سئل :
ابن تيمية رضي الله عنه وأرضاه عن ليلة القدر وهو معتقل بالقلعة قلعة الجبل سنة ست وسبعمائة .
فأجاب :
الحمد لله ، ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { هي في العشر الأواخر من رمضان } . وتكون في الوتر منها . لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين .فأجاب :
ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " { لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى } . فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع, وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح . وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي . كالتاريخ الماضي وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " { تحروها في العشر الأواخر } وتكون في السبع الأواخر أكثر . وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين . فقيل له : بأي شيء علمت ذلك ؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله . " { أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطشت لا شعاع لها } . فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم
من أشهر العلامات في الحديث وقد روي في علاماتها " { أنها ليلة بلجة منيرة } وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة . فيرى أنوارها أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر . والله تعالى أعلم .