الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فمن المتقرر عند أهل السنة أنه لا يجوز الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، ولا يشرع شد الرحال إلى قبرٍ من القبور ، وشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم متعذر لأنه لا يمكن شد الرحال إلى قبره إلا بالشد إلى المسجد ، ولا يجوز أن ينوي شد الرحال إلى القبر ، وإن كان راحلاً إلى المسجد
ويجوز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بدون شد رحال ، ومن شد الرحل إلى المسجد جاز له تبعاً أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يكون نوى شد الرحل إلى القبر دون المسجد فإن هذا لا يجوز شرعاً ومتعذرٌ حساً ، ولم يرد عن أحدٍ من الصحابة أنه زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عمر ، والروايات عنه مقيدة بأنه كان يفعل ذلك إذا قدم من سفر ، ولم يرد الإطلاق إلا في رواية واحدة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 11915- حدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَيْك يَا أَبَتَاهُ ، ثُمَّ يكون وَجْهَهُ وَكَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَى المسجد فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَه
وأبو معاوية يغلط في غير حديث الأعمش ، وقد خالفه غيره فروى الحديث بذكر القدوم من السفر فقط
قال عبد الرزاق في المصنف 6724 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ»
وقال القاضي إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلاة على النبي 96 - حدثنا سليمان بن حرب قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر ، كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه »
وقال أيضاً 95 - حدثنا علي قال : ثنا سفيان ، حدثني عبد الله بن دينار قال : رأيت ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد ، فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي ، و يصلي ركعتين »
فهذه الروايات مقيدة لما أطلق في غيرها ، لهذا استفاد جماعة من أهل العلم عدم جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا كما زاره عبد الله بن عمر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص46 :" قال القاضي عياض قال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف للقبر وإنما ذلك للغرباء وقال فيه أيضا ولا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر قيل له فان ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة أو المرتين أو أكثر من ذلك عند القبر يسلمون ويدعون ساعة فقال لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ولم يبلغني إن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده وإنما اشتهر هذا عن ابن عمر أنه إذا قدم من سفر أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا كبر السلام عليك يا أبت وممن رواه القاضي إسماعيل بن اسحاق في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر كان إذا قدم من سفر أتى المسد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه "
وقال أيضاً في ص 138 :" قال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما ذلك للغرباء وقال مالك في المبسوط يضا ولا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو له ولأبي بكر وعمر قيل له فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو الأيام المرة أو المرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة فقال لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده فقد بين مالك إنه لم يبلغه عن السلف من الصحابة المقيمين بالمدينة أنهم كانوا يقفون بالقبر عند دخول المسجد إلا لمن قدم من سفر مع أن الذي يقصد السفر فيه نزاع مذكور في غير هذا الموضع"
وقال أيضاً في ص180 :" وقد ذكر أهل العلم مالك وغيره أن هذا يكره ولم يكن السلف يفعلونه وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما يصلح اولها ومعلوم أنه لو كان الإتيان إلى عند القبر مستحبا لأهل المدينة لكان الصحابة التابعون أعلم بذلك وأتبع له من غيرهم"
وقال أيضاً في ص92:" وقال سعيد أيضا حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال هلم إلى العشاء فقلت لا أريده فقال ما لي رأيتك عند القبر فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت المسجد فسلم عليه ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم قبورا لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا عليه إن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء ورواه القاضي اسماعيل بن اسحاق في كتاب ( فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) ولم يذكر هذه الزيادة وهي قوله ما أنتم ومن بالأندلس منه إلا سواء لأن مذهبه أن القادم من سفر والمريد للسفر سلامه هناك أفضل وأن الغرباء يسلمون إذا دخلوا وخرجوا ولهذه مزية على من بالأندلس والحسن بن الحسن وغيره لا يفرقون بين أهل المدينة والغرباء ولا بين المسافر وغيره فرواه القاضي إسماعيل عن إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي سهيل قال جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسن يتعشى في بيت عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فجئته فقال ادن فتعش قال قلت لا أريده قال لي مالي رأيتك وقفت قلت وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخلت المسجد فسلم عليه ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر لعن الله اليهود والنصارة اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ولم يذكر قول الحسن فهذا فيه أنه أمره أن يسلم عند دخول المسجد وهو السلام المشروع الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم"
وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص80 :" وأما كونه عند القبر فهذا كان يفعله ابن عمر إذا قدم من سفر، وكذلك الذين استحبوه من العلماء استحبوه للصادر والوارد من المدينة وإليها من أهلها، وللوارد والصادر من المسجد من الغرباء،مع أن أكثر الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك ولا فرق أكثر السلف بني الصادر والوارد، بل كلهم ينهون عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم."
والسبب في ذلك أن القوم كانوا أهل اتباع ، ومحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم حقيقية ليست بمجرد الادعاء فكانت ظاهرةً باتباعهم ، ولم يكونوا بحاجة إلى ما أحدثه المحدثون
والنبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ تعظيمه في كل مكان ولا خصوصية لقبره بمزيد تعظيم ، وإذا خصصنا قبره بمزيد تعظيم كان في ذلك حطٌ عليه
قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي ص49 :" والله سبحانه خص رسوله بما خصه به تفضيلا له وتكريما لما يجب من حقه على كل مسلم في كل موضع فان الله أوجب الإيمان به ومحبته وموالاته ونصره وطاعته واتباعه على كل أحد في كل مكان وأمر من الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان ومن سؤال الوسيلة له عند كل أذان ومن ذكر فضائله ومناقبه وما يعرف به قدر نعمة الله به على أهل الأرض وأن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم اليهم وأنه هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنه لا يؤمن العبد حتى يكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين بل حتى يكون أحب اليه من نفسه إلى غير ذلك من حقوقه المبسوطة في غير هذا الموضع وكل هذه مشروعة في جميع البقاع ليس منها شيء يختص بالقبر ولا بما هو قريب من القبر ولا شرع للناس أن يكون قيامهم بهذه الحقوق عند القبر أفضل من قيامهم بها في بلادهم بل المشروع أن يقوموا بها في كل مكان ومن قام بها عند القبر وفتر عن القيام بها في بلده كما يوجد في بعض الناس يوجد من محبته وتعظيمه وثنائه ودعائه للرسول عند قبره أعظم مما يوجد في بلده وطريقه فهذه حالة منقوصة غير محمودة وصاحبها مبخوس الحظ ناقص النصيب وهو ناقص الدين والايمان إما بترك واجب يأثم بتركه وإما بترك مستحب تنقص درجته بتركه بخلاف من من الله عليه فجعل محبته وثناءه وتعظيمه ودعاءه للرسول في بلده مثل ما إذا كان بالمدينة عند قبره أو أعظم فهذه هي الحالة المحمودة المشروعة وهي حال الصحابة والتابعين لهم باحسان إلى يوم القيامة ولا يعرف عن أحد منهم أنه كان يزيد حبه وتعظيمه ودعاؤه وثناؤه عند القبر ولهذا لم يكونوا يأتونه لأن قيامهم بما يجب من حقوق الرسول في جميع الأمكنة سواء"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد :
فمن المتقرر عند أهل السنة أنه لا يجوز الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، ولا يشرع شد الرحال إلى قبرٍ من القبور ، وشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم متعذر لأنه لا يمكن شد الرحال إلى قبره إلا بالشد إلى المسجد ، ولا يجوز أن ينوي شد الرحال إلى القبر ، وإن كان راحلاً إلى المسجد
ويجوز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بدون شد رحال ، ومن شد الرحل إلى المسجد جاز له تبعاً أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يكون نوى شد الرحل إلى القبر دون المسجد فإن هذا لا يجوز شرعاً ومتعذرٌ حساً ، ولم يرد عن أحدٍ من الصحابة أنه زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عمر ، والروايات عنه مقيدة بأنه كان يفعل ذلك إذا قدم من سفر ، ولم يرد الإطلاق إلا في رواية واحدة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 11915- حدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَيْك يَا أَبَتَاهُ ، ثُمَّ يكون وَجْهَهُ وَكَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَى المسجد فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَه
وأبو معاوية يغلط في غير حديث الأعمش ، وقد خالفه غيره فروى الحديث بذكر القدوم من السفر فقط
قال عبد الرزاق في المصنف 6724 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ»
وقال القاضي إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلاة على النبي 96 - حدثنا سليمان بن حرب قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر ، كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه »
وقال أيضاً 95 - حدثنا علي قال : ثنا سفيان ، حدثني عبد الله بن دينار قال : رأيت ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد ، فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي ، و يصلي ركعتين »
فهذه الروايات مقيدة لما أطلق في غيرها ، لهذا استفاد جماعة من أهل العلم عدم جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا كما زاره عبد الله بن عمر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص46 :" قال القاضي عياض قال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف للقبر وإنما ذلك للغرباء وقال فيه أيضا ولا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر قيل له فان ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة أو المرتين أو أكثر من ذلك عند القبر يسلمون ويدعون ساعة فقال لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ولم يبلغني إن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده وإنما اشتهر هذا عن ابن عمر أنه إذا قدم من سفر أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا كبر السلام عليك يا أبت وممن رواه القاضي إسماعيل بن اسحاق في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر كان إذا قدم من سفر أتى المسد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه "
وقال أيضاً في ص 138 :" قال مالك في المبسوط وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما ذلك للغرباء وقال مالك في المبسوط يضا ولا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو له ولأبي بكر وعمر قيل له فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو الأيام المرة أو المرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة فقال لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده فقد بين مالك إنه لم يبلغه عن السلف من الصحابة المقيمين بالمدينة أنهم كانوا يقفون بالقبر عند دخول المسجد إلا لمن قدم من سفر مع أن الذي يقصد السفر فيه نزاع مذكور في غير هذا الموضع"
وقال أيضاً في ص180 :" وقد ذكر أهل العلم مالك وغيره أن هذا يكره ولم يكن السلف يفعلونه وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما يصلح اولها ومعلوم أنه لو كان الإتيان إلى عند القبر مستحبا لأهل المدينة لكان الصحابة التابعون أعلم بذلك وأتبع له من غيرهم"
وقال أيضاً في ص92:" وقال سعيد أيضا حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال هلم إلى العشاء فقلت لا أريده فقال ما لي رأيتك عند القبر فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت المسجد فسلم عليه ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم قبورا لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا عليه إن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء ورواه القاضي اسماعيل بن اسحاق في كتاب ( فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) ولم يذكر هذه الزيادة وهي قوله ما أنتم ومن بالأندلس منه إلا سواء لأن مذهبه أن القادم من سفر والمريد للسفر سلامه هناك أفضل وأن الغرباء يسلمون إذا دخلوا وخرجوا ولهذه مزية على من بالأندلس والحسن بن الحسن وغيره لا يفرقون بين أهل المدينة والغرباء ولا بين المسافر وغيره فرواه القاضي إسماعيل عن إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي سهيل قال جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسن يتعشى في بيت عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فجئته فقال ادن فتعش قال قلت لا أريده قال لي مالي رأيتك وقفت قلت وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخلت المسجد فسلم عليه ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر لعن الله اليهود والنصارة اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ولم يذكر قول الحسن فهذا فيه أنه أمره أن يسلم عند دخول المسجد وهو السلام المشروع الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم"
وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص80 :" وأما كونه عند القبر فهذا كان يفعله ابن عمر إذا قدم من سفر، وكذلك الذين استحبوه من العلماء استحبوه للصادر والوارد من المدينة وإليها من أهلها، وللوارد والصادر من المسجد من الغرباء،مع أن أكثر الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك ولا فرق أكثر السلف بني الصادر والوارد، بل كلهم ينهون عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم."
والسبب في ذلك أن القوم كانوا أهل اتباع ، ومحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم حقيقية ليست بمجرد الادعاء فكانت ظاهرةً باتباعهم ، ولم يكونوا بحاجة إلى ما أحدثه المحدثون
والنبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ تعظيمه في كل مكان ولا خصوصية لقبره بمزيد تعظيم ، وإذا خصصنا قبره بمزيد تعظيم كان في ذلك حطٌ عليه
قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي ص49 :" والله سبحانه خص رسوله بما خصه به تفضيلا له وتكريما لما يجب من حقه على كل مسلم في كل موضع فان الله أوجب الإيمان به ومحبته وموالاته ونصره وطاعته واتباعه على كل أحد في كل مكان وأمر من الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان ومن سؤال الوسيلة له عند كل أذان ومن ذكر فضائله ومناقبه وما يعرف به قدر نعمة الله به على أهل الأرض وأن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم اليهم وأنه هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنه لا يؤمن العبد حتى يكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين بل حتى يكون أحب اليه من نفسه إلى غير ذلك من حقوقه المبسوطة في غير هذا الموضع وكل هذه مشروعة في جميع البقاع ليس منها شيء يختص بالقبر ولا بما هو قريب من القبر ولا شرع للناس أن يكون قيامهم بهذه الحقوق عند القبر أفضل من قيامهم بها في بلادهم بل المشروع أن يقوموا بها في كل مكان ومن قام بها عند القبر وفتر عن القيام بها في بلده كما يوجد في بعض الناس يوجد من محبته وتعظيمه وثنائه ودعائه للرسول عند قبره أعظم مما يوجد في بلده وطريقه فهذه حالة منقوصة غير محمودة وصاحبها مبخوس الحظ ناقص النصيب وهو ناقص الدين والايمان إما بترك واجب يأثم بتركه وإما بترك مستحب تنقص درجته بتركه بخلاف من من الله عليه فجعل محبته وثناءه وتعظيمه ودعاءه للرسول في بلده مثل ما إذا كان بالمدينة عند قبره أو أعظم فهذه هي الحالة المحمودة المشروعة وهي حال الصحابة والتابعين لهم باحسان إلى يوم القيامة ولا يعرف عن أحد منهم أنه كان يزيد حبه وتعظيمه ودعاؤه وثناؤه عند القبر ولهذا لم يكونوا يأتونه لأن قيامهم بما يجب من حقوق الرسول في جميع الأمكنة سواء"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تعليق