هذه كلمة لفضيلة الشّيخ العلاّمة عبيد الجابريّ حفظه الله ألقاها ليلة 21 رمضان عبر اللِّقاء المفتوح بموقع ميراث الأنبياء حول قيام اللّيل وأحكامه، نسأل الله أن ينفع بها.
السؤال:
شيخنا حفظكم الله أكثر الأسئلة التي أتتنا تدور حول صفة القيام في هذه الليال العشر المباركة وتسأل عن طريقة صلاتها، حيث أن البعض يصليها مع الإمام بعد صلاة العشاء ويكتفي بها, والبعض يؤخرها فيصليها في آخر الليل مع الإمام ,والبعض يقسم الصلاة بين التراويح والقيام .
فما توجيهكم حول هذا الأمر شيخنا , وهل تجوز الزيادة على إحدى عشرة ركعة ؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا جميعاً من عتقاء الله في هذا الشهر , وأن يتم لنا ولكم الصيام والقيام , ويعيننا على ذلك ويتقبله منا .
كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مِئزره , وأحيا ليله، وأيقظ أهله , ومعنى شد مئزره : هجر الفراش , ولا ينال من أهله . والاعتكاف من السنن في هذه العشر , فإذا وُعي هذا فإني أنتقل إلى أمور جاءت في السؤال :
الأمر الأول : ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه رضي الله عنهم، ولا من عمل الأئمة في القرون المفضلة والقريبة من النبوة , صلاة تراويح وصلاة تهجد , بل يصلون صلاة واحدة ويدل لهذا :
أولاً : أن النّبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قام بالمسلمين بليلة , قال الراوي : حتى كاد يفوتنا الفلاح ! قيل وما الفلاح ؟ قال : السحور , قالوا : لو نفّلتنا بقية ليلتنا يارسول الله ؟ قال : "من قام مع إمامه حتى ينصرف فكأنما قام ليلة , أو قام الليل" , و الأمر فيه سعة .
الثاني : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جمع الناس على قارئ واحد، وكانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه يصلون أوزاعاً، فيصلي الرجل وحده ويصلي الرجل ومعه الرجل والرجلان ؛ وذلكم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلّى بالناس ليالي , ثم بعد ذلك تركهم وقال : "إني خشيت أن تُفرض عليكم " مضى هذا كما قلت لكم , فعزم عمر رضي الله عنه على أن يجمع الناس على قارئ واحد , فاستشار مَن استشار الصحابة رضي الله عنهم؛ فأقرّوه على ذلك , فمر ذات ليلة وهم يصلون خلف قارئهم فقال رضي الله عنه : ( نعمت البدعة هذه , والتي ينامون عنها أفضل ) فقوله : - نعمت البدعة هذه - من حيث اللغة , ولا ينبغي أن يسمى الاجتماع خلف إمام واحد للصلاة سواء ما يسمى بالتراويح أو بالتهجد , لا يصح أن يسمى بدعة ! لأن الأصل مشروع وفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تركه خشية أن يفرض على الأمة , فقوله : نعمت البدعة هذا يحتمل أمرين :
أحدهما : لعله رد على من استنكر عليه هذا العمل - وأنا لم أقف عليه –.
والثاني : كما قدمت – يعني - من حيث اللغة.
والذي أراه وأشير به :
أولا : أن الناس مخيرون بين أن يصلوا بعد العشاء مباشرة خلف إمامهم , ويمدوها حتى يمضي نصف الليل أو ثلثه .
الثاني : أن يؤجلوا الصلاة حتى يمضي نصف الليل ثم يصلون ما تيسر- إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة - لأن هذا وِرِد النبي صلى الله عليه وسلم بين هذين ,فإذا بقي على الصبح ساعة أو ساعة وقليل انصرفوا .
الثالث : لا يجوز أن يسمى تقسيم الناس صلاة الليل في رمضان قسمين تراويح وتهجد في العشر الأواخر , لا يجوز أن يسمى بدعة ؛ لأن هذا مضى عليه جماهير أئمة المسلمين , فلا يجوز أن يسمى بدعة ! فهذا من التجني والخطأ ! ولكن الاكتفاء بصلاة الواحدة في العشر أو في رمضان كله هذا أولى وأفضل , وقد قدمت لكم قول عمر رضي الله عنه , وأنبه إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روت عنه زوجه الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما: أنه من كل الليل أوتر, من أوله وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر.
الأمر الثاني : يتعلق بعدد الركعات :
ذكرت لكم آنفاً أن ورد النبي صلى الله عليه وسلم هو ما بين - إحدى عشر ركعة , وثلاث عشرة ركعة - صح عن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها هذا وهذا , وأنه لم يزد عليه لا في رمضان ولا في غيره , ولكن ! المحققون من أئمة الإسلام كما نقله شيخ الإسلام إبن تيمية وغيره أنهم يزيدون على ذلك , فإذا قلّلوا القراءة زادوا في الركعات , وإذا أطالوا القراءة نقصوا في الركعات, ومن المتفق عليه بين المحققين كم أسلفت, أن الاكتفاء بما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الاكتفاء بما بين إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة أولى.
ويدل لهذا -أعني الزيادة - قوله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فتُوتِر له ما صلى " فقوله : مثنى مثنى إلى آخر الحديث يدل على أنه لا مانع من الزيادة 20 ركعة , 23 ركعة أو25 أو 15 ركعة – لكن الواجب على أئمة المسلمين أن لا يهذُّوا القراءة هذّاً كهذّ الشعر , وأن لا يجعلوا الركعات كالنقر ! بل يجب عليهم الترسل في القراءة , والاطمئنان في أفعال الصلاة من الركوع والرفع منه والسجود والاعتدال منه والجلسة بين السجدتين إلى غير ذلك , ولا يجب أن يلتزموا بعشرين ركعة وقراءة جزء من القرأن ! – ألزَموا أنفسهم بما لم يلزمهم الله سبحانه وتعالى به ! – فالوسط والاقتصاد في نوافل العبادات مطلوب , وسئل ابن مسعود رضي الله عنه أو قال له رجل : إني قرأت البارحة المفصل , فقال ابن مسعود : هذّاً كهذّ الشعر ! فكيف لو أدرك أبن مسعود صلاة الكثير من أئمة المساجد في التراويح ! لقال هذّاً كهذّ الشعر ! ونقراً كنقر الغراب ! وتغني في التكبير والتسميع والتحميد والتسليم ! وتمطيط في الدعاء ! لا أدري ماذا يقول رضي الله عنه ! أنا لا أعمم هذا ولكن أقول إلا من رحم الله وأكرر إلا من رحم الله , هذا ما يسر الله سبحانه وتعالى من الجواب على هذا السؤال .
السؤال:
شيخنا حفظكم الله أكثر الأسئلة التي أتتنا تدور حول صفة القيام في هذه الليال العشر المباركة وتسأل عن طريقة صلاتها، حيث أن البعض يصليها مع الإمام بعد صلاة العشاء ويكتفي بها, والبعض يؤخرها فيصليها في آخر الليل مع الإمام ,والبعض يقسم الصلاة بين التراويح والقيام .
فما توجيهكم حول هذا الأمر شيخنا , وهل تجوز الزيادة على إحدى عشرة ركعة ؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا جميعاً من عتقاء الله في هذا الشهر , وأن يتم لنا ولكم الصيام والقيام , ويعيننا على ذلك ويتقبله منا .
كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مِئزره , وأحيا ليله، وأيقظ أهله , ومعنى شد مئزره : هجر الفراش , ولا ينال من أهله . والاعتكاف من السنن في هذه العشر , فإذا وُعي هذا فإني أنتقل إلى أمور جاءت في السؤال :
الأمر الأول : ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه رضي الله عنهم، ولا من عمل الأئمة في القرون المفضلة والقريبة من النبوة , صلاة تراويح وصلاة تهجد , بل يصلون صلاة واحدة ويدل لهذا :
أولاً : أن النّبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قام بالمسلمين بليلة , قال الراوي : حتى كاد يفوتنا الفلاح ! قيل وما الفلاح ؟ قال : السحور , قالوا : لو نفّلتنا بقية ليلتنا يارسول الله ؟ قال : "من قام مع إمامه حتى ينصرف فكأنما قام ليلة , أو قام الليل" , و الأمر فيه سعة .
الثاني : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جمع الناس على قارئ واحد، وكانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه يصلون أوزاعاً، فيصلي الرجل وحده ويصلي الرجل ومعه الرجل والرجلان ؛ وذلكم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلّى بالناس ليالي , ثم بعد ذلك تركهم وقال : "إني خشيت أن تُفرض عليكم " مضى هذا كما قلت لكم , فعزم عمر رضي الله عنه على أن يجمع الناس على قارئ واحد , فاستشار مَن استشار الصحابة رضي الله عنهم؛ فأقرّوه على ذلك , فمر ذات ليلة وهم يصلون خلف قارئهم فقال رضي الله عنه : ( نعمت البدعة هذه , والتي ينامون عنها أفضل ) فقوله : - نعمت البدعة هذه - من حيث اللغة , ولا ينبغي أن يسمى الاجتماع خلف إمام واحد للصلاة سواء ما يسمى بالتراويح أو بالتهجد , لا يصح أن يسمى بدعة ! لأن الأصل مشروع وفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تركه خشية أن يفرض على الأمة , فقوله : نعمت البدعة هذا يحتمل أمرين :
أحدهما : لعله رد على من استنكر عليه هذا العمل - وأنا لم أقف عليه –.
والثاني : كما قدمت – يعني - من حيث اللغة.
والذي أراه وأشير به :
أولا : أن الناس مخيرون بين أن يصلوا بعد العشاء مباشرة خلف إمامهم , ويمدوها حتى يمضي نصف الليل أو ثلثه .
الثاني : أن يؤجلوا الصلاة حتى يمضي نصف الليل ثم يصلون ما تيسر- إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة - لأن هذا وِرِد النبي صلى الله عليه وسلم بين هذين ,فإذا بقي على الصبح ساعة أو ساعة وقليل انصرفوا .
الثالث : لا يجوز أن يسمى تقسيم الناس صلاة الليل في رمضان قسمين تراويح وتهجد في العشر الأواخر , لا يجوز أن يسمى بدعة ؛ لأن هذا مضى عليه جماهير أئمة المسلمين , فلا يجوز أن يسمى بدعة ! فهذا من التجني والخطأ ! ولكن الاكتفاء بصلاة الواحدة في العشر أو في رمضان كله هذا أولى وأفضل , وقد قدمت لكم قول عمر رضي الله عنه , وأنبه إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روت عنه زوجه الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما: أنه من كل الليل أوتر, من أوله وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر.
الأمر الثاني : يتعلق بعدد الركعات :
ذكرت لكم آنفاً أن ورد النبي صلى الله عليه وسلم هو ما بين - إحدى عشر ركعة , وثلاث عشرة ركعة - صح عن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها هذا وهذا , وأنه لم يزد عليه لا في رمضان ولا في غيره , ولكن ! المحققون من أئمة الإسلام كما نقله شيخ الإسلام إبن تيمية وغيره أنهم يزيدون على ذلك , فإذا قلّلوا القراءة زادوا في الركعات , وإذا أطالوا القراءة نقصوا في الركعات, ومن المتفق عليه بين المحققين كم أسلفت, أن الاكتفاء بما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الاكتفاء بما بين إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة أولى.
ويدل لهذا -أعني الزيادة - قوله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فتُوتِر له ما صلى " فقوله : مثنى مثنى إلى آخر الحديث يدل على أنه لا مانع من الزيادة 20 ركعة , 23 ركعة أو25 أو 15 ركعة – لكن الواجب على أئمة المسلمين أن لا يهذُّوا القراءة هذّاً كهذّ الشعر , وأن لا يجعلوا الركعات كالنقر ! بل يجب عليهم الترسل في القراءة , والاطمئنان في أفعال الصلاة من الركوع والرفع منه والسجود والاعتدال منه والجلسة بين السجدتين إلى غير ذلك , ولا يجب أن يلتزموا بعشرين ركعة وقراءة جزء من القرأن ! – ألزَموا أنفسهم بما لم يلزمهم الله سبحانه وتعالى به ! – فالوسط والاقتصاد في نوافل العبادات مطلوب , وسئل ابن مسعود رضي الله عنه أو قال له رجل : إني قرأت البارحة المفصل , فقال ابن مسعود : هذّاً كهذّ الشعر ! فكيف لو أدرك أبن مسعود صلاة الكثير من أئمة المساجد في التراويح ! لقال هذّاً كهذّ الشعر ! ونقراً كنقر الغراب ! وتغني في التكبير والتسميع والتحميد والتسليم ! وتمطيط في الدعاء ! لا أدري ماذا يقول رضي الله عنه ! أنا لا أعمم هذا ولكن أقول إلا من رحم الله وأكرر إلا من رحم الله , هذا ما يسر الله سبحانه وتعالى من الجواب على هذا السؤال .