بسم الله الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على ءاله و صحبه و من تبع هداه و بعد:
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر ، والأنثى ، والحر ، والمملوك ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، قال : فعدل الناس إلى نصف صاع من برّ. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
و قال بعض العلماء يجوز إخراج زكاة الفطر من قوت البلد.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله زكاة الفطر فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عند الفطر من رمضان، قال عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفطر من رمضان على العبد والحر والذَكر والأُنثى والصغير والكبير من المسلمين. متفق عليه.
وهي صاع من طعام مما يقتاته الآدميون، قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر. رواه البخاري. فلا تجزئ من الدراهم والفرش واللباس وأقوات البهائم والأمتعة وغيرها؛ لأن ذلك خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه. أي مردود عليه. ومقدار الصاع كيلوان وأربعون غراماً من البُر الجيِّد، هذا هو مقدار الصاع النبوي الذي قدر به النبي صلى الله عليه وسلّم الفطرة.
ويجب إخراج الفطرة قبل صلاة العيد والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، وتجزئ قبله بيوم أو يومين فقط، ولا تجزئ بعد صلاة العيد؛ لحديث عبد الله بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
فعن بن عمر رضي الله عنهما قال فرَض النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صدقةَ الفِطرِ، أو قال : رمضانَ، على الذكرِ والأنثى، والحرِّ والمملوكِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، فعدَلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ . فكان ابنُ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما : يُعطي التمرَ، فأعوَزَ أهلُ المدينةِ من التمرِ، فأعطى شعيرًا . فكان ابنُ عُمَرَ : يُعطي عن الصغيرِ والكبيرِ، حتى إن كان يُعطي عن بَنِيَّ . وكان ابنُ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما : يُعطيها الذين يَقبَلونَها، وكانوا يُعطونَ قبلَ الفِطرِ بيومٍ أو يومينِ . رواه البخاري(1511).
فهذا الأثر عن ابن عمر في إخراج الزكاة قبل يوم أو يومين.
و عن ابن عمر : أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. حسنه الشافعي في الأم.
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكَلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحفظِ زكاةِ رمضانَ، فأتاني آتٍ، فجعَل يحثو من الطعامِ، فأخذْتُه وقلتُ : واللهِ لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهوسلَّم، قال : إني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال : فخلَّيتُ عنه، فأصبَحْتُ فقال النبيُّ صلَّىاللهُ عليه وسلَّم : ( يا أبا هُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ، شَكا حاجةً شديدةً، وعِيالًا فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه قد كذَبَك، وسيعودُ ) . فعرَفْتُ أنه سيعودُ، لقَولِ رسولِ اللهِ صلَّىاللهُ عليه وسلَّم : ( إنه سيعودُ ) . فرصَدْتُه، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِصلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : دَعني فإني مُحتاجٌ وعليَّعِيالٌ، لا أعودُ، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبَحْتُ فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أباهُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ شَكا حاجةً شديدةً وعِيالًا، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه كذَبَك، وسيعودُ ) . فرصَدْتُه الثالثةَ، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ، وهذا آخِرُ ثلاثِ مراتٍ تزعُمُ لا تعودُ، ثم تعودُ، قال : دعني أعلِّمُك كلماتٍ ينفَعُك اللهُ بها، قلتُ ما هو ؟ قال : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِك، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . حتى تختِمَ الآيةَ، فإنك لن يزالَ عليك من اللهَ حافِظٌ، ولا يقربَنَّك شيطانٌ حتى تُصبِحَ، فخلَّيْتُ سبيلَه فأصبَحْتُ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ، زعَم أنه يُعَلِّمُني كلماتٍ ينفَعُني اللهُ بها فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( ما هي ) . قلتُ : قال لي : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ من أولِها حتى تختِمَ : { اللهُلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . وقال لي : لن يَزالَ عليك من اللهِ حافِظٌ، ولا يقرَبُك شيطانٌ حتى تُصبِحَ - وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخيرِ - فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أما إنه قد صدَقَك وهو كَذوبٌ، تعلَمُ من تُخاطِبُ منذُ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هُرَيرَةَ ) . قال : لا، قال : ( ذاكَ شيطانٌ ) .رواه البخاري(2311).
....فيه أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر فدل على أنهم كانوا يعجلونها.(فتح الباري 3/474).
ولكن لو لم يعلم بالعيد إلا بعد الصلاة أو كان وقت إخراجها في برّ أو بلد ليس فيه مستحق أجزأ إخراجها بعد الصلاة عند تمكنه من إخراجها. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
و قال الشيخ العثيمين رحمه الله في ختام شهر رمضان شرع الله لعباده أن يكبروه ، فقال تعالى وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿البقرة: 185﴾ "تكبروا الله" أي : تعظموه بقلوبكم وألسنتكم ، ويكون ذلك بلفظ التكبير .فتقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
أو تكبر ثلاثاً ، فتقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله . والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد. كل هذا جائز .
عن ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ: أنهُ كان يُكبِّرُ أيامَ التشريقِ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ. إرواء الغليل للألباني.
وهذا التكبير سنة عند جمهور أهل العلم ، و هو سنة للرجال و النساء ، في المساجد والبيوت والأسواق .
أما الرجال فيجهرون به ، وأما النساء فيسررن به بدون جهر ؛ لأن المرأة مأمورة بخفض صوتها . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ، ولتصفق النساء. صححه الألباني في صحيح أبي داود عن سهل بن سعد الساعدي.
فالنساء يخفين التكبير والرجال يهجرون به .
وابتداؤه من غروب الشمس ليلة العيد إذا علم دخول الشهر قبل الغروب كما لو أكمل الناس الشهر ثلاثين يوماً ، أو من ثبوت رؤية هلال شوال ، وينتهي بالصلاة يعني إذا شرع الناس في صلاة العيد انتهى وقت التكبير .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين. ( 269-272).
و قال رحمه الله في حكمها ذهب العلماء إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول:- أنها فرض، ومعلوم أن الفرض يحتاج إلى دليل، والدليل على هذا ما يلي:
عن أم عطية نسيبة الأنصارية قالت أمرنا - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - أن نخرج ، في العيدين ، العواتق وذوات الخدور . وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين . رواه مسلم
والأمر يقتضي الوجوب، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء، فالرجال من باب أولى، لأن الأصل في النساء أنهنّ لسن من أهل الاجتماع، ولهذا لا تشرع لهن صلاة الجماعة في المساجد، فإذا أمرهن أن يخرجن إلى مصلى العيد ليصلين العيد ويشهدن الخير ودعوة المسلمين دلّ هذا على أنها على الرجال أوجب، وهو كذلك،
و هي فرض كفاية فرض الكفاية مطلوباً من المجموع لا من الجميع، أي: مجموع الناس يلزمهم أن يقوموا بفرض الكفاية، لا من الجميع، فيلزم كل واحد بعينه إذاً فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فلو أقام صلاة العيد أربعون رجلاً، فإن بقية أهل البلد لا تلزمهم صلاة العيد، هذا معنى كونها فرض كفاية.
القول الثاني:- أنها سنّة.
واستدل هؤلاء بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما علم الأعرابي فعن طلحة بن عبيد الله التميمي قال جاء رجلٌ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خمس صلوات في اليومَ والليلة فقال هل علي غيرها ؟ قال لا، إلا أن تطوع. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصيام رمضان قال : هل علي غيره ؟ قال لا، إلا أن تطوع قال : وذكر له رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الزكاة، قال : هل علي غيرها ؟ قال لا، إلا أن تطوع فأدبر الرجلُ وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفلح إن صدق. رواه البخاري.
القول الثالث:- أنها فرض عين على كل أحد، وأنه يجب على جميع المسلمين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
واستدل هؤلاء بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. رواه مسلم. وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، وهذا عندي أقرب الأقوال وهو الراجح.
و قال رحمه الله أيضا:
وقتها:-
صلاة العيد وقتها كوقت صلاة الضحى، ومعلوم أن صلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها، وهو بمقدار ربع ساعة تقريباً، و ءاخره الزوال.
مكانها:-
يسن إقامتها في الصحراء خارج البلد، وينبغي أن تكون قريبة؛ لئلا يشق على الناس.
والدليل: فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين، فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء،والتعليل: أن ذلك أشد إظهاراً لهذه الشعيرة.
أكله قبلها و عكسه في الأضحى:-
عن جابر بن سمرة قال كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. صححه الأباني في صحيح الجامع.
تكره في الجامع بلا عذر:-
وإذا قال قائل: ما الدليل على الكراهة وأنتم تقولون: إن ترك السنّة لا يلزم منه الكراهة إلا بدليل؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إنما كره هذا؛ لأنه يفوت به مقصودٌ كبيرٌ، وهو إظهار هذه الشعيرة وإبرازها، وهذا شيء مقصود للشارع، وكما أسلفنا فيما سبق أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إليها مع المشقة، وهذا يدل على العناية بهذا الخروج.
وَمِنْ شَرْطِهَا: اسْتِيطَانٌ:-
أي: من شرط صلاة العيد.
-الاستيطان- ، أي: أن تقام في جماعة مستوطنين، فخرج بذلك المسافرون والمقيمون؛ لأن الناس على المشهور من المذهب ثلاثة أقسام:
1 ـ مسافر.
2 ـ مقيم.
3 ـ مستوطن.
أما المسافر فواضح.
وأما المقيم فهو: المسافر إذا نوى إقامة تقطع حكم السفر، وهي على المذهب أكثر من أربعة أيام، فهذا يسمونه مقيماً لا مسافراً ولا مستوطناً.
وأما المستوطن: فهو من كان في وطنه سواء كان وطناً أصلياً أو استوطنه فيما بعد.
فيشترط لصحة صلاة العيد أن تكون من قوم مستوطنين، وعلى هذا فإذا جاء العيد ونحن في سفر فإنه لا يشرع لنا أن نصلي صلاة العيد.
كيفية صلاة العيدين:-
أن يحضر الإمام ويؤم الناس بركعتين، يكبر في الأولى تكبيرة الإحرام ثم يكبر بعدها ست تكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة (سبح) في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية يقوم مكبراً، فإذا انتهى في القيام يكبر خمس تكبيرات، ويقرأ سورة الفاتحة، ثم سورة (هل أتاك حديث الغاشية).. فهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في العيدين.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ، وفي الجمعة بـ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) وربما اجتمعا في يوم واحد فيقرأ بهما. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
إذا اجتمع العيد و الجمعة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه و ءاله و سلم قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون. صحيح أبي داود للألباني.
الإنصات لخطبة العيد ليس واجبا:
عن عبد الله بن السائب قال قال صلى الله عليه و ءاله و سلم إنا نخطب ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، و من أحب أن يذهب فليذهب. صحيح الجامع للألباني.
و عن ابنِ عمرَ رضِي اللهُ عنهما أنه كان يغتسلُ لكلِّ عيدٍ. صححه الفيروزآبادي في سفر السعادة.
أما بالنسبة لمعقبات الصلاة و هي التسبيح ثلاث و ثلاثين و التحميد ثلاث و ثلاثين و التكبير ثلاث و ثلاثين فقد سألت عنها الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني قديما فقال لم ترد و لو وردت لنقلت إلينا.
و صلى الله على نبينا محمد و على ءاله و صحبه و سلم.
- قمت ببعض التعديلات كالبحث في تصحيح الشيخ الألباني للحديث و إضافته للمقال.
كتبه أبو العرباض عطية الشيخي 20-رمضان-1433 هـ.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر ، والأنثى ، والحر ، والمملوك ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، قال : فعدل الناس إلى نصف صاع من برّ. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
و قال بعض العلماء يجوز إخراج زكاة الفطر من قوت البلد.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله زكاة الفطر فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عند الفطر من رمضان، قال عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفطر من رمضان على العبد والحر والذَكر والأُنثى والصغير والكبير من المسلمين. متفق عليه.
وهي صاع من طعام مما يقتاته الآدميون، قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر. رواه البخاري. فلا تجزئ من الدراهم والفرش واللباس وأقوات البهائم والأمتعة وغيرها؛ لأن ذلك خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه. أي مردود عليه. ومقدار الصاع كيلوان وأربعون غراماً من البُر الجيِّد، هذا هو مقدار الصاع النبوي الذي قدر به النبي صلى الله عليه وسلّم الفطرة.
ويجب إخراج الفطرة قبل صلاة العيد والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، وتجزئ قبله بيوم أو يومين فقط، ولا تجزئ بعد صلاة العيد؛ لحديث عبد الله بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
فعن بن عمر رضي الله عنهما قال فرَض النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صدقةَ الفِطرِ، أو قال : رمضانَ، على الذكرِ والأنثى، والحرِّ والمملوكِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، فعدَلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ . فكان ابنُ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما : يُعطي التمرَ، فأعوَزَ أهلُ المدينةِ من التمرِ، فأعطى شعيرًا . فكان ابنُ عُمَرَ : يُعطي عن الصغيرِ والكبيرِ، حتى إن كان يُعطي عن بَنِيَّ . وكان ابنُ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما : يُعطيها الذين يَقبَلونَها، وكانوا يُعطونَ قبلَ الفِطرِ بيومٍ أو يومينِ . رواه البخاري(1511).
فهذا الأثر عن ابن عمر في إخراج الزكاة قبل يوم أو يومين.
و عن ابن عمر : أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. حسنه الشافعي في الأم.
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكَلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحفظِ زكاةِ رمضانَ، فأتاني آتٍ، فجعَل يحثو من الطعامِ، فأخذْتُه وقلتُ : واللهِ لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهوسلَّم، قال : إني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال : فخلَّيتُ عنه، فأصبَحْتُ فقال النبيُّ صلَّىاللهُ عليه وسلَّم : ( يا أبا هُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ، شَكا حاجةً شديدةً، وعِيالًا فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه قد كذَبَك، وسيعودُ ) . فعرَفْتُ أنه سيعودُ، لقَولِ رسولِ اللهِ صلَّىاللهُ عليه وسلَّم : ( إنه سيعودُ ) . فرصَدْتُه، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِصلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : دَعني فإني مُحتاجٌ وعليَّعِيالٌ، لا أعودُ، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبَحْتُ فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أباهُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ شَكا حاجةً شديدةً وعِيالًا، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه كذَبَك، وسيعودُ ) . فرصَدْتُه الثالثةَ، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ، وهذا آخِرُ ثلاثِ مراتٍ تزعُمُ لا تعودُ، ثم تعودُ، قال : دعني أعلِّمُك كلماتٍ ينفَعُك اللهُ بها، قلتُ ما هو ؟ قال : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِك، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . حتى تختِمَ الآيةَ، فإنك لن يزالَ عليك من اللهَ حافِظٌ، ولا يقربَنَّك شيطانٌ حتى تُصبِحَ، فخلَّيْتُ سبيلَه فأصبَحْتُ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ، زعَم أنه يُعَلِّمُني كلماتٍ ينفَعُني اللهُ بها فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( ما هي ) . قلتُ : قال لي : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ من أولِها حتى تختِمَ : { اللهُلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . وقال لي : لن يَزالَ عليك من اللهِ حافِظٌ، ولا يقرَبُك شيطانٌ حتى تُصبِحَ - وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخيرِ - فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أما إنه قد صدَقَك وهو كَذوبٌ، تعلَمُ من تُخاطِبُ منذُ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هُرَيرَةَ ) . قال : لا، قال : ( ذاكَ شيطانٌ ) .رواه البخاري(2311).
....فيه أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر فدل على أنهم كانوا يعجلونها.(فتح الباري 3/474).
ولكن لو لم يعلم بالعيد إلا بعد الصلاة أو كان وقت إخراجها في برّ أو بلد ليس فيه مستحق أجزأ إخراجها بعد الصلاة عند تمكنه من إخراجها. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
و قال الشيخ العثيمين رحمه الله في ختام شهر رمضان شرع الله لعباده أن يكبروه ، فقال تعالى وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿البقرة: 185﴾ "تكبروا الله" أي : تعظموه بقلوبكم وألسنتكم ، ويكون ذلك بلفظ التكبير .فتقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
أو تكبر ثلاثاً ، فتقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله . والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد. كل هذا جائز .
عن ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ: أنهُ كان يُكبِّرُ أيامَ التشريقِ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ. إرواء الغليل للألباني.
وهذا التكبير سنة عند جمهور أهل العلم ، و هو سنة للرجال و النساء ، في المساجد والبيوت والأسواق .
أما الرجال فيجهرون به ، وأما النساء فيسررن به بدون جهر ؛ لأن المرأة مأمورة بخفض صوتها . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ، ولتصفق النساء. صححه الألباني في صحيح أبي داود عن سهل بن سعد الساعدي.
فالنساء يخفين التكبير والرجال يهجرون به .
وابتداؤه من غروب الشمس ليلة العيد إذا علم دخول الشهر قبل الغروب كما لو أكمل الناس الشهر ثلاثين يوماً ، أو من ثبوت رؤية هلال شوال ، وينتهي بالصلاة يعني إذا شرع الناس في صلاة العيد انتهى وقت التكبير .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين. ( 269-272).
و قال رحمه الله في حكمها ذهب العلماء إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول:- أنها فرض، ومعلوم أن الفرض يحتاج إلى دليل، والدليل على هذا ما يلي:
عن أم عطية نسيبة الأنصارية قالت أمرنا - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - أن نخرج ، في العيدين ، العواتق وذوات الخدور . وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين . رواه مسلم
والأمر يقتضي الوجوب، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء، فالرجال من باب أولى، لأن الأصل في النساء أنهنّ لسن من أهل الاجتماع، ولهذا لا تشرع لهن صلاة الجماعة في المساجد، فإذا أمرهن أن يخرجن إلى مصلى العيد ليصلين العيد ويشهدن الخير ودعوة المسلمين دلّ هذا على أنها على الرجال أوجب، وهو كذلك،
و هي فرض كفاية فرض الكفاية مطلوباً من المجموع لا من الجميع، أي: مجموع الناس يلزمهم أن يقوموا بفرض الكفاية، لا من الجميع، فيلزم كل واحد بعينه إذاً فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فلو أقام صلاة العيد أربعون رجلاً، فإن بقية أهل البلد لا تلزمهم صلاة العيد، هذا معنى كونها فرض كفاية.
القول الثاني:- أنها سنّة.
واستدل هؤلاء بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما علم الأعرابي فعن طلحة بن عبيد الله التميمي قال جاء رجلٌ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خمس صلوات في اليومَ والليلة فقال هل علي غيرها ؟ قال لا، إلا أن تطوع. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصيام رمضان قال : هل علي غيره ؟ قال لا، إلا أن تطوع قال : وذكر له رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الزكاة، قال : هل علي غيرها ؟ قال لا، إلا أن تطوع فأدبر الرجلُ وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفلح إن صدق. رواه البخاري.
القول الثالث:- أنها فرض عين على كل أحد، وأنه يجب على جميع المسلمين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
واستدل هؤلاء بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. رواه مسلم. وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، وهذا عندي أقرب الأقوال وهو الراجح.
و قال رحمه الله أيضا:
وقتها:-
صلاة العيد وقتها كوقت صلاة الضحى، ومعلوم أن صلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها، وهو بمقدار ربع ساعة تقريباً، و ءاخره الزوال.
مكانها:-
يسن إقامتها في الصحراء خارج البلد، وينبغي أن تكون قريبة؛ لئلا يشق على الناس.
والدليل: فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين، فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء،والتعليل: أن ذلك أشد إظهاراً لهذه الشعيرة.
أكله قبلها و عكسه في الأضحى:-
عن جابر بن سمرة قال كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. صححه الأباني في صحيح الجامع.
تكره في الجامع بلا عذر:-
وإذا قال قائل: ما الدليل على الكراهة وأنتم تقولون: إن ترك السنّة لا يلزم منه الكراهة إلا بدليل؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إنما كره هذا؛ لأنه يفوت به مقصودٌ كبيرٌ، وهو إظهار هذه الشعيرة وإبرازها، وهذا شيء مقصود للشارع، وكما أسلفنا فيما سبق أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إليها مع المشقة، وهذا يدل على العناية بهذا الخروج.
وَمِنْ شَرْطِهَا: اسْتِيطَانٌ:-
أي: من شرط صلاة العيد.
-الاستيطان- ، أي: أن تقام في جماعة مستوطنين، فخرج بذلك المسافرون والمقيمون؛ لأن الناس على المشهور من المذهب ثلاثة أقسام:
1 ـ مسافر.
2 ـ مقيم.
3 ـ مستوطن.
أما المسافر فواضح.
وأما المقيم فهو: المسافر إذا نوى إقامة تقطع حكم السفر، وهي على المذهب أكثر من أربعة أيام، فهذا يسمونه مقيماً لا مسافراً ولا مستوطناً.
وأما المستوطن: فهو من كان في وطنه سواء كان وطناً أصلياً أو استوطنه فيما بعد.
فيشترط لصحة صلاة العيد أن تكون من قوم مستوطنين، وعلى هذا فإذا جاء العيد ونحن في سفر فإنه لا يشرع لنا أن نصلي صلاة العيد.
كيفية صلاة العيدين:-
أن يحضر الإمام ويؤم الناس بركعتين، يكبر في الأولى تكبيرة الإحرام ثم يكبر بعدها ست تكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة (سبح) في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية يقوم مكبراً، فإذا انتهى في القيام يكبر خمس تكبيرات، ويقرأ سورة الفاتحة، ثم سورة (هل أتاك حديث الغاشية).. فهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في العيدين.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ، وفي الجمعة بـ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) وربما اجتمعا في يوم واحد فيقرأ بهما. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
إذا اجتمع العيد و الجمعة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه و ءاله و سلم قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون. صحيح أبي داود للألباني.
الإنصات لخطبة العيد ليس واجبا:
عن عبد الله بن السائب قال قال صلى الله عليه و ءاله و سلم إنا نخطب ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، و من أحب أن يذهب فليذهب. صحيح الجامع للألباني.
و عن ابنِ عمرَ رضِي اللهُ عنهما أنه كان يغتسلُ لكلِّ عيدٍ. صححه الفيروزآبادي في سفر السعادة.
أما بالنسبة لمعقبات الصلاة و هي التسبيح ثلاث و ثلاثين و التحميد ثلاث و ثلاثين و التكبير ثلاث و ثلاثين فقد سألت عنها الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني قديما فقال لم ترد و لو وردت لنقلت إلينا.
و صلى الله على نبينا محمد و على ءاله و صحبه و سلم.
- قمت ببعض التعديلات كالبحث في تصحيح الشيخ الألباني للحديث و إضافته للمقال.
كتبه أبو العرباض عطية الشيخي 20-رمضان-1433 هـ.
تعليق