة فامشوا وعليكم السكينة ولا تسرعوا فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا"
وعن أبي قتادة قال: "بينما نحن نصلي مع رسول الله ﷺ إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال ما شانكم قالوا استعجلنا إلى الصلاة قال فلا تفعلوا إذا اتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا" متفق عليهما.
فعلى هذا يكره الاسراع الشديد مطلقا وأن فاته بعض الصلاة لنهي النبي ﷺ عن ذلك.
ويكره الاسراع اليسير إلا إذا خاف فوت تكبيرة الافتتاح وطمع في ادراكها لما ذكره الامام أحمد عن أصحاب رسول الله ﷺ:
"أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوت التكبيرة وطمعوا في ادراكها"
وقد روى سعيد في سننه عن رجل من طيء قال كان عبد الله ينهانا عن السعي إلى الصلاة فخرجت ليلة فرأيته يشتد إلى الصلاة ،
فقلت يا ابا عبد الرحمن كيف تنهانا عن السعي إلى الصلاة فرأيتك الليلة اشتددت إليها ،
قال اني وابيك بادرت حد الصلاة يعني التكبيرة الأولى.
وهذا يدل على أن هذا الموضع غير داخل في نهي النبي ﷺ لأن أصحابه أعلم بمعنى ما سمعوه منه ،
فإن ابن مسعود من جملة رواة هذا الحديث عن النبي ﷺ ،
وسياق الحديث يدل على أن النهي إنما هو لمن فاتته تكبيرة الافتتاح لأنه في اناس سمع جلبتهم وهو في الصلاة وهذا بعد التحريم ،
وفي الحديث الاخر إذا سمعتم الاقامة فامشوا إلى الصلاة ،
فغالب من يكون بعيد الدار عن المسجد إذا اتى حين يسمع الاقامة تفوته التكبيرة ،
والفرق بين هذا الموضع وغيره أنه جاء فضل عظيم فيمن يدرك حد الصلاة وادراك الحد أن يدرك أولها وهو أن يدرك الصلاة قبل تكبيرة الامام ليكون خلف الامام إذا كبر للإفتتاح ،
وهذا القدر لا ينجبر إذا فات لأنه يكون مدركا للركعة ولو أدرك الامام في الركوع بخلاف ما إذا فاتته الركعة فإنه يمكن أن يقضي ما فاته وبخلاف ما إذا فاته حد الصلاة فإنه قد ايس من ادراك الحد فإذا كان هذا المقصود العظيم الذي لا ينجبر فواته يحصل باسراع يسير لم يكره ذلك. اهـ
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.