تنبيه ذوي النهى إلى ما يجب على المرضع والحامل إذا أفطرتا
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:فإن النزاع مشهور في ما يجب على الحامل والمرضع من إطعام أو قضاء إن أفطرتا فى نهار رمضان, فقد ذهب العلماء في ذلك مذاهب شتى:
- فمنهم من قال بهما جميعاً.
- ومنهم من قال بالإطعام وحده
- ومنهم من قال بالقضاء وحده.
- ومنهم من خيرهما بين أحدهما.
- ومنهم من فرق بينهما, فقَالَ: تقضي الحامل فحسب, و تقضي المرضع وتطعم.
- ومنهم من فرق بين سبب الفطر, وهل هو خوفهما على نفسيهما أم على وليديهما.
- ومنهم من لم يوجب عليهما أي منهما.
وليس أحد من هؤلاء العلماء أولى بالاتباع من غيره, وإنما العبرة بما وافق السنة والآثار.
بعض النقول التي توضح شيئاً من هذا الخلاف
قال ابن رشد في (بداية المجتهد 1/300) : "وسبب اختلافهم تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم وبين المريض، فمن شبههما بالمريض قال: عليهما القضاء فقط، ومن شبههما بالذي يجهده الصوم قال: عليهما الإطعام فقط، بدليل قراءة من قرأ : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ), وأما من جمع عليهما الأمرين فيشبه أن يكون رأى فيهما من كل واحد شبها، فقال: عليهما القضاء من جهة ما فيهما من شبه المريض، وعليهما الفدية من جهة ما فيهما من شبه الذين يجهدهم الصوم، ويشبه أن يكون شبههما بالمفطر الصحيح لكن يضعف هذا، فإن الصحيح لا يباح له الفطر، ومن فرق بين الحامل والمرضع ألحق الحامل بالمريض ، وأبقى حكم المرضع مجموعا من حكم المريض ، وحكم الذي يجهده الصوم، أو شبههما بالصحيح، ومن أفرد لهما أحد الحكمين أولى ممن جمع ، كما أن من أفردهما بالقضاء أولى ممن أفردهما بالإطعام فقط. اهـ.أما قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) أوجبت الإطعام ولم تتعرض للقضاء فأخذوه من دليل آخر خلافا لمن أخذ بظاهر النص وهو حديث أبي هريرة.قال الجصاص في (أحكام القران 180/1) بعد ذكر اختلاف الأئمة:
"واختلف السلف في ذلك على ثلاثة أوجه، قال علي t: عليهما القضاء إذا أفطرتا ولا فدية عليهما وهو قول
إبراهيم والحسن وعطاء ، وقال ابن عباس : عليهما الفدية بلا قضاء ، فذكر بسنده عن أنس_أي الكعبي_ قال:
أتيت رسول الله r في إبل لجار لي أخذت، فوافقته وهو يأكل فدعاني إلى طعامه ، فقلت: إني صائم ، فقال : إذا أخبرك عن ذلك (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم وعن الحامل والمرضع) الحديث.قال أبو بكر : شطر الصلاة مخصوص به المسافر ، إذ لا خلاف أن الحمل والرضاع لا يبيحان قصر الصلاة ، ووجه دلالته على ما ذكرنا إخباره عليه الصلاة والسلام بأن وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو كوضعه عن المسافر ، ألا ترى أن وضع الصوم الذي جعله من حكم المسافر هو بعينه جعله من حكم المرضع والحامل ، لأنه عطفهما عليه من غير استئناف ذكر شيئ غيره، فثبت بذلك أن حكم وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو في حكم وضعه عن المسافر ، لا فرق بينهما ، ومعلوم أن وضع الصوم عن المسافر إنما وضعه على جهة إيجاب قضائه بالإفطار من غير فدية ، فوجب أن يكون ذلك حكم الحامل والمرضع.وفيه دلالة على أنه لا فرق بين الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما ، إذ لم يفصل النبي r بينهما ، وأيضا لما كانت الحامل والمرضع يرجى لهما القضاء
، وإنما أبيح لهما الإفطار للخوف على النفس أو الولد مع إمكان القضاء، وجب أن تكون كالمريض والمسافر
بيان القول الراجح في المسألة
- وبالنظر فى الأدلة نجد أن القول الثاني هو الصحيح, وبيان ذلك كما يلي:² قال تعالى: (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).1) وقد روى أبو داود في سننه (2317) عن عكرمة أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ في الآية: «أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ».2) وروى البيهقي فى الكبرى (7866) بسند صحيح عن ابن عباس م قال: " رخص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا ويطعما كل يوم مسكيناً, ولا قضاء عليهما, ثم نسخ ذلك في هذه الآية : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه), وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم, والحبلى والمرضع, إذا خافتا: أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكيناً".3) وأخرج (8077) بلفظ: إن ابن عَبَّاس قَالَ لأم ولد له حبلى أو ترضع: أنت من الذين لا يطيقون الصيامَ, عليك الجزاء, وليس عليك القضاء".4) وأخرجه الدارقطني فِي سننه (2/206) وصححه, وروى بعده (2/207) وصححه: عَنْ ابن عَبَّاس: أنه كانت له أمة ترضع فأجهضت, فأمرها ابن عَبَّاس أن تفطر يعَنْي وتطعم ولا تقضي.5) وأخرج ابن حجر فِي "المطالب العالية" (1047) بسند حسن عَنْ ابن عَبَّاس أنه قَالَ: "الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا ولا قضاء عليهما".6) وأخرج عبدالرزاق في مصنفه (7567) بسند صحيح عَنْ ابن عَبَّاس: أنه كان يأمر وليدة له حبلى أن تفطر له فِي شهر رمضان, وقَالَ: "أنت بمنزلة الكبير لا يطيق الصيام, فأَفطري وأَطعمي عَنْ كل يوم نصف صاع من حنطة".7) وأخرج (7561) بسند صحيح عَنْ ابن عمر م قَالَ: "الحامل إذا خشيت على نفسها فِي رمضان تفطر وتطعم ولا قضاء عليها".قلت: وهذا القول عن ابن عباس وابن عمر ن لا يعُلم له مخالف من الصحابة.
"واختلف السلف في ذلك على ثلاثة أوجه، قال علي t: عليهما القضاء إذا أفطرتا ولا فدية عليهما وهو قول
إبراهيم والحسن وعطاء ، وقال ابن عباس : عليهما الفدية بلا قضاء ، فذكر بسنده عن أنس_أي الكعبي_ قال:
أتيت رسول الله r في إبل لجار لي أخذت، فوافقته وهو يأكل فدعاني إلى طعامه ، فقلت: إني صائم ، فقال : إذا أخبرك عن ذلك (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم وعن الحامل والمرضع) الحديث.قال أبو بكر : شطر الصلاة مخصوص به المسافر ، إذ لا خلاف أن الحمل والرضاع لا يبيحان قصر الصلاة ، ووجه دلالته على ما ذكرنا إخباره عليه الصلاة والسلام بأن وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو كوضعه عن المسافر ، ألا ترى أن وضع الصوم الذي جعله من حكم المسافر هو بعينه جعله من حكم المرضع والحامل ، لأنه عطفهما عليه من غير استئناف ذكر شيئ غيره، فثبت بذلك أن حكم وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو في حكم وضعه عن المسافر ، لا فرق بينهما ، ومعلوم أن وضع الصوم عن المسافر إنما وضعه على جهة إيجاب قضائه بالإفطار من غير فدية ، فوجب أن يكون ذلك حكم الحامل والمرضع.وفيه دلالة على أنه لا فرق بين الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما ، إذ لم يفصل النبي r بينهما ، وأيضا لما كانت الحامل والمرضع يرجى لهما القضاء
، وإنما أبيح لهما الإفطار للخوف على النفس أو الولد مع إمكان القضاء، وجب أن تكون كالمريض والمسافر
بيان القول الراجح في المسألة
- وبالنظر فى الأدلة نجد أن القول الثاني هو الصحيح, وبيان ذلك كما يلي:² قال تعالى: (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).1) وقد روى أبو داود في سننه (2317) عن عكرمة أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ في الآية: «أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ».2) وروى البيهقي فى الكبرى (7866) بسند صحيح عن ابن عباس م قال: " رخص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا ويطعما كل يوم مسكيناً, ولا قضاء عليهما, ثم نسخ ذلك في هذه الآية : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه), وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم, والحبلى والمرضع, إذا خافتا: أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكيناً".3) وأخرج (8077) بلفظ: إن ابن عَبَّاس قَالَ لأم ولد له حبلى أو ترضع: أنت من الذين لا يطيقون الصيامَ, عليك الجزاء, وليس عليك القضاء".4) وأخرجه الدارقطني فِي سننه (2/206) وصححه, وروى بعده (2/207) وصححه: عَنْ ابن عَبَّاس: أنه كانت له أمة ترضع فأجهضت, فأمرها ابن عَبَّاس أن تفطر يعَنْي وتطعم ولا تقضي.5) وأخرج ابن حجر فِي "المطالب العالية" (1047) بسند حسن عَنْ ابن عَبَّاس أنه قَالَ: "الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا ولا قضاء عليهما".6) وأخرج عبدالرزاق في مصنفه (7567) بسند صحيح عَنْ ابن عَبَّاس: أنه كان يأمر وليدة له حبلى أن تفطر له فِي شهر رمضان, وقَالَ: "أنت بمنزلة الكبير لا يطيق الصيام, فأَفطري وأَطعمي عَنْ كل يوم نصف صاع من حنطة".7) وأخرج (7561) بسند صحيح عَنْ ابن عمر م قَالَ: "الحامل إذا خشيت على نفسها فِي رمضان تفطر وتطعم ولا قضاء عليها".قلت: وهذا القول عن ابن عباس وابن عمر ن لا يعُلم له مخالف من الصحابة.
الخاتمة
هذا ما كان مني في هذه العجالة, فما كان من حق وصواب فمن الله, وما كان من خطأ وزلل فمني ومن الشيطان, والله ورسوله منه براء.
والحمد لله رب العالمين.
تعليق