بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...
هذان سؤالان أجاب عنها الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في سلسلة اللقاء الشهري .. نلقتها للفائدة :
السؤال الأول:
أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي الصحيح لملاصقة الأرجل مع من يجاور المصلي.
الجواب:
كان الصحابة رضي الله عنهم إذا قاموا في الصف يلصق أحدهم كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه وذلك لغرضين: الغرض الأول: تحقيق المساواة.
والغرض الثاني: سد الفرج.
وليس إلصاق الكعب بالكعب مقصودا لذاته، بل هو مقصود لغيره، وهو تحقيق المساواة والتراص، وبناء على ذلك: يتبين أن ما يفعله بعض الناس الآن من كونه يفرج بين رجليه ويحنف الرجل من أجل أن تتلاصق الكعاب لا أصل له، فالصحابة لم يقولوا: كان الرجل يفرج بين رجليه حتى يمس كعب صاحبه، بل قالوا: إنهم يتراصون حتى إن أحدهم ليمس كعبه كعب صاحبه.
لكن بعض الناس لا يتأنى في فهم النصوص حتى يعرف المراد، وإلا فلا يمكن أن يدعي أحد أن المعنى: أن الرجل يفرج رجليه، ويبقى أعلى البدن متباعدا، هذا غير ممكن، ولا أحد يقول بهذا.
السؤال الثاني :
فضيلة الشيخ: صار بيني وبين بعض الإخوة نقاش في موضوع يقع فيه بعض الشباب الملتزم، فأريد منك كلمة فصل ينفعني الله بها: صليت في الحرم وصلى بجواري أحد الشباب فصافني وجعل أصبع رجله على أصبع رجلي، وكلما أبعدت عنه لاحقني حتى وضعت رجلي على رجلي الأخرى من غير مبالغة، فلما سلمت قلت له: يا أخي أنا أعلم أنه ما حملك على ذلك إلا اتباع السنة، لكن أتدري أن هذا الفعل ينافي السنة، فإن الذي في صحيح البخاري من فعل الصحابة هو إلصاق الكعب بالكعب وليس الأصابع.
ثانيا: بفعلك هذا تنحرف قدماك عن القبلة، لأنها تكون على شكل سبعة.
ثالثا: أنا أتيت أصلي هذه الصلاة الواحدة في الحرم وأذهبت أهم شيء علي وهو الخشوع، والخشوع ركن، وملاصقة الأصابع ليست بسنة، بل حتى لو فرض أنك ملاصق للكعب فإنه لا يقدم على الركن وهو الخشوع.
شيخي الكريم: هل أنا على صواب أم على خطأ فإني أرى إخواني هنا في هذا المسجد ربما فعل ذلك وأنا متحرج من ذلك الموقف مع أخي، وأجد بعض الإخوة هنا يطبقون بعض السنن ولو كانت مؤذية للمجاورين، أسأل الله أن يعفو عني إن كنت أخطأت وأن ينفعني والحاضرين بعلمك متع الله بك على طاعته؟
الجواب
هذا سؤال مهم في الواقع؛ لأن الذي فعل ما فعل بأخينا السائل في المسجد الحرام لم يكن له قصد فيما نظن إلا اتباع السنة، ولكن قال الإمام أحمد رحمه الله -كلمة ينبغي أن نجعها على بالنا، قال: "أكثر ما يخطئ الناس في التأويل والقياس" التأويل، أي: تفسير النصوص، يفسرونها على غير المراد بها مع أنهم يريدون الحق لكن يخطئون، وكذلك في القياس يقيسون شيئا على غير نظيره فيخطئون، وصدق رحمه الله.
ولو أنك نظرت إلى خلاف العلماء وما أخطئوا فيه لوجدته يدور على هذين الأمرين في الغالب: التأويل وهو فهم الدليل على غير المراده.
الثاني: القياس: يقيسون قياسا فاسدا.
الصحابة لا شك أنه صح عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتسوية الصفوف والتراص حتى إن أحدهم ليلصق كعبه بكعب أخيه ومنكبه بمنكب أخيه، والغرض من ذلك تحقيق التسوية وتحقيق المراصة، وألا يدعوا فرجا للشيطان، هذا هو المقصود، وليس المقصود أن يؤذي بعضهم بعضا، بل المقصود تحقيق المساواة والمراصة، ففهم بعض الناس أن إلصاق الكعب بالكعب مقصود لذاته، وأنه من سنن الصلاة، فصار يلصق كعبه بكعب أخيه مع تفريج ما بين رجليه، يفرج ما بين رجليه تفريجا كاملا واسعا من أجل أن يلصق الكعب بالكعب، لكن يبقى المنكب مع المنكب مفترقين بالضرورة وهذا من الخطأ في التأويل، والمقصود عند بدء الصلاة أن يأمر الإمام بالتساوي وبالتراص، فيلتصق الناس بعضهم ببعض لا على وجه يذهب الخشوع أو يؤذي، لكن على وجه تتحقق به المراصة، بحيث لا تدخل الشياطين بيننا، وكذلك تظهر المساواة بحيث لا يتقدم أحد على أحد.
أما متابعة الجار الملاصق -كما ذكر السائل- فهذا ليس من السنة، هذا يهرب منه وهذا يهرب منه، ثم إنه يقول: إنه يضع أصبعا على أصبع حتى إن السائل إن لم يكن مبالغا -عفا الله عنه- يقول: إنه كاد أن يضع رجله على رجله الثانية من شدة هروبه من هذا الرجل، لكن قد يكون هذا فيه مبالغة والله يتوب علينا وعليه.
إنما السنة أنه عند ابتداء الصلاة يتقارب الناس، ويلصق بعضهم بعضا كعبه بالآخر، وكذلك منكبه ثم يعطي الإنسان الراحة لأخيه؛ لأن المساواة تحققت والتراص تحقق.
وسبحان الله! على الضد مما قال الأخ بعض الناس تجد بينه وبين أخيه فرجة، يدخل من بينها الشيطان، وإذا أردت أن تفعل السنة بالقرب من أخيه استاء من ذلك، وعاند ليته يستاء ويتابع لكن يعاند يبقى بينه وبين أخيه أربعة أصابع أو شبر، وهذا خطأ وهو خلاف السنة أيضا.
وبهذه المناسبة أسأل: لو أن رجلين صلى أحدهما بالآخر وليس معهما أحد هل يقفان متساويين أو يتقدم الإمام؟ الجواب: يقفان متساويين ولا يتقدم أحدهما على الآخر؛ لأن تقدم أحدهما على الآخر مخالف للسنة، السنة في المتصافين أن يتساويا هذه هي السنة، ولهذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما قام مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي معه قام عن يساره فأخذ برأسه وجعله عن يمينه ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم عليه.
ولهذا أنبه على هذه المسألة، لأنه يوجد في كتب بعض الفقهاء أن الإمام يتقدم قليلا، ولكن هذا ليس له أصل من السنة.
وفي سؤال السائل يقول: إنه ذهب عنه الخشوع بملاحقة أخيه له وهو ركن.
والصحيح أن الخشوع ليس بركن، ولكنه سنة مؤكدة جدا، أما أنه ركن أو واجب فهذا فيه مشقة، ولا يستطيع الناس أن يقوموا به؛ لأن كون الإنسان لا يفكر في صلاته أبدا من ابتدائها إلى انتهائها هذا قد يكون صعبا لا يدركه كل أحد.
والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشيطان إذا سمع الإقامة ولى وله ضراط، وإذا انتهت الإقامة رجع وصار يوسوس للإنسان فيقول له: اذكر كذا وكذا يوم كذا وكذا فيصبح الرجل لا يدري كم صلى، فهذا دليل على أن الوساوس لا تبطل الصلاة لكنها تنقص الصلاة، قد ينصرف الإنسان من صلاته ولم يكتب له إلا نصفها أو ربعها أو عشرها، حسب ما ذهب من الخشوع في صلاته.
هذا أيضا تنبيه مهم، وهو أن بعض الأئمة لا يحرص على تسوية الصفوف، غاية ما عنده أن يأتي (بكليشة) معروفة وهي: استووا استووا أو استووا اعتدلوا!! دون أن ينظر في الصف هل فيه تقدم أو تأخر أو تراص أو تفرق، وهذا إخلال بوظيفة الإمام.
روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( كان يسوي الصفوف، يمسح مناكبهم وصدورهم من أول الصف إلى آخره).
وقال النعمان بن بشير : (كان النبي صلى الله عليه على آله وسلم يسوي صفوفنا كأنما يسوي بها القداح) ولما كثر الناس في زمن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان صار عمر و عثمان يوكلان رجالا يجوبون الصفوف، فإذا أتوا وقالوا: استوت الصفوف كبروا للصلاة، وهذا مهم من وظائف الإمام الواجبة أن يحرص على ذلك، وألا يكبر حتى يعلم أن الصفوف قد استوت وتمت الأول فالأول.
وسبحان الله العظيم! هذا الذي قال الأخ على العكس من جهل بعض الناس، يقولون: إنه صلى إمام ومأموم فقط، فلما أقام الصلاة قال: استووا اعتدلوا، لا يوجد إلا واحد ومع ذلك يقول: استووا اعتدلوا!! فأقول: بعض الناس بين إفراط وتفريط إما هذا وإما هذا هذه مسألة أنبه عليها وإليها إخواننا الأئمة.
الإمام يقول: استووا اعتدلوا وينظر إلى الصفوف، لكن إن رأى خللا فليعظهم بموعظة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى في بعض أصحابه رجلا باديا صدره، فوعظهم قال: ( عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وما يذكره بعض الأئمة أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج فهذا ليس بحديث ولا يجوز أن يتلى على الناس؛ لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا أصل له وهو من صفات الله: (إن الله لا ينظر) فلا يجوز إثباته إلا بدليل، يكفي أن نقول ما قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأينا أحدا متقدما أو متأخرا نقول: ( عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي: بين قلوبكم.
وأما (إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) فهذا وإن قاله بعض الأئمة لكنه لا أصل له، ولا يجوز أن يذكر، فيعتقده الناس حديثا عن رسول الله وليس عن رسول الله.
هذان سؤالان أجاب عنها الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في سلسلة اللقاء الشهري .. نلقتها للفائدة :
السؤال الأول:
أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي الصحيح لملاصقة الأرجل مع من يجاور المصلي.
الجواب:
كان الصحابة رضي الله عنهم إذا قاموا في الصف يلصق أحدهم كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه وذلك لغرضين: الغرض الأول: تحقيق المساواة.
والغرض الثاني: سد الفرج.
وليس إلصاق الكعب بالكعب مقصودا لذاته، بل هو مقصود لغيره، وهو تحقيق المساواة والتراص، وبناء على ذلك: يتبين أن ما يفعله بعض الناس الآن من كونه يفرج بين رجليه ويحنف الرجل من أجل أن تتلاصق الكعاب لا أصل له، فالصحابة لم يقولوا: كان الرجل يفرج بين رجليه حتى يمس كعب صاحبه، بل قالوا: إنهم يتراصون حتى إن أحدهم ليمس كعبه كعب صاحبه.
لكن بعض الناس لا يتأنى في فهم النصوص حتى يعرف المراد، وإلا فلا يمكن أن يدعي أحد أن المعنى: أن الرجل يفرج رجليه، ويبقى أعلى البدن متباعدا، هذا غير ممكن، ولا أحد يقول بهذا.
السؤال الثاني :
فضيلة الشيخ: صار بيني وبين بعض الإخوة نقاش في موضوع يقع فيه بعض الشباب الملتزم، فأريد منك كلمة فصل ينفعني الله بها: صليت في الحرم وصلى بجواري أحد الشباب فصافني وجعل أصبع رجله على أصبع رجلي، وكلما أبعدت عنه لاحقني حتى وضعت رجلي على رجلي الأخرى من غير مبالغة، فلما سلمت قلت له: يا أخي أنا أعلم أنه ما حملك على ذلك إلا اتباع السنة، لكن أتدري أن هذا الفعل ينافي السنة، فإن الذي في صحيح البخاري من فعل الصحابة هو إلصاق الكعب بالكعب وليس الأصابع.
ثانيا: بفعلك هذا تنحرف قدماك عن القبلة، لأنها تكون على شكل سبعة.
ثالثا: أنا أتيت أصلي هذه الصلاة الواحدة في الحرم وأذهبت أهم شيء علي وهو الخشوع، والخشوع ركن، وملاصقة الأصابع ليست بسنة، بل حتى لو فرض أنك ملاصق للكعب فإنه لا يقدم على الركن وهو الخشوع.
شيخي الكريم: هل أنا على صواب أم على خطأ فإني أرى إخواني هنا في هذا المسجد ربما فعل ذلك وأنا متحرج من ذلك الموقف مع أخي، وأجد بعض الإخوة هنا يطبقون بعض السنن ولو كانت مؤذية للمجاورين، أسأل الله أن يعفو عني إن كنت أخطأت وأن ينفعني والحاضرين بعلمك متع الله بك على طاعته؟
الجواب
هذا سؤال مهم في الواقع؛ لأن الذي فعل ما فعل بأخينا السائل في المسجد الحرام لم يكن له قصد فيما نظن إلا اتباع السنة، ولكن قال الإمام أحمد رحمه الله -كلمة ينبغي أن نجعها على بالنا، قال: "أكثر ما يخطئ الناس في التأويل والقياس" التأويل، أي: تفسير النصوص، يفسرونها على غير المراد بها مع أنهم يريدون الحق لكن يخطئون، وكذلك في القياس يقيسون شيئا على غير نظيره فيخطئون، وصدق رحمه الله.
ولو أنك نظرت إلى خلاف العلماء وما أخطئوا فيه لوجدته يدور على هذين الأمرين في الغالب: التأويل وهو فهم الدليل على غير المراده.
الثاني: القياس: يقيسون قياسا فاسدا.
الصحابة لا شك أنه صح عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتسوية الصفوف والتراص حتى إن أحدهم ليلصق كعبه بكعب أخيه ومنكبه بمنكب أخيه، والغرض من ذلك تحقيق التسوية وتحقيق المراصة، وألا يدعوا فرجا للشيطان، هذا هو المقصود، وليس المقصود أن يؤذي بعضهم بعضا، بل المقصود تحقيق المساواة والمراصة، ففهم بعض الناس أن إلصاق الكعب بالكعب مقصود لذاته، وأنه من سنن الصلاة، فصار يلصق كعبه بكعب أخيه مع تفريج ما بين رجليه، يفرج ما بين رجليه تفريجا كاملا واسعا من أجل أن يلصق الكعب بالكعب، لكن يبقى المنكب مع المنكب مفترقين بالضرورة وهذا من الخطأ في التأويل، والمقصود عند بدء الصلاة أن يأمر الإمام بالتساوي وبالتراص، فيلتصق الناس بعضهم ببعض لا على وجه يذهب الخشوع أو يؤذي، لكن على وجه تتحقق به المراصة، بحيث لا تدخل الشياطين بيننا، وكذلك تظهر المساواة بحيث لا يتقدم أحد على أحد.
أما متابعة الجار الملاصق -كما ذكر السائل- فهذا ليس من السنة، هذا يهرب منه وهذا يهرب منه، ثم إنه يقول: إنه يضع أصبعا على أصبع حتى إن السائل إن لم يكن مبالغا -عفا الله عنه- يقول: إنه كاد أن يضع رجله على رجله الثانية من شدة هروبه من هذا الرجل، لكن قد يكون هذا فيه مبالغة والله يتوب علينا وعليه.
إنما السنة أنه عند ابتداء الصلاة يتقارب الناس، ويلصق بعضهم بعضا كعبه بالآخر، وكذلك منكبه ثم يعطي الإنسان الراحة لأخيه؛ لأن المساواة تحققت والتراص تحقق.
وسبحان الله! على الضد مما قال الأخ بعض الناس تجد بينه وبين أخيه فرجة، يدخل من بينها الشيطان، وإذا أردت أن تفعل السنة بالقرب من أخيه استاء من ذلك، وعاند ليته يستاء ويتابع لكن يعاند يبقى بينه وبين أخيه أربعة أصابع أو شبر، وهذا خطأ وهو خلاف السنة أيضا.
وبهذه المناسبة أسأل: لو أن رجلين صلى أحدهما بالآخر وليس معهما أحد هل يقفان متساويين أو يتقدم الإمام؟ الجواب: يقفان متساويين ولا يتقدم أحدهما على الآخر؛ لأن تقدم أحدهما على الآخر مخالف للسنة، السنة في المتصافين أن يتساويا هذه هي السنة، ولهذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما قام مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي معه قام عن يساره فأخذ برأسه وجعله عن يمينه ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم عليه.
ولهذا أنبه على هذه المسألة، لأنه يوجد في كتب بعض الفقهاء أن الإمام يتقدم قليلا، ولكن هذا ليس له أصل من السنة.
وفي سؤال السائل يقول: إنه ذهب عنه الخشوع بملاحقة أخيه له وهو ركن.
والصحيح أن الخشوع ليس بركن، ولكنه سنة مؤكدة جدا، أما أنه ركن أو واجب فهذا فيه مشقة، ولا يستطيع الناس أن يقوموا به؛ لأن كون الإنسان لا يفكر في صلاته أبدا من ابتدائها إلى انتهائها هذا قد يكون صعبا لا يدركه كل أحد.
والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشيطان إذا سمع الإقامة ولى وله ضراط، وإذا انتهت الإقامة رجع وصار يوسوس للإنسان فيقول له: اذكر كذا وكذا يوم كذا وكذا فيصبح الرجل لا يدري كم صلى، فهذا دليل على أن الوساوس لا تبطل الصلاة لكنها تنقص الصلاة، قد ينصرف الإنسان من صلاته ولم يكتب له إلا نصفها أو ربعها أو عشرها، حسب ما ذهب من الخشوع في صلاته.
هذا أيضا تنبيه مهم، وهو أن بعض الأئمة لا يحرص على تسوية الصفوف، غاية ما عنده أن يأتي (بكليشة) معروفة وهي: استووا استووا أو استووا اعتدلوا!! دون أن ينظر في الصف هل فيه تقدم أو تأخر أو تراص أو تفرق، وهذا إخلال بوظيفة الإمام.
روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( كان يسوي الصفوف، يمسح مناكبهم وصدورهم من أول الصف إلى آخره).
وقال النعمان بن بشير : (كان النبي صلى الله عليه على آله وسلم يسوي صفوفنا كأنما يسوي بها القداح) ولما كثر الناس في زمن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان صار عمر و عثمان يوكلان رجالا يجوبون الصفوف، فإذا أتوا وقالوا: استوت الصفوف كبروا للصلاة، وهذا مهم من وظائف الإمام الواجبة أن يحرص على ذلك، وألا يكبر حتى يعلم أن الصفوف قد استوت وتمت الأول فالأول.
وسبحان الله العظيم! هذا الذي قال الأخ على العكس من جهل بعض الناس، يقولون: إنه صلى إمام ومأموم فقط، فلما أقام الصلاة قال: استووا اعتدلوا، لا يوجد إلا واحد ومع ذلك يقول: استووا اعتدلوا!! فأقول: بعض الناس بين إفراط وتفريط إما هذا وإما هذا هذه مسألة أنبه عليها وإليها إخواننا الأئمة.
الإمام يقول: استووا اعتدلوا وينظر إلى الصفوف، لكن إن رأى خللا فليعظهم بموعظة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى في بعض أصحابه رجلا باديا صدره، فوعظهم قال: ( عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وما يذكره بعض الأئمة أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج فهذا ليس بحديث ولا يجوز أن يتلى على الناس؛ لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا أصل له وهو من صفات الله: (إن الله لا ينظر) فلا يجوز إثباته إلا بدليل، يكفي أن نقول ما قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأينا أحدا متقدما أو متأخرا نقول: ( عباد الله: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي: بين قلوبكم.
وأما (إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) فهذا وإن قاله بعض الأئمة لكنه لا أصل له، ولا يجوز أن يذكر، فيعتقده الناس حديثا عن رسول الله وليس عن رسول الله.
تعليق