بسم الله الرّحمن الرّحيم
إبطالُ بدعةِ التّكبير دبرَ الصّلواتِ في العشرِ من ذي الحجّة
الحمد لله ربّ العالمين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله الأمين ، و على آله و أصحابه و أزواجه أجمعين ، و تابعيهم بإحسانٍ من أهل الحديث السّلفيّين الأثريّين ؛ إلى يوم الدّين ، و لا عدوان إلاّ على الظّالمين الجاهلين المبتدعين .
أمّا بعد :
فلقد سألني - كثيرًا - بعض إخواننا من قرية ( الحرش ) - حرسها الله من الجهل و الهوى و أهلهما - عن بدعةٍ اخترعها و اصطنعها بعض المتعالمين في بلدهم ؛ حاصلُها التّكبيُر أدبارَ الصّلوات المفروضات في المسجد في أيّام العشر من ذي الحجّة ؛ مستدلّين - زعموا - بفعل أبي هريرة و ابن عمرٍ - رضي الله عنهم - .
فأقول - مستعينًا بالله العظيم - :
لقد كنتُ شرعتُ عامَنا الماضي في تبييض جزءٍ في إبطال هذه البدعة ؛ وسمته بـ " التّفريقة المحقّقة بين تكبيرات الأضحى المقيّدة و المطلقة " ؛ و خلاصته :
1 - أنّ عبد الله بن عمرٍو - رضي الله عنهما - حدّث عن رسولنا الكريم - صلّى الله عليه و على آله و صحبه و أزواجه و سلّم - أنّه قال: (( إنّ الله - تعالى - لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ؛ حتّى إذا لم يُبقِ عالمًا اتّخذ النّاس رؤوسًا جُهّالاً ؛ فسُئلوا ؛ فأفتوا بغير علمٍ ؛ فضلّوا ، و أضلّوا )) [ أخرجه : أحمد ، و الشّيخان ، و التّرمذيّ ، و ابن ماجه ] .
و هذه البدعة المخترعة المصطنعة لا أعلمها في بلدٍ من بلاد المسلمـين غير هذا ، و لا
فكّر بها أحدٌ من المبتدعة السّابقين قبل هؤلاء .
و إنّما نشأت فيهم هذه البدع بعد أن أظهروا الغلوّ ، و الكذب ، و سوء الأدب ، و التّعالم ؛ فتركهم دعاة السّنّة ، و المشتغلون بالعلم ؛ بعد إياسهم منهم .
2 - و العلماء يفرّقون بين التّكبير المطلق الّذي يكون في الأسواق ، و الطّرقات ، و البيوت ، و غيرها ، و بين المقيّد الّذي يكون في أدبار الفرائض .
فالمطلق يبدأ من أوّل ذي الحجّة ؛ و حتّى آخر أيّام التّشريق .
و المقيّد يبدأ من يوم عرفة ، أو العيد - على خلافٍ بين العلماء - ؛ و حتّى آخر أيّام التّشريق .
فيكون في أيّام العيد نوعان من التّكبير ؛ هما : المطلق ، و المقيّد .
و لا يكون قبله - في سائر أيّام العشر - إلاّ التّكبير المطلق .
و هذا ما عليه أصحاب الحديث ، و أتباع المذاهب ؛ بل نُقل فيه الإجماع ؛ كما أبيّنه في الجزء المومى إليه ؛ نقله شيخ الإسلام ، و غيره من العلماء المحقّقين .
نعم ( ! ) .
بعضُ أهل الحديث المتأخّرين لا يرون التّكبير المقيّد - أصلاً - ؛ لا في أيّام العيد ، و لا في أيّام العشر ، و لا غيرها ؛ و هذا قول شيخنا الإمـام الحافـظ الألبانيّ - رحمه الله - .
و قوله غلط ، و هو مصادمٌ للإجماع في هذا .
بل التّكبير المقيّد واردٌ عن السّلف ؛ عليٍّ ، و ابن مسعودٍ ، و ابن عمر ، و ابن عبّاسٍ ، و غيرهم - رضي الله عنهم - ؛ كما أبيّنه في الجزء المذكور - إن شاء الله - .
و المراد بيانه أنّ أحدًا لم يقل بكون تكبير عشر ذي الحجّة مقيّدًا .
و أصحابُ الحديث يقولون -كما قال إمامهم أحمد - : (( إيّاك أن تتكلّم في مسألةٍ ليس لك فيها إمام )) .
و كان يقول - رحمه الله - : (( كيف أقول ما لم يُقل )) .
فما أجرأ الحدّاديّة على ربّهم ( ! ) .
3 – و أمّا أثر أبي هريرة و ابن عمرٍ - رضي الله عنهم - ؛ فهو في صحيح الإمام البخاريّ ؛ معلّقًا ، مجزومًا به ، و لم يوجد موصولاً ؛ كما قال الحافظ في " الفتح " ؛ خلافًا لما تراه في " الإرواء : 3 / 124 " ؛ إذ الموصول في التّخريج المشار إليه في " الإرواء " هو أثر ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - الّذي علّقه البخاريّ في " صحيحه " قبل أثرنا هذا .
فكأنّ شيخنا - رحمه الله - سبق نظره ؛ فنقل تخريجه لأثرنا - غلطًا - .
و لفظ أثرنا - في كتاب ( العيدين ) ؛ باب ( فضل العمل في أيّام التّشريق ) ؛ من " صحيح الإمام البخاريّ : 2 / 366 - مع " الفتح " " - هكذا : (( كان ابن عمر و أبو هريرة يخرجان إلى السّوق في أيّام العشر ؛ يكبّران ، و يكبّر النّاس بتكبيرهما )) .
فها أنت ترى أنّ التّكبير المذكور هو المطلق الّذي يكون في الأسواق و الطّرقات و نحوها ؛ فمن أين أخذ القوم تقييده ؛ إن لم يكن التّعالم و التّعالي و الافتئات على حملة العلم ؟!!.
4 - و نحن - و الله - لو لم نكن نعلم من القوم التّعالم و التّعالي ، و الغلوّ ، و سوء الأدب مع الكذب ؛ لما قسونا عليهم في العبارة ؛ و لرددنا قولهم كما يُردّ غلط المجتهدين .
و لكنّ القوم ليسوا أهلاً لذلك .
فاستحقّوا من الإغلاظ ما يناسب حالهم .
و اللهَ أسأل أن يرجعوا عن بدعهم ؛ كبيرها و صغيرها ، و أن يُعلي راية التّوحيد و العلم و السّنّة .
و الله أعلم .
و الحمد لله ربّ العالمين .
و كتب :
ـــــــــــــ
أفقر عبد الله إليه
أبو عبد الرّحمن الأثريّ
معـــاذ بن يوســـفَ الشّمّريّ
- أعانه مولاه -
في : إربد - حرسها الله - ،
في : 5 - ذي الحجّة - 1426 هـ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
لقراءة الحواشي ، و معرفة الكلمات المُسوّدة ؛ يُرجى تحميل الملفّ من هذا الرّابط :
إبطالُ بدعةِ التّكبير دبرَ الصّلواتِ في العشرِ من ذي الحجّة
الحمد لله ربّ العالمين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله الأمين ، و على آله و أصحابه و أزواجه أجمعين ، و تابعيهم بإحسانٍ من أهل الحديث السّلفيّين الأثريّين ؛ إلى يوم الدّين ، و لا عدوان إلاّ على الظّالمين الجاهلين المبتدعين .
أمّا بعد :
فلقد سألني - كثيرًا - بعض إخواننا من قرية ( الحرش ) - حرسها الله من الجهل و الهوى و أهلهما - عن بدعةٍ اخترعها و اصطنعها بعض المتعالمين في بلدهم ؛ حاصلُها التّكبيُر أدبارَ الصّلوات المفروضات في المسجد في أيّام العشر من ذي الحجّة ؛ مستدلّين - زعموا - بفعل أبي هريرة و ابن عمرٍ - رضي الله عنهم - .
فأقول - مستعينًا بالله العظيم - :
لقد كنتُ شرعتُ عامَنا الماضي في تبييض جزءٍ في إبطال هذه البدعة ؛ وسمته بـ " التّفريقة المحقّقة بين تكبيرات الأضحى المقيّدة و المطلقة " ؛ و خلاصته :
1 - أنّ عبد الله بن عمرٍو - رضي الله عنهما - حدّث عن رسولنا الكريم - صلّى الله عليه و على آله و صحبه و أزواجه و سلّم - أنّه قال: (( إنّ الله - تعالى - لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ؛ حتّى إذا لم يُبقِ عالمًا اتّخذ النّاس رؤوسًا جُهّالاً ؛ فسُئلوا ؛ فأفتوا بغير علمٍ ؛ فضلّوا ، و أضلّوا )) [ أخرجه : أحمد ، و الشّيخان ، و التّرمذيّ ، و ابن ماجه ] .
و هذه البدعة المخترعة المصطنعة لا أعلمها في بلدٍ من بلاد المسلمـين غير هذا ، و لا
فكّر بها أحدٌ من المبتدعة السّابقين قبل هؤلاء .
و إنّما نشأت فيهم هذه البدع بعد أن أظهروا الغلوّ ، و الكذب ، و سوء الأدب ، و التّعالم ؛ فتركهم دعاة السّنّة ، و المشتغلون بالعلم ؛ بعد إياسهم منهم .
2 - و العلماء يفرّقون بين التّكبير المطلق الّذي يكون في الأسواق ، و الطّرقات ، و البيوت ، و غيرها ، و بين المقيّد الّذي يكون في أدبار الفرائض .
فالمطلق يبدأ من أوّل ذي الحجّة ؛ و حتّى آخر أيّام التّشريق .
و المقيّد يبدأ من يوم عرفة ، أو العيد - على خلافٍ بين العلماء - ؛ و حتّى آخر أيّام التّشريق .
فيكون في أيّام العيد نوعان من التّكبير ؛ هما : المطلق ، و المقيّد .
و لا يكون قبله - في سائر أيّام العشر - إلاّ التّكبير المطلق .
و هذا ما عليه أصحاب الحديث ، و أتباع المذاهب ؛ بل نُقل فيه الإجماع ؛ كما أبيّنه في الجزء المومى إليه ؛ نقله شيخ الإسلام ، و غيره من العلماء المحقّقين .
نعم ( ! ) .
بعضُ أهل الحديث المتأخّرين لا يرون التّكبير المقيّد - أصلاً - ؛ لا في أيّام العيد ، و لا في أيّام العشر ، و لا غيرها ؛ و هذا قول شيخنا الإمـام الحافـظ الألبانيّ - رحمه الله - .
و قوله غلط ، و هو مصادمٌ للإجماع في هذا .
بل التّكبير المقيّد واردٌ عن السّلف ؛ عليٍّ ، و ابن مسعودٍ ، و ابن عمر ، و ابن عبّاسٍ ، و غيرهم - رضي الله عنهم - ؛ كما أبيّنه في الجزء المذكور - إن شاء الله - .
و المراد بيانه أنّ أحدًا لم يقل بكون تكبير عشر ذي الحجّة مقيّدًا .
و أصحابُ الحديث يقولون -كما قال إمامهم أحمد - : (( إيّاك أن تتكلّم في مسألةٍ ليس لك فيها إمام )) .
و كان يقول - رحمه الله - : (( كيف أقول ما لم يُقل )) .
فما أجرأ الحدّاديّة على ربّهم ( ! ) .
3 – و أمّا أثر أبي هريرة و ابن عمرٍ - رضي الله عنهم - ؛ فهو في صحيح الإمام البخاريّ ؛ معلّقًا ، مجزومًا به ، و لم يوجد موصولاً ؛ كما قال الحافظ في " الفتح " ؛ خلافًا لما تراه في " الإرواء : 3 / 124 " ؛ إذ الموصول في التّخريج المشار إليه في " الإرواء " هو أثر ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - الّذي علّقه البخاريّ في " صحيحه " قبل أثرنا هذا .
فكأنّ شيخنا - رحمه الله - سبق نظره ؛ فنقل تخريجه لأثرنا - غلطًا - .
و لفظ أثرنا - في كتاب ( العيدين ) ؛ باب ( فضل العمل في أيّام التّشريق ) ؛ من " صحيح الإمام البخاريّ : 2 / 366 - مع " الفتح " " - هكذا : (( كان ابن عمر و أبو هريرة يخرجان إلى السّوق في أيّام العشر ؛ يكبّران ، و يكبّر النّاس بتكبيرهما )) .
فها أنت ترى أنّ التّكبير المذكور هو المطلق الّذي يكون في الأسواق و الطّرقات و نحوها ؛ فمن أين أخذ القوم تقييده ؛ إن لم يكن التّعالم و التّعالي و الافتئات على حملة العلم ؟!!.
4 - و نحن - و الله - لو لم نكن نعلم من القوم التّعالم و التّعالي ، و الغلوّ ، و سوء الأدب مع الكذب ؛ لما قسونا عليهم في العبارة ؛ و لرددنا قولهم كما يُردّ غلط المجتهدين .
و لكنّ القوم ليسوا أهلاً لذلك .
فاستحقّوا من الإغلاظ ما يناسب حالهم .
و اللهَ أسأل أن يرجعوا عن بدعهم ؛ كبيرها و صغيرها ، و أن يُعلي راية التّوحيد و العلم و السّنّة .
و الله أعلم .
و الحمد لله ربّ العالمين .
و كتب :
ـــــــــــــ
أفقر عبد الله إليه
أبو عبد الرّحمن الأثريّ
معـــاذ بن يوســـفَ الشّمّريّ
- أعانه مولاه -
في : إربد - حرسها الله - ،
في : 5 - ذي الحجّة - 1426 هـ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
لقراءة الحواشي ، و معرفة الكلمات المُسوّدة ؛ يُرجى تحميل الملفّ من هذا الرّابط :
تعليق