بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة(1):
2355 - "خذ من لحيتك و رأسك"
[[قال الألباني: : ضعيف جدا. أخرجه البيهقي في "الشعب" ( 2/263/1 و 6440 - ط ) من طريق أبي مالك النخعي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال:" رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مجفل الرأس و اللحية , فقال : ما شوه أحدكم أمس ( كذا الأصل ) قال: و أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لحيته و رأسه يقول : ... " فذكره، و قال:" أبو مالك عبد الملك بن الحسين النخعي غير قوي، و قد روينا عن حسان بن عطية عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعث و الوسخ، لم يذكر الأخذ من اللحية و الرأس. والله أعلم " .
قلت : أبو مالك النخعي ضعيف جدا , و قال في “ التقريب “ :“ متروك “ .و حديث حسان بن عطية قد خرجته في “ الصحيحة “ ( 493 ) .و اعلم أنه لم يثبت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ من اللحية , لا قولا , كهذا , و لا فعلا كالحديث المتقدم برقم ( 288 ) .
نعم ثبت ذلك عن بعض السلف , و إليك المتيسر منها :
1 - عن مروان بن سالم المقفع قال :“ رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف “ .رواه أبو داود و غيره بسند حسن ; كما بينته في “ الإرواء “ ( 920 ) ,و “ صحيح أبي داود “ ( 2041 ) .
2 - عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان و هو يريد الحج , لم يأخذ من رأسه و لا من لحيته شيئا حتى يحج .و في رواية :أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته و شاربه .أخرجه مالك في “ الموطأ “ ( 1/353 ) .و روى الخلال في “ الترجل “ ( ص 11 - المصورة ) بسند صحيح عن مجاهد قال : رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر , ثم قال للحجام : خذ ما تحت القبضة .قال الباجي في “ شرح الموطأ “ ( 3/32 ) :“ يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه , و قد استحب ذلك مالك رحمه الله , لأن الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال , و الاستئصال لهما مثلة “ .
3 - عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : *( و ليقضوا تفثهم )* :“ التفث : حلق الرأس , و أخذ الشاربين , و نتف الإبط , و حلق العانة , و قص الأظفار , و الأخذ من العارضين , ( و في رواية : اللحية ) , و رمي الجمار , و الموقف بعرفة و المزدلفة “ .رواه ابن أبي شيبة ( 4/85 ) و ابن جرير في “ التفسير “ ( 17/109 ) بسند صحيح.
4 - عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : *( ثم ليقضوا تفثهم )* , فذكر نحوه بتقديم و تأخير , و فيه :و أخذ من الشاربين و اللحية “ .رواه ابن جرير أيضا , و إسناده صحيح , أو حسن على الأقل .
5 - عن مجاهد مثله بلفظ :“ و قص الشارب ... و قص اللحية “ .رواه ابن جرير بسند صحيح أيضا .
6 - عن المحاربي ( و هو عبد الرحمن بن محمد ) قال : سمعت رجلا يسأل ابن جريج عن قوله : *( ثم ليقضوا تفثهم )* , قال :“ الأخذ من اللحية و من الشارب ... “ .
7 - في “ الموطأ “ أيضا أنه بلغه :أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم , دعا بالجملين , فقص شاربه و أخذ من لحيته قبل أن يركب , و قبل أن يهل محرما .
8 - عن أبي هلال قال : حدثنا شيخ - أظنه من أهل المدينة - قال :رأيت أبا هريرة يحفي عارضيه : يأخذ منهما . قال : و رأيته أصفر اللحية .رواه ابن سعد في “ الطبقات “ ( 4/334 ) .قلت : و الشيخ المدني هذا أراه عثمان بن عبيد الله , فإن ابن سعد روى بعده أحاديث بسنده الصحيح عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبيد الله قال :رأيت أبا هريرة يصفر لحيته و نحن في الكتاب .و قد ذكره ابن حبان في “ الثقات “ ( 3/177 ) , فالسند عندي حسن . والله أعلم .
قلت: و في هذه الآثار الصحيحة ما يدل على أن قص اللحية،أو الأخذ منها كان أمرا معروفا عند السلف، خلافا لظن بعض إخواننا من أهل الحديث الذين يتشددون في الأخذ منها , متمسكين بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : “ و أعفوا اللحى “ , غير منتبهين لما فهموه من العموم أنه غير مراد لعدم جريان عمل السلف عليه و فيهم من روى العموم المذكور , و هم عبد الله بن عمر , و حديثه في “ الصحيحين “ , و أبو هريرة , و حديثه عن مسلم , و هما مخرجان في “ جلباب المرأة المسلمة “ ( ص 185 - 187/ طبعة المكتبة الإسلامية ) , و ابن عباس , و حديثه في “ مجمع الزوائد “ ( 5/169 ) .
و مما لا شك أن راوي الحديث أعرف بالمراد منه من الذين لم يسمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم , و أحرص على اتباعه منهم . و هذا على فرض أن المراد بـ ( الإعفاء ) التوفير و التكثير كما هو مشهور , لكن قال الباجي في “ شرح الموطأ “ ( 7/266 ) نقلا عن القاضي أبي الوليد :“ و يحتمل عندي أن يريد أن تعفى اللحى من الإخفاء . لأن كثرتها أيضا ليس بمأمور بتركه , و قد روى ابن القاسم عن مالك : لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية و شذ . قيل لمالك : فإذا طالت جدا ? قال : أرى أن يؤخذ منها و تقص . و روي عن عبد الله بن عمر و أبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة “ .قلت : أخرجه عنهما الخلال في “ الترجل “ ( ص 11 - مصورة ) بإسنادين صحيحين , و روى عن الإمام أحمد أنه سئل عن الأخذ من اللحية؟
قال :كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة , و كأنه ذهب إليه . قال حرب : قلت له : ما الإعفاء ? قال : يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : كان هذا عنده الإعفاء .قلت : و من المعلوم أن الراوي أدرى بمرويه من غيره , و لا سيما إذا كان حريصا على السنة كابن عمر , و هو يرى نبيه صلى الله عليه وسلم - الآمر بالإعفاء - ليلا نهارا . فتأمل.
ثم روى الخلال من طريق إسحاق قال :“ سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه ? قال : يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة .قلت : حديث النبي صلى الله عليه وسلم :“ احفوا الشوارب , و أعفوا اللحى “ ?قال : يأخذ من طولها و من تحت حلقه . و رأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها و من تحت حلقه “ .
قلت : لقد توسعت قليلا بذكر هذه النصوص عن بعض السلف و الأئمة ; لعزتها , و لظن الكثير من الناس أنها مخالفة لعموم : " و أعفوا اللحى " , و لم يتنبهوا لقاعدة أن الفرد من أفراد العموم إذا لم يجر العمل به , دليل على أنه غير مراد منه , و ما أكثر البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ ( البدع الإضافية ) إلا من هذا القبيل , و مع ذلك فهي عند أهل العلم مردودة , لأنها لم تكن من عمل السلف , و هم أتقى و أعلم من الخلف , فيرجى الانتباه لهذا فإن الأمر دقيق و مهم]]اهـ .
المرجع: سلسلة الأحاديث الضعيفة/المجلد (5)ص(375-380).
فائدة(1):
2355 - "خذ من لحيتك و رأسك"
[[قال الألباني: : ضعيف جدا. أخرجه البيهقي في "الشعب" ( 2/263/1 و 6440 - ط ) من طريق أبي مالك النخعي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال:" رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مجفل الرأس و اللحية , فقال : ما شوه أحدكم أمس ( كذا الأصل ) قال: و أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لحيته و رأسه يقول : ... " فذكره، و قال:" أبو مالك عبد الملك بن الحسين النخعي غير قوي، و قد روينا عن حسان بن عطية عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعث و الوسخ، لم يذكر الأخذ من اللحية و الرأس. والله أعلم " .
قلت : أبو مالك النخعي ضعيف جدا , و قال في “ التقريب “ :“ متروك “ .و حديث حسان بن عطية قد خرجته في “ الصحيحة “ ( 493 ) .و اعلم أنه لم يثبت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ من اللحية , لا قولا , كهذا , و لا فعلا كالحديث المتقدم برقم ( 288 ) .
نعم ثبت ذلك عن بعض السلف , و إليك المتيسر منها :
1 - عن مروان بن سالم المقفع قال :“ رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف “ .رواه أبو داود و غيره بسند حسن ; كما بينته في “ الإرواء “ ( 920 ) ,و “ صحيح أبي داود “ ( 2041 ) .
2 - عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان و هو يريد الحج , لم يأخذ من رأسه و لا من لحيته شيئا حتى يحج .و في رواية :أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته و شاربه .أخرجه مالك في “ الموطأ “ ( 1/353 ) .و روى الخلال في “ الترجل “ ( ص 11 - المصورة ) بسند صحيح عن مجاهد قال : رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر , ثم قال للحجام : خذ ما تحت القبضة .قال الباجي في “ شرح الموطأ “ ( 3/32 ) :“ يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه , و قد استحب ذلك مالك رحمه الله , لأن الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال , و الاستئصال لهما مثلة “ .
3 - عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : *( و ليقضوا تفثهم )* :“ التفث : حلق الرأس , و أخذ الشاربين , و نتف الإبط , و حلق العانة , و قص الأظفار , و الأخذ من العارضين , ( و في رواية : اللحية ) , و رمي الجمار , و الموقف بعرفة و المزدلفة “ .رواه ابن أبي شيبة ( 4/85 ) و ابن جرير في “ التفسير “ ( 17/109 ) بسند صحيح.
4 - عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : *( ثم ليقضوا تفثهم )* , فذكر نحوه بتقديم و تأخير , و فيه :و أخذ من الشاربين و اللحية “ .رواه ابن جرير أيضا , و إسناده صحيح , أو حسن على الأقل .
5 - عن مجاهد مثله بلفظ :“ و قص الشارب ... و قص اللحية “ .رواه ابن جرير بسند صحيح أيضا .
6 - عن المحاربي ( و هو عبد الرحمن بن محمد ) قال : سمعت رجلا يسأل ابن جريج عن قوله : *( ثم ليقضوا تفثهم )* , قال :“ الأخذ من اللحية و من الشارب ... “ .
7 - في “ الموطأ “ أيضا أنه بلغه :أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم , دعا بالجملين , فقص شاربه و أخذ من لحيته قبل أن يركب , و قبل أن يهل محرما .
8 - عن أبي هلال قال : حدثنا شيخ - أظنه من أهل المدينة - قال :رأيت أبا هريرة يحفي عارضيه : يأخذ منهما . قال : و رأيته أصفر اللحية .رواه ابن سعد في “ الطبقات “ ( 4/334 ) .قلت : و الشيخ المدني هذا أراه عثمان بن عبيد الله , فإن ابن سعد روى بعده أحاديث بسنده الصحيح عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبيد الله قال :رأيت أبا هريرة يصفر لحيته و نحن في الكتاب .و قد ذكره ابن حبان في “ الثقات “ ( 3/177 ) , فالسند عندي حسن . والله أعلم .
قلت: و في هذه الآثار الصحيحة ما يدل على أن قص اللحية،أو الأخذ منها كان أمرا معروفا عند السلف، خلافا لظن بعض إخواننا من أهل الحديث الذين يتشددون في الأخذ منها , متمسكين بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : “ و أعفوا اللحى “ , غير منتبهين لما فهموه من العموم أنه غير مراد لعدم جريان عمل السلف عليه و فيهم من روى العموم المذكور , و هم عبد الله بن عمر , و حديثه في “ الصحيحين “ , و أبو هريرة , و حديثه عن مسلم , و هما مخرجان في “ جلباب المرأة المسلمة “ ( ص 185 - 187/ طبعة المكتبة الإسلامية ) , و ابن عباس , و حديثه في “ مجمع الزوائد “ ( 5/169 ) .
و مما لا شك أن راوي الحديث أعرف بالمراد منه من الذين لم يسمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم , و أحرص على اتباعه منهم . و هذا على فرض أن المراد بـ ( الإعفاء ) التوفير و التكثير كما هو مشهور , لكن قال الباجي في “ شرح الموطأ “ ( 7/266 ) نقلا عن القاضي أبي الوليد :“ و يحتمل عندي أن يريد أن تعفى اللحى من الإخفاء . لأن كثرتها أيضا ليس بمأمور بتركه , و قد روى ابن القاسم عن مالك : لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية و شذ . قيل لمالك : فإذا طالت جدا ? قال : أرى أن يؤخذ منها و تقص . و روي عن عبد الله بن عمر و أبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة “ .قلت : أخرجه عنهما الخلال في “ الترجل “ ( ص 11 - مصورة ) بإسنادين صحيحين , و روى عن الإمام أحمد أنه سئل عن الأخذ من اللحية؟
قال :كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة , و كأنه ذهب إليه . قال حرب : قلت له : ما الإعفاء ? قال : يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : كان هذا عنده الإعفاء .قلت : و من المعلوم أن الراوي أدرى بمرويه من غيره , و لا سيما إذا كان حريصا على السنة كابن عمر , و هو يرى نبيه صلى الله عليه وسلم - الآمر بالإعفاء - ليلا نهارا . فتأمل.
ثم روى الخلال من طريق إسحاق قال :“ سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه ? قال : يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة .قلت : حديث النبي صلى الله عليه وسلم :“ احفوا الشوارب , و أعفوا اللحى “ ?قال : يأخذ من طولها و من تحت حلقه . و رأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها و من تحت حلقه “ .
قلت : لقد توسعت قليلا بذكر هذه النصوص عن بعض السلف و الأئمة ; لعزتها , و لظن الكثير من الناس أنها مخالفة لعموم : " و أعفوا اللحى " , و لم يتنبهوا لقاعدة أن الفرد من أفراد العموم إذا لم يجر العمل به , دليل على أنه غير مراد منه , و ما أكثر البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ ( البدع الإضافية ) إلا من هذا القبيل , و مع ذلك فهي عند أهل العلم مردودة , لأنها لم تكن من عمل السلف , و هم أتقى و أعلم من الخلف , فيرجى الانتباه لهذا فإن الأمر دقيق و مهم]]اهـ .
المرجع: سلسلة الأحاديث الضعيفة/المجلد (5)ص(375-380).
تعليق