أفضلية صلاة التراويح للمرأة في بيتها
أما بعد :
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما أنعم به عليكم من مواسم الخيرات، وما حباكم به من الفضائل، والكرامات، وعظموا تلك المواسم، واقدروها قدرها بفعل الطاعات والقربات، واجتناب المعاصي والموبقات، فإن تلك المواسم ما جعلت إلا لتكفير سيئاتكم، وزيادة حسناتكم، ورفعة درجاتكم، فاحمدوا الله على هذه النعمة، وقوموا بما يلزم لها من الشكر.
عباد الله: لقد استقبلتم شهراً كريما، وموسماً رابحاً عظيماً لمن وفقه الله فيه للعمل الصالح، استقبلتم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهراً تضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات، أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وأخره عتق من النار، جعل الله صيام نهاره فريضة من أركان إسلامكم، وقيام ليله تطوعاً لتكميل فرائضكم، من صامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن أتى فيه بعمرة كان كمن أتى حجه، فيه تفتح أبواب فيه تفتح أبواب الجنة، وتكثر الطاعات من أهل الإيمان، وتغلق أبواب النار، فتقل المعاصي من أهل الإيمان، وتغل الشياطين، فلا يخلصون إلى أهل الإيمان بمثل ما يخلصون إليهم في غيره.
أيها الناس: صوموا لرؤية هلال رمضان، ولا تقدموا عليه بصوم يوم أو يومين، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك إلا من كان عليه قضاء من رمضان الماضي، فليقضه ولو قبل رمضان بيوم أو يومين أو من كانت له عادة بصوم، فليصمه مثل من له عادة بصوم يوم الاثنين أو الخميس، فيصادف قبل الشهر بيوم أو يومين فله أن يصوم ذلك، أو كان له عادة بصيام الأيام البيض ففاتته، فليس عليه بأس بصيامها قبل رمضان بيوم أو يومين، ولا تصوموا يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في ليلته ما يمنع رؤية الهلال من غيم، أو قتر، أو غيرهما، ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين"، ومن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"، وقال عمار بن ياسر -رضي الله عنه- من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبى القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وإذا سمعتم الخبر من الإذاعة، فإن الخبر من الإذاعة موثوق به، لأنه لا يمكن أن يعلن من هذا الطريق إلا بأمر متيقن، فإذا سمعتم الخبر في إذاعتكم، فصوموا أو أفطروا صوموا إن كان ذلك لدخول رمضان، وأفطروا إن كان ذلك لدخول شوال، وصوم رمضان أحد أركان الإسلام فرضه الله على عباده، فمن أنكر فرضيته، فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين، قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وقال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام"، فالصوم واجب على كل مسلم: بالغ عاقل قادر مقيم ذكراً كان أم أنثى إلا الحائض والنفساء، فلا يجب الصوم على كافر، فلو أسلم في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما مضى منه، ولو أسلم في أثناء يوم من رمضان، أمسك بقية اليوم، ولم يلزمه قضاءه، ولا يجب الصوم على صغير لم يبلغ، لكن إن كان لا يشق عليه أمر به، ليعتاده، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- وهم القدوة لآخر هذه الأمة كانوا يصومون أولادهم حتى إن الصبي ليبكي من الجوع، فيعطونه لعبةً يتلهى بها إلى الغروب؛ ويحصل بلوغ الصغير إن كان ذكراً بواحد من أمور ثلاثة: أن يتم له خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو ينزل منياً باحتلام، أو غيره لشهوة، وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو الحيض، فمتى حصل للصغير واحد من هذه الأمور، فقد بلغ ولزمته فرائض الله وغيرها من أحكام التكليف، إذا كان عاقلاً؛ وهنا أمرٌ ينبغي أن تتفطنوا له، لتفطنوا له بناتكم، فإن بعض البنات يحضن وهن صغار، فيستحين أن يبلغن أهلهن، وتجد البنت، أما أن تترك الصوم، وإما أن تصوم أيام الحيض، وإذا تركت الصوم، فإن عليها قضائه، وإذا صامت أيام الحيض، فإن عليها أن تعيد هذا الصوم؛ المهم أن تنبهوا أهلكم لهذه المسألة التي تخفى على كثير من النساء تجد البنت تحيض لعشر سنوات مثلا، وتبقى لا تصوم حتى يتم لها خمس عشرة سنة، وهذا خطأ، لأن البنت إذا حاضت ولو عشرة سنوات، فهي بالغة تلزمها أحكام الإسلام، ولا يجب الصوم على من لا عقل له كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وعلى هذا فالكبير المُهذري لا يلزمه الصوم، ولا الإطعام عنه ولا تلزمه الطهارة، ولا الصلاة ولا غيرها من فرائض الإسلام غير الزكاة، لأنه فاقد للتميز فهو بمنزلة الطفل قبل أن يميز، ولا يجب الصوم على من يعجز عنه عجزاً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، ولكن يطعم بدلاً عن الصيام عن كل يوم مسكين بعدد أيام الشهر، لكل مسكين خمس صاع من البر أو من الرز أي أن الصاع يكفي لخمسة فقراء عن خمسة أيام، والأحسن أن يجعل مع الطعام شيئاً يأدمه من لحم أو دهن، وأما المريض بمرض يرجى برؤه، فإن كان الصوم لا يشق عليه ولا يضره وجب عليه أن يصوم، لأنه لا عذر له وإن كان الصوم يشق عليه ولا يضره، فإنه يفطر ويكره له أن يصوم وإن كان الصوم يضره، فإنه يحرم عليه أن يصوم ويجب عليه أن يفطر، وإذا برء من مرضه قضى ما أفطر فإن مات قبل برؤه، فلا شيء عليه، والمرأة الحامل التي يشق عليها الصوم لضعفها أو ثقل حملها يجوز لها أن تفطر، ثم تقضى إن تيسر لها القضاء قبل وضع الحمل أو بعده، إذا طهرت من النفاس، والمرضع التي يشق عليها الصوم من أجل الرضاع أو ينقص لبنها من أجل الصوم نقصاً يخل بتغذية الولد تفطر، ثم تقضي في أيام لا مشقة فيها ولا نقص في لبنها، وأما المسافر فإن قصد بسفره التحيل على الفطر، فالفطر حرامٌ عليه وسفره حرام عليه ويجب عليه أن يصوم ولو في سفره، لأن هذا السفر سفر محرم والتحيل على إسقاط الواجبات لا يسقطها كما أن التحيل على المحرمات لا يحلها، وإن لم يقصد بسفره التحيل على الفطر، فإنه مخير بين أن يصوم وبين أن يفطر ويقضي عدد الأيام التي أفطر، والأفضل له فعل الأسهل عليه، فإن تساوى عنده الصوم والفطر فالصوم أفضل، لأنه فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأنه أسرع في إبراء ذمته، ولأنه أخف من القضاء غالباً فإن كان الصوم يشق عليه بسبب السفر كره له أن يصوم، وإن عظمت المشقة بحيث لا تحتمل حرم أن يصوم، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا -صلى الله عليه وسلم- بقدح من ماء بعد العصر، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب والناس ينظرون، فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام، فقال: "أولئك العصاة أولئك العصاة"، ولا فرق في المسافر بين أن يكون سفره عارضاً لحاجة أو مستمراً في غالب الأحيان: مثل أصحاب سيارات الأجرة التكاسي، أو غيرها من السيارات الكبيرة، فإنهم متى خرجوا من بلادهم، فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان، وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء عند الحاجة، والفطر لهم أفضل من الصيام، إذا كان الفطر أسهل لهم ويقضونه في أيام الشتاء، وذلك لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها، وأهلٌ فيها يأوون إليهم، فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، وإذا خرجوا منها فهم مسافرون لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين، ومن سافر في أثناء اليوم في رمضان وهو صائم فالأفضل أن يتم صومه، فإن كان عليه مشقة فليفطر، ثم يقضيه بعد ذلك، ولا يتقيد السفر بزمن فمن خرج من بلده مسافراً، فهو على سفر حتى يرجع إلى بلده ولو أقام مدةً طويلةً في البلد التي سافر إليها إلا أن يقصد بتطويل مدة الإقامة التحيل على الفطر، فإنه يحرم عليه الفطر، ويلزمه الصوم، لأن فرائض الله تعالى لا تسقط بالتحيل عليها، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً ، وكان قد قدم في رمضان فأفطر، ولم يصم، ولم يصم بقية الشهر كما صح ذلك عنه في صحيح البخاري، من حديث بن عباس -رضي الله عنهما-، ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء، ولا يصح منهما إلا أن تطهرا قبل الفجر، ولو بلحظة، فيجب عليهما الصيام، ويصح منهما وإن لم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، ويلزمهما قضاء ما أفطرتاه من الأيام.
أيها المسلمون: هذه نبذ من أحكام الصوم، وقد رغب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قيام شهر رمضان، وقال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، وإن صلاة التراويح من قيام رمضان، فأقيموها وأحسنوها وقوموا مع الإمام حتى يفرغ من صلاته، فإن من قام مع الإمام حتى يفرغ من صلاته كتب له قيام ليلة تامة، وإن كان نائماً على فراشه، وإن على وإن على الأئمة أن يتقوا الله عز وجل في هذه التراويح، فيراعوا من خلفهم ويحسنوا الصلاة لهم، فيقيمونها بتأني وطمأنينة، ولا يسرعوا فيها، فيحرموا أنفسهم ومن ورائهم الخير، ولا ينقروها نقر الغراب، لا يطمئنون في ركوعها وسجودها وقعودها وقيامها إن على الأئمة أن لا يكون هم الواحد منهم أن لا يخرج قبل الناس، أو أن يكثر عدد التسليمات، دون إحسان الصلاة، فإن الله عز وجل يقول: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، ولم يقل أيكم أسرع نهاية، ولم يقل أيكم أكثر عملا، وقد كان نبيكم محمد رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أحرص الناس على الخير، وهو الأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، كان -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره، فقد سئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كيف كانت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فقالت: "كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة"؛ وفي صحيح مسلم عن أبن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاثة عشر ركعة"، فمن أقام التراويح بإحدى عشرة ركعة، فقد أحسن، ومن أقامها بثلاثة عشرة ركعة فقد أحسن، لأن الكل صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قام بأصحابه في رمضان، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض على الناس فيعجزوا عنها؛ وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه أمر أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما في الناس بإحدى عشرة ركعة، فهذا العدد الذي قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- وواظب عليه، وأتبعه فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هو أفضل عدد تصلى به التراويح، ولو زاد الإنسان رغبة في الزيادة لا رغبة عن السنة، فإن ذلك لا بأس به؛ لورود هذا عن بعض السلف -رحمهم الله-، وإنما ينكر الإسراع الفاحش الذي يفعله بعض الأئمة، فيفوتوا الخير عليه، وعلى من خلفه، مع إنه إمام مؤتمن على الصلاة مؤتمن على من خلفه، فليتق الله فيهم وليعلم أنه مسئول عنهم يوم القيامة، إذا ترك ما ينبغي أن يفعل في الصلاة من الطمأنينة والأذكار والقراءة.
أيها المسلمون: استقبلوا هذا الشهر الكريم، شهر رمضان، استقبلوه بالعزيمة الصادقة على الخير، وأكثروا فيه من الطاعات، واجتناب المعاصي، وإياكم والإسراف في المأكل والمشرب، فإن بعض الناس يتخذون من الليل زمناً للإسراف في الأكل والشرب، وهذا خطأ، لأن الله عز وجل قال: (َكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات بالطاعات، وحمانا من فعل المنكر والسيئات، وهدانا صراطه المستقيم، وجنبنا صراط أصحاب الجحيم، وجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً بالله واحتساباً، لثواب الله، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أرسله الله تعالى وأيده بالآيات والبرهان، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وأعلموا أن التقوى: هي أن يتقي الإنسان وقاية من عذاب الله ولا يقي من عذاب الله إلا امتثال أمره واجتناب نهيه، فاحرصوا -رحمكم الله- احرصوا على فعل ما أمركم الله به، واجتناب ما نهاكم الله عنه سواء ما يتعلق بعبادة الله أو بمعاملة.
عباد الله: وكونوا على الحق أعوانا وأنصارا وجنودا، لتكونوا خير أمة أخرجت للناس، فإن الله يقول في كتابه:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، ويقول جل وعلا:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
واحرصوا أيها الأخوة: على حماية نسائكم من الخروج ليلاً في رمضان أو في غيره، لأن تجولهن في الأسواق فيه خطر عظيم عليهن وعلى غيرهن، فإن ذلك يحصل به من الفتنة ما ينتشر به الشر والفساد وأنتم أيها الرجال مسئولون عن النساء، لأن الله تعالى قال في كتابه الذي تقرءونه صباحاً ومساء قال:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه)، وأخبرهن بأن صلاتهن في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد، كما جاء ذلك في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلاة المرأة في بيتها في جماعة من النساء من أهل البيت أو من الجيران، خير من أن تخرج إلى المساجد مع الرجال، لأن ذلك أستر لها وأحفظ وأصون لكرامتها؛فبادروا -رحمكم الله- بتوجيه نسائكم إلى هذا الأمر، لعلهن يتقين الخروج في الليل إلى الأسواق.
أيها الأخوة: لقد جاءنا من إدارة الأوقاف هنا في عنيزة الحث على التزام المؤذنين لصلاة العشاء أن لا يؤذنوا بعد ساعتين من الغروب، أي في الساعة الثانية بالتوقيت الغروبي اعتماداً على ما ورد من إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وعلى هذا فينبغي للمؤذنين أن يتقيدوا بذلك، وأن لا يؤذن أحد منهم قبل تمام الساعة الثانية بالتوقيت الغروبي أو بعد مضي ساعتين من الغروب من التوقيت الزوالي، لأجل أن يتفق الناس على ذلك، وهذا الذي جاء من رئاسة إدارات البحوث العلمية، والذي حث عليه مدير فرع الأوقاف هنا هذا هو الأفضل من الناحية الشرعية، لأن صلاة العشاء كلما تأخرت كانت أفضل حتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات يوم على أصحابه، وقد مضى جزء كبير من الليل فقال إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي، ولا يرتاب أحد أن في امتداد الوقت ما بين صلاة المغرب إلى أذان العشاء أن فيه راحة للناس وسعة من أجل الوضوء والعشاء، لمن تعشى في هذا الوقت وغير ذلك، ولهذا فأحث أخواني المؤذنين أن يلتزموا بهذا امتثالاً للأمر الموجه من إدارة الأوقاف هنا، والمبني على ما جاء من رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد؛ وأسال الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعاً مطيعين لله مطيعين لأولي الأمر منا إنه جواد كريم.
وأعلموا: أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ، شذ في النار.
وأعلموا: أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه، فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطنا، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اسقنا، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأرضى الله عنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أنا نسألك أن تنصر كل من جاهد في سبيلك اللهم كل من جاهد في سبيلك بالعلم والبيان أو بالسيف والسنان يا رب العالمين اللهم إنا نسألك بعد أن كتب النصر لإخواننا في أفغانستان، نسألك اللهم أن تؤيدهم وأن تقويهم، وأن تجمع كلمتهم على الحق، وأن تجعلهم متبعين للكتاب والسنة، مخالفين لما خالفهما من البدعة إنك على كل شيء قدير.
ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .
( موقع فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله- )