بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذه مسائل مهمة في الغسل جمعتها ورأيت أن أنشرها في المنتدى من باب مدارسة العلم , خاصة وأن الغسل مما تتوقف عليه صحة أو بطلان عبادة المسلم, فمن عنده زيادة فائدة في الموضوع فليفدنا بها . نسأل المولى عز وجل أن يفقهنا في الدين ويوفقنا للعمل بما علمنا.
المسألةالأولى:هل الوضوء واجب قبل الغسل أم أنهسنة؟
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة الإمام مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة-رحمهم الله تعالى-أن الوضوء قبل الغسل سنة من سنن الغسل وليس بواجب.
وهذه بعض من أقوالهم المبسوطة في مصنفاتهم:
مذهب المالكية: " ولا يجب الوضوء في الغسل.... (وَأفضَلُ لَهُ) أي للمتطهر من الجنابة ونحوها (أنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ أَنْ يَبْدَأَ بغَسْل مَا بفَرْجه أَوْ جَسَده منَ الأَذَى)"(رسالة ابن أبي زيد القيرواني 1/163(.
مذهب الشافعية: " فرض الله تعالى الغسل مطلقا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغسل جميع بدنه " )الأم 1/40(.
مذهب الحنابلة: " وسننه: الوضوء قبله. وإزالة ما لوثه من أذى. وإفراغه الماء على رأسه ثلاثا، وعلى بقية جسده ثلاثا، والتيامن، والموالات، وإمرار اليد على الجسد، وإعادة غسل رجليه بمكان آخر "(منار السبيل 1/41).
الحنفية: قال السرخسي: " وَالْبُدَاءَةُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ إفَاضَةِ الْمَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَنَا , وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ , وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ بَيْنَ مَا إذَا أَجْنَبَ وَهُوَ مُحْدِثٌ أَوْ طَاهِرٌ فَقَالَ : إذَا كَانَ مُحْدِثًا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ الْجَنَابَةِ قَدْ كَانَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ وَالْغَسْلُ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَنَابَةِ . ( وَلَنَا ) قوله تعالى :
}وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا { وَالِاطِّهَارُ يَحْصُلُ بِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلِأَنَّ مَبْنَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ ")المبسوط 1/46(
وهو أيضا مذهب ابنحزم -رحمه الله-قال في كتابه " المحلى": " صِفَةُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا 188 - مَسْأَلَةٌ : أَمَّا غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَيَخْتَارُ - دُونَ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ فَرْضًا - أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ فَرْجِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ , وَأَنْ يَمْسَحَ بِيَدِهِ الْجِدَارَ أَوْ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ غَسْلِهِ ثُمَّ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ وَيَسْتَنْثِرَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَرْضًا وَلَا بُدَّ , إنْ قَامَ مِنْ نَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا , فَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ حَتَّى يُوقِنَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّ الْجِلْدَ , ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا بِيَدِهِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِمَيَامِنِهِ " اهـ.
ونقل ابن عبد البر وابن بطال الإجماع على استحباب الوضوء قبل الغسل.
قال ابن عبد البر: " المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده فقد أدى ما عليه، لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة دون الوضوء بقوله: }وَإنْ كُنْتُم جُنُباً فَاطَّهْروا{ (المائدة: 6) وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسياً برسول الله ولأنه أعون على الغسل وأهذب فيه". (مختصر المغني على شرح الخرقي 1/160)
لكن عقب الحافظ ابن حجر-رحمه الله- أن دعوى الإجماع مردودة, لوجود من خالف في هذه المسألة.
قال الحافظ في " الفتح" : " نقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل, وهو مردود فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث " انتهى كلام الحافظ.
وقال ابن العربي في العارضة: " قال أبو ثور : يلزم الجمع بين الوضوء والغسل , كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقد رد ابن العربي عنه بثلاثة أجوبة:
الأول: أن ذلك ليس بجمع كما بيناه وإنما هو غسل كله .
الثاني: أنه إن كان جمع بينهما فإنما ذلك استحباب بدليل قوله تعالى} : حتى تغتسلوا { وقوله} وإن كنتم جنبا فاطهروا , { فهذا هو الفرض الملزم والبيان المكمل وما جاء من بيان هيئته لم يكن بيانا لمجمل واجب فيكون واجبا , وإنما كان إيضاحا لسنة .
الثالث: أن سائر الأحاديث ليس فيها ذكر الوضوء , ومنها ما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة إذ قالت له إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه للغسل من الجنابة , فقال لها : إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء , ثم تضغثيه , ثم تفيضين على جسدك الماء فإذا أنت قد طهرت" انتهى كلام ابن العربي .
والراجح في هذه المسألة-والعلم عند الله تعالى- هو ما ذهب إليه الجمهور من أن الوضوء من سنن الغسل وليس بواجب.
واختار هذا الرأي من العلماء المعاصرين الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى-في فتوى له صدرت ضمن سلسلة الهدى والنور
) شريط رقم 342 ) وهذا فحواها:
السائل: في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم«كان إذا اغتسل لم يتوضأ» فهل يكتفى بالنسبة للوضوء بالنية أم يجب الوضوء قبل الغسل كما صح عنه
-صلى الله عليه وسلم- في سنته العملية؟
الجواب: لا شك أن الجمع بين الغسل والوضوء قبله هو السنة بلا شك ولا ريب, لكنه خلاف هل هذا الوضوء بين يدي الغسل واجب بحيث لو اغتسل ولم يتوضأ لا يصح له الصلاة, أم ليس بواجب ولكنه سنة, هذا الذي نختاره, أن الوضوء بين يدي الغسل سنة, وليس بالأمر الواجب للحديث الذي أشار السائل. اهـ
المسألةالثانية هل الغسل يجزئ عنالوضوء؟
اتفق جمهور أهل العلم على أن الغسل الواجب يجزئ عن الوضوء إذا كان لرفع حدث أكبر كالجنابة أو الحيض أو النفاس.
مذهب المالكية: " ((فَإن اقْتَصَرَ) أي اكتفى الْمُتَطَهِّرُ من الجنابة والحيض والنفاس (عَلَى الْغُسْل دُونَ الْوُضُوء أَجْزَأَهُ) عن الوضوء باتفاق. فله أن يصلي بذلك الغسل من غير وضوء إذا لم يمس ذكره، أما لو كان الغسل سنة أو مستحباً فلا يجزئ عن الوضوء .
وأخذ من قوله: (وَأفضَلُ لَهُ) أي للمتطهر من الجنابة ونحوها (أنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ أَنْ يَبْدَأَ بغَسْل مَا بفَرْجه أَوْ جَسَده منَ الأَذَى) فضيلتان إحداهما البداءة بغسل ما بفرجه أو في جسده من الأذى، فإن غسله بنية الجنابة وزوال الأذى أجزأه على المشهور، وإن غسله بنية زوال الأذى ثم لم يغسله بعده لم يجزه اتفاقاً، والثانية الوضوء قبل أن يغسل سائر الجسد تشريفاً لها فعلى هذا هو تكرار مع قوله: (ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوء الصَّلاة) ولا يقصد بوضوئه الصلاة فلو قصدها به فالمشهور أنه يجزئه، وقيل: لا يجزئه إلا أن يحمل الأول على الوضوء اللغوي" (رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/163).
مذهب الحنابلة: (وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء وكان تاركاً للاختيار)
هذا المذكور صفة الإجزاء، والأول هو المختار، ولذلك قال: وكان تاركاً للاختيار يعني: إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه للأفضل والأولى، وقوله: وينوي به الغسل والوضوء يعني: أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما. نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى: لا يجزئه الغسل عن الوضوء حتى يأتي به قبل الغسل أو بعده. وهو أحد قولي الشافعي لأن النبي فعل ذلك ولأن الجنابة والحدث وجدا منه، فوجبت لهما الطهارتان كما لو كانا منفردين.
ولنا: قول الله تعالى}: لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون، وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتى تَغْتَسِلُوا{ (النساء: 43)، جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة، فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها. ولأنهما عبادتان من جنس واحد فتدخل الصغرى في الكبرى كالعمرة في الحج" . (المغني على مختصر الخرقي (1/160(
قال ابن قدامة المقدسي في " الكافي" تحت باب الغسل من الجنابة: " والأفضل تقديم الوضوء على الغسل، للخبر الوارد، فإن اقتصر على الغسل ونواهما أجزأه عنهما لقول الله تعالى {إن كنتم جنبا فاطهروا} المائدة: 6 ولم يأمر بالوضوء معه، ولأنهما عبادتان من جنس: صغرى، وكبرى، فدخلت الصغرى في الكبرى في الأفعال دون النية، كالحج، والعمرة". الكافي 1/51.
مذهب الشافعية: قال الشافعي –رحمه الله تعالى- في " الأم " تحت باببَابٌ مَنْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَٱلاسْتِنْشَاقَ في غُسْلِ ٱلجْنَابَة:" ولو بدأ فاغتسَلَ، ولم يتوضَّأْ، فأكمل الغُسْل، أجزأه من وضوءِ الساعة للصَّلاة، والطَّهارةُ بالغُسْل أَكْثَرُ منها بالوضوء أو مثلُها"(الأم 1/41 ).
مذهب الحنفية: " باب حتى لو سال عليه المطر أجزأه عن الوضوء والغسل فلا يشترط لهما النية إذ اشتراطها لاعتبار الفعل الاختياري وبه تبين أن اللازم للوضوء معنى الطهارة ومعنى العبادة فيه من الزوائد فإن اتصلت به النية يقع عبادة وإن لم تتصل به لا يقع عبادة لكنه يقع وسيلة إلى إقامة الصلاة لحصول الطهارة كالسعي إلى الجمعة" بدائع الصنائع 1/20.
أقوال العلماء المعاصرين في الأغسال التي تجزئ عنالوضوء؟
فتوى الشيخ ابن باز-رحمه اللهتعالى-
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا كان الغسل عن الجنابة ، ونوى المغتسل الحدثين : الأصغروالأكبر أجزأ عنهما . .
أما إن كان الغسل لغير ذلك كغسل الجمعة، وغسل التبرد والنظافةفلا يجزئ عن الوضوء ولو نوى ذلك؛ لعدم الترتيب، وهو فرض من فروض الوضوء ، ولعدموجود طهارة كبرى تندرج فيها الطهارة الصغرى بالنية ، كما في غسل الجنابة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/173).
السؤال: هل الاغتسال غير الغسل من الجنابة يجزئ عن الوضوء؟
الجواب: لا يجزئ عن الوضوء لا بد من الوضوء المرتب, أما إذا اغتسل من الجنابة ونواهما فإنه يجزئ عند جمع من أهل العلم والأفضل أن يتوضأ ثم يغتسل للجنابة هذا هو الأفضل.
(فتاوى نور على الدرب).
فتوىالشيخ العثيمين-رحمه اللهتعالى-
السؤال:أحسن الله إليكم يقول هذا السائل هل الغسل يجزي عن الوضوء أم لابد من الوضوء بعد الغسل؟
الجوابالشيخ: الغسل نوعان غسل عن جنابة فيجزي عن الوضوء, وغسل للجمعة فلا يجزئ عن الوضوء, وغسل للتبرد فلا يجزي عن الوضوء؛ غسل الجنابة يجزي عن الوضوء سواء نوى الوضوء معه أم لم ينو لقول الله تبارك وتعالى(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ولم يذكر وضوءً ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى الرجل الذي كان على جنابة أعطاه ماءً وقال خذ هذا أفرغه على نفسك ولم يذكر له -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ترتيبا لكن الأفضل في غسل الجنابة أن يغسل الإنسان ما أصابه من التلويث ثم يتوضأ وضوءً كاملا بغسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح ومسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين ثم يفيض الماء على رأسه حتى يظن أنه أرواه ثلاثة مرات ثم يغسل سائر جسده هذا هو الأفضل ولو أن الإنسان كان في مسبح أو في بركة ونوى غسل الجنابة وأنغمس في الماء ثم خرج لم يبق عليه إلا المضمضة والاستنشاق فإذا تمضمض وأستنشق ارتفعت الجنابة.
المرجع: (فتاوى نور على الدرب).
السؤال:أيضاً شق السؤال تقول هل الغسل يجزئ عن الوضوء؟
الجواب: الشيخ: الغسل المشروع كغسل الجنابة يجزئ عن الوضوء لأن الله تبارك وتعالى يقول (وإن كنتم جنباً فاطهروا)ولم يذكر وضوءً فالجنابة إذا اغتسل الإنسان عنها أجزأته عن الوضوء وجاز أن يصلي وإن لم يتوضأ, وأما إذا كان الغسل غير مشروع كالغسل للتبرد ونحوه فإنه لا يجزئ عن الوضوء لأنه ليس بعبادة.
المرجع (فتاوى نور على الدرب).
السؤال:بعد ذلك ننتقل إلى رسالة بعث بها السائل م م ع يقول رجل اغتسل من الجنابة واغتسل بقصد النظافة فهل ذلك يغنيه عن الوضوء للصلاة أم لابد من الاغتسال الكامل للبدن؟
الجواب: الشيخ: أما مَنْ اغتسل من أجل الجنابة فإنه يجزئه عن الوضوء لقول الله تبارك وتعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا( ولم يذكر الله تعالى وضوءً, وأما الاغتسال للتبرد فإنه لا يجزئ عن الوضوء لأن الاغتسال للتبرد ليس عن حدث فلا يكون مجزئاً بل لابد أن يتوضأ بعد أن ينتهي من الاغتسال للتبرد. المرجع: (فتاوى نور على الدرب(
وسُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – أيضاً : هل يجزئالغسل غير المشروع عن الوضوء ؟
فأجاب : " الغسل غير المشروع لا يجزئ عن الوضوء ؛ لأنه ليس بعبادة " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 181(
وسُئل رحمه الله – أيضاً - : هل الاستحمام يكفي عن الوضوء ؟
فأجاب: " الاستحمام إن كان عن جنابة : فإنه يكفي عن الوضوء ؛ لقوله تعالى(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) فإذا كان على الإنسان جنابة وانغمس فيبركة أو في نهر أو ما أشبه ذلك ونوى بذلك رفع الجنابة وتمضمض واستنشق : فإنهيرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر؛ لأن الله تعالى لم يوجب عند الجنابة سوى أننطَّهَّر ، أي : أن نَعُمَّ جميع البدن بالماء غسلاً ، وإن كان الأفضل أن المغتسلمن الجنابة يتوضأ أولاً ؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل فرجه بعد أن يغسلكفيه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يفيض الماء على رأسه ، فإذا ظن أنه أروى بشرتهأفاض عليه ثلاث مرات ، ثم يغسل باقي جسده .
أما إذا كان الاستحمام لتنظيف أو لتبرد : فإنه لا يكفى عن الوضوء ؛لأن ذلك ليس من العبادة ، وإنما هو من الأمور العادية ، وإن كان الشرع يأمربالنظافة ، لكن لا على هذا الوجه ، بل النظافة مطلقا في أي شيء يحصل فيه التنظيف .
وعلى كل حال : إذا كان الاستحمام للتبرد أو النظافة : فإنه لا يجزئعن الوضوء " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 182.).
فتوىالشيخ الألباني-رحمه اللهتعالى-
قال الألباني في " تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص 129): "ومن مسائل تتعلق بالغسل) : قوله : 2 _ إذا اغتسل من الجنابة ، ولميكن قد توضأ ، يقوم الغسل عن الوضوء ، قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليهوسلم لا يتوضأ بعد الغسل . وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له : إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له : لقد تعمقت ) . قلت : في هذا الاستدلال نظر ، أما الأثر عن ابن عمرفموقوف ، ولا حجة فيه إن صح . ثم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث ، وهو أنالسنة الوضوء قبل الغسل لا بعده ، بدليل حديثها الآخر ، قالت : كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم اغتسل ... الحديث . أخرجه الشيخان وغيرهما . ولا شك أن من توضأ قبل الغسل ، ثم بعده ، فهوتعمق ، ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة ، فليس إذن في حديث عائشة أنهصلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا ، ولو كان كذلك لصح الاستدلال بهوإذ لا ؛ فلا . فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله : أن أهل الطائف قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا أرض باردة ، فما يجزئنا من غسل الجنابة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا . رواه مسلم وغيره .... فإذا ضمإليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف وهو صحيح كما بينته في صحيح أبي داود 244 . ينتجمنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده . واللهأعلم " .
سئل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى هذا السؤال:
السؤال:هل مِنَ الضروري يوم الجمعة إذا اغتسلَ الإنسانُ أنْ يتوضأ حتى يُصلِّي؟
الجواب: إذا ما انتقض غُسلُه؛ لا . ليس مِن الضروري .
سلسلة الهدى والنور: الشريط الثاني على واحد
وخلاصة القول في هذه المسألة أن منشأ الخلاف بين العلماء يرجع إلى اختلافهم في غسل الجمعة هل هو من الغسل الواجب الذي يرفع الحدث, أم أنه غسل مستحب لا يرفع الحدث.
فمن رأى أن غسل الجمعة واجب يرفع الحدث ذهب إلى أنه يجزئه عن الوضوء للصلاة.
ومن رأى أن الغسل غير الواجب كغسل التنظف والتبرد وغسل الجمعة مستحب؛ ذهب إلى أنه لا يجزئ عن الوضوء لأنه لا يرفع الحدث, ولا بد أن يتوضأ للصلاة.
وهذه مسألة مكملةلسابقتها:
من أتى بسنة الوضوء في الغسل الواجب فلا يستحب له الوضوء بعده ما لم يحدث للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-وسأوردها بمجموعها كما وردت في كتب السنن.
روايةالنسائي:
عائشة رضي الله عنها قالت«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل» سنن النسائي.
شرح سننالنسائي للسندي
" قوله ( لا يتوضأ بعد الغسل )
أي يصلي بعد الاغتسال وقبل الحدث بلا وضوء جديد اكتفاء بالوضوء الذي كان قبل الاغتسال أو بما كان في ضمن الاغتسال والله تعالى أعلم بالحال "اهـ.
رواية الترمذي:
عن عائشة-رضي الله عنها-«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأبعد الغسل» -صحيح الترمذي-
قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحدمن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين أن لا يتوضأبعد الغسل.
تحفة الأحوذي بشرح جامعالترمذي:
" أي اكتفاء بوضوئه الأول في الغسل أو باندراج ارتفاع الحدث الأصغر تحت ارتفاع الأكبر بإيصال الماء إلى جميع أعضائه وهو رخصة قاله القاري, قلت المعتمد هو الأول والله تعالى أعلم.
قوله ): هذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلخ )
بل لم يختلف فيه العلماء كما صرح به ابن العربي . " اهـ.
رواية ابن ماجة:
عن عائشة قالت« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسلمن الجنابة» -صحيحابن ماجة-.
شرح سننابن ماجه للسندي
" قوله( لا يتوضأ )
أي للصلاة بعد الغسل من الجنابة ما لم يحدث أو لم ير الحدث فيكتفي بالوضوء الحاصل في ضمن غسل الجنابة أو بالوضوء المتقدم على الغسل عادة " اهـ.
رواية أبي داود:
عن عائشة قالت« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويصلي الركعتينوصلاة الغداة ولا أراه يحدث وضوءً بعد الغسل»-صحيحأبي داود-
عون المعبود شرح سنن أبيداود
( يغتسل ) : من الجنابة ( ويصلي ( : بعد الغسل ) الركعتين( : قبل الصبح ) و :( يصلي ) صلاة الغداة ( : أي الصبح ) ولا أراه ( : بالضم أي لا أظنه ) يحدث ( : من الإحداث أي يجدد ) وضوءً بعد الغسل ( : اكتفاءً بوضوئه الأول قبل الغسل كما في أكثر الروايات أو باندراج ارتفاع الحدث الأصغر تحت ارتفاع الأكبر بإيصال الماء إلى جميع أعضائه. قال الترمذي : هذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أن لا يتوضأ بعد الغسل .
قلت : لا شك في أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ في الغسل لا محالة , فالوضوء قبل إتمام الغسل سنة ثابتة عنه , وأما الوضوء بعد الفراغ من الغسل فلم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولم يثبت" اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح "(1/362): "واستدل به البخاري أيضاعلى أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة ، وعلى أن من توضأ بنية الغسل ثم أكمل باقيأعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث" اهـ.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم(3/229):" وإذا توضأ أولاً لا يأتي به ثانياً فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم" اهـ.
" وقالوا : لو توضأ أولاً لا يأتي به ثانياً ؛ لأنه لا يستحب وضوءان للغسل اتفاقا " اهـ.
(رد المحتار على الدر المختار(
قال الشيخ الألباني رحمه اللهتعالى- " في تمام المنة في التعليق على فقه السنة":
"ومن مسائل تتعلق بالغسل : قوله : 2 _ إذا اغتسل من الجنابة ، ولميكن قد توضأ ، يقوم الغسل عن الوضوء ، قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليهوسلم لا يتوضأ بعد الغسل.
وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له : إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له : لقد تعمقت .
قلت : في هذا الاستدلال نظر، أما الأثر عن ابن عمرفموقوف، ولا حجة فيه إن صح . ثم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث ، وهو أنالسنة الوضوء قبل الغسل لا بعده ، بدليل حديثها الآخر ، قالت :«كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم اغتسل« ... الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما . ولا شك أن من توضأ قبل الغسل ، ثم بعده ، فهوتعمق ، ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة ، فليس إذن في حديث عائشة أنهصلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا ، ولو كان كذلك لصح الاستدلال بهوإذ لا ؛ فلا . فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله : «أن أهل الطائف قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا أرض باردة ، فما يجزئنا من غسل الجنابة ؟ فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا ». رواه مسلم وغيره .... فإذا ضمإليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف وهو صحيح كما بينته في صحيح أبي داود 244 . ينتجمنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده . واللهأعلم" اهـ.
فتوى الشيخ ابن عثيمين-رحمه اللهتعالى-
سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- : هل يجزئ الغسل منالجنابة عن الوضوء ؟
فأجاب : " إذا كان على الإنسان جنابة واغتسل فإن ذلك يجزئه عن الوضوء ،لقوله تعالى ) وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ( ولا يجب عليه إعادةالوضوء بعد الغسل ، إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء ، فأحدث بعد الغسل ، فيجبعليه أن يتوضأ ، وأما إذا لم يحدث فإن غسله من الجنابة يجزئ عن الوضوء سواء توضأقبل الغسل أم لم يتوضأ ، لكن لابد من ملاحظة المضمضة والاستنشاق، فإنه لابد منهمافي الوضوء والغسل " انتهى . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " 11 / السؤال رقم 18..
المسألة الثالثة: هل المضمضمة والاستنشاق واجبان في الغسل
قد ذكر أهل العلم صفتان للغسل: صفة كمال وصفة إجزاء1:
صفة الإجزاء أو الغسل المجزئ*: تعميم جميع البدن بالماء (مع النية والتسمية في أوله وغسل الفرج مما أصابه) وقد دلت عليه أحاديث منها:
عن جبير بن مطعم قال: «تماروا في الغسل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعض القوم أما أنافإني أغسل رأسي كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنا فإني أفيض على رأسي ثلاث أكف»رواه مسلم.
وعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله صلى الله عليهوسلم إذا اغتسل منالجنابةدعا بشيء نحو الحلاب فأخذبكفه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه » رواه مسلم.
وعن أم سلمة-رضي الله عنها-قالت« قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة قال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» رواه مسلم
وقال ابن عبد البر: " إن المُغْتسِل من الجنابة إذا لم يتوضأ، وعم جميع جسده ورأسه ويديه ورجليه وسائر بدنه بالماء، وأسبغ ذلك وأكمله بالغسل ومرور يديه، فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه وتم غسله، لأن الله عز وجل، إنما فرض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله عز وجل:وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ، وقوله:
وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ، وهذا إجماع لا خلاف فيه بين العلماء" التمهيد (22/93).
قال الشيخ العثيمين-رحمه الله تعالى-: "والضابط: أن ما اشتمل على ما يجب فقط فهو صفة إجزاء، وما اشتمل على الواجب والمسنون، فهو صفة كمال" الشرح الممتع (1/29.
والمسألة المطروحةهي: هل المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل المجزئ؟
بمعنى إذا عمَّ المسلم بدنه بالماء ولم يأت بسنة الوضوء قبل غسله هل تجب عليه المضمضة والاستنشاق؟
اتفق الأئمة الأربعة على أن تعميم الجسد كله بالماء فرض، واختلفوا في المضمضة والاستنشاق في الغسل.
فذهب الحنفية والحنابلة أن المضمضة والاستنشاق فرض في الغسل2.
أما المالكية والشافعية فقالوا لا تجب المضمضة والاستنشاق لا في الوضوء ولا في الغسل.
وهذه أقوالهم في المسألة:
مذهبالقائلين بوجوب المضمضة والاستنشاق فيالغسل:
مذهبالحنفية: (وَفَرْضُ الْغُسْلِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَغَسْلُ سَائِرِ الْبَدَنِ ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله هُمَا سُنَّتَانِ فِيهِ لِقَوْلِهِ-عليه الصلاة والسلام}- عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ { أَيْ مِنْ السُّنَّةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَلِهَذَا كَانَا سُنَّتَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَلَنَا قوله تعالى} وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا { وَهُوَ أَمْرٌ بِتَطْهِيرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ , إلَّا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ النَّصِّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْمُوَاجِهَةُ فِيهِمَا مُنْعَدِمَةٌ , وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ حَالَةَ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ -عليه الصلاة والسلام-« إنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوء »(فتح القدير لابن همام 1/55)
" ولهذا وجبت المضمضة والاستنشاق في الغسل، لأن إيصال الماء إلى داخل الفم ، والأنف ممكن بلا حرج ، وإنما لا يجبان في الوضوء لا لأنه لا يمكن إيصال الماء إليه بل لأن الواجب هناك غسل الوجه ولا تقع المواجهة إلى ذلك رأسا " بدائع الصنائع 1/34)
مذهب الحنابلة:(وفرضه أن يعم بالماء جميع بدنه وداخل فمه وأنفه) لحديث ميمونة «وضع رسول الله ، وضوء الجنابة فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين أو ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه» متفق عليه" (منار السبيل 1/41).
مذهبالقائلين باستحباب المضمضة والاستنشاق فيالغسل:
مذهبالشافعية:قال الشّافعي: " ولا أحبُّ لأَحَدٍ أن يدع المضمضَةَ والاستنشاقَ في غُسْلِ الجنابةِ، وإن تركه، أَحْبَبْتُ له أن يتمضمض، فإن لم يفعل، لم يكن عليه أن يَعُودَ لصلاةٍ، إن صلاها. (الأم 1/41).
مذهب المالكية): " وصماخ أذنيه ومضمضة واستنشاق( ابن بشير: المضمضة والاستنشاق عندنا سنتان في الغسل وكذا مسح داخل الأذنين، والمراد بالداخل هنا الصماخ وأما خارجه فلا خلاف في فرضيته" اهـ(التاج والإكليل لمختصر خليل 1/5).
أقوال العلماء المعاصرين فيالمسألة
الشيخ ابن عثيمين-رحمه اللهتعالى-
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فمن أهل العلم من قال : لا يصحالغسل إلا بهما كالوضوء .
وقيل : يصح بدونهما .
والصواب : القول الأول ؛ لقوله تعالى ( فاطَّهَّروا ) المائدة/6، وهذا يشمل البدن كله وداخل الأنف والفم من البدن الذي يجب تطهيره ، ولهذا أمرالنبي صلى الله عليه وسلم بهما في الوضوء لدخولهما تحت قوله تعالى ( فاغسلواوجوهكم ) المائدة/6 ، فإذا كانا داخلين في غسل الوجه، وهو مما يجب تطهيره فيالوضوء ، كانا داخلين فيه في الغسل لأن الطهارة فيه أوكد " انتهى من "الشرحالممتع "
وقال أيضا: "الغسل المجزئ: أن ينوي، ثم يسمي، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة مع المضمضة والاستنشاق.
ولو أن رجلاً عليه جنابة، فنوى الغسل، ثم انغمس في بركة ـ مثلاً ـ ثم خرج فهذا الغسل مجزئ بشرط أن يتمضمض ويستنشق" (الشرح الممتع 1/306).
السؤال:رسالة وصلت من أحد الأخوة المستمعين الكرام يقول في سؤاله المستمع عبد الله أبو بكر من الرياض حي المرسلات إذا توضأ الإنسان واغتسل لرفع الحدث الأكبر هل يجوز له أن يصلي بعد الاغتسال بذلك الوضوء أم يتوضأ ثانية ؟
الجواب:إذا الجواب إذا كان على الإنسان جنابة واغتسل فإن ذلك يجزيه عن الوضوء لقوله تعالى(وإن كنتم جنباً فاطهروا ) ولا يجب عليه إعادة الوضوء بعد الغسل إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء فأحدث بعد الغسل فيجب عليه أن يتوضأ و أما إذا لم يحدث فإن غسله عن الجنابة يجزئه عن الوضوء سواء توضأ قبله أم لم يتوضأ لكن لابد من ملاحظة المضمضة والاستنشاق فإنه لا بد منهما في الوضوء والغسل نعم (فتاوى نور على الدرب).
فتوى الشيخ الألباني-رحمه اللهتعالى-
السائل: شيخنا قضية المضمضة والاستنشاق فيمن يفيض؟
الجواب: هذه قضية طبعا تعالج بمعالجة أخرى, وهي معروفة عندنا, من يرى أن المضمضة والاستنشاق في الوضوء فرض وهذا الذي نتبناه, فنقول لا بد والحالة هذه لمن يصب ولا يتوضأ أن يتمضمض ويستنشق لقيام الدليل على وجوب ذلك, ومن يرى أنه سنة فقد سبق الجواب على ذلك. (سلسلة الهدى والنور شريط رقم 299.).
والذي نلحظه من أقوال علماء عصرنا أنهم ذهبوا في هذه المسألة إلى مذهب القائلين بوجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل المجزئ وهم الحنابلة والحنفية.
هذا ما تيسر جمعه والله تعالى أعلم بالصواب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.
1 –(والمجزئ) أي: الغسل الذي إذا فعلته كفاك وأجزأك لعبادتك, وتبرأ به الذمة.
* - ويسمى أيضا الغسل الواجب.
2 - الحنابلة يقولون: أن المضمضة والاستنشاق فرض في الوضوء أيضاً، ولكن الحنفية لم يوافقوهم على ذلك في الوضوء.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذه مسائل مهمة في الغسل جمعتها ورأيت أن أنشرها في المنتدى من باب مدارسة العلم , خاصة وأن الغسل مما تتوقف عليه صحة أو بطلان عبادة المسلم, فمن عنده زيادة فائدة في الموضوع فليفدنا بها . نسأل المولى عز وجل أن يفقهنا في الدين ويوفقنا للعمل بما علمنا.
المسألةالأولى:هل الوضوء واجب قبل الغسل أم أنهسنة؟
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة الإمام مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة-رحمهم الله تعالى-أن الوضوء قبل الغسل سنة من سنن الغسل وليس بواجب.
وهذه بعض من أقوالهم المبسوطة في مصنفاتهم:
مذهب المالكية: " ولا يجب الوضوء في الغسل.... (وَأفضَلُ لَهُ) أي للمتطهر من الجنابة ونحوها (أنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ أَنْ يَبْدَأَ بغَسْل مَا بفَرْجه أَوْ جَسَده منَ الأَذَى)"(رسالة ابن أبي زيد القيرواني 1/163(.
مذهب الشافعية: " فرض الله تعالى الغسل مطلقا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغسل جميع بدنه " )الأم 1/40(.
مذهب الحنابلة: " وسننه: الوضوء قبله. وإزالة ما لوثه من أذى. وإفراغه الماء على رأسه ثلاثا، وعلى بقية جسده ثلاثا، والتيامن، والموالات، وإمرار اليد على الجسد، وإعادة غسل رجليه بمكان آخر "(منار السبيل 1/41).
الحنفية: قال السرخسي: " وَالْبُدَاءَةُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ إفَاضَةِ الْمَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَنَا , وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ , وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ بَيْنَ مَا إذَا أَجْنَبَ وَهُوَ مُحْدِثٌ أَوْ طَاهِرٌ فَقَالَ : إذَا كَانَ مُحْدِثًا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ الْجَنَابَةِ قَدْ كَانَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ وَالْغَسْلُ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَنَابَةِ . ( وَلَنَا ) قوله تعالى :
}وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا { وَالِاطِّهَارُ يَحْصُلُ بِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلِأَنَّ مَبْنَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ ")المبسوط 1/46(
وهو أيضا مذهب ابنحزم -رحمه الله-قال في كتابه " المحلى": " صِفَةُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا 188 - مَسْأَلَةٌ : أَمَّا غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَيَخْتَارُ - دُونَ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ فَرْضًا - أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ فَرْجِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ , وَأَنْ يَمْسَحَ بِيَدِهِ الْجِدَارَ أَوْ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ غَسْلِهِ ثُمَّ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ وَيَسْتَنْثِرَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَرْضًا وَلَا بُدَّ , إنْ قَامَ مِنْ نَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا , فَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ حَتَّى يُوقِنَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّ الْجِلْدَ , ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا بِيَدِهِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِمَيَامِنِهِ " اهـ.
ونقل ابن عبد البر وابن بطال الإجماع على استحباب الوضوء قبل الغسل.
قال ابن عبد البر: " المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده فقد أدى ما عليه، لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة دون الوضوء بقوله: }وَإنْ كُنْتُم جُنُباً فَاطَّهْروا{ (المائدة: 6) وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسياً برسول الله ولأنه أعون على الغسل وأهذب فيه". (مختصر المغني على شرح الخرقي 1/160)
لكن عقب الحافظ ابن حجر-رحمه الله- أن دعوى الإجماع مردودة, لوجود من خالف في هذه المسألة.
قال الحافظ في " الفتح" : " نقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل, وهو مردود فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث " انتهى كلام الحافظ.
وقال ابن العربي في العارضة: " قال أبو ثور : يلزم الجمع بين الوضوء والغسل , كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقد رد ابن العربي عنه بثلاثة أجوبة:
الأول: أن ذلك ليس بجمع كما بيناه وإنما هو غسل كله .
الثاني: أنه إن كان جمع بينهما فإنما ذلك استحباب بدليل قوله تعالى} : حتى تغتسلوا { وقوله} وإن كنتم جنبا فاطهروا , { فهذا هو الفرض الملزم والبيان المكمل وما جاء من بيان هيئته لم يكن بيانا لمجمل واجب فيكون واجبا , وإنما كان إيضاحا لسنة .
الثالث: أن سائر الأحاديث ليس فيها ذكر الوضوء , ومنها ما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة إذ قالت له إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه للغسل من الجنابة , فقال لها : إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء , ثم تضغثيه , ثم تفيضين على جسدك الماء فإذا أنت قد طهرت" انتهى كلام ابن العربي .
والراجح في هذه المسألة-والعلم عند الله تعالى- هو ما ذهب إليه الجمهور من أن الوضوء من سنن الغسل وليس بواجب.
واختار هذا الرأي من العلماء المعاصرين الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى-في فتوى له صدرت ضمن سلسلة الهدى والنور
) شريط رقم 342 ) وهذا فحواها:
السائل: في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم«كان إذا اغتسل لم يتوضأ» فهل يكتفى بالنسبة للوضوء بالنية أم يجب الوضوء قبل الغسل كما صح عنه
-صلى الله عليه وسلم- في سنته العملية؟
الجواب: لا شك أن الجمع بين الغسل والوضوء قبله هو السنة بلا شك ولا ريب, لكنه خلاف هل هذا الوضوء بين يدي الغسل واجب بحيث لو اغتسل ولم يتوضأ لا يصح له الصلاة, أم ليس بواجب ولكنه سنة, هذا الذي نختاره, أن الوضوء بين يدي الغسل سنة, وليس بالأمر الواجب للحديث الذي أشار السائل. اهـ
المسألةالثانية هل الغسل يجزئ عنالوضوء؟
اتفق جمهور أهل العلم على أن الغسل الواجب يجزئ عن الوضوء إذا كان لرفع حدث أكبر كالجنابة أو الحيض أو النفاس.
مذهب المالكية: " ((فَإن اقْتَصَرَ) أي اكتفى الْمُتَطَهِّرُ من الجنابة والحيض والنفاس (عَلَى الْغُسْل دُونَ الْوُضُوء أَجْزَأَهُ) عن الوضوء باتفاق. فله أن يصلي بذلك الغسل من غير وضوء إذا لم يمس ذكره، أما لو كان الغسل سنة أو مستحباً فلا يجزئ عن الوضوء .
وأخذ من قوله: (وَأفضَلُ لَهُ) أي للمتطهر من الجنابة ونحوها (أنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ أَنْ يَبْدَأَ بغَسْل مَا بفَرْجه أَوْ جَسَده منَ الأَذَى) فضيلتان إحداهما البداءة بغسل ما بفرجه أو في جسده من الأذى، فإن غسله بنية الجنابة وزوال الأذى أجزأه على المشهور، وإن غسله بنية زوال الأذى ثم لم يغسله بعده لم يجزه اتفاقاً، والثانية الوضوء قبل أن يغسل سائر الجسد تشريفاً لها فعلى هذا هو تكرار مع قوله: (ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوء الصَّلاة) ولا يقصد بوضوئه الصلاة فلو قصدها به فالمشهور أنه يجزئه، وقيل: لا يجزئه إلا أن يحمل الأول على الوضوء اللغوي" (رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/163).
مذهب الحنابلة: (وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء وكان تاركاً للاختيار)
هذا المذكور صفة الإجزاء، والأول هو المختار، ولذلك قال: وكان تاركاً للاختيار يعني: إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه للأفضل والأولى، وقوله: وينوي به الغسل والوضوء يعني: أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما. نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى: لا يجزئه الغسل عن الوضوء حتى يأتي به قبل الغسل أو بعده. وهو أحد قولي الشافعي لأن النبي فعل ذلك ولأن الجنابة والحدث وجدا منه، فوجبت لهما الطهارتان كما لو كانا منفردين.
ولنا: قول الله تعالى}: لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون، وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتى تَغْتَسِلُوا{ (النساء: 43)، جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة، فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها. ولأنهما عبادتان من جنس واحد فتدخل الصغرى في الكبرى كالعمرة في الحج" . (المغني على مختصر الخرقي (1/160(
قال ابن قدامة المقدسي في " الكافي" تحت باب الغسل من الجنابة: " والأفضل تقديم الوضوء على الغسل، للخبر الوارد، فإن اقتصر على الغسل ونواهما أجزأه عنهما لقول الله تعالى {إن كنتم جنبا فاطهروا} المائدة: 6 ولم يأمر بالوضوء معه، ولأنهما عبادتان من جنس: صغرى، وكبرى، فدخلت الصغرى في الكبرى في الأفعال دون النية، كالحج، والعمرة". الكافي 1/51.
مذهب الشافعية: قال الشافعي –رحمه الله تعالى- في " الأم " تحت باببَابٌ مَنْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَٱلاسْتِنْشَاقَ في غُسْلِ ٱلجْنَابَة:" ولو بدأ فاغتسَلَ، ولم يتوضَّأْ، فأكمل الغُسْل، أجزأه من وضوءِ الساعة للصَّلاة، والطَّهارةُ بالغُسْل أَكْثَرُ منها بالوضوء أو مثلُها"(الأم 1/41 ).
مذهب الحنفية: " باب حتى لو سال عليه المطر أجزأه عن الوضوء والغسل فلا يشترط لهما النية إذ اشتراطها لاعتبار الفعل الاختياري وبه تبين أن اللازم للوضوء معنى الطهارة ومعنى العبادة فيه من الزوائد فإن اتصلت به النية يقع عبادة وإن لم تتصل به لا يقع عبادة لكنه يقع وسيلة إلى إقامة الصلاة لحصول الطهارة كالسعي إلى الجمعة" بدائع الصنائع 1/20.
أقوال العلماء المعاصرين في الأغسال التي تجزئ عنالوضوء؟
فتوى الشيخ ابن باز-رحمه اللهتعالى-
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا كان الغسل عن الجنابة ، ونوى المغتسل الحدثين : الأصغروالأكبر أجزأ عنهما . .
أما إن كان الغسل لغير ذلك كغسل الجمعة، وغسل التبرد والنظافةفلا يجزئ عن الوضوء ولو نوى ذلك؛ لعدم الترتيب، وهو فرض من فروض الوضوء ، ولعدموجود طهارة كبرى تندرج فيها الطهارة الصغرى بالنية ، كما في غسل الجنابة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/173).
السؤال: هل الاغتسال غير الغسل من الجنابة يجزئ عن الوضوء؟
الجواب: لا يجزئ عن الوضوء لا بد من الوضوء المرتب, أما إذا اغتسل من الجنابة ونواهما فإنه يجزئ عند جمع من أهل العلم والأفضل أن يتوضأ ثم يغتسل للجنابة هذا هو الأفضل.
(فتاوى نور على الدرب).
فتوىالشيخ العثيمين-رحمه اللهتعالى-
السؤال:أحسن الله إليكم يقول هذا السائل هل الغسل يجزي عن الوضوء أم لابد من الوضوء بعد الغسل؟
الجوابالشيخ: الغسل نوعان غسل عن جنابة فيجزي عن الوضوء, وغسل للجمعة فلا يجزئ عن الوضوء, وغسل للتبرد فلا يجزي عن الوضوء؛ غسل الجنابة يجزي عن الوضوء سواء نوى الوضوء معه أم لم ينو لقول الله تبارك وتعالى(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ولم يذكر وضوءً ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى الرجل الذي كان على جنابة أعطاه ماءً وقال خذ هذا أفرغه على نفسك ولم يذكر له -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ترتيبا لكن الأفضل في غسل الجنابة أن يغسل الإنسان ما أصابه من التلويث ثم يتوضأ وضوءً كاملا بغسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح ومسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين ثم يفيض الماء على رأسه حتى يظن أنه أرواه ثلاثة مرات ثم يغسل سائر جسده هذا هو الأفضل ولو أن الإنسان كان في مسبح أو في بركة ونوى غسل الجنابة وأنغمس في الماء ثم خرج لم يبق عليه إلا المضمضة والاستنشاق فإذا تمضمض وأستنشق ارتفعت الجنابة.
المرجع: (فتاوى نور على الدرب).
السؤال:أيضاً شق السؤال تقول هل الغسل يجزئ عن الوضوء؟
الجواب: الشيخ: الغسل المشروع كغسل الجنابة يجزئ عن الوضوء لأن الله تبارك وتعالى يقول (وإن كنتم جنباً فاطهروا)ولم يذكر وضوءً فالجنابة إذا اغتسل الإنسان عنها أجزأته عن الوضوء وجاز أن يصلي وإن لم يتوضأ, وأما إذا كان الغسل غير مشروع كالغسل للتبرد ونحوه فإنه لا يجزئ عن الوضوء لأنه ليس بعبادة.
المرجع (فتاوى نور على الدرب).
السؤال:بعد ذلك ننتقل إلى رسالة بعث بها السائل م م ع يقول رجل اغتسل من الجنابة واغتسل بقصد النظافة فهل ذلك يغنيه عن الوضوء للصلاة أم لابد من الاغتسال الكامل للبدن؟
الجواب: الشيخ: أما مَنْ اغتسل من أجل الجنابة فإنه يجزئه عن الوضوء لقول الله تبارك وتعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا( ولم يذكر الله تعالى وضوءً, وأما الاغتسال للتبرد فإنه لا يجزئ عن الوضوء لأن الاغتسال للتبرد ليس عن حدث فلا يكون مجزئاً بل لابد أن يتوضأ بعد أن ينتهي من الاغتسال للتبرد. المرجع: (فتاوى نور على الدرب(
وسُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – أيضاً : هل يجزئالغسل غير المشروع عن الوضوء ؟
فأجاب : " الغسل غير المشروع لا يجزئ عن الوضوء ؛ لأنه ليس بعبادة " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 181(
وسُئل رحمه الله – أيضاً - : هل الاستحمام يكفي عن الوضوء ؟
فأجاب: " الاستحمام إن كان عن جنابة : فإنه يكفي عن الوضوء ؛ لقوله تعالى(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) فإذا كان على الإنسان جنابة وانغمس فيبركة أو في نهر أو ما أشبه ذلك ونوى بذلك رفع الجنابة وتمضمض واستنشق : فإنهيرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر؛ لأن الله تعالى لم يوجب عند الجنابة سوى أننطَّهَّر ، أي : أن نَعُمَّ جميع البدن بالماء غسلاً ، وإن كان الأفضل أن المغتسلمن الجنابة يتوضأ أولاً ؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل فرجه بعد أن يغسلكفيه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يفيض الماء على رأسه ، فإذا ظن أنه أروى بشرتهأفاض عليه ثلاث مرات ، ثم يغسل باقي جسده .
أما إذا كان الاستحمام لتنظيف أو لتبرد : فإنه لا يكفى عن الوضوء ؛لأن ذلك ليس من العبادة ، وإنما هو من الأمور العادية ، وإن كان الشرع يأمربالنظافة ، لكن لا على هذا الوجه ، بل النظافة مطلقا في أي شيء يحصل فيه التنظيف .
وعلى كل حال : إذا كان الاستحمام للتبرد أو النظافة : فإنه لا يجزئعن الوضوء " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 182.).
فتوىالشيخ الألباني-رحمه اللهتعالى-
قال الألباني في " تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص 129): "ومن مسائل تتعلق بالغسل) : قوله : 2 _ إذا اغتسل من الجنابة ، ولميكن قد توضأ ، يقوم الغسل عن الوضوء ، قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليهوسلم لا يتوضأ بعد الغسل . وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له : إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له : لقد تعمقت ) . قلت : في هذا الاستدلال نظر ، أما الأثر عن ابن عمرفموقوف ، ولا حجة فيه إن صح . ثم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث ، وهو أنالسنة الوضوء قبل الغسل لا بعده ، بدليل حديثها الآخر ، قالت : كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم اغتسل ... الحديث . أخرجه الشيخان وغيرهما . ولا شك أن من توضأ قبل الغسل ، ثم بعده ، فهوتعمق ، ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة ، فليس إذن في حديث عائشة أنهصلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا ، ولو كان كذلك لصح الاستدلال بهوإذ لا ؛ فلا . فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله : أن أهل الطائف قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا أرض باردة ، فما يجزئنا من غسل الجنابة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا . رواه مسلم وغيره .... فإذا ضمإليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف وهو صحيح كما بينته في صحيح أبي داود 244 . ينتجمنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده . واللهأعلم " .
سئل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى هذا السؤال:
السؤال:هل مِنَ الضروري يوم الجمعة إذا اغتسلَ الإنسانُ أنْ يتوضأ حتى يُصلِّي؟
الجواب: إذا ما انتقض غُسلُه؛ لا . ليس مِن الضروري .
سلسلة الهدى والنور: الشريط الثاني على واحد
وخلاصة القول في هذه المسألة أن منشأ الخلاف بين العلماء يرجع إلى اختلافهم في غسل الجمعة هل هو من الغسل الواجب الذي يرفع الحدث, أم أنه غسل مستحب لا يرفع الحدث.
فمن رأى أن غسل الجمعة واجب يرفع الحدث ذهب إلى أنه يجزئه عن الوضوء للصلاة.
ومن رأى أن الغسل غير الواجب كغسل التنظف والتبرد وغسل الجمعة مستحب؛ ذهب إلى أنه لا يجزئ عن الوضوء لأنه لا يرفع الحدث, ولا بد أن يتوضأ للصلاة.
وهذه مسألة مكملةلسابقتها:
من أتى بسنة الوضوء في الغسل الواجب فلا يستحب له الوضوء بعده ما لم يحدث للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-وسأوردها بمجموعها كما وردت في كتب السنن.
روايةالنسائي:
عائشة رضي الله عنها قالت«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل» سنن النسائي.
شرح سننالنسائي للسندي
" قوله ( لا يتوضأ بعد الغسل )
أي يصلي بعد الاغتسال وقبل الحدث بلا وضوء جديد اكتفاء بالوضوء الذي كان قبل الاغتسال أو بما كان في ضمن الاغتسال والله تعالى أعلم بالحال "اهـ.
رواية الترمذي:
عن عائشة-رضي الله عنها-«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأبعد الغسل» -صحيح الترمذي-
قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحدمن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين أن لا يتوضأبعد الغسل.
تحفة الأحوذي بشرح جامعالترمذي:
" أي اكتفاء بوضوئه الأول في الغسل أو باندراج ارتفاع الحدث الأصغر تحت ارتفاع الأكبر بإيصال الماء إلى جميع أعضائه وهو رخصة قاله القاري, قلت المعتمد هو الأول والله تعالى أعلم.
قوله ): هذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلخ )
بل لم يختلف فيه العلماء كما صرح به ابن العربي . " اهـ.
رواية ابن ماجة:
عن عائشة قالت« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسلمن الجنابة» -صحيحابن ماجة-.
شرح سننابن ماجه للسندي
" قوله( لا يتوضأ )
أي للصلاة بعد الغسل من الجنابة ما لم يحدث أو لم ير الحدث فيكتفي بالوضوء الحاصل في ضمن غسل الجنابة أو بالوضوء المتقدم على الغسل عادة " اهـ.
رواية أبي داود:
عن عائشة قالت« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويصلي الركعتينوصلاة الغداة ولا أراه يحدث وضوءً بعد الغسل»-صحيحأبي داود-
عون المعبود شرح سنن أبيداود
( يغتسل ) : من الجنابة ( ويصلي ( : بعد الغسل ) الركعتين( : قبل الصبح ) و :( يصلي ) صلاة الغداة ( : أي الصبح ) ولا أراه ( : بالضم أي لا أظنه ) يحدث ( : من الإحداث أي يجدد ) وضوءً بعد الغسل ( : اكتفاءً بوضوئه الأول قبل الغسل كما في أكثر الروايات أو باندراج ارتفاع الحدث الأصغر تحت ارتفاع الأكبر بإيصال الماء إلى جميع أعضائه. قال الترمذي : هذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أن لا يتوضأ بعد الغسل .
قلت : لا شك في أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ في الغسل لا محالة , فالوضوء قبل إتمام الغسل سنة ثابتة عنه , وأما الوضوء بعد الفراغ من الغسل فلم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولم يثبت" اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح "(1/362): "واستدل به البخاري أيضاعلى أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة ، وعلى أن من توضأ بنية الغسل ثم أكمل باقيأعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث" اهـ.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم(3/229):" وإذا توضأ أولاً لا يأتي به ثانياً فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم" اهـ.
" وقالوا : لو توضأ أولاً لا يأتي به ثانياً ؛ لأنه لا يستحب وضوءان للغسل اتفاقا " اهـ.
(رد المحتار على الدر المختار(
قال الشيخ الألباني رحمه اللهتعالى- " في تمام المنة في التعليق على فقه السنة":
"ومن مسائل تتعلق بالغسل : قوله : 2 _ إذا اغتسل من الجنابة ، ولميكن قد توضأ ، يقوم الغسل عن الوضوء ، قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليهوسلم لا يتوضأ بعد الغسل.
وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له : إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له : لقد تعمقت .
قلت : في هذا الاستدلال نظر، أما الأثر عن ابن عمرفموقوف، ولا حجة فيه إن صح . ثم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث ، وهو أنالسنة الوضوء قبل الغسل لا بعده ، بدليل حديثها الآخر ، قالت :«كان رسول الله صلىالله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم اغتسل« ... الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما . ولا شك أن من توضأ قبل الغسل ، ثم بعده ، فهوتعمق ، ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة ، فليس إذن في حديث عائشة أنهصلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا ، ولو كان كذلك لصح الاستدلال بهوإذ لا ؛ فلا . فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله : «أن أهل الطائف قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا أرض باردة ، فما يجزئنا من غسل الجنابة ؟ فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا ». رواه مسلم وغيره .... فإذا ضمإليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف وهو صحيح كما بينته في صحيح أبي داود 244 . ينتجمنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده . واللهأعلم" اهـ.
فتوى الشيخ ابن عثيمين-رحمه اللهتعالى-
سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- : هل يجزئ الغسل منالجنابة عن الوضوء ؟
فأجاب : " إذا كان على الإنسان جنابة واغتسل فإن ذلك يجزئه عن الوضوء ،لقوله تعالى ) وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ( ولا يجب عليه إعادةالوضوء بعد الغسل ، إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء ، فأحدث بعد الغسل ، فيجبعليه أن يتوضأ ، وأما إذا لم يحدث فإن غسله من الجنابة يجزئ عن الوضوء سواء توضأقبل الغسل أم لم يتوضأ ، لكن لابد من ملاحظة المضمضة والاستنشاق، فإنه لابد منهمافي الوضوء والغسل " انتهى . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " 11 / السؤال رقم 18..
المسألة الثالثة: هل المضمضمة والاستنشاق واجبان في الغسل
قد ذكر أهل العلم صفتان للغسل: صفة كمال وصفة إجزاء1:
صفة الإجزاء أو الغسل المجزئ*: تعميم جميع البدن بالماء (مع النية والتسمية في أوله وغسل الفرج مما أصابه) وقد دلت عليه أحاديث منها:
عن جبير بن مطعم قال: «تماروا في الغسل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعض القوم أما أنافإني أغسل رأسي كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنا فإني أفيض على رأسي ثلاث أكف»رواه مسلم.
وعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله صلى الله عليهوسلم إذا اغتسل منالجنابةدعا بشيء نحو الحلاب فأخذبكفه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه » رواه مسلم.
وعن أم سلمة-رضي الله عنها-قالت« قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة قال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» رواه مسلم
وقال ابن عبد البر: " إن المُغْتسِل من الجنابة إذا لم يتوضأ، وعم جميع جسده ورأسه ويديه ورجليه وسائر بدنه بالماء، وأسبغ ذلك وأكمله بالغسل ومرور يديه، فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه وتم غسله، لأن الله عز وجل، إنما فرض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله عز وجل:وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ، وقوله:
وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ، وهذا إجماع لا خلاف فيه بين العلماء" التمهيد (22/93).
قال الشيخ العثيمين-رحمه الله تعالى-: "والضابط: أن ما اشتمل على ما يجب فقط فهو صفة إجزاء، وما اشتمل على الواجب والمسنون، فهو صفة كمال" الشرح الممتع (1/29.
والمسألة المطروحةهي: هل المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل المجزئ؟
بمعنى إذا عمَّ المسلم بدنه بالماء ولم يأت بسنة الوضوء قبل غسله هل تجب عليه المضمضة والاستنشاق؟
اتفق الأئمة الأربعة على أن تعميم الجسد كله بالماء فرض، واختلفوا في المضمضة والاستنشاق في الغسل.
فذهب الحنفية والحنابلة أن المضمضة والاستنشاق فرض في الغسل2.
أما المالكية والشافعية فقالوا لا تجب المضمضة والاستنشاق لا في الوضوء ولا في الغسل.
وهذه أقوالهم في المسألة:
مذهبالقائلين بوجوب المضمضة والاستنشاق فيالغسل:
مذهبالحنفية: (وَفَرْضُ الْغُسْلِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَغَسْلُ سَائِرِ الْبَدَنِ ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله هُمَا سُنَّتَانِ فِيهِ لِقَوْلِهِ-عليه الصلاة والسلام}- عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ { أَيْ مِنْ السُّنَّةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَلِهَذَا كَانَا سُنَّتَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَلَنَا قوله تعالى} وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا { وَهُوَ أَمْرٌ بِتَطْهِيرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ , إلَّا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ النَّصِّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْمُوَاجِهَةُ فِيهِمَا مُنْعَدِمَةٌ , وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ حَالَةَ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ -عليه الصلاة والسلام-« إنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوء »(فتح القدير لابن همام 1/55)
" ولهذا وجبت المضمضة والاستنشاق في الغسل، لأن إيصال الماء إلى داخل الفم ، والأنف ممكن بلا حرج ، وإنما لا يجبان في الوضوء لا لأنه لا يمكن إيصال الماء إليه بل لأن الواجب هناك غسل الوجه ولا تقع المواجهة إلى ذلك رأسا " بدائع الصنائع 1/34)
مذهب الحنابلة:(وفرضه أن يعم بالماء جميع بدنه وداخل فمه وأنفه) لحديث ميمونة «وضع رسول الله ، وضوء الجنابة فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين أو ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه» متفق عليه" (منار السبيل 1/41).
مذهبالقائلين باستحباب المضمضة والاستنشاق فيالغسل:
مذهبالشافعية:قال الشّافعي: " ولا أحبُّ لأَحَدٍ أن يدع المضمضَةَ والاستنشاقَ في غُسْلِ الجنابةِ، وإن تركه، أَحْبَبْتُ له أن يتمضمض، فإن لم يفعل، لم يكن عليه أن يَعُودَ لصلاةٍ، إن صلاها. (الأم 1/41).
مذهب المالكية): " وصماخ أذنيه ومضمضة واستنشاق( ابن بشير: المضمضة والاستنشاق عندنا سنتان في الغسل وكذا مسح داخل الأذنين، والمراد بالداخل هنا الصماخ وأما خارجه فلا خلاف في فرضيته" اهـ(التاج والإكليل لمختصر خليل 1/5).
أقوال العلماء المعاصرين فيالمسألة
الشيخ ابن عثيمين-رحمه اللهتعالى-
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فمن أهل العلم من قال : لا يصحالغسل إلا بهما كالوضوء .
وقيل : يصح بدونهما .
والصواب : القول الأول ؛ لقوله تعالى ( فاطَّهَّروا ) المائدة/6، وهذا يشمل البدن كله وداخل الأنف والفم من البدن الذي يجب تطهيره ، ولهذا أمرالنبي صلى الله عليه وسلم بهما في الوضوء لدخولهما تحت قوله تعالى ( فاغسلواوجوهكم ) المائدة/6 ، فإذا كانا داخلين في غسل الوجه، وهو مما يجب تطهيره فيالوضوء ، كانا داخلين فيه في الغسل لأن الطهارة فيه أوكد " انتهى من "الشرحالممتع "
وقال أيضا: "الغسل المجزئ: أن ينوي، ثم يسمي، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة مع المضمضة والاستنشاق.
ولو أن رجلاً عليه جنابة، فنوى الغسل، ثم انغمس في بركة ـ مثلاً ـ ثم خرج فهذا الغسل مجزئ بشرط أن يتمضمض ويستنشق" (الشرح الممتع 1/306).
السؤال:رسالة وصلت من أحد الأخوة المستمعين الكرام يقول في سؤاله المستمع عبد الله أبو بكر من الرياض حي المرسلات إذا توضأ الإنسان واغتسل لرفع الحدث الأكبر هل يجوز له أن يصلي بعد الاغتسال بذلك الوضوء أم يتوضأ ثانية ؟
الجواب:إذا الجواب إذا كان على الإنسان جنابة واغتسل فإن ذلك يجزيه عن الوضوء لقوله تعالى(وإن كنتم جنباً فاطهروا ) ولا يجب عليه إعادة الوضوء بعد الغسل إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء فأحدث بعد الغسل فيجب عليه أن يتوضأ و أما إذا لم يحدث فإن غسله عن الجنابة يجزئه عن الوضوء سواء توضأ قبله أم لم يتوضأ لكن لابد من ملاحظة المضمضة والاستنشاق فإنه لا بد منهما في الوضوء والغسل نعم (فتاوى نور على الدرب).
فتوى الشيخ الألباني-رحمه اللهتعالى-
السائل: شيخنا قضية المضمضة والاستنشاق فيمن يفيض؟
الجواب: هذه قضية طبعا تعالج بمعالجة أخرى, وهي معروفة عندنا, من يرى أن المضمضة والاستنشاق في الوضوء فرض وهذا الذي نتبناه, فنقول لا بد والحالة هذه لمن يصب ولا يتوضأ أن يتمضمض ويستنشق لقيام الدليل على وجوب ذلك, ومن يرى أنه سنة فقد سبق الجواب على ذلك. (سلسلة الهدى والنور شريط رقم 299.).
والذي نلحظه من أقوال علماء عصرنا أنهم ذهبوا في هذه المسألة إلى مذهب القائلين بوجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل المجزئ وهم الحنابلة والحنفية.
هذا ما تيسر جمعه والله تعالى أعلم بالصواب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.
1 –(والمجزئ) أي: الغسل الذي إذا فعلته كفاك وأجزأك لعبادتك, وتبرأ به الذمة.
* - ويسمى أيضا الغسل الواجب.
2 - الحنابلة يقولون: أن المضمضة والاستنشاق فرض في الوضوء أيضاً، ولكن الحنفية لم يوافقوهم على ذلك في الوضوء.
تعليق