بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
كما يمكنكم مشاهدة المزيد من فتاوى الكبار على قناتي الجديدة في اليوتوب
۩۩۩ المنتقى من فتاوى الكبار ۩۩۩
فتاوى الكبار في حكم التنازع والإنكار في المسائل الخلافية
*******************************
منسقة على صوتي واحد
للتحميل الأسئلة والأجوبة في مقاطع صوتية على رابط واحد
كما يمكنكم الاستماع والتحميل المباشر من موقع Archive
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
هل يجوز التنازع في المسائل الخلافية
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
هل يجوز تقليد أهل العلم في ترجيح المسائل الخلافية
هل ينكر على الغير في المسائل الخلافية التي يسوغ فيها الإجتهاد .كمن يصلى خلف الصف منفردا
بيان أنه ينبغي اتساع الصدر في المسائل الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد
الشيخ صالح الفوزان بن فوزان حفظه الله
هل المسألة في قنوت الفجر مسألة خلافية فلا يجب الإنكار
الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله
ما حكم الإنكار في الأمور الخلافية كالتصوير بالفديو والأناشيد الخالية من المعازف والمؤثرات
الشيخ عبيد الجابري حفظه الله
أدب الخلاف
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
لا إنكار في المسائل الإجتهادية ولا إنكار في المسائل الخلافية المعتبرة
كيفية التعامل مع العلماء الذين أخطؤ في المسائل العقدية
تقسيم اختلاف العلماء وكيفية التعامل معه
تفسير قوله تعالى فل يحذر الذين يخالفون عن أمره
بيان أن الخلاف ينقسم إلى قسمين
اختلاف العلماء
واجب طالب العلم في المسائل الخلافية
بيان أن من التقليد ما يعد شركا في الطاعة
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
ماهي نصيحتكم لطلبة العلم الذين يشغلون أوقاتهم بالجدل في بعض المسائل الخلافية بل أدى ذلك إلى بعضهم إلى التهاجر والتقاطع ؟
نصيحة لطلاب العلم عن الجدال بمسائل الخلاف
الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله
هذه المسألة كغيرها من مسائل الخلاف المعوَّل فيها وفي غيرها على الدليل ، فمتى وجد الدليل الذي يفصل النزاع وجب الأخذ به ؛ لقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[1] ، وقوله عز وجل: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [2] . ولا يضر من عرف الحكم الشرعي وقال به من خالفه من أهل العلم ، وقد تقرر في الشريعة أن من أصاب الحكم من المجتهدين المؤهلين فله أجران ، ومن اخطأ فله أجر على اجتهاده ، ويفوته أجر الصواب . وقد صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحاكم إذا اجتهد ، وبقية المجتهدين من أهل العلم بشرع الله حكمهم حكم الحاكم المجتهد في هذا المعنى . وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء من الصحابة ومن بعدهم كغيرها من مسائل الخلاف ، فالواجب على أهل العلم فيها وفي غيرها بذل الوسع في معرفة الحق بدليله ، ولا يضر من أصاب الحق من خالفه في ذلك ، وعلى كل واحد من أهل العلم أن يحسن الظن بأخيه وأن يحمله على أحسن المحامل ، وإن خالفه في الرأي ما لم يتضح من المخالف تعمده مخالفة الحق . والله ولي التوفيق .
المصدر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
كما يمكنكم مشاهدة المزيد من فتاوى الكبار على قناتي الجديدة في اليوتوب
۩۩۩ المنتقى من فتاوى الكبار ۩۩۩
فتاوى الكبار في حكم التنازع والإنكار في المسائل الخلافية
*******************************
منسقة على صوتي واحد
للتحميل الأسئلة والأجوبة في مقاطع صوتية على رابط واحد
كما يمكنكم الاستماع والتحميل المباشر من موقع Archive
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
هل يجوز التنازع في المسائل الخلافية
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
هل يجوز تقليد أهل العلم في ترجيح المسائل الخلافية
هل ينكر على الغير في المسائل الخلافية التي يسوغ فيها الإجتهاد .كمن يصلى خلف الصف منفردا
بيان أنه ينبغي اتساع الصدر في المسائل الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد
الشيخ صالح الفوزان بن فوزان حفظه الله
هل المسألة في قنوت الفجر مسألة خلافية فلا يجب الإنكار
الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله
ما حكم الإنكار في الأمور الخلافية كالتصوير بالفديو والأناشيد الخالية من المعازف والمؤثرات
الشيخ عبيد الجابري حفظه الله
أدب الخلاف
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
لا إنكار في المسائل الإجتهادية ولا إنكار في المسائل الخلافية المعتبرة
كيفية التعامل مع العلماء الذين أخطؤ في المسائل العقدية
تقسيم اختلاف العلماء وكيفية التعامل معه
تفسير قوله تعالى فل يحذر الذين يخالفون عن أمره
بيان أن الخلاف ينقسم إلى قسمين
اختلاف العلماء
واجب طالب العلم في المسائل الخلافية
بيان أن من التقليد ما يعد شركا في الطاعة
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
ماهي نصيحتكم لطلبة العلم الذين يشغلون أوقاتهم بالجدل في بعض المسائل الخلافية بل أدى ذلك إلى بعضهم إلى التهاجر والتقاطع ؟
نصيحة لطلاب العلم عن الجدال بمسائل الخلاف
الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله
المسائل الخلافية المعول فيها على الدليل
يردُّ بعض الفقهاء وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال بعدم انتشار ذلك بين الصحابة والتابعين، مع أنه مما لا يخلو منه بيت تقريباً فهو كالصلاة في وجوبها وتحديد أوقاتها وكذا الزكاة عموماً بوجوبها وتحديد أنصبتها ... ألخ ، وبالرغم من ذلك فقد ثبت عن بعض الصحابة القول بعدم الوجوب كعائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما . فكيف يجاب عن ذلك ؟ هذه المسألة كغيرها من مسائل الخلاف المعوَّل فيها وفي غيرها على الدليل ، فمتى وجد الدليل الذي يفصل النزاع وجب الأخذ به ؛ لقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[1] ، وقوله عز وجل: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [2] . ولا يضر من عرف الحكم الشرعي وقال به من خالفه من أهل العلم ، وقد تقرر في الشريعة أن من أصاب الحكم من المجتهدين المؤهلين فله أجران ، ومن اخطأ فله أجر على اجتهاده ، ويفوته أجر الصواب . وقد صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحاكم إذا اجتهد ، وبقية المجتهدين من أهل العلم بشرع الله حكمهم حكم الحاكم المجتهد في هذا المعنى . وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء من الصحابة ومن بعدهم كغيرها من مسائل الخلاف ، فالواجب على أهل العلم فيها وفي غيرها بذل الوسع في معرفة الحق بدليله ، ولا يضر من أصاب الحق من خالفه في ذلك ، وعلى كل واحد من أهل العلم أن يحسن الظن بأخيه وأن يحمله على أحسن المحامل ، وإن خالفه في الرأي ما لم يتضح من المخالف تعمده مخالفة الحق . والله ولي التوفيق .
المصدر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عدم الإنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها :
كان من منهج ابن باز – رحمه الله – عدم الإنكار على المخالف في المسائل الاجتهادية، وهي التي لا نص فيها، لأن أمرها واسع، أما المسائل التي عليها أدلة واضحة من الكتاب والسنة والإجماع، فإنه يجب الإنكار فيها، ولا يجوز متابعة المخطئ فيها بحجة أن المسألة خلافية، لا سيما إذا كان مآل الأخذ بالرأي المرجوح يفضي إلى مفسدة فحينئذ يتأكد توضيح الراجح والرد على المخالف.
يقول – رحمه الله -: إلا أن يكون في المسألة الخلافية نص صحيح صريح فإن للحاكم والمفتي أن يقول هذا هو الحكم الشرعي الذي دل عليه النص ويذكره، سواء من القرآن أو من السنة الصحيحة، ولا تكون هذه المسألة من المسائل الاجتهادية وإن كانت خلافية، لأن العالم قد يخفى عليه النص، فيأخذ باجتهاده ويتضح النص لغيره فيأخذ به بخلاف مسائل الاجتهاد؛ وهي التي لا نص فيها من كتاب ولا سنة، وهي التي لا يجوز للعالم أن يقول فيها: إن حكمه فيها هو حكم الله، لكن يقول: هذا حكمي، حسبما ظهر لي من الأدلة الشرعية أو نحو هذه العبارة،
( الجزء رقم : 81، الصفحة رقم: 343)
ومن هنا يتضح أنه لا يجوز أن يقال: لا إنكار في مسائل الخلاف، لأنه قد يكون فيها ما دليله واضح من الكتاب والسنة الصحيحة، ولكن خفي على بعض العلماء فقال برأيه فيجب على مخالفه الإنكار عليه إذا اتضح له صحته، بخلاف مسائل الاجتهاد وهي التي لا نص فيها فإنه لا إنكار فيها على من خالف الرأيين، أو الآراء حسب اجتهاده وتحريه للحق .
وهكذا ينتهي الحديث عن هذا الأصل، وبانتهائه تنتهي الأصول العشرون الرئيسية في منهج الشيخ – رحمه الله – في الفتوى، وأعترف أنها خطوط عريضة، وملامح خاطفة بحاجة إلى مزيد بسط ودراسة، وإني لأرى أن كل أصل منها بحاجة إلى بحث مستقل يتم من خلاله الاستقراء والاستقصاء، لكن لعلي وفقت – بجهد المقل – لأن أرسم صورة مختصرة عن منهجه – رحمه الله – في الفتوى؛ تكون نبراسا للباحثين وطلاب العلم عامة، والمتخصصين في الفتوى خاصة، فهو – بلا مبالغة – إمام فريد في عصره، بحر محيط في علمه، جدير بإبحار المختصين للحصول على درره ولآلئه، وأصدافه عليه – رحمه الله.
المصدر
*********************************
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الإنكار على المجتهدين أو على مقلديهم في الفروع .
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في الإنكار على من اجتهد - أو قلد - وخالف نصا ، أو إجماعا ، أو قاعدة شرعية:
يجب الإنكار على من خالف ما هو مقطوع به في الشريعة ، أو أطلق الحكم فيما ليس بمطلق أو عمم فيما هو خاص أو أن يكون ظاهره الخلاف وليس في الحقيقة كذلك ، أو أن يقول
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 241)
الإمام قولا ثم يرجع عنه في قول ثان بناء على تغير الاجتهاد والرجوع عما أفتى به إلى خلافه ، فمثل هذا لا يصح أن يعتد به خلافا في المسألة؛ لأن رجوع الإمام عن القول الأول إلى القول الثاني إطراح منه للأول ونسخ له بالثاني .
ويقول ابن تيمية : ( نعم من خالف الكتاب المستبين ، والسنة المستفيضة ، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع ) .
وقال ابن رجب : والمنكر الذي يجب عليه إنكاره ما كان مجمعا عليه .
وقال ابن القيم : فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا شائعا وجب إنكاره اتفاقا .
قال الشنقيطي : واعلم أنه لا يحكم على الأمر بأنه منكر إلا إذا قام على ذلك دليل من كتاب الله تعالى أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أو إجماع المسلمين .
يقول الشاطبي : إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليدا له؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 242)
للشرع ولذلك عدت زلة ، فلو كانت معتدا بها لما جعلت لها هذه الرتبة ، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها ، كما لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يشنع عليه بها ، ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا ، فإن هذا كله خلاف ما تقتضيه رتبته في الدين .
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال . أخاف عليهم من زلة العالم ، ومن حكم جائر ، ومن هوى متبع
وعن عمر : ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم ، وجدال المنافق بالقرآن ، وأئمة مضلون .
وعن أبي الدرداء : مما أخشى عليكم زلة العالم ، أو جدال المنافق بالقرآن ، والقرآن حق وعلى القرآن منار كمنار الطريق .
وكان معاذ بن جبل يقول في خطبته كثيرا: إياكم وزيغة الحكيم ، فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 243)
الضلالة . وقد يقول المنافق الحق فتلقوا الحق عمن جاء به ، فإن على الحق نورا . قالوا: كيف زيغة الحكيم؟ قال: هي كلمة تروعكم وتنكرونها وتقولون ما هذه؟ فاحذروا زيغته ولا تصدنكم عنه ، فإنه يوشك أن يفي ، وأن يراجع الحق .
وقال ابن عباس : ويل للأتباع من عثرات العالم . قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئا برأيه ، ثم يجد من هو أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فيترك قوله ثم يمضي الأتباع .
ويلحق بذلك من التزم مذهبا وخالفه بلا دليل ولا تقليد سائغ .
حكي عن الشيخ تقي الدين : أن من التزم مذهبا معينا وخالف ذلك من غير عذر شرعي يبيح له ما فعله فإنه يكون متبعا لهواه عاملا بغير اجتهاد ولا تقليد فاعلا للمحرم بغير عذر شرعي وهذا منكر .
قلت: وفي ضوء ما سبق فإن ما خالف - ولو باجتهاد أو تقليد - نصا أو إجماعا أو قاعدة شرعية فإنه يجب الإنكار عليه لمخالفته ما هو حق بغير مسوغ شرعي على أن يسبق الإنكار تبيان الخطأ بالأدلة الشرعية التي يجب قبولها .
يقول ابن تيمية : ( وليس لأحد أن يحكم على عالم بإجماع المسلمين ، بل يبين أنه قد أخطأ ، فإن بين له بالأدلة الشرعية التي
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 244)
يجب قبولها أنه قد أخطأ وظهر خطؤه للناس ولم يرجع ، بل أصر على إظهار ما يخالف الكتاب والسنة والدعاء إلى ذلك وجب أن يمنع من ذلك ويعاقب إن لم يمتنع ، أما إذا لم يبين له ذلك بالأدلة الشرعية لم تجز عقوبته باتفاق المسلمين ، ولا منعه من ذلك القول ولا الحكم عليه بأنه لا يقوله إذا كان يقول: إن هذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة ، كما قاله فلان وفلان من علماء المسلمين ، فهذا إذا اجتهد فأخطأ لم يحكم عليه إلا بالكتاب والسنة ، والمنازع له يتكلم بلا علم ) .
المطلب الثاني: في الإنكار على من اجتهد أو قلد وأخذ بقول لم يخالف به دليلا أو قاعدة شرعية:
سبق إيضاح أن الإنكار واجب على أهل الأهواء والبدع ، وأنه ينبغي الإنكار على من أخذ بقول مرجوح أو ضعيف ، على أن يتم الإنكار بالطريقة التي تحقق الغرض ، وأن لا إنكار على من اختار أحد قولين تساوت الأدلة عند المجتهد في تقرير حكمهما ، وأن الإنكار واجب على من خالف نصا أو قاعدة شرعية . أما عدا تلك الحالات فما الحكم في الإنكار على القائل بأحد قولي مسألة خلافية ، وقوله له اعتبار في الدلالة لكنه مرجوح في نظر المنكر راجح في نظر المنكر عليه ، لهذا لا بد من الأخذ في الاعتبار أهمية احترام العلماء وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم ، وأن لا يجعل من المخالفة سببا في أذيتهم أو انتقاصهم ، بل الواجب الحث
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 245)
على إكرامهم وتعظيم حرماتهم . قال الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ، وقال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، وقال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ، وثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله - عز وجل - قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وروى الخطيب البغدادي عن الشافعي وأبي حنيفة - رضي الله عنهما - قالا: (إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي) وفي كلام الشافعي : (الفقهاء العاملون) .
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: (من آذى فقيها فقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد آذى الله عز وجل) .
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر - رحمه الله -: اعلم
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 246)
يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته ، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته ، أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أسرار منتقصهم معلومة ، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ، بلاه الله قبل موته بموت القلب ، فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
ومن ثم فإن ما ورد من أقوالهم القائمة على دلالة شرعية معتبرة يجب احترامها واحترام القائل بها دون انتقاصه أو التقليل من شأنه . ومن هذا شأنه هل ينكر عليه؟ .
للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا ينكر عليه ، وهو قول جمهور العلماء .
القول الثاني: أنه ينكر على المقلد دون المجتهد .
القول الثالث: أنه ينكر على كل من أخذ بقول مخالف .
ولإيضاح تلك الأقوال أورد فيما يلي نصوص العلماء في ذلك:
نص أصحاب القول الأول القائل بعدم الإنكار عليه:
(يقول النووي : أما المختلف فيه فلا إنكار فيه؛ لأن على أحد المذهبين كل مجتهد مصيب ، وهذا هو المختار عند كثير من
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 247)
المحققين أو أكثرهم .
وروي أن أبا جعفر المنصور وهو بمكة قال لمالك : اجعل العلم يا أبا عبد الله علما واحدا . قال: فقلت له: (يا أمير المؤمنين إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في البلاد فأفتى كل في مصره بما رآه .
وقال عمر بن عبد العزيز : ما يسرني أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالا ، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة .
وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه .
ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد ، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها ، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية ، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه .
يقول سفيان الثوري : إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه .
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 24
وقال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدا من إخواني أن يأخذ به .
قال ابن رجب الحنبلي : فأما المختلف فيه فمن أصحابنا من قال: لا يجب إنكاره على من فعله مجتهدا أو مقلدا لمجتهد تقليدا سائغا .
وقال مهنا : سمعت أحمد يقول: من أراد أن يشرب هذا النبيذ يتبع فيه شرب من شربه فليشربه لوحده .
سئل ابن تيمية عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد فهل ينكر عليه أم يهجر ، وكذلك من يعمل بأحد القولين؟ فأجاب: الحمد لله . مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه ، وإذا كان في المسألة قولان ، فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به ، وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين .
وقد يقول كثير من علماء المسلمين أهل العلم والدين من الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين ، كالأئمة الأربعة وغيرهم أقوالا باجتهادهم فهذه يسوغ القول بها ، ولا يجب على كل مسلم
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 249)
أن يلتزم إلا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهذا شرع دخل فيه التأويل والاجتهاد ، وقد يكون في نفس الأمر موافقا للشرع المنزل فيكون لصاحبه أجران ، وقد لا يكون موافقا له ، لكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، فإذا اتقى العبد الله ما استطاع آجره الله على ذلك وغفر له خطأه ، وما كان هكذا لم يكن لأحد أن يذمه ، ولا أن يعيبه ، ولا يعاقبه ، ولكن إذا عرف الحق بخلاف قوله لم يجز ترك الحق الذي بعث الله به رسوله لقول أحد من الخلق ، وذلك هو الشرع المنزل من عند الله وهو الكتاب والسنة .
نصوص أصحاب القول الثاني القائل بأنه ينكر على المقلد دون المجتهد:
وعن أحمد رواية ثالثة: لا ينكر على المجتهد ، بل على المقلد .
قال إسحاق بن إبراهيم عن الإمام أحمد أنه سئل عن الصلاة في جلود الثعالب؟ قال: إذا كان متأولا أرجو أن لا يكون به بأس ، وإن كان جاهلا ينهى ويقال له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عنها .
نص أصحاب القول الثالث المائل بأنه ينكر على من أخذ بقول مخالف:
وفي رواية الميموني في الرجل يمر بالقوم وهم يلعبون
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 250)
بالشطرنج ينهاهم ويعظهم .
وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا ، فأخذ الشطرنج فرمى به ، فقال: قد أحسن ، وقال في رواية أبي طالب في من يمر بالقوم يلعبون الشطرنج يقلبها عليهم إلا أن يغطوها ويستروها .
وصلى أحمد يوما إلى جنب رجل لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال: يا هذا أقم صلبك ، وأحسن صلاتك .
وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله دخلت على رجل وكان أبو عبد الله بعث بي إليه بشيء فأتى بمكحلة رأسها مفضض فقطعتها ، فأعجبه ذلك وتبسم ، وأنكر على صاحبها .
وجاء في الأحكام السلطانية لأبي يعلى: المجاهرة بإظهار النبيذ كالخمر ، وليس في إراقته غرم .
وذكر ابن الجوزي أنه ينكر على من يسيء في صلاته بترك الطمأنينة في الركوع والسجود مع أنها من مسائل الخلاف .
وقال الشيخ عبد القادر : يجب أن يأمره ويعظه .
وذكر أيضا المنكرات في غمس اليد والأواني النجسة في المياه القليلة قال: فإن فعل ذلك مالكي لم ينكر عليه ، بل يتلطف به ويقول له: يمكنك أن لا تؤذيني بتفويت الطهارة
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 251)
علي .
وجاء: وله كسر آلة اللهو وصور الخيال ودف الصنوج وشق وعاء الخمر وكسر دنه إن تعذر الإنكار بدون . وقيل مطلقا .
الأدلة:
استدلال أصحاب القول الثالث بما يلي:
لم أجد لهؤلاء دليلا ، وقد حمل القاضي وابن عقيل من الحنابلة رواية الميموني على أن الفاعل ليس من أهل الاجتهاد ولا هو مقلد لمن يرى ذلك .
وما ورد من إنكار الإمام أحمد على من استعمل رأس المكحلة المفضض فقد يكون باعتبار أن الرجل ممن يعتقد تحريم جميع أواني الفضة والذهب وأنه متهاون باستعمال المكحلة . ويقال مثل هذا في الشطرنج ونحوه من الأمور المختلف فيها بين العلماء .
أدلة القول الثاني القائل بأنه ينكر على المقلد دون المجتهد:
لم أجد لهؤلاء دليلا ، ولعل تفريقهم بين المتأول والجاهل
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 252)
باعتبار أن المتأول تأول وفق اعتبار شرعي ، أما الجاهل فلا يحل له العمل بما عنده ومن ثم فينكر عليه وإن كان مقلدا تقليدا سائغا فلا ينكر عليه .
أدلة أصحاب القول الأول القائل بعدم الإنكار على المجتهد:
استدلوا بما يلي:
1 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما حضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده . فقال عمر : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن وحسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قوموا
ففي تركه - صلى الله عليه وسلم - الإنكار على عمر دليل على استصوابه مما يسوغ معه تعدد آراء المجتهدين ، كما في هذا الحديث على اعتقاد أن ما صدر منه - صلى الله عليه وسلم - من غير قصد
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 253)
جازم .
2 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - . قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق . فقال بعضهم: لا نصلي العصر حتى نأتيها ، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف واحدا منهم .
فعدم تعنيفه - صلى الله عليه وسلم - على اجتهادهم دلالة على عدم الإنكار عند الاختلاف السائغ في الشرع .
3 - إن من أصول أهل السنة والجماعة أن من تولى بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالخلفاء الراشدين وغيرهم لا يجب أن ينفرد واحد منهم بعلم لا يعلمه غيره ، بل علم الدين الذي سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشترك المسلمون في معرفته . ولهذا كان الخلفاء يسألون الصحابة في بعض الأمور . هل عندكم علم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كسؤال أبي بكر عن ميراث الجدة ووجد العلم عند محمد بن مسلمة ، وكذلك عمر لما سأل عن الجنين إذا قتل فأخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبد أو أمة ،
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 254)
وقوله: امرأة أصابت ورجل أخطأ ، وكان في مسائل النزاع يرى رأيا ، ويرى علي بن أبي طالب رأيا ، ويرى عبد الله بن مسعود رأيا ، ويرى زيد بن ثابت رأيا فلم يلزم أحدا أن يأخذ بقوله ، وقال للرجل: لو كنت أردك إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لفعلت ، ولكني أردك إلى رأيي والرأي مشترك فلم ينقض ما قال علي وزيد ، بل كل منهم يفتي بقوله وعمر - رضي الله عنه - إمام الأمة كلها ، وأعلمهم وأدينهم ، وأفضلهم .
4 - إن اجتهاد العلماء في الأحكام كاجتهاد المستدلين على جهة الكعبة فإذا صلى أربعة أنفس كل واحد منهم بطائفة إلى أربع جهات لاعتقادهم أن القبلة هناك فإن صلاة الأربعة صحيحة والذي صلى إلى جهة الكعبة واحد وهو المصيب الذي له أجران مما يدل على أنه لا ينكر على أي منهم .
ا لترجيح:
مما سبق يظهر لي أن الراجح في ذلك هو عدم الإنكار على المخالف في مسائل الخلاف وفق ما ذكر .
( الجزء رقم : 47، الصفحة رقم: 255)
قال أحمد في رواية المروذي : لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم .
وقال ابن مفلح : ولا إنكار فيما يسوغ فيه خلاف من الفروع على من اجتهد فيه أو قلد مجتهدا فيه ، مثل شرب يسير النبيذ والتزوج بغير ولي ، وبأكل متروك التسمية .
قال الشنقيطي : وأما إن كان من مسائل الاجتهاد فيما لا نص فيه فلا يحكم على أحد من المجتهدين بأنه مرتكب منكرا ، فالمصيب منهم مأجور بإصابته ، والمخطئ منهم معذور .
ولكن يندب الخروج من الخلاف بالإنكار باللسان على جهة النصيحة ، وأن يكون برفق ، وهذا هو مقتضى ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية من الكلام فيه بالحجج العلمية فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ، والصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يتناظرون في المسألة الواحدة مناظرة مشاورة ومناصحة ، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين ، ولا يقصدون إلا الخير ولم يبدع بعضهم بعضا
المصدر
تعليق