خطبة جمعة 5 ذي الحجة 1428 هـ
بســـــم الله الرحمن الرحيـــــم
هذه خطبة ألقاها الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري ـ حفظه الله ـ في يوم الجمعة 5/ذي الحجة/1428 هـ الموافق 2007/12/14م
والتي قمتُ بفضل الله تعالى على تفريغها .
يجِبُ عليك الالتفات للنقاط التالِية :
تجده في التفريغات السابقة لا داعي لإعادتها في كل تفريغ . . من هنا مثلا.
هذا وأرجوا من الله سبحانه وتعالى أنْ يَكتُب لي الأجرَ قَدرَ ما يستفِيدُ وينتفع به المسلمون مِن هذا العمل ، ومَن سَاهمَ أيضًافي نشرِه .
التفريـــــــغ :
إنّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِه الله فلا مُضل له ومن يُضلِل فلا
هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي َتسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
أمّا بعد :
فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله وخيرُ الهديِ هديُ محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشرَّ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بِدعة ضلالة
وكل ضلالة في النار .
ثم أمَّا بعد :
فقد أخرجَ البُخاريُّ في صحيحه عن أبي هُريرةَ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ﴿ يَقولُ الله تعالى : مَن عَادَ
لي وليًا فَقد آذنتهُ بالحرب ، ومَا تقرَّبَ إليَّ عَبدِي بِشيءٍ أَحَبَّ ممَّا افترَضتُهُ عليه ، ولا يَزالُ عبدِي يتقرَّب إليَّ بالنوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ ، فإذا
أحْبَبَتُه كنتُ سمعَهُ الذي يسمعُ بِهِ وبصرَه الذي يبصُر بهِ ويَدَه التي يمشي بها ورِجله التي يمشي بها ، لئن سَأَلني لأعطُينَّه
ولئن استَعَاذَ بي لأعِيذنَّه ﴾ .
أيّها المسلمون : أظنّكُم أدرَكتُم أنَّ هذا الحديث يتضمَّنُ ثلاثة أمور :
الأمرُ الأول : الحضُّ على ما افترضَ الله ، لأنَّ ما افترضهُ الله على العَبد سواءً كانَ لله أو لعبادِ الله فإنه قد أوجبهُ عليه ، وهذا هو
أعظمُ ما يؤدِّيهِ العَبدُ لربِّه سُبحانه تعالى ، وبقدرِ ما يُخلِصُ في ذلك ويُتَابِعُ سنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينالُ مِن الله الأجرَ
والثواب على هذه الأعمال التي يتقربُّ بها إلى الله سبحانه وتعالى .
الأمرُ الثاني : الحضُّ على الاستِكثارِ مِن النوافِل معَ المحافظة على الفَرائِض وأنَّ ذلك سببٌ مِن أسباب محبَّةِ الله للعبد والمعنى أن المسلم
إذا أدَّى ما افترضهُ الله عليه وأوجَبهُ عليه واستكثرَ مع ذلِكُم مِن نوافل العِبادات نالَ محبَّة الله سبحانه وتعالى .
عِباد الله : ومن وُفِّقَ إلى محبةِ الله له فلا يُسأل عن حُكم حالِه ومآلِه في دُنياهُ وأخراهُ إن شاءُ الله تعالى ففي الحديث الصحيح ﴿ إذا
أحَبَّ الله عبدًا نادَى جبريل : إني أحِبُّ فلانًا فأَحِبَّه ، فَيُحِبَّهُ جِبريل ، فيُنادي جبريل في أهلِ السماء : إنَّ الله يُحِبُّ فلانًا فَأحِبُّوه ،
فَيُحِبَّهُ أهل السماء ، ثم يوضَعُ لَهُ القَبُول في الأرض ﴾ فيَا له مِن مَطلبٍ عظيم ويا لها مِن أمنيّةٍ عظِيمة ، ما من مُسلم ولا مُسلمة
يسمعُ مِثل هذا إلا ويسعَى في كلّ ما ينالُ بِهِ محبةَ الله سبحانه وتعالى مِن فضائِلِ الأعمال وجزِيل الخِصال التي شرعها الله في كتابه أو
جاءت في سنة محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
الأمر الثالث : ثمَرَةُ محبةِ الله لِذلكُم العبد الذي حافظ على ما افترضَهُ الله عليه واستكثرَ مع ذلِكُم مِن كلّ ما هو مَندوبٌ وتطوّع فإنَّ
الله سبحانه وتعالى يتفضَّل عليه بفضائِل عظيمة إحداها أنَّ الله معه يسدِّده و يكلأه ويحفظهُ في سمعِه وبصره ويديه ورجليه فلا يتلذَّذُ
بمعصية ولا يتفكّهُ بإثم ولا يُصِّرُ عليه ، ومِصداق هذا أيّها المسلمون في قول الحق جلَّ ثناءه ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ
الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ وهذا من عظِيم عنايةِ الله بالصالحين من عباده الذين كانوا مع الله فيأتمِرُون بأوامِره وينتهون
حيث ينهاهُم وثمَّة ثمرة أخرى وهي في قوله ﴿ لئن سَأَلني لأعطُينَّه ولئن استَعَاذَ بي لأعِيذنَّه ﴾ وهذا مِن تمام نعمةِ الله عليه أنه يجيبه إذا
دَعاه ويُعيذهُ إذا استعاذَ به ، وهذا إشارة إلى أنَّ الله سبحانه وتعالى يحفَظ ذلِكُم العَبد ويرعاه ويكلَأه ويعتني به ، وفي مستند أحمد
وسنن الترمذي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ﴿ احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجدهُ
تجاهَك ﴾ وفي رواية ﴿ تَعَرَّف إلى الله في الرَخاء يَعرِفْكَ في الشدَّة ﴾ وفي هذا أيّها المسلمون تُدرِكون وسيلة من وسائِل الاستعداد
ليوم المعَاد وتِلكُمُ الوسيلة هي أن يحافظ المسلم ما افترضهُ الله عليه فيؤدِّيهِ لله طاعةً وقربى كما أمر الله سبحانه وتعالى وأن يستكثِرَ إلى
جانب ذلك من النوافِل و التطوّعات والقُرَب التي أمر الله بها ورسوله من غير عزيمة .
فاللهمَّ وفِّقنا لما تحبه وترضاه وأعنَّا على ذِكرك وشُكرك وحُسنِ عِبادتك .
الحمدُ لله الذي أرسلَ رسولَهُ بالهدى ودينِ الحق ليُظهِرَهُ على الدِّينِ كُله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا ـ
أمَّا بعد :
فيا أيّها المسلمون : لقد أدرَكَتْكُم أيَّامٍ مُباركات فاضِلات جلِيلات عظِيمات القَدر عِندَ الله سبحانه وتعالى فاغتَنِمُوها بالاستِباقِ في
الخيرات والمسارعَة في الصالحات تنالوا عِند الله رفِيعَ الدرجات وتكفِير السيّئات ومضاعفة الحسنات إن شاء الله تعالى ، صحَّ عن النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿ مَا مِن أيامٍ العَمَلُ الصَالحُ فِيهنَّ أَحَبُّ إلى الله مِنه في هذه العشر ﴾ أي : عشر ذي الحجة ، قالوا : ولا
الجهادَ في سبيلِ الله يا رسول الله ؟ قال : ﴿ ولا الجِهادَ في سبيلِ الله إلا رَجل خرجَ بنفسِهِ ومالِه فلَمْ يَرجِع مِن ذلك بشيء ﴾ .
عبادَ الله : استكثروا في هذه الأيام المباركة الفاضِلة من صيام التطوّع ونوافل العبادات واستكثروا فيها من ذكر الله واستكثروا فيها
من التهليل والتكبير ( ... ) والتسبيح والتحميد والبرّ والصِّلة وعِيادة المريض والتنفيس عنِ المكروب وإغاثة الملهوب فكلُّ ذلِكم أيّها
المسلمون هو مِن الأعمال الصالحة التي يحبها الله سبحانه وتعالى ، ولا مانع أن يوقِعَ المسلم قضاءَ ما أفطره من رمضان في هذه الأيام
ناويًا التقرَّبَ إلى الله بِقضاءِ ما عليه مِن فريضة فتنالوا إن شاء الله أجريْن أحدهما على قضاء ما أفطرَ مِن رمضان وثانيهما فضيلة
الصيام في هذه الأيام الفاضلة المباركة عظيمة القدر عند الله سبحانه وتعالى ، قال أهل العلم : إن الله أقسمَ بها يعني في قوله :
﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ فالليالي العشر هي عشر ذي الحجة قالهُ بعضُ أهل العلم .
اللهم غيثا مغيثا نافعا غير ضار ، اللهم غيثا مغيثا نافعا غير ضار ، اللهم نفِّس عنَّا الكُربة واكشف عنَّا الغمَّ والهمَّ ، اللهم نفِّس عنَّا
الكُربة واكشف عنَّا الغمَّ والهمَّ ، اللهم ارفع عن بلادنا هذه ما أصابها من شِدة القحط والجذب والسنين و ( ... ) ، اللهم عجِّل لنا
الفرج ، اللهم ارحمنا بعفوك وفضلك ولا تهلكنا بغضبك ولا تعذبنا لعذابك ، ربنا لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا ، ربنا لا تؤاخِذنا إن
نسينا أو أخطأنا ، اللهم حبِّب إلينا وإلى أهلينا وذريتنا وأولادنا وبناتنا وأزواجنا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر
والفسوق والعصيان .
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، سبحان ربك رب العزة عما
يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
قـــام بتفريغـــها
حيـــدر
تعليق