صلاة العيد من آكد فروض الأعيان
قال العلامة السعدي -رحمه الله- في [المختارات الجلية من المسائل الفقهية (ص/48، طبعة دار المنهاج المصرية)و(ص/54، طبعة دار الآثار المصرية):
(( والصحيح أن صلاة العيد فرض عين، والدليل الذي استدلوا به على فرض الكفاية هو دليل على أنها فرض عين؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحرِّض عليها حتى يأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيَّض أن يعتزلن المصلى، ولولا رجحان مصلحتها على كثير من الواجبات لم يحضَّ أمته هذا الحضّ عليها، فدل على أنها من آكد فروض الأعيان)).
وقال العلامة ابن بطال في [شرح صحيح البخارى (2/ 566)]:((وقد اختلف الناس فى خروج النساء إلى العيدين، فروى عن أبى بكر وعلى أنهما قالا: على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، وكان ابن عمر يُخرج من استطاع من أهله فى العيد، وقال أبو قلابة: قالت عائشة: كانت الكواعب تخرج لرسول الله فى الفطر والأضحى، وكان علقمة والأسود يُخرجان نساءهم فى العيد ويمنعانهن الجمعة، وروى ابن نافع عن مالك أنه لا بأس أن تخرج المتجالة إلى العيدين والجمعة وليس بواجب، وهو قول أبى يوسف. وكرهت ذلك طائفة، روى عن عروة أنه كان لا يدع امرأة من أهله تخرج إلى فطر أو أضحى، وكان القاسم أشد شىء على العواتق، وقال النخعى، ويحيى الأنصارى: لا يُعرف خروج المرأة الشابة فى العيد عندنا. واختلف قول أبى حنيفة فى ذلك، فروى عنه أنه لم ير خروج النساء فى شىء من الصلوات غير العيدين، وقال مرةً أخرى: كان يرخص للنساء فى الخروج إلى العيدين، فأما اليوم فأنا أكرهه، وقول من رأى خروجهن أصح لشهادة السنة الثابتة له)).
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في [فتح الباري (2/ 470)]:(( قد روى البيهقي في المعرفة عن الربيع قال: قال الشافعي: قد روي حديث فيه أن النساء يتركن إلى العيدين فإن كان ثابتا قلت به، قال البيهقي :قد ثبت وأخرجه الشيخان يعني حديث أم عطية هذا فيلزم الشافعية القول به)).
وقال -رحمه الله- (2/ 471):
((وقد أفتت به أم عطية بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك وأما قول عائشة لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد فلا يعارض ذلك لندوره إن سلمنا أن فيه دلالة على أنها أفتت بخلافه مع أن الدلالة منه بأن عائشة أفتت بالمنع ليست صريحة)).
وقال العلامة العيني في [عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/ 285)]: عند شرح حديث: عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا ولاَ بَعْدَهُمَا ثُمَّ أتَى النِّسَاءَ ومَعَهُ بِلاَلٌ فأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا.
((وفيه: جواز خروج النساء للعيدين، واختلف السلف في ذلك، فرأى جماعة ذلك حقا عليهن منهم: أبو بكر وعلي وابن عمر، وغيرهم وقال أبو قلابة: (قالت عائشة، رضي الله تعالى عنها: كانت الكواعب تخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفطر والأضحى) . وكان علقمة والأسود يخرجان نساءهم في العيد ويمنعانهن الجمعة، وروى ابن نافع عن مالك أنه: لا بأس أن يخرج النساء إلى العيدين والجمعة وليس بواجب،. ومنهم من منعهن ذلك، منهم: عروة والقاسم والنخعي ويحيى الأنصاري وأبو يوسف وأجازه أبو حنيفة مرة ومنعه مرة، وقول: من رأى خروجهن أصح بشهادة السنة الثابتة له)).
وقال العلامة القسطلاني -رحمه الله- [في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/ 224)]: عند شرح حديث: حفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ: "كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَأَتَيْتُهَا، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، فَقَالَتْ: فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، وَنُدَاوِي الْكَلْمَى. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ -إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ- أَنْ لاَ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ حَفْصَةُ: فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي -وَقَلَّمَا ذَكَرَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِي- قَالَ: «لِيَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ -أَوْ قَالَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، شَكَّ أَيُّوبُ- وَالْحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: آلْحُيَّضُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا؟.
((فيه مشروعية خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كنّ شواب أو ذوات هيئات أم لا. والأولى أن يخصّ ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة، فلا يترتب على حضورها محذور، ولا تزاحم الرجال في الطرق، ولا في المجامع)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في [مجموع الفتاوى (24/ 182- 183)]:
((ومن يجعل العيد واجبا على الأعيان لم يبعد أن يوجبه على من كان في البلد من المسافرين والنساء كما كان؛ فإن جميع المسلمين الرجال والنساء كانوا يشهدون العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والقول بوجوبه على الأعيان أقوى من القول بأنه فرض على الكفاية)).
وقال العلامة الشوكاني -رحمه الله- في [نيل الأوطار (3/ 342)]: ((والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر، وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال)).
ثم قال -رحمه الله-: ((القول الخامس: أنه حق على النساء الخروج إلى العيد، حكاه القاضي عياض عن أبي بكر وعلي وابن عمر. وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعلي أنهما قالا: " حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين ".
والقول بكراهة الخروج على الإطلاق رد للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة، وتخصيص الشواب[ يقصد الشابات] يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره)).
وقال العلامة الصنعاني -رحمه الله- في[سبل السلام (1/ 429)]:
((لكن لفظه عند البخاري «أمرنا أن نخرج العواتق ذوات الخدور أو قال: العواتق وذوات الخدور فيعتزلن الحيض المصلى» ولفظ مسلم «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين» فهذا اللفظ الذي أتى به المصنف ليس لفظ أحدهما.
والحديث دليل على وجوب إخراجهن، وفيه أقوال ثلاثة (: الأول) : أنه واجب، وبه قال الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعلي ويؤيد الوجوب ما أخرجه ابن ماجه، والبيهقي من حديث ابن عباس «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج نساءه وبناته في العيدين» ، وهو ظاهر في استمرار ذلك منه - صلى الله عليه وسلم -، وهو عام لمن كانت ذات هيئة وغيرها وصريح في الشواب، وفي العجائز بالأولى)).
وسئل العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في [برنامج نور على الدرب، شريط رقم 190، الوجه ب]:هل تجوز للمرأة أن تصلي صلاة العيد في بيتها؟
جواب الشيخ -رحمه الله-:المشروع في حق النساء أن يصلين صلاة العيد في مصلى العيد مع الرجال لحديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يخرج النساء حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى فالسنة أن يخرج النساء إلى مصلى العيد مع الرجال أما في البيوت أي أما صلاة النساء في البيوت فلا أعلم في ذلك سنة والله أعلم.
وقال العلامة الألباني -رحمه الله- في [صلاة العيدين (صفحة12-13)]:
((هذا ونحن وإن كنا نحض النساء على حضور جماعة المسلمين تحقيقًا لأمر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ فلا يفوتنا أن نلفت نظرهن ونظر المسؤولين عنهن إلى وجوب تقيدهن بالحجاب الشرعي الذي لا يبيح لهن أن يبدين من بدنهن إلا الوجه والكفين على ما فصلته في كتابي "حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة" والله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. [سورة الأحزاب: الآية 59]. مع تصريحنا هناك بأن الأفضل لهن أن يسترنهما أيضًا خلافًا لِما نسبه إليّ بعضُ المؤلفين الذين لا يخشون رب العالمين.
وقد يستغرب البعضُ القولَ بمشروعية خروج النساء إلى المصلى لصلاة العيدين فليعلم: أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه؛ لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك، وحسبنا الآن حديث أم عطية المتقدم فإنه ليس دليلاً على المشروعية فقط بل وعلى وجوب ذلك عليهن لأمره صلى الله عليه وسلم به،والأصل في الأمر الوجوب، ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 184) عن أبي بكر الصديق أنه قال: "حقٌّ على كلِّ ذات نطاق (شِبه إزار فيه تكة) الخروج إلى العيدين"، وسنده صحيح. فهل يقول بهذا مَن زعم الانتصار للخلفاء الراشدين وقد قال به أولهم كما تراه مخرجًا مصححًا؟ ذلك ما لا نظنه بهم فليخطؤوا ظننا هذا - وهو الأحب إلينا - وإلا فقد تبين للناس غرضهم مِن انتصارهم المزعوم.
والقول بالوجوب هو الذي استظهره الصنعاني في "سبل السلام" والشوكاني، وصديق خان، وهو ظاهر كلام ابن حزم، وكأن ابن تيمية قد مال إليه في "اختياراته" والله أعلم)).
(( والصحيح أن صلاة العيد فرض عين، والدليل الذي استدلوا به على فرض الكفاية هو دليل على أنها فرض عين؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحرِّض عليها حتى يأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيَّض أن يعتزلن المصلى، ولولا رجحان مصلحتها على كثير من الواجبات لم يحضَّ أمته هذا الحضّ عليها، فدل على أنها من آكد فروض الأعيان)).
وقال العلامة ابن بطال في [شرح صحيح البخارى (2/ 566)]:((وقد اختلف الناس فى خروج النساء إلى العيدين، فروى عن أبى بكر وعلى أنهما قالا: على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، وكان ابن عمر يُخرج من استطاع من أهله فى العيد، وقال أبو قلابة: قالت عائشة: كانت الكواعب تخرج لرسول الله فى الفطر والأضحى، وكان علقمة والأسود يُخرجان نساءهم فى العيد ويمنعانهن الجمعة، وروى ابن نافع عن مالك أنه لا بأس أن تخرج المتجالة إلى العيدين والجمعة وليس بواجب، وهو قول أبى يوسف. وكرهت ذلك طائفة، روى عن عروة أنه كان لا يدع امرأة من أهله تخرج إلى فطر أو أضحى، وكان القاسم أشد شىء على العواتق، وقال النخعى، ويحيى الأنصارى: لا يُعرف خروج المرأة الشابة فى العيد عندنا. واختلف قول أبى حنيفة فى ذلك، فروى عنه أنه لم ير خروج النساء فى شىء من الصلوات غير العيدين، وقال مرةً أخرى: كان يرخص للنساء فى الخروج إلى العيدين، فأما اليوم فأنا أكرهه، وقول من رأى خروجهن أصح لشهادة السنة الثابتة له)).
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في [فتح الباري (2/ 470)]:(( قد روى البيهقي في المعرفة عن الربيع قال: قال الشافعي: قد روي حديث فيه أن النساء يتركن إلى العيدين فإن كان ثابتا قلت به، قال البيهقي :قد ثبت وأخرجه الشيخان يعني حديث أم عطية هذا فيلزم الشافعية القول به)).
وقال -رحمه الله- (2/ 471):
((وقد أفتت به أم عطية بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك وأما قول عائشة لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد فلا يعارض ذلك لندوره إن سلمنا أن فيه دلالة على أنها أفتت بخلافه مع أن الدلالة منه بأن عائشة أفتت بالمنع ليست صريحة)).
وقال العلامة العيني في [عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/ 285)]: عند شرح حديث: عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا ولاَ بَعْدَهُمَا ثُمَّ أتَى النِّسَاءَ ومَعَهُ بِلاَلٌ فأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا.
((وفيه: جواز خروج النساء للعيدين، واختلف السلف في ذلك، فرأى جماعة ذلك حقا عليهن منهم: أبو بكر وعلي وابن عمر، وغيرهم وقال أبو قلابة: (قالت عائشة، رضي الله تعالى عنها: كانت الكواعب تخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفطر والأضحى) . وكان علقمة والأسود يخرجان نساءهم في العيد ويمنعانهن الجمعة، وروى ابن نافع عن مالك أنه: لا بأس أن يخرج النساء إلى العيدين والجمعة وليس بواجب،. ومنهم من منعهن ذلك، منهم: عروة والقاسم والنخعي ويحيى الأنصاري وأبو يوسف وأجازه أبو حنيفة مرة ومنعه مرة، وقول: من رأى خروجهن أصح بشهادة السنة الثابتة له)).
وقال العلامة القسطلاني -رحمه الله- [في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/ 224)]: عند شرح حديث: حفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ: "كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَأَتَيْتُهَا، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، فَقَالَتْ: فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، وَنُدَاوِي الْكَلْمَى. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ -إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ- أَنْ لاَ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، فَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ حَفْصَةُ: فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي -وَقَلَّمَا ذَكَرَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِي- قَالَ: «لِيَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ -أَوْ قَالَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، شَكَّ أَيُّوبُ- وَالْحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ». قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: آلْحُيَّضُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا؟.
((فيه مشروعية خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كنّ شواب أو ذوات هيئات أم لا. والأولى أن يخصّ ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة، فلا يترتب على حضورها محذور، ولا تزاحم الرجال في الطرق، ولا في المجامع)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في [مجموع الفتاوى (24/ 182- 183)]:
((ومن يجعل العيد واجبا على الأعيان لم يبعد أن يوجبه على من كان في البلد من المسافرين والنساء كما كان؛ فإن جميع المسلمين الرجال والنساء كانوا يشهدون العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والقول بوجوبه على الأعيان أقوى من القول بأنه فرض على الكفاية)).
وقال العلامة الشوكاني -رحمه الله- في [نيل الأوطار (3/ 342)]: ((والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر، وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال)).
ثم قال -رحمه الله-: ((القول الخامس: أنه حق على النساء الخروج إلى العيد، حكاه القاضي عياض عن أبي بكر وعلي وابن عمر. وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعلي أنهما قالا: " حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين ".
والقول بكراهة الخروج على الإطلاق رد للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة، وتخصيص الشواب[ يقصد الشابات] يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره)).
وقال العلامة الصنعاني -رحمه الله- في[سبل السلام (1/ 429)]:
((لكن لفظه عند البخاري «أمرنا أن نخرج العواتق ذوات الخدور أو قال: العواتق وذوات الخدور فيعتزلن الحيض المصلى» ولفظ مسلم «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين» فهذا اللفظ الذي أتى به المصنف ليس لفظ أحدهما.
والحديث دليل على وجوب إخراجهن، وفيه أقوال ثلاثة (: الأول) : أنه واجب، وبه قال الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعلي ويؤيد الوجوب ما أخرجه ابن ماجه، والبيهقي من حديث ابن عباس «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج نساءه وبناته في العيدين» ، وهو ظاهر في استمرار ذلك منه - صلى الله عليه وسلم -، وهو عام لمن كانت ذات هيئة وغيرها وصريح في الشواب، وفي العجائز بالأولى)).
وسئل العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في [برنامج نور على الدرب، شريط رقم 190، الوجه ب]:هل تجوز للمرأة أن تصلي صلاة العيد في بيتها؟
جواب الشيخ -رحمه الله-:المشروع في حق النساء أن يصلين صلاة العيد في مصلى العيد مع الرجال لحديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يخرج النساء حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى فالسنة أن يخرج النساء إلى مصلى العيد مع الرجال أما في البيوت أي أما صلاة النساء في البيوت فلا أعلم في ذلك سنة والله أعلم.
وقال العلامة الألباني -رحمه الله- في [صلاة العيدين (صفحة12-13)]:
((هذا ونحن وإن كنا نحض النساء على حضور جماعة المسلمين تحقيقًا لأمر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ فلا يفوتنا أن نلفت نظرهن ونظر المسؤولين عنهن إلى وجوب تقيدهن بالحجاب الشرعي الذي لا يبيح لهن أن يبدين من بدنهن إلا الوجه والكفين على ما فصلته في كتابي "حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة" والله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. [سورة الأحزاب: الآية 59]. مع تصريحنا هناك بأن الأفضل لهن أن يسترنهما أيضًا خلافًا لِما نسبه إليّ بعضُ المؤلفين الذين لا يخشون رب العالمين.
وقد يستغرب البعضُ القولَ بمشروعية خروج النساء إلى المصلى لصلاة العيدين فليعلم: أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه؛ لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك، وحسبنا الآن حديث أم عطية المتقدم فإنه ليس دليلاً على المشروعية فقط بل وعلى وجوب ذلك عليهن لأمره صلى الله عليه وسلم به،والأصل في الأمر الوجوب، ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 184) عن أبي بكر الصديق أنه قال: "حقٌّ على كلِّ ذات نطاق (شِبه إزار فيه تكة) الخروج إلى العيدين"، وسنده صحيح. فهل يقول بهذا مَن زعم الانتصار للخلفاء الراشدين وقد قال به أولهم كما تراه مخرجًا مصححًا؟ ذلك ما لا نظنه بهم فليخطؤوا ظننا هذا - وهو الأحب إلينا - وإلا فقد تبين للناس غرضهم مِن انتصارهم المزعوم.
والقول بالوجوب هو الذي استظهره الصنعاني في "سبل السلام" والشوكاني، وصديق خان، وهو ظاهر كلام ابن حزم، وكأن ابن تيمية قد مال إليه في "اختياراته" والله أعلم)).