إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛
(يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاتِهِ ولا تموتنّ إِلّا وأنْتمْ مسْلِمون)[ آل عمران:102]
(يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذِي خلقكمْ مِنْ نفْسٍ واحِدةٍ وخلق مِنْها زوْجها وبثّ مِنْهما رِجالًا كثِيرًا ونِساءً واتّقوا اللّه الّذِي تساءلون بِهِ والْأرْحام إِنّ اللّه كان عليْكمْ رقِيبًا)[ النساء:1]
(يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه وقولوا قوْلًا سدِيدًا (70) يصْلِحْ لكمْ أعْمالكمْ ويغْفِرْ لكمْ ذنوبكمْ ومنْ يطِعِ اللّه ورسوله فقدْ فاز فوْزًا عظِيمً)[ الأحزاب:70 - 71]،
ألا وإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمر محدثاتها، وكل بدعة ضلالة،
أما بعد:
من المعلوم أنه كل ما يصل رمضان يشتهر بعض المساجد عن غيرها باستجلاب بعض القراء الذين يجمعون بين الإتقان وحسن الصوت مع الصلاح طبعا وحسن المسيرة والسلوك وسلامة المنهج، ودائما ما تطرح مسألة تخطي مسجد الحي للصلاة في مسجد آخر، وهذه المسألة مبناها على حديث اين عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لِيُصَلِّ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِيهِ وَلا يَتَّبِعِ الْمَسَاجِدَ ".
وهذا تفصيل تخريج الحديث والكلام على أسانيده، فأقول وبالله التوفيق:
روي هذا الحديث من طريق ابن عمر رضي الله عنه، وروى عنه ثلاثة من الرواة:
1 - أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي: ثقة عابد يرسل.
روى حديثه العقيلي في كتاب الضعفاء (138/5) ترجمة [1481] - غالب بن حبيب أبو غالب اليشكري.
قال ومِنْ حديثه:
2/4940 - ما حدثناه محمد بن زكريا البلخي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حبيب بن غالب، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في مسجده، ولا يتبع المساجد".
هكذا ترجمه البخاري1 بغالب بن حبيب
وقد حدثنا عن قتيبة هذان الشيخان2، ما منهما إلا صاحب حديث ضابط، فكلاهما قالا عنه: حبيب بن غالب ولا أحسب الخطأ إلا من البخاري3.
وقد روى هذان الحديثان بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا.
وسواء هو غالب بن حبيب أو حبيب بن غالب فقد قال فيه:
البخاري في التاريخ الكبير (مج8/ص194) ترجمة 9672: منكر الحديث.
وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (49/7) نقلا عن أبيه أبو حاتم قال: مجهول.
وقال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (مج8/ص560) ترجمة 1557: 13876 - سمعتُ ابن حماد يقول: غالب بن حبيب أبو غالب اليشكري، عن العوام، منكر الحديث. وغالب بن حبيب هذا لم أر له كثير حديث.
وقال ابن حبان في المجروحين (205/2) ترحمة 854: كان ممن يروي المناكير عن المشاهير حتى كثر ذلك في روايته، فبطل الاحتجاج بما يرويه.
وقال الدولابي: "منكر الحديث" نقلا عن الحافظ ابن حجر في كتاب لسان الميزان (295/6)، وذكره ابن الجارود في الضعفاء تبعا للبخاري كعادته قاله ابن حجر في لسان الميزان (296/6).
فهذا أول إسناد كما ترى فيه حبيب بن غالب منكر الحديث يروي المناكير على المشاهير.
2 - أبو عبد الله بكر بن عبد الله المزني: ثقة ثبت.
روى حديثه ابن حبان في كتاب المجروحين (179/2) ترجمة [819] - عبيس بن ميمون أبو عبيدة التيمي.
ومما قاله ابن حبان: وكان شيخا مغفلا، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا.
وروى عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في المسجد الذي يليه، ولا يتتبع المساجد".
حدثناه الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج النبلي، قال: حدثنا عبيس بن ميمون، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني يحدث عن ابن عمر.
قال يحيى بن معين: ليس بشيء (الجرح والتعديل (34/7) ترجمة رقم 183)، ومرة: ضعيف تاريخ ابن معين - رواية الدارمي ص189 سؤال 689، كثير الخطأ والوهم، متروك الحديث تهذيب الكمال (278/19).
قال أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال (459/3) مسألة 5954: له أحاديث منكرة.
قال عمرو بن علي الفلاس كما في (333/2) والجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183):كثير الخطأ والوهم، متروك الحديث.
قال البخاري: منكر الحديث التاريخ الأوسط (656/4) ترجمة 1007 والتاريخ الكبير (مج8/ص157) ترجمة رقم 9578، والضعفاء ص111 ترجمة 303، ومرة: لا يكتب حديثه التاريخ الأوسط (656/4) ترجمة 1086.
قال أبو داود السجستاني: ضعيف الحديث، كما في كتاب الضعفاء للعقيلي (110/5) ترجمة 1465 النص رقم 5/4885، ومرة: ترك حديثه سؤالات الآجري (418/1) رقم848، ومرة: ليس بشيء سؤالات الآجري (440/1) رقم936.
وقال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183): ضعيف الحديث منكر.
وقال النسائي: ليس بثقة تهذيب الكمال (279/19).
وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء (110/5) ترجمة 1465.
وقال ابن حبان كما مر: كان شيخا مغفلا، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا.
وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (مج8/ص592) ترجمة 1542: وعامة ما يرويه غير محفوظ.
وقال أبو زرعة الرازي كما في الجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183) : ضعيف الحديث4.
وقال الحاكم: متروك الحديث، إكمال تهذيب الكمال (117/9) .
وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف (1534/3): ضعيف الحديث.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في الضعفاء ص125 ترجمة182: روى عن بكر المزني ويحيى بن أبي كثير ومحمد بن كعب القرضي المناكير، لا شيء.
وقال الساجي كما في إكمال تهذيب الكمال (117/9) : ضعيف متروك، يحدث بمناكير.
فهذا ثاني إسناد كما ترى فيه عبيس بن ميمون أبو عبيدة التيمي متروك الحديث يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات عامة ما يرويه غير محفوظ.
3 - نافع مولى ابن عمر: ثقة ثبت مشهور.
وعن نافع رواه عبيد الله بن عمر العدوي، ثقة ثبت، وعن نافع رواه ثلاثة:
- مجاشع بن عمرو الأسدي وروى حديثه:
ابن عدي في الكامل (93/10) ترجمة 1944 قال:
16367 - أخبرنا ابن سلم، ثنا ابن المصفى.
16367 - وثنا ابن أبي زينب، ثنا كثير بن عبيد،
قالا5: نا بقية، عن مجاشع بن عمرو، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد".
وحرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله ص545 ح 1178 قال:
حدثنا محمد بن مصفى، قال: ثنا بقية بن الوليد، قال: ثنا مجاشع بن عمرو، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه، ولا يتبع المساجد".
ومجاشع بن عمرو قال فيه:
يحيى بن معين (معرفة الرجال رواية ابن محرز ص92 ترجمة رقم 100): أحد الكذابين.
البخاري: منكر مجهول.
وأبو حاتم: ومجاشعٌ ليس بشيء، العلل لابنه (101/3) السؤال رقم 727)، متروك الحديث ضعيف ليس بشيء، الجرح والتعديل (390/8) ترجمة رقم 1785).
والعقيلي في كتاب الضعفاء (153/6): حديثه منكر غير محفوظ.
وقال ابن حبان في المجروحين (409/2) ترجمة 1049: كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص.
وذكره ابن عدي في الكامل (93/10) ترجمة 1944 وأورد له أحاديث، وقال: كلها غير محفوظة.
وقال أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى: منكر الحديث.
وقال الدارقطني في كتاب الضعفاء ص414 في ترجمة بقية ترجمة 630 وفي سؤالات السلمي ص144 ترجمة 96: يروي عن قوم متروكين، مثل مجاشع بن عمرو،...
وقال أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (242/1): وليس محمد بن سعيد ولا مجاشع ممن يعتمد على روايتهما ومفاريدهما.
فهذا ثالث إسناد كما ترى فيه مجاشع بن عمرو الأسدي متفق على ضعفه وهو منكر الحديث متهم بالوضع.
زيادة على حال مجاشع هذا قال الدراقطني في العلل ومجاشع لم يسمع من عبيد الله شيئا، وبقية صدوق كثير التدليس عن الضعفاء.
- منصور بن أبي الأسود وروى عنه الحديث:
مجاشع بن عمرو الأسدي روى حديثه:
ابن عدي في الكامل (94/10) ترجمة 1944 قال:
16368 - ثنا أحمد بن يحيى بن زهير، وجماعة، قالوا: ثنا محمد بن عمرو بن حنان، ثنا بقية، عن مجاشع، عن منصور بن أبي الأسود، عن عبيد الله، نحوه.
و
تمام في الفوائد (158/2) قال:
1416- أخبرنا أبو بكر محمد بن سهل بن أبي سعيد التنوخي القطان ثنا أبو علي أحمد بن عبد الله بن رئاب بجبلة ثنا عبد الوهاب بن نجدة ثنا بقية بن الوليد ثنا مجاشع بن عمرو حدثني منصور بن أبي الأسود عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد يليه ولا يتبع المساجد".
وقد مر الكلام على مجاشع بن عمرو، زيادة على ذلك:
في سند ابن عدي محمد بن عمرو بن حنان الكلبي صدوق يغرب، وبقية بن الوليد الكلاعي صدوق كثير التدليس عن الضعفاء.
في سند تمام شيخه وشيخ شيخه مجهولان.
بقية بن الوليد الكلاعي روى حديثه:
أبي الحسن علي بن عمر الحربي ابن شاذان السكري الصيرفي الكيال (386) في مشيخته قال:
حدثنا الهيثم بن خلف ثنا أبو حيان [محمد بن عمرو بن حنان الكلبي] ثنا بقية عن منصور بن أبي الأسود عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد".
وقد مر حال محمد بن عمرو، ومنصور بن أبي الأسود صدوق يتشيع، وهنا روى بقية الحديث عن منصور بن أبي الأسود قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (234/5): وقد دلسه بقية مرة، فقد رواه أبو الحسن الحربي في جزء من حديثه (1/39) عن بقية عن منصور بن أبي الأسود. فأسقط مجاشعا من بينه وبين منصور، ثم عنعنه.
وهاذين طريقين كما ترى مدارهما على الضعفاء والمجاهيل.
بقي لنا طريق واحد أخير عن:
- زهير بن معاوية وروى عنه الحديث:
الطبراني في الكبير (3283/10) ح 13373 والأوسط (232/5) ح5176 قال: ثنا محمد بن أحمد بن نصر6 أبو جعفر الترمذي، قال: نا عبادة بن زياد الأسدي، نا زهير بن معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن7 نافع.
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في مسجده، ولا يتتبع المساجد".
قال الطبراني في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن زهير إلا عبادة بن زياد. وشيخ الطبراني:
محمد بن أحمد بن نصر ثقة اختلط اختلاطا عظيمة.
وعبادة بن زياد الأسدي صدوق، رمي بالقدر والتشيع.
وعلة هذا الطريق عبادة بن زياد فقد تفرد فقد تفرد عن زهير بن معاوية الجعفي الثقة الثبت فكيف يفوت تلاميذه المكثرين عنه كأمثال:
أحمد بن يونس التميمي الثقة الحافظ.
والفضل بن دكين الثقة الثبت.
وعمرو بن خالد الحنظلي الثقة.
ويحيى بن آدم بن إياس الثقة الحافظ.
ومالك بن إسماعيل النهدي الثقة المتقن.
وغيرهم كثير وما ذكرت إلا المكثرين عنه.
فأنت ترى كيف يتفرد صدوق عن هؤلاء، وهذا التفرد لا شك أنه من المخالفة للثقات فهو غير محتمل.
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (97/6) ترجمة 503:
عبادة بن زياد الاسدي روى عن أبى بكر بن عياش وعن أبيه عن أبى الزناد
روى عنه ابراهيم بن هانئ النيسابوري،
نا عبد الرحمن قال سألت أبى عنه فقال: هو كوفى من رؤساء الشيعة ادركته ولم اكتب عنه ومحله الصدق،
وذكره ابن عدي في الكامل (334/7) ترجمة 1183: 11043 - سمعت إبراهيم بن محمد بن عيسى يقول: سمعت موسى بن هارون الحمال8 يقول: عبادة بن زياد الكوفي تركت حديثه. وقال كذلك (335/7): وعباد بن زياد هو من أهل الكوفة، من الغالين في الشيعة، وله أحاديث مناكير في الفضائل.
وبهذا يظهر لك ضعف هذا الطريق كذلك لعدم تحمل عبادة بن زياد الكوفي تفرده عن زهير بن معاوية، وعبادة لم يوثق بل هو صدوق وقد ترك التحديث عنه موسى بن هارون الحمال، وروايته هذه غير محفوظة، ولا يوجد ما يشهد له.
والحديث ضعفه ابن عبد الهادي في كتاب جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة9 تحقيق حمدي السلفي ص 92 ح 175.
والخلاصة لا يثبت في الباب شيء والله الموفق.
وأخيرا أعجبتني خلاصة أحد الباحثين فأحببت نقلها للإفادة والإستفادة.
والتفرد في مثل طبقة يكاد يكون نادرا ولا يحتمل إلا من الأيمة الحفاظ قال الحافظ الذهبي في الموقظة (ص 77) : فهؤلاء الحفاظ الثقات إذا انفرد الواحد منهم من التابعين فحديثه صحيح وإن كان من الأتباع قيل صحيح غريب وإن كان من أصحاب الأتباع قيل غريب فرد ويندر تفردهم فتجد الإمام منهم عنده مئتا ألف حديث لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة ومن كان بعدهم فأين ما ينفرد به ؟! ما علمته وقد يوجد.
وقال الذهبي أيضا في الميزان (140/3) : وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحا غريبا وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرا.
غرابة متن هذا الحديث فإنه قد تفرد بمعنى هذا الحديث ولم يرد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يشهد لهذا المعنى ولم يبوب عليه أحد من أصحاب المصنفات فأين حفاظ الأمة عن الحكم الوارد في هذا الحديث حتى يتفرد به عبادة وقد عقد ابن أبي شيبة في المصنف (205/2) بابين لمسألة أخرى الرجل تفوته الصلاة في مسجده هل يصلي فيه أو يتبع المساجد وحديث زهير بن معاوية ملأ منه كتابه فلو كان محفوظا ما أغفله وهو أرفع ما في الباب وقد اقتصر على الآثار.
هذا الحديث أغفله أهل العلم إذ لم يذكره أحد من أصحاب الدواوين المشهورة صحاحها وسننها ومسانيدها بل تفردت به كتب الغريب.
--------------------------------
1 - التاريخ الكبير (مج8/ص194) ترجمة رقم [9673] قال: غالب بن حبيب، أبو غالب، اليشكري. عن العوام. منكر الحديث.
ويشير العقيلي أنه وقع عند البخاري غالب بن حبيب وليس حبيب بن غالب.
2 - محمد بن زكريا البلخي والفضل بن عبد الله الجوزاني.
3 - تخطئة البخاري ليس بالأمر السهل فالبخاري كذلك من تلاميذ ابن قتيبة، زيادة على أن أبا حاتم كذلك من تلاميذ قتيبة وقال قال في الجرح والتعديل (49/7) ترجمة 278: غالب بن حبيب اليشكرى روى عن العوام بن حوشب روى عنه.. نا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول هو مجهول.
قال محقق لسان الميزان (296/6) حاشية 1 معلقا على كلام العقيلي لما نقله ابن حجر: ما أظن العقيلي إلا واهما، حيث لم يتابع على ذلك، كما لم يترجم أحد لحبيب بن غالب.
4 - وفي علل ابن أبي حاتم (453/2) مسألة رقم507 شيخ ضعيف الحديث.
5 - أي ابن المصفى وكثير بن عبيد.
6 - تحرفت في المعجم الكبير إلى "نضر".
7 - سقطت من طبعة معجم الأوسط.
8 - الإمام المسند المحدث الحاكم[لقب بعطى للعالم: وهو من أحاط بجميع الأحاديث المروية] الثقة الحافظ أمير المؤمنين أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان البزاز الحمال البغدادي ولد سنة 214 في بغداد، وتوفي سنة 294.
قال ابن عدي في الكامل (327/1): وموسى بن هارون الحمال. كان عالما بعلل الحديث متوقيا، ولم يحدث إلا عن ثقة.
وقد أكثر ابن عدي من نقل كلامه في الرواة واعتماده.
وسئل عليه الدارقطني فقال: حافظ ثقة متقن. سؤالات السلمي ص299 طبعة الجريسي، وقال مرة موسى بن هارون أتقى، وأثبت، ولا يدلس، لم ينكر عليه شيء. ص287.
قال الخطيب في تاريخ بغداد (49/15) ط الغرب: "سمعت محمد بن علي الصوري مرات كثيرة يقول: سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: علي ابن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته ".
أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قال: أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله البزاز، المعروف هارون بالحمال، كان أحد المشهورين بالحفظ والثقة ومعرفة الرجال.
وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي طبعة الفضيلة ص348: بل اتهمه موسى بن هارون الحمال أحد الأئمة الحفاظ المرجوع إلي كلامهم في الجرح والتعديل.
وقال الذهبي في السير (116/12) ط الرسالة: الإمام الحافظ الكبير، الحجة الناقد، محدث العراق، وقال أيضا في كتابه العبر: كان إمام وقته في حفظ الحديث وعلله.
وثناء الأئمة عليه مما يطول في هذا المقام.
9 - نشر بمجلة الحكمة العدد 22.
المراجع:
- إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي عبد الله مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري المصري تحقيق أبو عبد الرحمن عادل بن محمد - أبو محمد أسامة بن إبراهيم طباعة دار الفاروق الحديثية الطبعة الأولى 1422 - 2001 م.
- الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير لأبي عبد الله الحسين بن إبراهيم الجورقاني تحقيق عبد الرحمن الفريوائي طباعة دار الصميعي الطبعة الرابعة 1422 - 20020م.
- الأسامي والكنى
- التاريخ الأوسط لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق تيسير سعد و يحيى بن عبد الله الثمالي طباعة الرشد الطبعة الأولى 1426 - 2005م.
- التاريخ الكبير لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق محمد بن صالح الدباسي ومركز شذا للبحوث بإشراف محمد بن عبد الفتاح النحال طباعة الناشر المتميز الطبعة الأولى 1440 - 2019م.
- الجرح والتعديل لأبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم بن إدريس الرازي مصورة عن طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند الطبعة الأولى 1272 - 1952م.
- الضعفاء والمتروكون لأبي الحسن علي بن عمر الدراقطني تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر طباعة مكتبة المعارف الطبعة الأولى 1404 - 1984م.
- الفوائد لأبي القاسم تمام بن محمد الرازي تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي طباعة مكتبة الرشد الطبعة الأولى 1412 - 1992م.
- الكامل في ضعفاء الرجال لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني تحقيق مازن السرساوي طباعة مكتبة الرشد الطبعة الأولى 1434 - 2013م.
- المعجم الأوسط لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني بتحقيق طارق بن عوض الله - عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني طباعة دار الحرمين سنة الطباعة 1415 - 1995م.
- المعجم الكبير لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني بتحقيق حمدي طباعة مؤسسة الريان - مكتبة الأصالة الطبعة الأولى 1431 - 2010م.
- المؤتلف والمختلف لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر طباعة دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1406 - 1986م.
- تاريخ ابن معين رواية الدارمي تحقيق أحمد محمد نورسيف طباعة دار المأمون.
- تهذيب الكمال لأبي الحجاج يوسف بن الزكي المزي تحقيق بشار عواد طباعة مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1400 - 1980م.
- سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني في معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم تحقيق عبد العليم عبد العظيم البستوي طباعة مكتبة الإستقامة - مؤسسة الريان الطبعة الأولى 1418 - 1997م.
- سؤالات السلمي للدارقطني تحقيق فريق من الباحثين بإشراف سعد الحميد و خالد الجريسي طباعة مكتبة الجريسي الطبعة الأولى 1427.
- كتاب الضعفاء لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين طباعة مكتبة ابن عباس الطبعة الأولى 1426 - 2005م.
- كتاب الضعفاء لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي تحقيق مازن السرساوي طباعة دار الرشد الطبعة الأولى من الإصدار الجديد 1437 - 2016م.
- كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد بن حنبل تحقيق وصي الله عباس طباعة دار القبس الطبعة الثانية 1427 - 2006م.
- كتاب المجروحين من المحدثين لأبي حاتم محمد بن حبان البستي تحقيق أبو محمد محمد بن إنسان فرحات طباعة دار اللؤلؤة الطبعة الأولى 1437 - 2016م.
- لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني تحقيق عبد الفتاح أبو غدة طباعة مكتب المطبوعات الإسلامية الطبعة الأولى 1423 - 2002م.
- مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني (الطهارة والصلاة) تحقيق محمد بن عبد الله السريع طباعة مؤسسة الريان الطبعة الأولى 1434 - 2013م.
- معرفة الرجال لأبي زكريا يحيى بن معين رواية أبي العباس ابن محرز تحقيق محمد بن علي الأزهري طباعة دار الفاروق الحديثية الطبعة الأولى 1430 - 2009م.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛
(يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاتِهِ ولا تموتنّ إِلّا وأنْتمْ مسْلِمون)[ آل عمران:102]
(يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذِي خلقكمْ مِنْ نفْسٍ واحِدةٍ وخلق مِنْها زوْجها وبثّ مِنْهما رِجالًا كثِيرًا ونِساءً واتّقوا اللّه الّذِي تساءلون بِهِ والْأرْحام إِنّ اللّه كان عليْكمْ رقِيبًا)[ النساء:1]
(يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه وقولوا قوْلًا سدِيدًا (70) يصْلِحْ لكمْ أعْمالكمْ ويغْفِرْ لكمْ ذنوبكمْ ومنْ يطِعِ اللّه ورسوله فقدْ فاز فوْزًا عظِيمً)[ الأحزاب:70 - 71]،
ألا وإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمر محدثاتها، وكل بدعة ضلالة،
أما بعد:
من المعلوم أنه كل ما يصل رمضان يشتهر بعض المساجد عن غيرها باستجلاب بعض القراء الذين يجمعون بين الإتقان وحسن الصوت مع الصلاح طبعا وحسن المسيرة والسلوك وسلامة المنهج، ودائما ما تطرح مسألة تخطي مسجد الحي للصلاة في مسجد آخر، وهذه المسألة مبناها على حديث اين عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لِيُصَلِّ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِيهِ وَلا يَتَّبِعِ الْمَسَاجِدَ ".
وهذا تفصيل تخريج الحديث والكلام على أسانيده، فأقول وبالله التوفيق:
روي هذا الحديث من طريق ابن عمر رضي الله عنه، وروى عنه ثلاثة من الرواة:
1 - أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي: ثقة عابد يرسل.
روى حديثه العقيلي في كتاب الضعفاء (138/5) ترجمة [1481] - غالب بن حبيب أبو غالب اليشكري.
قال ومِنْ حديثه:
2/4940 - ما حدثناه محمد بن زكريا البلخي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حبيب بن غالب، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في مسجده، ولا يتبع المساجد".
هكذا ترجمه البخاري1 بغالب بن حبيب
وقد حدثنا عن قتيبة هذان الشيخان2، ما منهما إلا صاحب حديث ضابط، فكلاهما قالا عنه: حبيب بن غالب ولا أحسب الخطأ إلا من البخاري3.
وقد روى هذان الحديثان بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا.
وسواء هو غالب بن حبيب أو حبيب بن غالب فقد قال فيه:
البخاري في التاريخ الكبير (مج8/ص194) ترجمة 9672: منكر الحديث.
وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (49/7) نقلا عن أبيه أبو حاتم قال: مجهول.
وقال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (مج8/ص560) ترجمة 1557: 13876 - سمعتُ ابن حماد يقول: غالب بن حبيب أبو غالب اليشكري، عن العوام، منكر الحديث. وغالب بن حبيب هذا لم أر له كثير حديث.
وقال ابن حبان في المجروحين (205/2) ترحمة 854: كان ممن يروي المناكير عن المشاهير حتى كثر ذلك في روايته، فبطل الاحتجاج بما يرويه.
وقال الدولابي: "منكر الحديث" نقلا عن الحافظ ابن حجر في كتاب لسان الميزان (295/6)، وذكره ابن الجارود في الضعفاء تبعا للبخاري كعادته قاله ابن حجر في لسان الميزان (296/6).
فهذا أول إسناد كما ترى فيه حبيب بن غالب منكر الحديث يروي المناكير على المشاهير.
2 - أبو عبد الله بكر بن عبد الله المزني: ثقة ثبت.
روى حديثه ابن حبان في كتاب المجروحين (179/2) ترجمة [819] - عبيس بن ميمون أبو عبيدة التيمي.
ومما قاله ابن حبان: وكان شيخا مغفلا، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا.
وروى عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في المسجد الذي يليه، ولا يتتبع المساجد".
حدثناه الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج النبلي، قال: حدثنا عبيس بن ميمون، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني يحدث عن ابن عمر.
قال يحيى بن معين: ليس بشيء (الجرح والتعديل (34/7) ترجمة رقم 183)، ومرة: ضعيف تاريخ ابن معين - رواية الدارمي ص189 سؤال 689، كثير الخطأ والوهم، متروك الحديث تهذيب الكمال (278/19).
قال أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال (459/3) مسألة 5954: له أحاديث منكرة.
قال عمرو بن علي الفلاس كما في (333/2) والجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183):كثير الخطأ والوهم، متروك الحديث.
قال البخاري: منكر الحديث التاريخ الأوسط (656/4) ترجمة 1007 والتاريخ الكبير (مج8/ص157) ترجمة رقم 9578، والضعفاء ص111 ترجمة 303، ومرة: لا يكتب حديثه التاريخ الأوسط (656/4) ترجمة 1086.
قال أبو داود السجستاني: ضعيف الحديث، كما في كتاب الضعفاء للعقيلي (110/5) ترجمة 1465 النص رقم 5/4885، ومرة: ترك حديثه سؤالات الآجري (418/1) رقم848، ومرة: ليس بشيء سؤالات الآجري (440/1) رقم936.
وقال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183): ضعيف الحديث منكر.
وقال النسائي: ليس بثقة تهذيب الكمال (279/19).
وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء (110/5) ترجمة 1465.
وقال ابن حبان كما مر: كان شيخا مغفلا، يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا.
وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (مج8/ص592) ترجمة 1542: وعامة ما يرويه غير محفوظ.
وقال أبو زرعة الرازي كما في الجرح والتعديل (34/7) ترحمة رقم 183) : ضعيف الحديث4.
وقال الحاكم: متروك الحديث، إكمال تهذيب الكمال (117/9) .
وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف (1534/3): ضعيف الحديث.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في الضعفاء ص125 ترجمة182: روى عن بكر المزني ويحيى بن أبي كثير ومحمد بن كعب القرضي المناكير، لا شيء.
وقال الساجي كما في إكمال تهذيب الكمال (117/9) : ضعيف متروك، يحدث بمناكير.
فهذا ثاني إسناد كما ترى فيه عبيس بن ميمون أبو عبيدة التيمي متروك الحديث يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات عامة ما يرويه غير محفوظ.
3 - نافع مولى ابن عمر: ثقة ثبت مشهور.
وعن نافع رواه عبيد الله بن عمر العدوي، ثقة ثبت، وعن نافع رواه ثلاثة:
- مجاشع بن عمرو الأسدي وروى حديثه:
ابن عدي في الكامل (93/10) ترجمة 1944 قال:
16367 - أخبرنا ابن سلم، ثنا ابن المصفى.
16367 - وثنا ابن أبي زينب، ثنا كثير بن عبيد،
قالا5: نا بقية، عن مجاشع بن عمرو، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد".
وحرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله ص545 ح 1178 قال:
حدثنا محمد بن مصفى، قال: ثنا بقية بن الوليد، قال: ثنا مجاشع بن عمرو، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه، ولا يتبع المساجد".
ومجاشع بن عمرو قال فيه:
يحيى بن معين (معرفة الرجال رواية ابن محرز ص92 ترجمة رقم 100): أحد الكذابين.
البخاري: منكر مجهول.
وأبو حاتم: ومجاشعٌ ليس بشيء، العلل لابنه (101/3) السؤال رقم 727)، متروك الحديث ضعيف ليس بشيء، الجرح والتعديل (390/8) ترجمة رقم 1785).
والعقيلي في كتاب الضعفاء (153/6): حديثه منكر غير محفوظ.
وقال ابن حبان في المجروحين (409/2) ترجمة 1049: كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص.
وذكره ابن عدي في الكامل (93/10) ترجمة 1944 وأورد له أحاديث، وقال: كلها غير محفوظة.
وقال أبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى: منكر الحديث.
وقال الدارقطني في كتاب الضعفاء ص414 في ترجمة بقية ترجمة 630 وفي سؤالات السلمي ص144 ترجمة 96: يروي عن قوم متروكين، مثل مجاشع بن عمرو،...
وقال أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (242/1): وليس محمد بن سعيد ولا مجاشع ممن يعتمد على روايتهما ومفاريدهما.
فهذا ثالث إسناد كما ترى فيه مجاشع بن عمرو الأسدي متفق على ضعفه وهو منكر الحديث متهم بالوضع.
زيادة على حال مجاشع هذا قال الدراقطني في العلل ومجاشع لم يسمع من عبيد الله شيئا، وبقية صدوق كثير التدليس عن الضعفاء.
- منصور بن أبي الأسود وروى عنه الحديث:
مجاشع بن عمرو الأسدي روى حديثه:
ابن عدي في الكامل (94/10) ترجمة 1944 قال:
16368 - ثنا أحمد بن يحيى بن زهير، وجماعة، قالوا: ثنا محمد بن عمرو بن حنان، ثنا بقية، عن مجاشع، عن منصور بن أبي الأسود، عن عبيد الله، نحوه.
و
تمام في الفوائد (158/2) قال:
1416- أخبرنا أبو بكر محمد بن سهل بن أبي سعيد التنوخي القطان ثنا أبو علي أحمد بن عبد الله بن رئاب بجبلة ثنا عبد الوهاب بن نجدة ثنا بقية بن الوليد ثنا مجاشع بن عمرو حدثني منصور بن أبي الأسود عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد يليه ولا يتبع المساجد".
وقد مر الكلام على مجاشع بن عمرو، زيادة على ذلك:
في سند ابن عدي محمد بن عمرو بن حنان الكلبي صدوق يغرب، وبقية بن الوليد الكلاعي صدوق كثير التدليس عن الضعفاء.
في سند تمام شيخه وشيخ شيخه مجهولان.
بقية بن الوليد الكلاعي روى حديثه:
أبي الحسن علي بن عمر الحربي ابن شاذان السكري الصيرفي الكيال (386) في مشيخته قال:
حدثنا الهيثم بن خلف ثنا أبو حيان [محمد بن عمرو بن حنان الكلبي] ثنا بقية عن منصور بن أبي الأسود عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد".
وقد مر حال محمد بن عمرو، ومنصور بن أبي الأسود صدوق يتشيع، وهنا روى بقية الحديث عن منصور بن أبي الأسود قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (234/5): وقد دلسه بقية مرة، فقد رواه أبو الحسن الحربي في جزء من حديثه (1/39) عن بقية عن منصور بن أبي الأسود. فأسقط مجاشعا من بينه وبين منصور، ثم عنعنه.
وهاذين طريقين كما ترى مدارهما على الضعفاء والمجاهيل.
بقي لنا طريق واحد أخير عن:
- زهير بن معاوية وروى عنه الحديث:
الطبراني في الكبير (3283/10) ح 13373 والأوسط (232/5) ح5176 قال: ثنا محمد بن أحمد بن نصر6 أبو جعفر الترمذي، قال: نا عبادة بن زياد الأسدي، نا زهير بن معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن7 نافع.
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم في مسجده، ولا يتتبع المساجد".
قال الطبراني في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن زهير إلا عبادة بن زياد. وشيخ الطبراني:
محمد بن أحمد بن نصر ثقة اختلط اختلاطا عظيمة.
وعبادة بن زياد الأسدي صدوق، رمي بالقدر والتشيع.
وعلة هذا الطريق عبادة بن زياد فقد تفرد فقد تفرد عن زهير بن معاوية الجعفي الثقة الثبت فكيف يفوت تلاميذه المكثرين عنه كأمثال:
أحمد بن يونس التميمي الثقة الحافظ.
والفضل بن دكين الثقة الثبت.
وعمرو بن خالد الحنظلي الثقة.
ويحيى بن آدم بن إياس الثقة الحافظ.
ومالك بن إسماعيل النهدي الثقة المتقن.
وغيرهم كثير وما ذكرت إلا المكثرين عنه.
فأنت ترى كيف يتفرد صدوق عن هؤلاء، وهذا التفرد لا شك أنه من المخالفة للثقات فهو غير محتمل.
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (97/6) ترجمة 503:
عبادة بن زياد الاسدي روى عن أبى بكر بن عياش وعن أبيه عن أبى الزناد
روى عنه ابراهيم بن هانئ النيسابوري،
نا عبد الرحمن قال سألت أبى عنه فقال: هو كوفى من رؤساء الشيعة ادركته ولم اكتب عنه ومحله الصدق،
وذكره ابن عدي في الكامل (334/7) ترجمة 1183: 11043 - سمعت إبراهيم بن محمد بن عيسى يقول: سمعت موسى بن هارون الحمال8 يقول: عبادة بن زياد الكوفي تركت حديثه. وقال كذلك (335/7): وعباد بن زياد هو من أهل الكوفة، من الغالين في الشيعة، وله أحاديث مناكير في الفضائل.
وبهذا يظهر لك ضعف هذا الطريق كذلك لعدم تحمل عبادة بن زياد الكوفي تفرده عن زهير بن معاوية، وعبادة لم يوثق بل هو صدوق وقد ترك التحديث عنه موسى بن هارون الحمال، وروايته هذه غير محفوظة، ولا يوجد ما يشهد له.
والحديث ضعفه ابن عبد الهادي في كتاب جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة9 تحقيق حمدي السلفي ص 92 ح 175.
والخلاصة لا يثبت في الباب شيء والله الموفق.
وأخيرا أعجبتني خلاصة أحد الباحثين فأحببت نقلها للإفادة والإستفادة.
والتفرد في مثل طبقة يكاد يكون نادرا ولا يحتمل إلا من الأيمة الحفاظ قال الحافظ الذهبي في الموقظة (ص 77) : فهؤلاء الحفاظ الثقات إذا انفرد الواحد منهم من التابعين فحديثه صحيح وإن كان من الأتباع قيل صحيح غريب وإن كان من أصحاب الأتباع قيل غريب فرد ويندر تفردهم فتجد الإمام منهم عنده مئتا ألف حديث لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة ومن كان بعدهم فأين ما ينفرد به ؟! ما علمته وقد يوجد.
وقال الذهبي أيضا في الميزان (140/3) : وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحا غريبا وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرا.
غرابة متن هذا الحديث فإنه قد تفرد بمعنى هذا الحديث ولم يرد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يشهد لهذا المعنى ولم يبوب عليه أحد من أصحاب المصنفات فأين حفاظ الأمة عن الحكم الوارد في هذا الحديث حتى يتفرد به عبادة وقد عقد ابن أبي شيبة في المصنف (205/2) بابين لمسألة أخرى الرجل تفوته الصلاة في مسجده هل يصلي فيه أو يتبع المساجد وحديث زهير بن معاوية ملأ منه كتابه فلو كان محفوظا ما أغفله وهو أرفع ما في الباب وقد اقتصر على الآثار.
هذا الحديث أغفله أهل العلم إذ لم يذكره أحد من أصحاب الدواوين المشهورة صحاحها وسننها ومسانيدها بل تفردت به كتب الغريب.
--------------------------------
1 - التاريخ الكبير (مج8/ص194) ترجمة رقم [9673] قال: غالب بن حبيب، أبو غالب، اليشكري. عن العوام. منكر الحديث.
ويشير العقيلي أنه وقع عند البخاري غالب بن حبيب وليس حبيب بن غالب.
2 - محمد بن زكريا البلخي والفضل بن عبد الله الجوزاني.
3 - تخطئة البخاري ليس بالأمر السهل فالبخاري كذلك من تلاميذ ابن قتيبة، زيادة على أن أبا حاتم كذلك من تلاميذ قتيبة وقال قال في الجرح والتعديل (49/7) ترجمة 278: غالب بن حبيب اليشكرى روى عن العوام بن حوشب روى عنه.. نا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول هو مجهول.
قال محقق لسان الميزان (296/6) حاشية 1 معلقا على كلام العقيلي لما نقله ابن حجر: ما أظن العقيلي إلا واهما، حيث لم يتابع على ذلك، كما لم يترجم أحد لحبيب بن غالب.
4 - وفي علل ابن أبي حاتم (453/2) مسألة رقم507 شيخ ضعيف الحديث.
5 - أي ابن المصفى وكثير بن عبيد.
6 - تحرفت في المعجم الكبير إلى "نضر".
7 - سقطت من طبعة معجم الأوسط.
8 - الإمام المسند المحدث الحاكم[لقب بعطى للعالم: وهو من أحاط بجميع الأحاديث المروية] الثقة الحافظ أمير المؤمنين أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان البزاز الحمال البغدادي ولد سنة 214 في بغداد، وتوفي سنة 294.
قال ابن عدي في الكامل (327/1): وموسى بن هارون الحمال. كان عالما بعلل الحديث متوقيا، ولم يحدث إلا عن ثقة.
وقد أكثر ابن عدي من نقل كلامه في الرواة واعتماده.
وسئل عليه الدارقطني فقال: حافظ ثقة متقن. سؤالات السلمي ص299 طبعة الجريسي، وقال مرة موسى بن هارون أتقى، وأثبت، ولا يدلس، لم ينكر عليه شيء. ص287.
قال الخطيب في تاريخ بغداد (49/15) ط الغرب: "سمعت محمد بن علي الصوري مرات كثيرة يقول: سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: علي ابن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته ".
أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قال: أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله البزاز، المعروف هارون بالحمال، كان أحد المشهورين بالحفظ والثقة ومعرفة الرجال.
وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي طبعة الفضيلة ص348: بل اتهمه موسى بن هارون الحمال أحد الأئمة الحفاظ المرجوع إلي كلامهم في الجرح والتعديل.
وقال الذهبي في السير (116/12) ط الرسالة: الإمام الحافظ الكبير، الحجة الناقد، محدث العراق، وقال أيضا في كتابه العبر: كان إمام وقته في حفظ الحديث وعلله.
وثناء الأئمة عليه مما يطول في هذا المقام.
9 - نشر بمجلة الحكمة العدد 22.
المراجع:
- إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي عبد الله مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري المصري تحقيق أبو عبد الرحمن عادل بن محمد - أبو محمد أسامة بن إبراهيم طباعة دار الفاروق الحديثية الطبعة الأولى 1422 - 2001 م.
- الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير لأبي عبد الله الحسين بن إبراهيم الجورقاني تحقيق عبد الرحمن الفريوائي طباعة دار الصميعي الطبعة الرابعة 1422 - 20020م.
- الأسامي والكنى
- التاريخ الأوسط لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق تيسير سعد و يحيى بن عبد الله الثمالي طباعة الرشد الطبعة الأولى 1426 - 2005م.
- التاريخ الكبير لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق محمد بن صالح الدباسي ومركز شذا للبحوث بإشراف محمد بن عبد الفتاح النحال طباعة الناشر المتميز الطبعة الأولى 1440 - 2019م.
- الجرح والتعديل لأبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم بن إدريس الرازي مصورة عن طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند الطبعة الأولى 1272 - 1952م.
- الضعفاء والمتروكون لأبي الحسن علي بن عمر الدراقطني تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر طباعة مكتبة المعارف الطبعة الأولى 1404 - 1984م.
- الفوائد لأبي القاسم تمام بن محمد الرازي تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي طباعة مكتبة الرشد الطبعة الأولى 1412 - 1992م.
- الكامل في ضعفاء الرجال لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني تحقيق مازن السرساوي طباعة مكتبة الرشد الطبعة الأولى 1434 - 2013م.
- المعجم الأوسط لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني بتحقيق طارق بن عوض الله - عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني طباعة دار الحرمين سنة الطباعة 1415 - 1995م.
- المعجم الكبير لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني بتحقيق حمدي طباعة مؤسسة الريان - مكتبة الأصالة الطبعة الأولى 1431 - 2010م.
- المؤتلف والمختلف لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر طباعة دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1406 - 1986م.
- تاريخ ابن معين رواية الدارمي تحقيق أحمد محمد نورسيف طباعة دار المأمون.
- تهذيب الكمال لأبي الحجاج يوسف بن الزكي المزي تحقيق بشار عواد طباعة مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1400 - 1980م.
- سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني في معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم تحقيق عبد العليم عبد العظيم البستوي طباعة مكتبة الإستقامة - مؤسسة الريان الطبعة الأولى 1418 - 1997م.
- سؤالات السلمي للدارقطني تحقيق فريق من الباحثين بإشراف سعد الحميد و خالد الجريسي طباعة مكتبة الجريسي الطبعة الأولى 1427.
- كتاب الضعفاء لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تحقيق أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين طباعة مكتبة ابن عباس الطبعة الأولى 1426 - 2005م.
- كتاب الضعفاء لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي تحقيق مازن السرساوي طباعة دار الرشد الطبعة الأولى من الإصدار الجديد 1437 - 2016م.
- كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد بن حنبل تحقيق وصي الله عباس طباعة دار القبس الطبعة الثانية 1427 - 2006م.
- كتاب المجروحين من المحدثين لأبي حاتم محمد بن حبان البستي تحقيق أبو محمد محمد بن إنسان فرحات طباعة دار اللؤلؤة الطبعة الأولى 1437 - 2016م.
- لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني تحقيق عبد الفتاح أبو غدة طباعة مكتب المطبوعات الإسلامية الطبعة الأولى 1423 - 2002م.
- مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني (الطهارة والصلاة) تحقيق محمد بن عبد الله السريع طباعة مؤسسة الريان الطبعة الأولى 1434 - 2013م.
- معرفة الرجال لأبي زكريا يحيى بن معين رواية أبي العباس ابن محرز تحقيق محمد بن علي الأزهري طباعة دار الفاروق الحديثية الطبعة الأولى 1430 - 2009م.