على من يجب صوم رمضان
اعلموا وفقني الله وإياكم أن صيام رمضان من أعظم فرائض الإسلام، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)، إلى قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً"، متفق عليه فالآية الكريمة تدل على أن الصيام فرض، والحديث يدل على أنه أحد أركان الإسلام، وقد أجمع المسلمون على وجوب صيام رمضان إجماعًا قطعيًا، فمن جحد وجوبه فهو مرتد عن دين الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ويجب صوم رمضان على كل مسلم، ومن أسلم في أثناء الشهر صام ما بقي منه فقط، ولا يلزمه قضاء ما مضى من الأيام، وإنما يجب الصوم على البالغ، أما الصغير المميز فلا يجب عليه الصيام ويصح منه تطوعًا، وينبغي لوليه أمره به إذا كان يطيقه ليعتاده وينشأ عليه، ولا يجب الصوم على مجنون حتى يفيق، لقول صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق".
فالصوم إذًا يجب على المسلم البالغ العاقل فإن كان صحيحًا مقيمًا، وجب عليه الصوم أداء وإن كان مريضًا يعجز عن الصيام وجب عليه الصيام قضاء، وكذا الحائض والنفساء فيجب عليهما الصيام قضاء. وإن كان صحيحًا مسافرًا، خير بين الصيام أداء أو يفطر ويصوم قضاء. ومن صار في أثناء النهار أهلاً لوجوب الصيام، كما لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي أو طهرت الحائض أو النفساء، أو شفي المريض، أو قدم المسافر أو أفاق المجنون. أو قامت البينة على دخول الشهر في أثناء النهار، فإن كلا من هؤلاء يلزمه الإمساك بقية اليوم، ويقضونه، لأنه يوم من رمضان لم يأتوا فيه بصوم صحيح فلزمهم قضاؤه، وإنما أمروا بالإمساك في بقيته احترامًا للوقت.
أنه يجب على المسلم أن يهتم بدينه وما يصححه، ولا سيما أركان الإسلام التي بني عليها، ومنها الصيام. هذه العبادة العظيمة تتكرر في حياة المسلم كل عام. لأن هذه الأركان الخمسة للإسلام، منها ما يلازم العبد في كل لحظة من حياته لا يتخلى عنه أبدًا، وهو الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. ومنها ما يتكرر في حياة المسلم كل يوم وليلة خمس مرات وهو الصلوات الخمس، ومنها ما يتكرر على المسلم كل سنة وهو الزكاة والصيام، ومنها ما يلزم المسلم مرة واحدة في عمره وهو الحج وإذاً فالمسلم مرتبط بهذه الأركان ارتباطًا وثيقًا، وتكررها عليه يوميًا وسنويًا حسب أهميتها وبحيث يستطيع أداءها ولا تشق عليه، ثم هذه الأركان العظيمة منها ما هو بدني محض. كالشهادتين والصلاة والصيام. ومنها ما هو مالي محض، وهو الزكاة، ومنها ما هو بدني ومالي كالحج، ولا بد في جميعها من توفر النية الخالصة لله. لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وأن تؤدى على الوجه المشروع المطابق لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد فواجب على المسلم أن يهتم بأركان الإسلام فيأتي بكل ركن منها في وقته المحدد خالصًا لله صوابًا على سنة رسول الله.
وختامًا أسأل الله جل وعلا أن يجعل صيامنا وسائر أعمالنا خالصة مقبولة، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتاب اتحاف أهل الإيمان لفضيلة الشيخ صالح الفوزان