دحضُ شبه المحتفلِين ببدعةِ الموْلِد النَّبويِّ
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
السُّؤال:
يقول: هؤلاء الذين يحتفلون بمولدِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: إن في ذلك أصلاً: ((مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا)).
ويقولون أيضًا: إن عمر بن الخطاب سنَّ سُنَّة صلاة التراويح, فكيف نرد على هؤلاء؟
الجواب:
نقول: صدقوا؛ ((مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))؛ لكن: ((إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٍ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ))؛ ولهذا قال الرَّسول: ((مَنْ سَنَّ فِي الإسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً)).
والمراد بقول: ((مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً)) أحد أمرين:
1- إمَّا أنْ يَكونَ المعنى مَنِ ابْتَدرَ العمَل بها, كما يدلُّ على ذلك سبب الحديث.
2- وإمَّا أنَّ المعنى: مَنْ أحْيَاها بعد أنْ ماتت، وليس المعنى أن ينشئ عبادةً من جديد, هذا لا يمكن.
لأنَّ سبب هذا الحديث: أنَّ الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام حثَّ على الصَّدقة فأتى رجل من الأنصار بصرَّة قد أثقلت يده, ووضعها بين يدي النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فقال: ((مَنْ سَنَّ فِي الإسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)), ولا يمكن أن تكون البدعة حسنة أبدًا, والرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((كلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ)).
أمَّا بالنَّسبة لفعل عمر, فـ"عمر"ما ابتدع صلاة الجماعة في القيام أبدًا, أول من سنَّ الجماعة في قيام رمضان النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم, صلّى بأصحابه ثلاث ليالٍ, ثمَّ تخلف في الرابعة، وقال: ((إِنَّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا)).
ثمَّ تُرِكَت وهُجِرَت في أيام أبي بكر -رضي الله عنه-, في زمان عمر خرج ذات يوم ووجد الناس يصلون أوزاعًا, يُصلِّي الرَّجل مع الرَّجل، والرَّجل مع الرَّجلين, مُتفرِّقون؛ فقال: "لو جمعتهم على إمامٍ واحد"؛ فأمر تميمًا الداري وأُبيّ بن كعب أن يقوما للنَّاس على إمامٍ واحد؛ فيكون عمر لم يحدث هذه البدعة ولكنَّه أحياها بعد أن تُركِت.
السائل: هل هذا الحديث صحيح؟
الشيخ: صحيح, ثابت في الموطأ بأصح إسناد.
المصدر: لقاء الباب المفتوح (210 - 9) بترقيم الشاملة
[المصدر]