بسم الله الرحمن الرحيم
من البدع والمخالفات
-وإهمال السُّنن-
التي أحدثها بعض الأئمة والناس
في صلاة التراويح وبعض المساجد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد؛ فمن المخالفات التي أُحْدِثَتْ في صلاة التراويح وبعض المساجد مما لا دليل عليه في الشرع ولا من هدي سلف الأمة الصالح؛ الآتي:
• أوَّلاً: قيام الإمام إلى القبلة واتِّجاهه إليها ومخالفة المأمومين لهذه الجهة. وهذا يُفْعَل في الفرض وفي التراويح، فإنَّك تجد السجَّادة التي تُفْرَشُ للإمام في اتِّجاهٍ وصفوف المأمومين في اتِّجاهٍ آخر مخالف لاتِّجاه الإمام.
• ثانياً: تلاوة الإمام أو غيره لآيات الصيام في سورة البقرة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ...)) إلخ قبل الشروع في صلاة التراويح.
• ثالثاً: ذِكرُ بعض الأئمة حديثاً باطلاً أو موضوعاً للتحفيز والحثِّ على صلاة التراويح وهو: «من صلَّى التراويح يخرج من ذنبه في أول ليلةٍ كيوم ولدته أمه... إلخ».
• رابعاً: قول الإمام أو المؤذِّن أو غيره: "صلاة القيام يرحمكم الله"، أو: "صلاة التراويح"، أو نحو ذلك.
• خامساً: تخفيف صلاة التراويح بصورةٍ مُخِلَّةٍ من بعض الأئمة.
• سادساً: تطويلها من بعضهم بصورةٍ مخالفةٍ للنصوص الشرعية بحجَّة ختم القرآن في صلاة التراويح مما يترتَّب عليه التطويل على المصلِّين وفيهم الشيوخ والمرضى والعجَزَة... إلخ.
وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قوله: «إذا صلَّى أحدكم بالنَّاس فليخفِّف؛ فإنَّه منهم الضعيف والسَّقيم والكبير، وإذا صلَّى أحدكم لنفسه فليطوِّل ما شاء» [البخاري]، وقد صحَّ عن عمر -رضي الله عنه- أنَّه دعا القراء في رمضان فأمر أسرعَهم قراءةً أن يقرأ ثلاثين آيةً، والوسط خمساً وعشرين آيةً، والبطيء عشرين آيةً [صحَّحه الألباني في رسالة (قيام رمضان)]. وهذا التطويل الذي لا أصل له وذاك التخفيف المخل علاجه بتطبيق الهدي النبوي.
• سابعاً: قيام بعض الأئمة بتخفيف القراءة في الركعات الأولى من التراويح وتطويلها في الأخيرات، وهذا مما يخالف السُّنَّة، وعكس ذلك هو الصحيح.
• ثامناً: إهمال كثيرٍ من الأئمة -تخفيفاً على المصلِّين- هدي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في تنويعه عدد ركعات صلاة التراويح وكذا كيفيَّتها، وهؤلاء أصنافٌ:
1- فمنهم من يزيدها على إحدى عشرة ركعة فيصليها ثلاثاً وعشرين ركعة، وهذا مخالفٌ لهدي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته -رضي الله عنهم- فقد ثبَتَ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّها سُئِلَت كيف كانت صلاة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في رمضان؟، فقالت: «ما كان يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلِّي أربع ركعاتٍ فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلِّي ثلاثاً. فقلت: يا رسول الله، تنام قبل أن توتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي» [البخاري].
2- ومنهم من يداوم على إحدى عشرة ركعة دون نقصٍ وإن دَعَتْ الحاجة أحياناً إلى ذلك. وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: «الوتر حقٌّ فمن شاء فليوتر بخمسٍ ومن شاء فليوتر بثلاثٍ ومن شاء فليوتر بواحدةٍ»[صحيح ابن ماجه]، فأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة وأدناه ركعة واحدة بحسب النُّصوص.
3- ومنهم من يبقى على كيفيَّةٍ واحدةٍ في صلاة التراويح يصلِّيها ركعتين ركعتين. وقد ثبَتَ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه كان يصلِّيها أربعاً أربعاً ويوتر ثلاثاً بلا فصلٍ.
• تاسعاً: فصل بعض الأئمة بين ركعات صلاة التراويح بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وآية سورة آل عمران: ((رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين)). هذا مما لا دليل عليه بل هو من البدع.
• عاشراً: إقامة بعضهم نصائح وكلمات ومواعظ بين ركعات التراويح أو بين كل أربع ركعات. وهذا أيضاً ليس عليه هدي العلماء أنَّهم يفصلون بين ما أصلُه التتابع كصلاة التراويح!!.
• الحادي عشر: قول بعض الأئمة: "أشفعوا وأوتروا"، أو: "أوتروا يرحمكم الله" وهذا مما لا دليل عليه؛ فإنَّ الناس ما اجتمعوا بعد صلاة العشاء إلا لصلاة التراويح والشفع والوتر، فما العبرة من ذلك؟!!
• الثاني عشر: مصافحة المصلين لبعضهم البعض ورفع الأصوات بالسلام والكلام بعد الفراغ من صلاة التراويح مما لا دليل عليه في الشرع بل يخالف احترام المسجد وتعظيمه، ناهيك عمَّا يُدَار فيه من كلام الدنيا.
• الثالث عشر: فتح مكبِّرات الصوت في صلاة التراويح لخارج المسجد بلا حوجةٍ مما يشوِّش على المصلين في بقيَّة المساجد من تداخُل الأصوات، ويؤذي من يصلِّي في داره ككبار السِّن والنساء والمرضى.
• الرابع عشر: صلاة بعض المساجد في العشر الأواخر من رمضان ما يُسَمَّى بـ(التهجُّد) في آخر الليل مع تشغيل مكبِّرات الصوت خارج المسجد مع صلاتهم لصلاة التراويح في أوَّل الليل مع الإمام بعد العِشاء. وهذا فيه مخالفةٌ للنص الصريح الآنف وهو حديث عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-: «ما كان يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة» الحديث، وأيضاً لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلةٍ»[صحيح النسائي]، وفيه أيضاً إيذاءٌ للمسلمين وإزعاجهم بتلك المكبِّرات الصوتية والإخلال براحتهم؛ ففيهم من يحتاج إلى راحة ومنهم من يحتاج إلى نوم، وخير الهدي هدي محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم-. والتهجد وصلاة الليل والقيام والتراويح وصلاة الوتر أسماءٌ لشيءٍ واحدٍ وهو نافلة الليل بعد راتبة العشاء.
ومما يحمل بعضَ الأئمة على ذلك: السعي إلى ختم القرآن في رمضان، وهذا مما لا دليل عليه كما ذكرنا سابقاً.
قال الذَّهبيُّ -رحمه الله تعالى-: «قال الإمام مالكٌ: ليس من السنة ختم القرآن في رمضان -في صلاة التراويح-» [نقَلَه شيخنا حماد الأنصاري -رحمه الله- في إفاداته عن الإمام الذهبي].
وقَالَ الإمام مَالِكٌ -رحمه الله-: «لَيْسَ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ بِسُنَّةٍ لِلْقِيَام» [المدوَّنة].
• الخامس عشر: ظنُّ بعض الأئمة وكثيرٍ من المسلمين أنَّه لا بد من ختم القرآن في صلاة التراويح في ليلة السابع والعشرين تحت مسمَّى (ختمة القرآن) وهذا أيضاً مما لا دليل عليه بل جاء النص الصحيح خلاف ذلك؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أُنْزِلَت صحف إبراهيم أول ليلةٍ من رمضان، وأُنْزِلَت التوراة لِسِتٍّ مَضَيْنَ من رمضان، وأُنْزِلَ الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأُنْزِلَ الزبور لثمان عشرة خَلَت من رمضان، وأُنْزِلَ القرآن لأربعٍ وعشرين خَلَتْ من رمضان» [السلسلة الصحيحة].
• السادس عشر: تتبُّع كثيرٍ من المسلمين وخاصَّة الشباب وتخطِّيهم لمساجدهم التي بجوارهم إلى مساجد أخرى لأجل صلاة التراويح في رمضان؛ بحجة أنَّ أئمة تلك المساجد لهم أصواتٌ جميلة. وهذا أيضاً مخالفٌ للأدلة الشرعيَّة، وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه نهى عن تتبُّع المساجد، وقال أيضاً -صلَّى الله عليه وسلَّم- (مما يشهد له الواقع): «بادروا بالأعمال خصالاً ستَّاً: إمارة السفهاء، وكثرة الشُّرط، وقطيعة الرحم، وبيع الحكم، واستخفاف الدم، ونشواً يتخذون القرآن مزاميراً، يقدِّمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم، ما يقدِّمونه إلا ليغنيهم»[السلسلة الصحيحة].
بل قد تكون تلك المساجد التي يسعى لها البعض لجهاتٍ وجماعاتٍ منحرفةٍ في منهجها وعقائدها كالخوارج، فيقعون في مصائدهم وأفكارهم المخالِفة للحق والصواب؛
فإنَّ القرآن الكريم قد يحمله -حفظاً ومعرفةً- من يخالف الحقَّ وأهلَه بل ويكون حجَّةً عليه، بل ثبَتَ عن السَّلف أنَّ أهل البدع حاملي هذا القرآن يتَّخذونه شراكاً لتصيُّد المسلمين الغافلين والزَّجِّ بهم في مناهجهم الباطلة الفاسدة.
قال الحافظ الخطابي -رحمه الله تعالى- في كتابه (العزلة):
«حدَّثنا إبراهيم بن فِراس، قال: حدَّثنا أحمد بن علي المروزيُّ الأعرج، قال: حدَّثنا الفضل بن عبد الجبار، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفر البصري، قال: قال مالك بن دينار: مَثَلُ قراء هذا الزمان كمَثَل رجلٍ نصَبَ فَخَّاً ونصَبَ فيه بُرَّةً، فجاء عصفورٌ فوقَعَ قريباً منه، فقال له: ما غيَّبَك في التراب؟ فقال: التواضع، قال: مما انحنيت؟ قال: من طول العبادة، قال: ما هذه البُرَّة المنصوبة فيك؟ قال: أعددتها للصائمين، قال: نِعْمَ الجارُ أنت.
قال: فلمَّا أمسى وغابت الشَّمس دنا العصفور فأخذ البُرَّةَ فخَنَقَه الفخُّ. قال العصفور: إنْ كان كلُّ العباد يخنقون خَنْقَك فلا خير في العباد اليوم».
وصَدَقَ -صلَّى الله عليه وسلَّم- القائل: «إنَّ أخوف ما أخاف عليكم رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُءِيَت بهجتُه عليه وكان رِدءاً للإسلام انسلخ منه ونَبَذَه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك» قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك، الرامي أو المرمي؟ قال: «بل الرامي» [السلسة الصحيحة].
• السابع عشر: حمل بعض المأمومين للمصحف في صلاة التروايح لمتابعة قراءة الإمام وتركه وضع يديه على صدره في الصلاة. وقد قال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّا معشر الأنبياء أُمِرْنَا بتعجيل فِطرِنا، وتأخير سحورنا، وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة» [صحَّحه الألباني في صفة الصلاة].
قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-:
«ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﻘﺮﺃ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﺫﻳﺮ:
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺤﻞ ﺳﺠﻮﺩﻩ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻞ سجوده ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻜﺮﻭﻫﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﺒﺚ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺒﻪ، ﻭﻓﻲ ﺣﻤﻠﻪ، ﻭﻓﻲ ﻭﺿﻌﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻬﺎ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺼﺮﻩ ﺑﺤﺮﻛﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﻭﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻑ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ، ﻭﻛﻞ ﺳﻄﺮ، ﻭﻛﻞ ﺻﻔﺤﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﺑﻄﻠﺖ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﻋﻠﻠﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻊ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺗﻜﺜﺮ ﻛﺜﺮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺷﻌﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻮﻑ ﻳﺬﻫﺐ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ، ﻳﻌﻨﻲ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺼﻠﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﻛﺄﻥ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﺭﺟﻼً ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺎﺑﻌﻪ، ﻣﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﺃﺧﺒﺖ ﻟﻠﻪ، ﻭﻭﺿﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﻮﺩﻩ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪﻩ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﻠﻴﺐ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ.
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﻧﺼﺢ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺑﺘﺮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺇﺫا ﺩﻋﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﻓﻆ ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻴﻦ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻟﻴﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻬﺬﻩ ﺣﺎﺟﺔ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻬﺎ» [ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻭﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ بن ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ].
• الثامن عشر: استخدام بعض المساجد للمكبِّرات الصوتية الحديثة التي تغيِّر حقيقة صوت الإمام وطبيعته.
وقد سُئِلَ الشيخ العلامة د. محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- عن حكم الصَّدى في المساجد، فقال:
«ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮًﺍ، ﻫﺬﺍ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﺧﻮﺍﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻮﻩ، ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺤﺮﻭﻑ، ﺃﻭ ﻳﺮﺩِّﺩ حروفاً ﻭﻳُﺨﺮﺝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ، ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ: ((ﻛِﺮَﺍﻡٍ ﺑَﺮَﺭَﺓٍ)) ﺭﺭﺭﺭﺓ، ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ معها إلا ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺮﺃﻩ ﺍﻟﻘﺎﺭيء، ﺃﻣَّﺎ ﺑﺮﺭﺭﺭﺓ، ﻫﺬﺍ ﻻ يصح» [دروس شرح كتاب الجامع من (بلوغ المرام)].
• التاسع عشر: تناوب الأئمة في صلاة التراويح بلا حاجةٍ داعيةٍ. وحَدَث ذلك لـمَّا حصل التَّكلُّف وخُولِفَت السنن؛ من زيادة ركعاتها، ودعوى ختم القرآن فيها، وأخذ بعضهم أجر التلاوة نقدا،ً وتلحين وتطريب القرآن... إلخ. أمَّا إذا اتَّبع الأئمةُ والنَّاسُ السنَّةَ وأحكامها؛ كانوا في غنيةٍ وكفايةٍ. وهاهنا إذا تعب الإمام أو له عذرٌ فلا حرج من إنابته، أمَّا بلا حوجة فهو تكلُّفٌ وتنطُّعٌ وبُعْدٌ عن السنَّة.
• العشرون: التبليغ بلا ضرورةٍ.
• الحادي والعشرون: تزيين المساجد بالإضاءة وغيرها.
• الثاني والعشرون: تلحين الدعــاء.
• الثالث والعشرون: إقامته -أي الدعاء- على أحكام تجويد القرآن.
• الرابع والعشرون: ومما لا دليل عليه أيضاً ترتيل أقوال الصلاة من تكبيرٍ وتسميعٍ وتسليمٍ فضلاً عن التغنِّي المذموم بذلك.
• الخامس والعشرون: تلحين القرآن وإخراج ألفاظه كالغناء الموسيقي المحرَّم لأجل عدم التفريق بين التغنِّي المشروع بالقرآن والتغنِّي البدعي.
• السادس والعشرون: تطويل القنوت أطول من قراءة القرآن في الصلاة.
• السابع والعشرون: ملازمة قنوت الوِتر أو فِعْلُه قبل انتصاف الشهر، وقد كان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفعله أحياناً.
فالواجب على المسلمين الحذر والانتباه، وعلينا جميعاً أن نتقي الله سبحانه وتعالى بمراقبته في السر والعلن، والسير والصادق على المنهج السلفي القائم على العلم الأصيل النافع الذي هو -بعد فضل الله ورحمته- طريق الخير والنجاة في الدنيا والآخرة.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين
أملاهُ
نزار بن هاشم العباس
خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة
والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان
10/ رمضان/ 1434هـ
من البدع والمخالفات
-وإهمال السُّنن-
التي أحدثها بعض الأئمة والناس
في صلاة التراويح وبعض المساجد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد؛ فمن المخالفات التي أُحْدِثَتْ في صلاة التراويح وبعض المساجد مما لا دليل عليه في الشرع ولا من هدي سلف الأمة الصالح؛ الآتي:
• أوَّلاً: قيام الإمام إلى القبلة واتِّجاهه إليها ومخالفة المأمومين لهذه الجهة. وهذا يُفْعَل في الفرض وفي التراويح، فإنَّك تجد السجَّادة التي تُفْرَشُ للإمام في اتِّجاهٍ وصفوف المأمومين في اتِّجاهٍ آخر مخالف لاتِّجاه الإمام.
• ثانياً: تلاوة الإمام أو غيره لآيات الصيام في سورة البقرة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ...)) إلخ قبل الشروع في صلاة التراويح.
• ثالثاً: ذِكرُ بعض الأئمة حديثاً باطلاً أو موضوعاً للتحفيز والحثِّ على صلاة التراويح وهو: «من صلَّى التراويح يخرج من ذنبه في أول ليلةٍ كيوم ولدته أمه... إلخ».
• رابعاً: قول الإمام أو المؤذِّن أو غيره: "صلاة القيام يرحمكم الله"، أو: "صلاة التراويح"، أو نحو ذلك.
• خامساً: تخفيف صلاة التراويح بصورةٍ مُخِلَّةٍ من بعض الأئمة.
• سادساً: تطويلها من بعضهم بصورةٍ مخالفةٍ للنصوص الشرعية بحجَّة ختم القرآن في صلاة التراويح مما يترتَّب عليه التطويل على المصلِّين وفيهم الشيوخ والمرضى والعجَزَة... إلخ.
وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قوله: «إذا صلَّى أحدكم بالنَّاس فليخفِّف؛ فإنَّه منهم الضعيف والسَّقيم والكبير، وإذا صلَّى أحدكم لنفسه فليطوِّل ما شاء» [البخاري]، وقد صحَّ عن عمر -رضي الله عنه- أنَّه دعا القراء في رمضان فأمر أسرعَهم قراءةً أن يقرأ ثلاثين آيةً، والوسط خمساً وعشرين آيةً، والبطيء عشرين آيةً [صحَّحه الألباني في رسالة (قيام رمضان)]. وهذا التطويل الذي لا أصل له وذاك التخفيف المخل علاجه بتطبيق الهدي النبوي.
• سابعاً: قيام بعض الأئمة بتخفيف القراءة في الركعات الأولى من التراويح وتطويلها في الأخيرات، وهذا مما يخالف السُّنَّة، وعكس ذلك هو الصحيح.
• ثامناً: إهمال كثيرٍ من الأئمة -تخفيفاً على المصلِّين- هدي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في تنويعه عدد ركعات صلاة التراويح وكذا كيفيَّتها، وهؤلاء أصنافٌ:
1- فمنهم من يزيدها على إحدى عشرة ركعة فيصليها ثلاثاً وعشرين ركعة، وهذا مخالفٌ لهدي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته -رضي الله عنهم- فقد ثبَتَ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّها سُئِلَت كيف كانت صلاة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في رمضان؟، فقالت: «ما كان يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلِّي أربع ركعاتٍ فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلِّي ثلاثاً. فقلت: يا رسول الله، تنام قبل أن توتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي» [البخاري].
2- ومنهم من يداوم على إحدى عشرة ركعة دون نقصٍ وإن دَعَتْ الحاجة أحياناً إلى ذلك. وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: «الوتر حقٌّ فمن شاء فليوتر بخمسٍ ومن شاء فليوتر بثلاثٍ ومن شاء فليوتر بواحدةٍ»[صحيح ابن ماجه]، فأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة وأدناه ركعة واحدة بحسب النُّصوص.
3- ومنهم من يبقى على كيفيَّةٍ واحدةٍ في صلاة التراويح يصلِّيها ركعتين ركعتين. وقد ثبَتَ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه كان يصلِّيها أربعاً أربعاً ويوتر ثلاثاً بلا فصلٍ.
• تاسعاً: فصل بعض الأئمة بين ركعات صلاة التراويح بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وآية سورة آل عمران: ((رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين)). هذا مما لا دليل عليه بل هو من البدع.
• عاشراً: إقامة بعضهم نصائح وكلمات ومواعظ بين ركعات التراويح أو بين كل أربع ركعات. وهذا أيضاً ليس عليه هدي العلماء أنَّهم يفصلون بين ما أصلُه التتابع كصلاة التراويح!!.
• الحادي عشر: قول بعض الأئمة: "أشفعوا وأوتروا"، أو: "أوتروا يرحمكم الله" وهذا مما لا دليل عليه؛ فإنَّ الناس ما اجتمعوا بعد صلاة العشاء إلا لصلاة التراويح والشفع والوتر، فما العبرة من ذلك؟!!
• الثاني عشر: مصافحة المصلين لبعضهم البعض ورفع الأصوات بالسلام والكلام بعد الفراغ من صلاة التراويح مما لا دليل عليه في الشرع بل يخالف احترام المسجد وتعظيمه، ناهيك عمَّا يُدَار فيه من كلام الدنيا.
• الثالث عشر: فتح مكبِّرات الصوت في صلاة التراويح لخارج المسجد بلا حوجةٍ مما يشوِّش على المصلين في بقيَّة المساجد من تداخُل الأصوات، ويؤذي من يصلِّي في داره ككبار السِّن والنساء والمرضى.
• الرابع عشر: صلاة بعض المساجد في العشر الأواخر من رمضان ما يُسَمَّى بـ(التهجُّد) في آخر الليل مع تشغيل مكبِّرات الصوت خارج المسجد مع صلاتهم لصلاة التراويح في أوَّل الليل مع الإمام بعد العِشاء. وهذا فيه مخالفةٌ للنص الصريح الآنف وهو حديث عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-: «ما كان يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة» الحديث، وأيضاً لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلةٍ»[صحيح النسائي]، وفيه أيضاً إيذاءٌ للمسلمين وإزعاجهم بتلك المكبِّرات الصوتية والإخلال براحتهم؛ ففيهم من يحتاج إلى راحة ومنهم من يحتاج إلى نوم، وخير الهدي هدي محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم-. والتهجد وصلاة الليل والقيام والتراويح وصلاة الوتر أسماءٌ لشيءٍ واحدٍ وهو نافلة الليل بعد راتبة العشاء.
ومما يحمل بعضَ الأئمة على ذلك: السعي إلى ختم القرآن في رمضان، وهذا مما لا دليل عليه كما ذكرنا سابقاً.
قال الذَّهبيُّ -رحمه الله تعالى-: «قال الإمام مالكٌ: ليس من السنة ختم القرآن في رمضان -في صلاة التراويح-» [نقَلَه شيخنا حماد الأنصاري -رحمه الله- في إفاداته عن الإمام الذهبي].
وقَالَ الإمام مَالِكٌ -رحمه الله-: «لَيْسَ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ بِسُنَّةٍ لِلْقِيَام» [المدوَّنة].
• الخامس عشر: ظنُّ بعض الأئمة وكثيرٍ من المسلمين أنَّه لا بد من ختم القرآن في صلاة التراويح في ليلة السابع والعشرين تحت مسمَّى (ختمة القرآن) وهذا أيضاً مما لا دليل عليه بل جاء النص الصحيح خلاف ذلك؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أُنْزِلَت صحف إبراهيم أول ليلةٍ من رمضان، وأُنْزِلَت التوراة لِسِتٍّ مَضَيْنَ من رمضان، وأُنْزِلَ الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأُنْزِلَ الزبور لثمان عشرة خَلَت من رمضان، وأُنْزِلَ القرآن لأربعٍ وعشرين خَلَتْ من رمضان» [السلسلة الصحيحة].
• السادس عشر: تتبُّع كثيرٍ من المسلمين وخاصَّة الشباب وتخطِّيهم لمساجدهم التي بجوارهم إلى مساجد أخرى لأجل صلاة التراويح في رمضان؛ بحجة أنَّ أئمة تلك المساجد لهم أصواتٌ جميلة. وهذا أيضاً مخالفٌ للأدلة الشرعيَّة، وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه نهى عن تتبُّع المساجد، وقال أيضاً -صلَّى الله عليه وسلَّم- (مما يشهد له الواقع): «بادروا بالأعمال خصالاً ستَّاً: إمارة السفهاء، وكثرة الشُّرط، وقطيعة الرحم، وبيع الحكم، واستخفاف الدم، ونشواً يتخذون القرآن مزاميراً، يقدِّمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم، ما يقدِّمونه إلا ليغنيهم»[السلسلة الصحيحة].
بل قد تكون تلك المساجد التي يسعى لها البعض لجهاتٍ وجماعاتٍ منحرفةٍ في منهجها وعقائدها كالخوارج، فيقعون في مصائدهم وأفكارهم المخالِفة للحق والصواب؛
فإنَّ القرآن الكريم قد يحمله -حفظاً ومعرفةً- من يخالف الحقَّ وأهلَه بل ويكون حجَّةً عليه، بل ثبَتَ عن السَّلف أنَّ أهل البدع حاملي هذا القرآن يتَّخذونه شراكاً لتصيُّد المسلمين الغافلين والزَّجِّ بهم في مناهجهم الباطلة الفاسدة.
قال الحافظ الخطابي -رحمه الله تعالى- في كتابه (العزلة):
«حدَّثنا إبراهيم بن فِراس، قال: حدَّثنا أحمد بن علي المروزيُّ الأعرج، قال: حدَّثنا الفضل بن عبد الجبار، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفر البصري، قال: قال مالك بن دينار: مَثَلُ قراء هذا الزمان كمَثَل رجلٍ نصَبَ فَخَّاً ونصَبَ فيه بُرَّةً، فجاء عصفورٌ فوقَعَ قريباً منه، فقال له: ما غيَّبَك في التراب؟ فقال: التواضع، قال: مما انحنيت؟ قال: من طول العبادة، قال: ما هذه البُرَّة المنصوبة فيك؟ قال: أعددتها للصائمين، قال: نِعْمَ الجارُ أنت.
قال: فلمَّا أمسى وغابت الشَّمس دنا العصفور فأخذ البُرَّةَ فخَنَقَه الفخُّ. قال العصفور: إنْ كان كلُّ العباد يخنقون خَنْقَك فلا خير في العباد اليوم».
وصَدَقَ -صلَّى الله عليه وسلَّم- القائل: «إنَّ أخوف ما أخاف عليكم رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رُءِيَت بهجتُه عليه وكان رِدءاً للإسلام انسلخ منه ونَبَذَه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك» قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك، الرامي أو المرمي؟ قال: «بل الرامي» [السلسة الصحيحة].
• السابع عشر: حمل بعض المأمومين للمصحف في صلاة التروايح لمتابعة قراءة الإمام وتركه وضع يديه على صدره في الصلاة. وقد قال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّا معشر الأنبياء أُمِرْنَا بتعجيل فِطرِنا، وتأخير سحورنا، وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة» [صحَّحه الألباني في صفة الصلاة].
قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-:
«ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﻘﺮﺃ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﺫﻳﺮ:
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺤﻞ ﺳﺠﻮﺩﻩ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻞ سجوده ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻜﺮﻭﻫﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﺒﺚ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺒﻪ، ﻭﻓﻲ ﺣﻤﻠﻪ، ﻭﻓﻲ ﻭﺿﻌﻪ ﺣﺮﻛﺔ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻬﺎ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺼﺮﻩ ﺑﺤﺮﻛﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﻭﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻑ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ، ﻭﻛﻞ ﺳﻄﺮ، ﻭﻛﻞ ﺻﻔﺤﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﺑﻄﻠﺖ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﻋﻠﻠﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻊ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺗﻜﺜﺮ ﻛﺜﺮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ.
ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﺭ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺷﻌﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻮﻑ ﻳﺬﻫﺐ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ، ﻳﻌﻨﻲ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺼﻠﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﻛﺄﻥ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﺭﺟﻼً ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺎﺑﻌﻪ، ﻣﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻭﺃﺧﺒﺖ ﻟﻠﻪ، ﻭﻭﺿﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﻮﺩﻩ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪﻩ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﻠﻴﺐ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ.
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﻧﺼﺢ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﺑﺘﺮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺇﺫا ﺩﻋﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﻓﻆ ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻴﻦ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻟﻴﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻬﺬﻩ ﺣﺎﺟﺔ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻬﺎ» [ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻭﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ بن ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ].
• الثامن عشر: استخدام بعض المساجد للمكبِّرات الصوتية الحديثة التي تغيِّر حقيقة صوت الإمام وطبيعته.
وقد سُئِلَ الشيخ العلامة د. محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- عن حكم الصَّدى في المساجد، فقال:
«ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮًﺍ، ﻫﺬﺍ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﺧﻮﺍﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻮﻩ، ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺤﺮﻭﻑ، ﺃﻭ ﻳﺮﺩِّﺩ حروفاً ﻭﻳُﺨﺮﺝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ، ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ: ((ﻛِﺮَﺍﻡٍ ﺑَﺮَﺭَﺓٍ)) ﺭﺭﺭﺭﺓ، ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ معها إلا ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺮﺃﻩ ﺍﻟﻘﺎﺭيء، ﺃﻣَّﺎ ﺑﺮﺭﺭﺭﺓ، ﻫﺬﺍ ﻻ يصح» [دروس شرح كتاب الجامع من (بلوغ المرام)].
• التاسع عشر: تناوب الأئمة في صلاة التراويح بلا حاجةٍ داعيةٍ. وحَدَث ذلك لـمَّا حصل التَّكلُّف وخُولِفَت السنن؛ من زيادة ركعاتها، ودعوى ختم القرآن فيها، وأخذ بعضهم أجر التلاوة نقدا،ً وتلحين وتطريب القرآن... إلخ. أمَّا إذا اتَّبع الأئمةُ والنَّاسُ السنَّةَ وأحكامها؛ كانوا في غنيةٍ وكفايةٍ. وهاهنا إذا تعب الإمام أو له عذرٌ فلا حرج من إنابته، أمَّا بلا حوجة فهو تكلُّفٌ وتنطُّعٌ وبُعْدٌ عن السنَّة.
• العشرون: التبليغ بلا ضرورةٍ.
• الحادي والعشرون: تزيين المساجد بالإضاءة وغيرها.
• الثاني والعشرون: تلحين الدعــاء.
• الثالث والعشرون: إقامته -أي الدعاء- على أحكام تجويد القرآن.
• الرابع والعشرون: ومما لا دليل عليه أيضاً ترتيل أقوال الصلاة من تكبيرٍ وتسميعٍ وتسليمٍ فضلاً عن التغنِّي المذموم بذلك.
• الخامس والعشرون: تلحين القرآن وإخراج ألفاظه كالغناء الموسيقي المحرَّم لأجل عدم التفريق بين التغنِّي المشروع بالقرآن والتغنِّي البدعي.
• السادس والعشرون: تطويل القنوت أطول من قراءة القرآن في الصلاة.
• السابع والعشرون: ملازمة قنوت الوِتر أو فِعْلُه قبل انتصاف الشهر، وقد كان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفعله أحياناً.
فالواجب على المسلمين الحذر والانتباه، وعلينا جميعاً أن نتقي الله سبحانه وتعالى بمراقبته في السر والعلن، والسير والصادق على المنهج السلفي القائم على العلم الأصيل النافع الذي هو -بعد فضل الله ورحمته- طريق الخير والنجاة في الدنيا والآخرة.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين
أملاهُ
نزار بن هاشم العباس
خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة
والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان
10/ رمضان/ 1434هـ