المطويات الدعوية ...129
القياس عند الأصوليين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مسائل مختصرة في القياس مفيدة للمبتدئ ومذكرة للمنتهي لخصتها من كتاب "الأصول من علم الأصول" لعلامة عصره وفريد دهره ابن عثيمين رحمه الله وجعلتها على شكل مطوية حتى يعم النفع بها سائلا الله جل وعلا أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم .
القياس لغة: التقدير والمساواة.
واصطلاحاً: تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما.فالفرع: المقيس والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل، وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.
وقد دل على اعتباره دليلاً شرعيًّا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، فمن أدلة الكتاب:
1 - قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان)(الشورى: الآية17)والميزان ما توزن به الأمور ويقايس به بينها.
2 - قوله تعالى: ) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُه) (الانبياء: الآية104) ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (فاطر:9)فشبّه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه، وشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض، وهذا هو القياس.
ومن أدلة السنة:
1 - قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن سألته عن الصيام عن أمها بعد موتها: "أرأيتِ لو كان على أمك دين فقضيته؛ أكان يؤدي ذلك عنها"؟ قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك" رواه البخاري (1953).
2 - أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! ولد لي غلام أسود! فقال: "هل لك من إبل"؟ قال: نعم، قال: "ما ألوانها"؟ قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق"؟ قال: نعم، قال: "فأنى ذلك"؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق" رواه البخاري (5305).
وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليل على القياس لما فيها من اعتبار الشيء بنظيره.
ومن أقوال الصحابة: ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء .قال ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول.
وحكى المزني أن الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومه أجمعوا على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، واستعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام.
شروط القياس:
للقياس شروط منها:
1 - أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص أو الإجماع أو أقوال الصحابة إذا قلنا: قول الصحابي حجة، ويسمى القياس المصادم لما ذكر: (فاسد الاعتبار).
2 - أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو إجماع، فإن كان ثابتاً بقياس لم يصح القياس عليه، وإنما يقاس على الأصل الأول؛ لأن الرجوع إليه أولى، ولأن قياس الفرع عليه الذي جعل أصلاً قد يكون غير صحيح، ولأن القياس على الفرع ثم الفرع على الأصل تطويل بلا فائدة.
3 - أن يكون لحكمالأصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين الأصل والفرع فيها، فإن كان حكم الأصل تعبديًّا محضاً لم يصح القياس عليه.
4 - أن تكون العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من قواعد الشرع اعتباره؛ كالإسكار في الخمر.
5 - أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل؛ كالإيذاء في ضرب الوالدين المقيس على التأفيف، فإن لم تكن العلة موجودة في الفرع لم يصح القياس.
أقسام القياس:
ينقسم القياس إلى جليّ وخفيٍّ.
1 - فالجلي: ما ثبتت علته بنص، أو إجماع، أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
2 - والخفي: ما ثبتت علته باستنباط، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
قياس الشبه:ومن القياس ما يسمى: ب- (قياس الشبه) وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم، وفيه شبه بكل منهما، فيلحق بأكثرهما شبهاً به، مثال ذلك: العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة؟
وهذا القسم من القياس ضعيف إذ ليس بينه وبين الأصل علة مناسبة سوى أنه يشبهه في أكثر الأحكام مع أنه ينازعه أصل آخر.
قياس العكس:ومن القياس ما يسمى ب- (قياس العكس) وهو: إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.
ومثلوا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم
القياس عند الأصوليين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مسائل مختصرة في القياس مفيدة للمبتدئ ومذكرة للمنتهي لخصتها من كتاب "الأصول من علم الأصول" لعلامة عصره وفريد دهره ابن عثيمين رحمه الله وجعلتها على شكل مطوية حتى يعم النفع بها سائلا الله جل وعلا أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم .
القياس لغة: التقدير والمساواة.
واصطلاحاً: تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما.فالفرع: المقيس والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل، وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.
وقد دل على اعتباره دليلاً شرعيًّا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، فمن أدلة الكتاب:
1 - قوله تعالى: )اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان)(الشورى: الآية17)والميزان ما توزن به الأمور ويقايس به بينها.
2 - قوله تعالى: ) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُه) (الانبياء: الآية104) ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) (فاطر:9)فشبّه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه، وشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض، وهذا هو القياس.
ومن أدلة السنة:
1 - قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن سألته عن الصيام عن أمها بعد موتها: "أرأيتِ لو كان على أمك دين فقضيته؛ أكان يؤدي ذلك عنها"؟ قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك" رواه البخاري (1953).
2 - أن رجلاً أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! ولد لي غلام أسود! فقال: "هل لك من إبل"؟ قال: نعم، قال: "ما ألوانها"؟ قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق"؟ قال: نعم، قال: "فأنى ذلك"؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق" رواه البخاري (5305).
وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليل على القياس لما فيها من اعتبار الشيء بنظيره.
ومن أقوال الصحابة: ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء .قال ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول.
وحكى المزني أن الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومه أجمعوا على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، واستعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام.
شروط القياس:
للقياس شروط منها:
1 - أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص أو الإجماع أو أقوال الصحابة إذا قلنا: قول الصحابي حجة، ويسمى القياس المصادم لما ذكر: (فاسد الاعتبار).
2 - أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو إجماع، فإن كان ثابتاً بقياس لم يصح القياس عليه، وإنما يقاس على الأصل الأول؛ لأن الرجوع إليه أولى، ولأن قياس الفرع عليه الذي جعل أصلاً قد يكون غير صحيح، ولأن القياس على الفرع ثم الفرع على الأصل تطويل بلا فائدة.
3 - أن يكون لحكمالأصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين الأصل والفرع فيها، فإن كان حكم الأصل تعبديًّا محضاً لم يصح القياس عليه.
4 - أن تكون العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من قواعد الشرع اعتباره؛ كالإسكار في الخمر.
5 - أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل؛ كالإيذاء في ضرب الوالدين المقيس على التأفيف، فإن لم تكن العلة موجودة في الفرع لم يصح القياس.
أقسام القياس:
ينقسم القياس إلى جليّ وخفيٍّ.
1 - فالجلي: ما ثبتت علته بنص، أو إجماع، أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
2 - والخفي: ما ثبتت علته باستنباط، ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
قياس الشبه:ومن القياس ما يسمى: ب- (قياس الشبه) وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم، وفيه شبه بكل منهما، فيلحق بأكثرهما شبهاً به، مثال ذلك: العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة؟
وهذا القسم من القياس ضعيف إذ ليس بينه وبين الأصل علة مناسبة سوى أنه يشبهه في أكثر الأحكام مع أنه ينازعه أصل آخر.
قياس العكس:ومن القياس ما يسمى ب- (قياس العكس) وهو: إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.
ومثلوا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "وفي بضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم