قال شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-:
"أذان عثمان -رضي الله عنه-
ليس ببدعة بل هو سُنّة"
"أذان عثمان -رضي الله عنه-
ليس ببدعة بل هو سُنّة"
▪ سئل الشيخ العلامة أسد السنة المحدث الفقيه العالم الرباني عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - السؤال التالي:
يقول السائل: عندنا خلاف حول الأذان الأول من يوم الجمعة، فمنهم من يقول: بأنه ليس من السنة ؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا ، فيجب تركه ، ومنهم من يصر على الاستمرار في الأذان الأول ، فما السنة يا سماحة الشيخ ؟
الأذان الأول من السنة ؛ لأنه فعله عثمان رضي الله عنه ، وأقره عليه علي والصحابة ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ".
وعثمان من الراشدين وعلي كذلك ، وقد فعله عثمان وأقره علي والصحابة ، وفيه مصالح تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة حتى يستعدوا للتبكير إليها ، فلا حرج فيه وليس ببدعة ، بل هو سنة ؛ لأنه من سنة الخلفاء الراشدين ، وقد أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
انظر : فتاوى نور على الدرب(207/13 ).
▪ وسئل رحمه الله أيضاً السؤال التالي : س: من أحد الإخوة المستمعين يقول في هذا السؤال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وقال أيضا: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" وقد كان في زمان الخليفة عثمان رضي الله عنه أذان واحد ثم زاد الأذان الثاني بصلاة الجمعة هل هذه الزيادة تعتبر من البدع أم من السنة ؟
وما هي البدع وما هي أقسامها ؟ مأجورين .
ج: هذه الأحاديث التي ذكرها السائل أحاديث صحيحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " حديث متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها وفي لفظ يقول :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " أخرجه مسلم في صحيحه ويقول صلى الله عليه وسلم :" إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " .
والبدعة هي التي يحدثها الناس في الإسلام مثل الطاعات والقربات يقال لها : بدعة ما أحدثه الناس في التعبد يقال: بدعة مثل الاحتفال بالمولد مثل بدعة البناء على القبور واتخاذ المساجد على القبور والقباب وما أشبه ذلك مما يحدثه الناس ومعنى الرد يعني : مردوداً .
لكن ما فعله عثمان من الأذان الثاني في خلافته ليس من البدع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وهو من الخلفاء الراشدين وقد أحدث الأذان الثاني – وهو الأول- من المصلحة ، لمصلحة المسلمين حتى يتنبهوا للجمعة ، ولهذا أقره الصحابة في زمانه وعمله المسلمون من بعده ، لأنه داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ".
وهكذا ما فعل في عهده من جمع المصحف ، كان الناس يحفظون القرآن في صدورهم ، وفي زمانهم خافوا على الناس أن يضيع منهم القرآن ، فاجتمع رأي الصحابة أنه يكتب في المصاحف حتى يبقى بين أيدي المسلمين وحتى يحفظ ، وكان هذا من الأعمال الطيبة التي وفق الله الصحابة لها.
وهكذا ما فعله عمر رضي الله عنه من جمع الناس على إمام واحد في التراويح في رمضان ، وكانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعاً في المسجد ، كل يصلي لنفسه أو يصلي معه أثنان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر ، ثم جمعهم عمر على إمام واحد ؛ لأنه رأى أن هذا أولى من تفرقهم ، وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالناس في رمضان عدة ليال جماعة في رمضان ، ثم قال:" خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل " فأمرهم أن يصلوا في بيوتهم ، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي ، وأمن فرضها ، فلهذا جمعهم عمر وصارت سنة عُمَريَّة ، جمع الناس على إمام واحد في رمضان في التراويح والقيام .
▪ س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها سماحة الشيخ ؟
ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع ، هذا يقال له بدعة ، ما أحدث في الدين يقال له : بدعة ، مثل ما مثلنا ، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها ، هذه بدعة ، كلها بدعة منكرة ، مثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء ، وبدعة المعتزلة في الصفات ، وقول المعتزلة : إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين هذه البدع التي أحدثها المبتدعة .
انظر فتاوى نور على الدرب (13-199 ) .
▪ وسئل رحمه الله أيضا السؤال التالي :
لاحظت في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة ، وهذا غير صحيح إذ أنه كان إذا صعد الإمام المنبر أذن بين يديه أذان واحد ، وجميع كتب السنة تؤيد ذلك ، فارجوا أن تحولوا هذا إلى الجهات المختصة كدار الإفتاء التي يرأسها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ؛ ليحق الله الحق ويبطل الباطل ؟
ج: نعم هو كما قال السائل ، كان الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أذاناً واحداً مع الإقامة ، كان إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخطبة والصلاة أذن المؤذن ، ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين ، ثم يقام للصلاة ، هذا هو الأمر المعلوم ، وهو الذي جاءت به السنة كما قال السائل ، وأمر معروف عند أهل العلم والإيمان .
ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة ، فرأى أن يزاد الأذان الثالث ويقال : الأول لأجل تنبيه الناس على أن يوم الجمعة ؛ حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال ، وتابعه في هذا الصحابة في عهده ، وكان في عهده علي رضي الله عنه ، وعبدالرحمن بن عوف أحد العشرة ، والزبير بن العوام أحد العشرة أيضا ، وطلحة بن عبيدالله ،وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم ، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد رضي الله عنه عثمان ، وتابعه عليه الخليفة الراشد أيضا علي رضي الله عنه وأرضاه، وكذا بقية الصحابة ، فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده .
واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا ، وذلك أخذاً بهذه السنة التي فعلها عثمان رضي الله عنه ؛ لاجتهاد وقع له ونصيحة للمسلمين ، ولا حرج في ذلك ؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ " وهو من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه والمصلحة ظاهرة في ذلك ، فلهذا أخذ بها أهل السنة والجماعة ، ولم يروا بهذا بأسا لكونها من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلى ومن حضر من الصحابة في ذلك الوقت رضي الله عنهم .
انظر فتاوى نور على الدرب( 13/205 ).
▪ وسئل رحمه الله أيضاً السؤال التالي :
س: هل للجمعة أذان واحد أم أذانان ، وهل بينهما سنة قبلية للجمعة ؟
ج: الجمعة لها أذان واحد ، هذا هو الأصل ، وهذا هو المفترض عند دخول الخطيب ، وهو الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كان إذا دخل الخطيب ، أذن بلال رضي الله عنه ، ثم زاد عثمان أذاناً ثانياً مستحباً لتنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة قبل الأذان الأول – يعني قبل الأذان السابق الذي عند دخول الخطيب- يؤذن به قبل الوقت بنصف ساعة أو نحوها أو ساعة حتى يعلم الناس الجمعة ، وحتى يستعدوا للمجيء ، وقد درج السلف على هذا تأسياً بعثمان رضي الله عنه في عهد عثمان وفي عهد علي وعهد الصحابة بعد عثمان ، ثم درج عليه السلف الصالح ، فهذا مشروع من عمل الخلفاء الراشدين ، والرسول عليه السلام قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه وعلياً رضي الله عنه كلهم من الخلفاء الراشدين ، فالسنة أن يؤتى بالأذان الأول للجمعة للتنبيه كما فعل عثمان ومن بعده رضي الله عنهم ، أما الأذان الأول الذي عند دخول الخطيب فهذا هو الموجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو المفترض .
انظر فتاوى نور على الدرب ( 204/13 ) .
انتقاء الشيخ أحمد بن يحي الزّهرانيّ حفظه الله
منقول من سحاب
منقول من سحاب