مطوية للنشر شعبان فضائل وأحكام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد فهذه رسالة مختصرة في بيان أحكام شعبان وفضائله أردت بيان ذلك والتنبيه عليها والله الموفق للصواب:
لماذا سمي شعبان بهذا الاسم
ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه (المشهور في أسماء الأيام والشهور): شعبان: من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شعابين وشعبانات" – تفسير ابن كثير (4/1655) -
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح (5/743): " سمي شعبان لتشعبهم (قريش) في طلب الماء ،أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام ".
فضل صوم شهر شعبان
- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال:"ذلك شهرا يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي (2356) وحسنه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب رقم (1022).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان" رواه أبو داود (2431) والنسائي (2349) وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب(1024).
- عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان " رواه الترمذي (736) وصححه الشيخان الألباني في صحيح الترغيب (1025) والوادعي قي الجامع الصحيح (2/434).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ،وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صيام منه في شعبان "رواه البخاري(1969) ومسلم (1156) وأبو داود (2434).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله إلا قليلا " رواه مسلم (1156):
قال العلامة ابن باز رحمه الله في تعليقه على رياض الصالحين (3/311): فهذه الأحاديث في فضل صيام شعبان .. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله, وربما صامه إلا قليلاً, فقالت أم سلمة: " كان يصومه كله " فهذا يدل على فضل صيام شعبان تمهيداً لرمضان, يصومه كله, أو يفطر منه قليلاً, لكن لا يصوم بعد النصف, بمعنى أنه لا يبتدئ الصيام بعد النصف, أما أن يصومه كله أو يصوم أكثره أما أن يصوم بعد النصف أو آخره فلا.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقدموا رمضان بصيام يومٍ أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " . أما إذا صامه كله أو أكثره فلا بأس , بل هو مستحب كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ) ا . هـ .
ما هي الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان
اختلف العلماء في الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان: والصحيح الذي دل عليه حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه المتقدم أن الأعمال ترفع فيه إلى رب العالمين فيحب عليه الصلاة والسلام أن يعرض عمله وهو صائم. – انظر الفتح (5/745) - .
صوم يوم من شعبان يعدل يومين:
عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أو لآخر:"أصمت من سَرَر شعبان " ، قال :لا ،قال :"فإذا أفطرت فصم يومين " رواه مسلم (1161) .
قال الحافظ ابن حجر:" أشار القرطبي إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره أخذاً من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوته من صيام شعبان" .- نقلا من نداء الريان في فقه الصوم (2/441-443) -
هل الصيام في شعبان أفضل أم الصيام في الأشهر الحرم :
ذهب الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى كما في لطائف المعارف ص(249) ،أن صيام شعبان أفضل من الأشهر الحرم.
النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان لمن لم تكن له عادة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموه"رواه الترمذي (73 وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (73 .
- و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ،إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصمه" رواه البخاري (1914) ومسلم (1082).
تحريم صوم يوم الشك
عن عمار بن ياسر قال: " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود (2334) والترمذي (686) والنسائي (218 . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي (686).
قال الصنعاني في سبل السلام (3/106): واعلم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغيم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه " .
تأخير القضاء في شعبان لعذر:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) .
إحصاء هلال شعبان لرمضان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحصوا هلال شعبان لرمضان".رواه الترمذي (687) وحسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع (19.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحصوا هلال شعبان لرمضان ولا تخلطوا برمضان ،إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه أحدكم ،وصوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فإنها ليست تغمَّي عليكم العدة" رواه الدار قطني (ص230) و البيهقي (4/206) وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (565).
قال الحافظ ابن حجر:"أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء...."- تحفة الأحوذي (3/299)-
زيارة قبر نبي الله هود عليه السلام
اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبي الله هود من البدع المذمومة المحادة لدين الله, المخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يكن لها أصل تُستند إليه لا من الكتاب ولا من السنة ولا نُقل عن أحدٍ من أهل العلم الذين يقتدى بهم وما هي إلا من مخترعات الرعاع, ونزعات أهل الابتداع, وذلك لما اشتملت عليه من المخالفات الشرعية:
1)شدَّ الرحال إليها.
2)قول الزائر للهُجر : وهو الكلام الفاحش الذي أفحشه الشرك بالله.
3)تخصيصها بزمان ولا دليل على التخصيص.
وأحيل القارئ إلى رسالة الشيخ محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله "إخبار الوفود بحكم زيارة قبر نبي الله هود".
ورسالة شيخنا عبدالله بن عمر مرعي بن بريك حفظه الله "التحذير من فتنة القبور".
فائدة: قال الاستاد المؤرخ سعيد بن عوض باوزيرفي كتابه (صفحات من تاريخ حضرموت) (ص7): لم يقم دليل تاريخي علمي حتى الآن على موضع قبر النبي هود عليه السلام ويزعم الناس في حضرموت أن القبر الذي يقصده الناس كل عام للزيارة في منتصف شعبان هو قبر هود ويقع في شرق وادي حضرموت من قرب من وادي برهوت).
ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان:
لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان شيء سوى نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن .
-قال ابن وضاح في [النهي عن البدع ص(53):] ما جاء في ليلة النصف من شعبان - ثم ساق بسنده – عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: لم أدرك أحدا من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ،ولم ندرك أحدا منهم يذكر حديث مكحول ولا يرى لها فضل على ما سواها من الليالي، قال ابن أبي زيد: والفقهاء لم يكونوا يصنعون ذلك" .
- وعن ابن أبي مليكة قال: قيل له أن زياد النميري يقول: أن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر. فقال ابن أبي مليكة لو سمعته منه وبيدي عصا لضربته بها ،وكان زياد قاضياً. - النهي عن البدع (ص53)-.
-وقال أبو بكر ابن العربي في - عارضة الأحوذي (2/216) - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه .
-قال القرطبي رحمه الله تعالى- في تفسيره (16/12 - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها ،فلا تلتفتوا إليها".
-قال الحافظ أبو الخطاب في كتابه ما جاء في شهر شعبان كما في - الباعث في إنكار الحوادث (ص33) - :"قال أهل التعديل والجرح ليست في فضيلة النصف من شعبان حديث صحيح ،فتحفظوا عباد الله من مفتر يروي لكم حديث يسوقه في معرض الخير ،فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا صح أنه كذب ،خرج عن المشروعية وكان مستعمله من حزب الشيطان ،لاستعماله حديثاً كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله به من سلطان".
-قال ابن رجب: "وكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي ولا عن أصحابه .." - لطائف المعارف (ص264)-
-قال الشيخ حماد بن محمد الأنصاري: "لم يثبت في قيامها وصيامها بعينها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه .." - إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان (ص13) .
-وقال رحمه الله في المجموع في ترجمة العلامة المحدث حماد الأنصاري (ص477)- : "ليلة النصف من شعبان لم يأتِ فيها فضل خاص مطلقا, وإنما تدخل في حديث الأيام البيض".
-قال ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/67) حاشية:"وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها".
وما أحسن ما قاله علي بن إبراهيم رحمه الله تعالى:"وقد جعلها – أي ليلة النصف من شعبان – جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها شبكة لجمع العوام طلبا لرئاسة التقدُّم ،وملأ بذكرها القصاص مجالسهم ،وكل عن الحق بمعزل" –أنظر إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان-.
وقد عرفت آنفا - أخي القارئ – من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بها بدعة محدثة في الإسلام
وهكذا تخصيصها بشئ من العبادة بدعة منكرة.قاله الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/72) حاشية .
قال الشيخ محمد رشيد رضا (5/75: "إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصاً بهذه الليلة" – نقلاً عن مجموع الفتاوى للعثيمين (20/ 29).
ما صح في ليلة النصف من شعبان:
الثابت في ليلة النصف من شعبان نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة المجلد الثالث ( ص135-139) رقم (1144): ما صح في ليلة النصف:
"يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".
حديث صحيح ،روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا ،وهم معاذ بن جبل ،وأبو ثعلبة الخشني ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ،و أبي بكر الصديق وعوف بن مالك ،وعائشة .- ثم ساق كل حديث بطرقه – ثم قال:
"وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب" ا.هـ
قال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج إصلاح المساجد للقاسمي (ص8 لا يلزم من ثبوت هذا الحديث اتخاذ هذه الليلة موسماً يجتمع الناس فيها, ويفعلون فيها من البدع" ا.هـ
وبناءا على هذا الحديث أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالسعي للأخذ بالأسباب الموجبة لهذه المغفرة ألا وهي تجنب الشرك بأنواعه قولا وعملا واعتقادا ، وتطهير القلب من أي شحناء
أو حقد أو بغضاء أو قطيعة أو نحوها من أمراض القلوب اتجاه إخواننا المسلمين والعمل على تحقيق الأخوة الإسلامية بالضوابط الشرعية ،بمقابلة الإساءة بالإحسان والجهل بالحلم والظلم بالعفو والقطيعة بالصلة عسى الله أن يجعلنا جميعا ممن يفوز بهذه المكرمة الإلهية إنه جواد كريم .
وأنبه أنه لا يفهم من ذلك جواز تخصيص هذه الليلة بقيام، و يومها بصيام لعدم ورود الدليل على التخصيص وإن كانت عبادة القيام والصيام مما ندبنا إليه ورغب فيه في كل وقت وحين.
وأخيرا أوصي نفسي وإخواني المسلمين باغتنام أوقات الحياة في طاعة الله تعالى ومرضاته وفق ما شرع عز وجل في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتجنب الإحداث في الدين وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم.
نقلته لكم
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد فهذه رسالة مختصرة في بيان أحكام شعبان وفضائله أردت بيان ذلك والتنبيه عليها والله الموفق للصواب:
لماذا سمي شعبان بهذا الاسم
ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه (المشهور في أسماء الأيام والشهور): شعبان: من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شعابين وشعبانات" – تفسير ابن كثير (4/1655) -
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح (5/743): " سمي شعبان لتشعبهم (قريش) في طلب الماء ،أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام ".
فضل صوم شهر شعبان
- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال:"ذلك شهرا يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي (2356) وحسنه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب رقم (1022).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان" رواه أبو داود (2431) والنسائي (2349) وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب(1024).
- عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان " رواه الترمذي (736) وصححه الشيخان الألباني في صحيح الترغيب (1025) والوادعي قي الجامع الصحيح (2/434).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ،وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صيام منه في شعبان "رواه البخاري(1969) ومسلم (1156) وأبو داود (2434).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله إلا قليلا " رواه مسلم (1156):
قال العلامة ابن باز رحمه الله في تعليقه على رياض الصالحين (3/311): فهذه الأحاديث في فضل صيام شعبان .. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله, وربما صامه إلا قليلاً, فقالت أم سلمة: " كان يصومه كله " فهذا يدل على فضل صيام شعبان تمهيداً لرمضان, يصومه كله, أو يفطر منه قليلاً, لكن لا يصوم بعد النصف, بمعنى أنه لا يبتدئ الصيام بعد النصف, أما أن يصومه كله أو يصوم أكثره أما أن يصوم بعد النصف أو آخره فلا.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقدموا رمضان بصيام يومٍ أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " . أما إذا صامه كله أو أكثره فلا بأس , بل هو مستحب كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ) ا . هـ .
ما هي الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان
اختلف العلماء في الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان: والصحيح الذي دل عليه حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه المتقدم أن الأعمال ترفع فيه إلى رب العالمين فيحب عليه الصلاة والسلام أن يعرض عمله وهو صائم. – انظر الفتح (5/745) - .
صوم يوم من شعبان يعدل يومين:
عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أو لآخر:"أصمت من سَرَر شعبان " ، قال :لا ،قال :"فإذا أفطرت فصم يومين " رواه مسلم (1161) .
قال الحافظ ابن حجر:" أشار القرطبي إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره أخذاً من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوته من صيام شعبان" .- نقلا من نداء الريان في فقه الصوم (2/441-443) -
هل الصيام في شعبان أفضل أم الصيام في الأشهر الحرم :
ذهب الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى كما في لطائف المعارف ص(249) ،أن صيام شعبان أفضل من الأشهر الحرم.
النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان لمن لم تكن له عادة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموه"رواه الترمذي (73 وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (73 .
- و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ،إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصمه" رواه البخاري (1914) ومسلم (1082).
تحريم صوم يوم الشك
عن عمار بن ياسر قال: " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود (2334) والترمذي (686) والنسائي (218 . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي (686).
قال الصنعاني في سبل السلام (3/106): واعلم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغيم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه " .
تأخير القضاء في شعبان لعذر:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) .
إحصاء هلال شعبان لرمضان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحصوا هلال شعبان لرمضان".رواه الترمذي (687) وحسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع (19.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحصوا هلال شعبان لرمضان ولا تخلطوا برمضان ،إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه أحدكم ،وصوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فإنها ليست تغمَّي عليكم العدة" رواه الدار قطني (ص230) و البيهقي (4/206) وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (565).
قال الحافظ ابن حجر:"أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء...."- تحفة الأحوذي (3/299)-
زيارة قبر نبي الله هود عليه السلام
اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبي الله هود من البدع المذمومة المحادة لدين الله, المخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يكن لها أصل تُستند إليه لا من الكتاب ولا من السنة ولا نُقل عن أحدٍ من أهل العلم الذين يقتدى بهم وما هي إلا من مخترعات الرعاع, ونزعات أهل الابتداع, وذلك لما اشتملت عليه من المخالفات الشرعية:
1)شدَّ الرحال إليها.
2)قول الزائر للهُجر : وهو الكلام الفاحش الذي أفحشه الشرك بالله.
3)تخصيصها بزمان ولا دليل على التخصيص.
وأحيل القارئ إلى رسالة الشيخ محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله "إخبار الوفود بحكم زيارة قبر نبي الله هود".
ورسالة شيخنا عبدالله بن عمر مرعي بن بريك حفظه الله "التحذير من فتنة القبور".
فائدة: قال الاستاد المؤرخ سعيد بن عوض باوزيرفي كتابه (صفحات من تاريخ حضرموت) (ص7): لم يقم دليل تاريخي علمي حتى الآن على موضع قبر النبي هود عليه السلام ويزعم الناس في حضرموت أن القبر الذي يقصده الناس كل عام للزيارة في منتصف شعبان هو قبر هود ويقع في شرق وادي حضرموت من قرب من وادي برهوت).
ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان:
لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان شيء سوى نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن .
-قال ابن وضاح في [النهي عن البدع ص(53):] ما جاء في ليلة النصف من شعبان - ثم ساق بسنده – عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: لم أدرك أحدا من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ،ولم ندرك أحدا منهم يذكر حديث مكحول ولا يرى لها فضل على ما سواها من الليالي، قال ابن أبي زيد: والفقهاء لم يكونوا يصنعون ذلك" .
- وعن ابن أبي مليكة قال: قيل له أن زياد النميري يقول: أن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر. فقال ابن أبي مليكة لو سمعته منه وبيدي عصا لضربته بها ،وكان زياد قاضياً. - النهي عن البدع (ص53)-.
-وقال أبو بكر ابن العربي في - عارضة الأحوذي (2/216) - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه .
-قال القرطبي رحمه الله تعالى- في تفسيره (16/12 - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها ،فلا تلتفتوا إليها".
-قال الحافظ أبو الخطاب في كتابه ما جاء في شهر شعبان كما في - الباعث في إنكار الحوادث (ص33) - :"قال أهل التعديل والجرح ليست في فضيلة النصف من شعبان حديث صحيح ،فتحفظوا عباد الله من مفتر يروي لكم حديث يسوقه في معرض الخير ،فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا صح أنه كذب ،خرج عن المشروعية وكان مستعمله من حزب الشيطان ،لاستعماله حديثاً كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله به من سلطان".
-قال ابن رجب: "وكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي ولا عن أصحابه .." - لطائف المعارف (ص264)-
-قال الشيخ حماد بن محمد الأنصاري: "لم يثبت في قيامها وصيامها بعينها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه .." - إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان (ص13) .
-وقال رحمه الله في المجموع في ترجمة العلامة المحدث حماد الأنصاري (ص477)- : "ليلة النصف من شعبان لم يأتِ فيها فضل خاص مطلقا, وإنما تدخل في حديث الأيام البيض".
-قال ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/67) حاشية:"وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها".
وما أحسن ما قاله علي بن إبراهيم رحمه الله تعالى:"وقد جعلها – أي ليلة النصف من شعبان – جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها شبكة لجمع العوام طلبا لرئاسة التقدُّم ،وملأ بذكرها القصاص مجالسهم ،وكل عن الحق بمعزل" –أنظر إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان-.
وقد عرفت آنفا - أخي القارئ – من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بها بدعة محدثة في الإسلام
وهكذا تخصيصها بشئ من العبادة بدعة منكرة.قاله الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/72) حاشية .
قال الشيخ محمد رشيد رضا (5/75: "إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصاً بهذه الليلة" – نقلاً عن مجموع الفتاوى للعثيمين (20/ 29).
ما صح في ليلة النصف من شعبان:
الثابت في ليلة النصف من شعبان نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة المجلد الثالث ( ص135-139) رقم (1144): ما صح في ليلة النصف:
"يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".
حديث صحيح ،روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا ،وهم معاذ بن جبل ،وأبو ثعلبة الخشني ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ،و أبي بكر الصديق وعوف بن مالك ،وعائشة .- ثم ساق كل حديث بطرقه – ثم قال:
"وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب" ا.هـ
قال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج إصلاح المساجد للقاسمي (ص8 لا يلزم من ثبوت هذا الحديث اتخاذ هذه الليلة موسماً يجتمع الناس فيها, ويفعلون فيها من البدع" ا.هـ
وبناءا على هذا الحديث أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالسعي للأخذ بالأسباب الموجبة لهذه المغفرة ألا وهي تجنب الشرك بأنواعه قولا وعملا واعتقادا ، وتطهير القلب من أي شحناء
أو حقد أو بغضاء أو قطيعة أو نحوها من أمراض القلوب اتجاه إخواننا المسلمين والعمل على تحقيق الأخوة الإسلامية بالضوابط الشرعية ،بمقابلة الإساءة بالإحسان والجهل بالحلم والظلم بالعفو والقطيعة بالصلة عسى الله أن يجعلنا جميعا ممن يفوز بهذه المكرمة الإلهية إنه جواد كريم .
وأنبه أنه لا يفهم من ذلك جواز تخصيص هذه الليلة بقيام، و يومها بصيام لعدم ورود الدليل على التخصيص وإن كانت عبادة القيام والصيام مما ندبنا إليه ورغب فيه في كل وقت وحين.
وأخيرا أوصي نفسي وإخواني المسلمين باغتنام أوقات الحياة في طاعة الله تعالى ومرضاته وفق ما شرع عز وجل في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتجنب الإحداث في الدين وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم.
نقلته لكم
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح
تعليق