إتحاف الكرام
ببيان كيفية الهوي إلى السجود وكيفية القيام
ببيان كيفية الهوي إلى السجود وكيفية القيام
تأليف
علي بن أمِير المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا بحثٌ حول كيفيةِ الهُويِّ([1]) إلى السجود وكيفية القيام منه, كنتُ قمتُ به لنفسي مِن أجل معرفةِ القولِ الراجحِ في المسألتين, وهأنا أَضَعُه بين أيديكم؛ رغبةً مني في الإفادة والاستفادة.
وقد قمتُ بعرضِ هذا البحثِ في صورته الأولى([2]) على الشيخ أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان –وفقه الله-, فنظر فيه نظرةً عامّةً, وقال لي: «هو بحثٌ جيدٌ, ومبذولٌ فيه جُهْدٌ, وجَمْعٌ طيِّبٌ». وكنتُ أرغبُ في أن يُراجعَه ثم يكتبَ لي تقريظًا له, ولكنه أخبرني وَقْتَئِذٍ أنه مشغولٌ بكتابةِ بعضِ الرُّدُود وبالدورة العلمية التي كان بدأها. أعانه الله على كل خير, وبارك له في وقته وعمره.
ثم أعدتُ النظر في البحث قبل عدة أيام, وأضفتُ إليه الكثير من الفوائد –والحمد لله-.
وإني لأرجو مِن كلّ أخٍ ناصحٍ يجدُ خطأً أو نَقْصًا([3]) أن لا يبخل عليّ بالنصح والتوجيه, فإنّ المؤمن مرآة أخيه, وله مني الشكر والتقدير.
([1]) مَصْدَرُ (هَوَى) بمعنى سقط مِن فوقُ إلى أسفل.
قال ابن فارس في «مقاييس اللغة» (6/ 15): «الْهَاءُ وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ: أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى خُلُوٍّ وَسُقُوطٍ. وَيُقَالُ: هَوَى الشَّيْءُ يَهْوِي: سَقَطَ...».
وقال ابن سيده في «المحكم» (4/ 451) وابنُ منظور في «لسان العرب» (15/ 371): «هَوَى يَهْوِي هَوِيًّا وهُوِيًّا وهَوَيَانًا؛ إذا سقط مِن فوقُ إلى أسفل».
وقال الأزهري في «تهذيب اللغة» (6/ 48: «أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هَوَيْتُ أَهْوِي هُوِيًّا إِذا سقطتَ من عُلْوٍ إِلَى أَسْفَل».
وقال ابنُ الأثير في «النهاية» (5/ 284): «يُقَالُ: هَوَى يَهْوِي هَوِيًّا –بِالْفَتْحِ- إِذَا هَبَط. وهَوَى يَهْوِي هُوِيًّا –بِالضَّمِّ- إِذَا صَعِدَ. وَقِيلَ بالعَكْس...».
وقال الفيومي في «المصباح المنير في غريب الشرح الكبير» (2/ 246): «هوى يَهْوِي... هُوِيًّا -بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا- (وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ (هَوَاءً) -بِالْمَدِّ-): سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ. قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ.
...وَهَوَى يَهْوِي –أَيْضًا- هُوِيًّا -بِالضَّمِّ لَا غَيْر- إذَا ارْتَفَعَ...».
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (7/ 211-212): «الهوي: هو السقوط والأنخفاض، وهو بتشديد الياء، وأما الهاء فمضمومة. وقيل بفتحها, ثم قيل: هما لغتان. وقيل: بل هو بالضم الصعود، وبالفتح النزول».
([2]) وذلك قبل ما يزيد على عامين.
([3]) وهو واجدٌ ذلك لا مَحَالة؛ فإن الله –سبحانه وتعالى- أبى أن يتم إلا كتابه .
تعليق