بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد فهذا تحقيق في مسألة حكم تارك الصلاة للامام الشوكاني و قد نقل هذا التحقيق المحدث محمد بن عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي
قال رحمه الله في كتاب الايمان, باب حكم تارك الصلاة تحت الحديث :
قال الشوكاني في النيل في باب حجة من كفر تارك الصلاة :
لا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا بوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة ، وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف في ذلك . فذهب الجماهير من السلف والخلف منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ، ولكنه يقتل بالسيف . وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل ، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ، ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي .
احتج الأولون على عدم كفره بقول الله -عز وجل- : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبما سيأتي من الأحاديث في باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة ، ولم يقطع عليه بخلود كحديث عبادة بن الصامت " خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " . رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
واحتجوا على قتله بقوله تعالى : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وبقوله -صلى الله عليه وسلم- : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها الحديث . متفق عليه . وتأولوا قوله -صلى الله عليه وسلم- : بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة . وسائر أحاديث الباب على أنه مستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل ، وأنه محمول على المستحل ، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو على أن فعله فعل الكفار .
واحتج أهل القول الثاني بأحاديث الباب .
واحتج أهل القول الثالث على عدم الكفر بما احتج به أهل القول الأول وعلى عدم القتل بحديث . لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وليس فيه الصلاة .
والحق أنه كافر يقتل ، أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك [ ص: 311 ] الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة ، فتركها مقتض لجواز الإطلاق ، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون ; لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا ، فلا ملجأ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها . وأما أنه يقتل فلأن حديث : أمرت أن أقاتل الناس . يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له ، وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم فلا يخلى من لم يقم الصلاة ، انتهى كلام الشوكاني مختصرا ملخصا .
قلت -أي المباركفوري- : لو تأملت في ما حققه الشوكاني في تارك الصلاة من أنه كافر ، وفي ما ذهب إليه الجمهور من أنه لا يكفر ، لعرفت أنه نزاع لفظي ; لأنه كما لا يخلد هو في النار ولا يحرم من الشفاعة عند الجمهور ، كذلك لا يخلد هو فيها ولا يحرم منها عند الشوكاني أيضا.
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد فهذا تحقيق في مسألة حكم تارك الصلاة للامام الشوكاني و قد نقل هذا التحقيق المحدث محمد بن عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي
قال رحمه الله في كتاب الايمان, باب حكم تارك الصلاة تحت الحديث :
قال الشوكاني في النيل في باب حجة من كفر تارك الصلاة :
لا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا بوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة ، وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف في ذلك . فذهب الجماهير من السلف والخلف منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ، ولكنه يقتل بالسيف . وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل ، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ، ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي .
احتج الأولون على عدم كفره بقول الله -عز وجل- : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبما سيأتي من الأحاديث في باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة ، ولم يقطع عليه بخلود كحديث عبادة بن الصامت " خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " . رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
واحتجوا على قتله بقوله تعالى : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وبقوله -صلى الله عليه وسلم- : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها الحديث . متفق عليه . وتأولوا قوله -صلى الله عليه وسلم- : بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة . وسائر أحاديث الباب على أنه مستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل ، وأنه محمول على المستحل ، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو على أن فعله فعل الكفار .
واحتج أهل القول الثاني بأحاديث الباب .
واحتج أهل القول الثالث على عدم الكفر بما احتج به أهل القول الأول وعلى عدم القتل بحديث . لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وليس فيه الصلاة .
والحق أنه كافر يقتل ، أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك [ ص: 311 ] الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة ، فتركها مقتض لجواز الإطلاق ، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون ; لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا ، فلا ملجأ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها . وأما أنه يقتل فلأن حديث : أمرت أن أقاتل الناس . يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له ، وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم فلا يخلى من لم يقم الصلاة ، انتهى كلام الشوكاني مختصرا ملخصا .
قلت -أي المباركفوري- : لو تأملت في ما حققه الشوكاني في تارك الصلاة من أنه كافر ، وفي ما ذهب إليه الجمهور من أنه لا يكفر ، لعرفت أنه نزاع لفظي ; لأنه كما لا يخلد هو في النار ولا يحرم من الشفاعة عند الجمهور ، كذلك لا يخلد هو فيها ولا يحرم منها عند الشوكاني أيضا.
تعليق