بسم الله
وقد ترجم الفقهاء - رحمهم الله – بقولهم: (محظورات الإحرام) ويريدون بذلك: ممنوعاته، المسماة في خطاب الشرع (محرمات)، فعدل الفقهاء عن قولهم: (محرمات الإحرام) إلى قولهم: (محظورات الإحرام)، مع أن الأول هو المعروف في خطاب الشـرع، والفقهاء لا يعدلون عن شيء ولا يختارون لفظة إلا لنكتة، وهذا شيء من تتبع لغتهم عرفه؛ فما النكتة في هذا التصرف عندهم؟
والجواب: أن ذلك وقع لاختصاص غالب هذا الباب بورود النهي فيه على البناء اللغوي الدال على الحظر في لسان العرب، وهو الإتيان بالفعل المضارع المسبوق بـ (لا) الناهية، فهذا يسمى في اللغة (حظرا)، ويختص الحظر اللغوي بهذه الصيغة، ويسمى في الشرع (تحريما)، لكن التحريم الشرعي لا يختص بها؛ بل هناك صيغ أخرى موضوعة للتحريم في خطاب الشرع، ومنها - مثلا -: «ليس منا من فعل كذا وكذا»، وأكثر ما ورد من المحرمات في الإحرام وقع على صيغة الحظر اللغوي؛ فإن الله – عز وجل - قال في الصيد: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ [المائدة:95]، وقال في حلق الرأس: ﴿ ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ [البقرة:196]، وقال النبي ﷺ في النكاح: «لا ينكح المحرم ولا ينكح».
فلما كان جمهور ما سماه الفقهاء (محظورات للإحرام) جاء في الشرع على بناء (لا) الناهية السابقة للفعل المضارع الموضوع في اللغة للحظر؛ عدل الفقهاء - رحمهم الله – عن قولهم: (محرمات الإحرام) إلى (محظورات الإحرام).
مثال ثان: الحنابلة يقولون في نواقض الوضوء: (وأكل لحم الجزور)، ولم يقولوا: (أكل لحم الإبل)، مع أن الذي ورد في الأحاديث «أكل لحم الإبل»؛ لأن (الجزر) اسم يختص بما يقطع من اللحم، وهو اللحم الهبر، ومذهب الحنابلة اختصاص النقض باللحم دون الرأس وما اشتملت عليه الحوايا، فلأجل أن النقض في الوضوء عندهم مختص باللحم أوقعوا عليه فعله وهو فعل الجزر؛ فالإنسان لا يقول: (أخذت رأس الناقة فجزرته)؛ لأنه لا يجزر، وكذلك ما اشتملت عليه الحوايا لا يكون مجزورا عندهم في لسان العرب، فعدلوا عن هذا إلى هذا.
مثال ثالث: الفقهاء - رحمهم الله – قالوا: (قضاء الصلوات الفوائت)، ولم يقولوا: (قضاء الصلوات المتروكات)؛ لأن الظن الأحسن بالمسلم ألا يكون تعمد ترك الصلاة، وإنما فاتته قهرا عليه، فعبروا باللائق بحال المسلم.
منقول
وقد ترجم الفقهاء - رحمهم الله – بقولهم: (محظورات الإحرام) ويريدون بذلك: ممنوعاته، المسماة في خطاب الشرع (محرمات)، فعدل الفقهاء عن قولهم: (محرمات الإحرام) إلى قولهم: (محظورات الإحرام)، مع أن الأول هو المعروف في خطاب الشـرع، والفقهاء لا يعدلون عن شيء ولا يختارون لفظة إلا لنكتة، وهذا شيء من تتبع لغتهم عرفه؛ فما النكتة في هذا التصرف عندهم؟
والجواب: أن ذلك وقع لاختصاص غالب هذا الباب بورود النهي فيه على البناء اللغوي الدال على الحظر في لسان العرب، وهو الإتيان بالفعل المضارع المسبوق بـ (لا) الناهية، فهذا يسمى في اللغة (حظرا)، ويختص الحظر اللغوي بهذه الصيغة، ويسمى في الشرع (تحريما)، لكن التحريم الشرعي لا يختص بها؛ بل هناك صيغ أخرى موضوعة للتحريم في خطاب الشرع، ومنها - مثلا -: «ليس منا من فعل كذا وكذا»، وأكثر ما ورد من المحرمات في الإحرام وقع على صيغة الحظر اللغوي؛ فإن الله – عز وجل - قال في الصيد: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ [المائدة:95]، وقال في حلق الرأس: ﴿ ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ [البقرة:196]، وقال النبي ﷺ في النكاح: «لا ينكح المحرم ولا ينكح».
فلما كان جمهور ما سماه الفقهاء (محظورات للإحرام) جاء في الشرع على بناء (لا) الناهية السابقة للفعل المضارع الموضوع في اللغة للحظر؛ عدل الفقهاء - رحمهم الله – عن قولهم: (محرمات الإحرام) إلى (محظورات الإحرام).
مثال ثان: الحنابلة يقولون في نواقض الوضوء: (وأكل لحم الجزور)، ولم يقولوا: (أكل لحم الإبل)، مع أن الذي ورد في الأحاديث «أكل لحم الإبل»؛ لأن (الجزر) اسم يختص بما يقطع من اللحم، وهو اللحم الهبر، ومذهب الحنابلة اختصاص النقض باللحم دون الرأس وما اشتملت عليه الحوايا، فلأجل أن النقض في الوضوء عندهم مختص باللحم أوقعوا عليه فعله وهو فعل الجزر؛ فالإنسان لا يقول: (أخذت رأس الناقة فجزرته)؛ لأنه لا يجزر، وكذلك ما اشتملت عليه الحوايا لا يكون مجزورا عندهم في لسان العرب، فعدلوا عن هذا إلى هذا.
مثال ثالث: الفقهاء - رحمهم الله – قالوا: (قضاء الصلوات الفوائت)، ولم يقولوا: (قضاء الصلوات المتروكات)؛ لأن الظن الأحسن بالمسلم ألا يكون تعمد ترك الصلاة، وإنما فاتته قهرا عليه، فعبروا باللائق بحال المسلم.
منقول