[صوتية وتفريغها] متى يكبر المصلي للقيام من التشهد الأول؟ الشيخ عبد الله البخاري

[أم عبد الرحمن الهاشمية]

بسم الله الرحمن الرحيم
متى يكبر المصلي للقيام من التشهد الأول
الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله]

التفريـغ
للتحميل [من هنا]

ثمة مسألة كانت قد جاءت في أسئلة الإخوة فيما مضى في كتاباتهم حول مسألة متى يُكبّر للقيام من التشهد الأول للركعة الثالثة؟
وهذا سؤال قد كثر في الكتابة عنه في الأوراق التي جاءت في اللقاء الذي مضى وبعض الأسئلة لا علاقة لها بالموضوع .
هذه المسألة، متى يكبر للقيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة، نقول -بارك الله فيكم- : أخرج الإمام البخاري في الصحيح حديث سعيد بن الحارث⁽¹⁾-رحمه الله- قال: (صَلَّى لَنَا أَبُو سَعِيدٍ، فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَحِينَ سَجَدَ وَحِينَ رَفَعَ وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
يعني هكذا رأيت النبي عليه الصلاة والسلام يفعل.
وأخرج البخاري أيضا في الصحيح حديث مُطرّف وهو الآتي، وفيه صلاة علي رضي الله عنه بهم، وفيه إذا نهض من الركعتين كبر .
بوب الإمام البخاري لهذين الحديثين؛ قال: باب يكبّر وهو ينهض من السجدتين ، وذكر أثرا معلقا عنابن الزبير ؛ قال: وكان ابن الزبير يكبّر في نهضته، وقد مضى أنّ محل ومكان ايقاع التكبير هو بين الركنين ، ليس في حال تلبسك بالركن الأول إذا كنت قائما، ولا في حال تلبسك بالركن الثاني وهو الركوع أو السجود .
اختلف العلماء بعد اتفاقهم على الرفع في هذه المواضع ⁽²⁾في الرواية عن مالك في القيام للثالثة من الشهد الأول .
روى الإمام مالك في الموطأ عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما أنهم كانوا يكبّرون في حال قيامهم ، هكذا روى في موطئه ، وروى ابن وهب عنه أنه يرى أنّ التكبير يكون بعد الاستواء قائما، وهذا القول قال به جمع من أهل العلم ومن بينهم شيخنا الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله⁽³⁾ وغيره، أنّ التكبير بعد الاستواء هو الأولى، وفي المدوّنة أنّه يكبر حين يستوي قائما .
أثر عبد الله بن الزبير الذي ذكره الإمام البخاري في الصحيح معلقا قد خرجه الإمام ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح ، والإمام البخاري يريد بذكر هذا الأثر بيان محل التكبير حين النهوض .
قال: باب يُكبّر وهو ينهض من السجدتين ، ويراد من السجدتين؛ الركعتان ، يعني بعد القيام للثالثة يريد، قال: وكان ابن الزبير يُكبّر في نهضته ، وهذا هو الصحيح. فتأصّل عندنا ثلاثة أقوال:

- قول الأول يكبر حين القيام ، حين النهوض.
- القول الثاني عندما يستوي قائما.
- وثمّة قول ثالث وهو يكبرجالسا ثمّ يقوم وهذا قول مرجوح لما ذكرناه من بعض الأدلة التي مرّت.

وكذلك جاء عند الإمام أبي داود والنسائي والترمذي وابن المنذر في الأوسط من حديث علي رضي الله عنه وهو صحيح، وفيه : وعند البخاري في جزء رفع اليدين قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبّر ورفع يديه حذو منكبيه ، قال: ويصنع ذلك إذا قضى قراءته ( يريد الركوع)، قال: إذا أراد أن يركع إلى أن قال ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد ، وإذا قام من سجدتين كبّر ورفع يديه كذلك.
ذكر كما قلت الإمام البخاري رحمه الله بوّب بالباب الذي مضى لحديث أبي سعيد ولحديث علي رضي الله عنهما تحت باب ؛ يكبّر وهو ينهض من السجدتين ، وذكرت أنّه علّق عن الإمام عبد الله بن الزبير أنّه كان يُكبّر في نهضته ، ليس قبل نهضته.
قال الزين ابن المنير رحمه الله: أجرى البخاري الترجمة وأثر ابن الزبير مجرى التبين لحديثي الباب، يريد حديث أبي سعيد وحديث علي، قال: لأنهما ليسا صريحين في أنّ ابتداء التكبير يكون مع أوّل النهوض ، فجاء بأثر ابن الزبير ليبين المعنى الصحيح من فهم الحديث أو الأحاديث الواردة في هذا الباب.
يقول الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله كما في حاشيته على الفتح ، قال: لاريب أن السنّة في ذلك التكبير حين ينهض إلى الثالثة مع رفع اليدين كما ثبت ذلك في حديث ابن عمر وغيره.
إذن؛ رفع اليدين والتكبير في حين الجلوس لا يُسعفه الدليل ، بل السنة كما ذكرنا وبيّنا في هذا المقام.
وقد كثر سؤال الإخوة في هذه المسألة والأمر فيها أي كثرة السؤال هو البحث عن الحقيقة في المسألة والصواب فيها.
هذا الذي ظهر لي والله أعلى أعلم.
__________________________
(1)-قال الشيخ في التسجيل الصوتي سعد بن الحارث والصَّوابُ في اسمِ الرَّاوي : ( سعيدُ بنُ الحارثِ ) ، وهو : سعيدُ بن الحارثِ بنِ أبي سعيدِ بنِ المعلَّى الأنصاريُّ المدنيُّ ، منَ الطَّبقة الوُسْطى ( الثَّالثةِ ) منَ التَّابعينَ ، روى له أصحابُ السِّتَّـةِ ، انظر : ( قُـرَّةَ العينِ في تلخيصِ تراجم رجال الصحيحَين ) للشَّيخ محمدِ بنِ عليِّ بنِ آدمَ الإثيوبي حفظه الله تعالى .
(2)- استدرك أخونا أبو العوام على شيخنا وفقه الله في هذا قائلا: مسألةَ الرَّفعِ وهمَ الشَّيخُ في حكايةِ اتِّفاقِ العلماءِ فيها ، فقدْ وقعَ فيها الخلافُ عنِ المالكيَّـةِ كخلافِهمْ في مقارنةِ التَّـكبيرِ للانتقالِ منَ الجلُوسِ إلى القيامِ ، معَ أنَّ المأخَذَ واحدٌ ، وهو أنَّهمْ قاسُوا افتتاحَ ما بعدَ التَّشهُّدِ الأوَّلِ على افتتاحِ الصَّلاةِ ؛ فقالُوا بالتَّكبيرِ حالَ الاسْتِواءِ قائِـمًا ؛ فكانَ ينبغي لهمْ أن يقُولُوا برفعِ اليدَيْنِ كذلكَ .
(3)- قال الأخ وفقه الله: نسبةُ هذا القَولِ إلى الشَّيخِ ابنِ عُثَيمينَ رحمه اللهُ تعالى وهمٌ منَ الشَّيخِ ، فهو يوافقُ الجمهورَ في مقارنةِ التَّكبيرِ للانتقالِ ، وليُراجعْ في ذلكَ الشَّرحُ الممتعُ ، المجلَّدُ الثَّالثُ منه ، ص 87 وغيرَها .

[أبو صهيب الكوني السلفي]

رد: متى يكبر المصلي للقيام من التشهد الأول::الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله

الفتوى مرفقة