قال ابو بكر: تخطي رقاب الناس غير جائز لحديث عبد الله بن بسر ولا فرق بين القليل والكثير منه لأن الأذى لا يجوز منه شيء أصلا وإذا جاء فوسعو له فتخللهم ولم يتخطهم هو غير داخل فيما نهي عنه.قال ابن رجب رحمه الله فإن وجد فرصة لا يصل إليها إلا بالتخطي ففيه قولان:
- أحدهما يجوز له التخطي حينئذ وهو قول الحسن وقتادة والاوزعي والشافعي وكذا قال مالك في التخطي قبل خروج الإمام وكذا روى معمر عن الحسن وقتادة .
- الثاني انه يكره وهو قول عطاء والثوري وعن احمد روايتان في ذلك كالقولين وعنه رواية ثالثة إن كان يتخطى واحدا أو اثنين جاز و إن كان اكثر كره .وحمل بعض اصحابنا رواية الجواز عن أحمد على ما إذا كان الجالسون قد جلسو في مؤخر الصفوف وتركو مقدمها عمدا ورواية الكراهة على ما إذا لم يكن منهم تفريط.
وفي كلام الاوزعي وغيره ما يدل على مثل هذا أيضا وكذلك قال الحسن فلا حرمة لهم ومتى احتاج لتخطي لحاجة لابد منها من وضوء او غيره أو لكونه لا يجد موضعا لصلاة بدونه - اي بدون التخطي- أو كان إماما لا يمكنه الوصول إلى مكانه بدون التخطي لم يكره.
**************************
-لمزيد فائدة -
اختلف العلماء في حكم ذلك على قولين :
الأول : الكراهة ، ونقله ابن المنذر عن الجمهور . وقال ابن حجر : والأكثر على أنها كراهة تنزيه ، وهو المشهور عند الشافعية ، ومذهب الحنابلة .
انظر : "فتح الباري" (2/392) ، "كشاف القناع" (2/44) ، "المجموع" (4/466) .
وقَيَّد مالك والأوزاعي الكراهة بما إذا كان الخطيب على المنبر ، جاء في "المدونة" (1/159) : " وقال مالك : إنما يكره التخطي إذا خرج الإمام ، وقعد على المنبر ، فمن تخطى حينئذ فهو الذي جاء فيه الحديث ، فأما قبل ذلك فلا بأس به إذا كانت بين يديه فُرَجٌ ، وليترفق في ذلك " انتهى .
القول الثاني : أن التخطي حرام مطلقاً في يوم الجمعة وغيره ، لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اجْلِسْ ، فَقَدْ آذَيْتَ ) . رواه أبو داود (111 ، وابن ماجه (1115) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الترمذي : " والعمل عليه عند أهل العلم ، كرهوا أن يتخطى الرجل يوم الجمعة رقاب الناس ، وشددوا في ذلك " انتهى .
وهذا ما رجحه جمع من المحققين ، كابن المنذر وابن عبد البر والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية ، كما في "الاختيارات الفقهية" (ص 81) وغيرهم . ومن المعاصرين الشيخ ابن عثيمين
*************************