بسم الله الرحمن الرحيم
كتب الفقه التي ينصح بها الإمام الألباني رحمه الله تعالى
سائل: بسم الله الرحمن الرحيم. كثرَتْ كتب الفقه التي يرجع إليها الناس ويقرؤون فيها، فما هي كتب الفقه المُنْصِفَة التي يمكن أن تنصحونا بالرجوع إليها وقراءتها؟
الشيخ: بصورة عامة، كل الكتب الفقهية القائمة على منهج الكتاب والسنة والآثار السلفية، وليست قائمة على التعصبات المذهبية، هذه كلها ننصح بها نصيحة عامة. أما النصيحة الخاصة، فننصح بكتب شَيْخَيْ الإسلام: ابن تيمية وتلميذه البار ابن قيِّم الجوزية. ثم ننصح بكتب من نَحَا مَنْحَاهُمَا وسار على سبيلَيْهما، مثل الشوكاني والصدِّيق حسن خان، وأخيراً في هذا الزمان: السيد سابق، في كتابه "فقه السنة". لكن السيد سابق، صحيح أنه سار على هذا الدرب، ولكنه في العلم دون من ذكرناه قبله بكثير، فهو لا يزاني الصديق حسن خان ولا الشوكاني، فضلاً عن ابن تيمية وابن قيم الجوزية، لكن المنهج هو هذا. ولذلك وقع في كتابه أشياء من الأخطاء البعيدة عن الصواب، سواءً ما كان منها حديثياً أو فقهياً، وهذا مما كان حملني يوم وجدتُ سَعَة في وقتي أن أعَقِّبَ على بعض أجزاءه، وطُبِعَ ذلك بعنوان "تمام المِنَّة في التعليق على فقه السنة". ولذلك، فطالب العلم الذي يريد أن يبتدأ بطلب العلم، أنصحه بأن يبدأ بهذا الكتاب ولكن لا يَركَنْ عليه ولا يتَّكِلْ عليه، لما ذكرتُه آنفاً، وعليه أن يرتقي بعد ذلك إلى كتاب "الرَوْضَة النَّدِيَّة شرح الدُّرَر البَهِيَّة" للصدِّيق حسن خان. هذا رجل عالم فاضل وسلفي ممتاز ومن أهل الفقه والحديث والمعرفة باللغة العربية وآدابها، والروضة الندية شَرْحُهُ على الدرر البهية. والدرر البهية هو للشوكاني، والشوكاني رجل من أفاضل علماء اليمن الزَّيْدِيِّين الذين أنعم الله عليهم بالتخلص من المذهب الزَيْدِي إلى المذهب السلفي عقيدةً وفقهاً. وهو له كتاب يُعتبر خلاصة لكتابه العظيم المعروف بـ "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار"، هو خلاصة لهذا الكتاب وهو المسمى بـ "السَيْل الجرَّار". خلاصة هذا السَيْل الجرَّار وزُبْدة هذا السيل هو موجود في المتن الذي شرحه الصديق حسن خان في الشرح المذكور آنفاً: "الرَوْضَة النَّدِيَّة شرح الدُّرَر البَهِيَّة". ومن أراد التفصيل في معرفة هذه الأحكام بأدلتها التفصيلية وبيان ما لها وما عليها، سواء من الناحية الحديثية أو الفقهية، فلا بدَّ أن يعود إلى المُطّوَّلات والمبسوطات من كتب الحديث وشروحها. من هذه الكتب: كتاب ابن قيم الجوزية "زاد المعاد في هَدْي خير العباد"، إلا أن هذا الكتاب ألَّفَهُ مؤلفه - وهذا من عجائب المحفوظات - في حالة السفر، فلذلك نادراً ما تجد هناك تخريجاً علمياً لأحاديث الكتاب، وهي بالمئات بل بالألوف. وعلى هذا، فعلى طالب العلم إذا ما درس مسألة في هذا الكتاب بأدلتها التفصيلية، أن يَتَثَبَّتَ من صحة دلائلها، سواء كانت إيجابية أو كانت سلبية. ولشيخ الإسلام ابن تيمية الفتاوى المعروفة قديماً بـ "الفتاوى المصرية" في خمس مجلدات، وطُبع أخيراً - كما تعلمون - بجهد بعض العلماء السعوديين، تحت عنوان "مجموعة الفتاوى" في نحو خمس وثلاثين مجلداً. فهنا البحر الذخَّار، لكن لشيخ الإسلام ابن تيمية تلخيص لآرائه الفقهية، من أحد العلماء ليس منه، بكتاب معروف بـ "الاختيارات العلمية لشيخ الاسلام ابن تيمية"، ننصح بالرجوع إلى هذا الكتاب. وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين. (انتهى)